|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هكذا أحبت مريم العالم، حتى أنها بذلت أبنها الوحيد من أجلهم. ولكن متى بذلت مريم ابنها الوحيد من أجل البشر، فيجيب الأب نيارا مبارك بأنها قد بذلته عنهم: - أولاً: حينما سمحت له بأن يمضي الى الموت. - ثانياً: قد بذلته عندما كان يمكنها أن تحامي هي بمفردها أمام القضاة عن حياة ابنها. في الوقت الذي فيه أهمله الجميع. أما بروح البغضة وأما بحركة الخوف، وهي لم تفعل ذلك. مع أن كلمات أمٍ مملؤةٍ من الحكمة مثلها، وبراهينها السديدة، قد كانت تحصل على أعتبارٍ عظيمٍ قلما يكون في منبر بيلاطوس الذي هو نفسه كان مقتنعاً ببراءة يسوع. وبالتالي لكانت هي تقدر أن تؤخر عن أن يبرز حكومة الموت ضد ابنها، فمع ذلك لم ترد هي أن تفه ولا بكلمةٍ واحدةٍ بالمحاماة عنه، لكيلا تمنع موته الذي به كان متعلقاً أمر خلاصنا الأبدي. - ثالثاً: وأخيراً قد بذلته عنا ألوف مراتٍ على جبل الجلجلة، بوقوفها تحت صليبه مدة ثلاث ساعات نزاعه، حاضرةً موته. ففي كل رفة عينٍ من تلك الثلاث الساعات، كانت تقرب حياته ذبيحةً من أجلنا بأوجاعٍ فائقة الوصف وبحبٍ شديد نحونا، وقد كان عزمها بهذا المقدار ثابتاً على بذل حياة ابنها عنا، حتى أنه حسبما يقول القديسان أنسلموس وانطونينوس: أنه لو أتفق حينئذٍ الا يعود يوجد من الجلادين أحدٌ، ليكمل ضد ابنها حكومة الموت، لكانت هي نفسها أماتته مصلوباً لتتمم بذلك ارادة الآب الأزلي، الذي كان يشاء موته لأجل خلاصنا، على أنه أن كان أب الآباء أبراهيم عينه قد اتصف بشجاعة مثل هذه، منطلقاً بأبنه الحبيب أسحق الى الجبل لكي يذبحه بيديه ذاتيهما قرباناً لله، فيلزمنا أن نصدق من دون ريبٍ، بأن مريم البتول الأعظم قداسةً من ابراهيم، والأوفر طاعةً منه لأوامر الله، لكانت بالحقيقة تممت بيديها هذه الذبيحة بأكثر شجاعةٍ وبأشد عزمٍ، لو لم يوجد من الجلادين من يميته، فلنعد الآن اذا الى موضوعنا، وهو أنه كم يلزمنا أن نعيش حافظين معرفة الجميل نحو أمنا هذه الحنونة، مقابلةً للحب الذي بهذا المقدار من السمو تحبنا هي به، أي لتأملنا بتقدمتها ابتها قرباناً بأوجاعٍ هكذا مرة، لكي تكتسب لجميعنا الخلاص، فالباري تعالى قد كافأ حسناً عزم أبينا ابراهيم على أستعداده لأن يذبح له أبنه. وأما نحن فماذا يمكننا أن نكافئ به هذه السيدة الجليلة، عن حياة ابنها يسوع التي قربتها ضحيةً عنا، مع أن هذا الابن الإلهي هو أشرف وأعز وأفضل بما لا يحد من اسحق بن ابراهيم أبينا. فيقول القديس بوناونتورا: أن حب مريم إيانا بهذا النوع قد ألزمنا التزاماً كلياً بأن نحبها. اذ نتأمل بأنها أحبتنا أشد حباً من كل أحدٍ، لأنها بذلت عنا ابنها الطبيعي الوحيد الذي كانت تحبه أعظم من حبها نفسها* |
|