|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وعُدّوا طولَ أناةِ ربِّنَا وَسيلَةً لِخلاصِكُم (2بط 15:3) أَيُّها الأحِبَّةُ في الْمَسيحِ يَسوع. نَقرَأُ في الفَصلِ الخامِسِ مِنْ سِفرِ أَشعيا النَّبيّ، نَشيدًا اِسمُهُ نَشيدُ الكَرم، وفيهِ يَقولُ الرَّبُّ عَلَى لِسانِ أَشعيا: ﴿كَانَ لِحَبيبي كَرْمٌ، وقَدْ قَلَّبَه وحَصَّاه، وغَرَسَ فيه أَفضَلَ كَرْمِهِ، وبَنى بُرجًا في وَسَطِه، وحَفرَ فيه مَعصَرَةً، وانتَظَرَ أَن يُثمِرَ عِنبًا، فأَثمَرَ حِصرِمًا بَرِّيًّا! أَيُّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ، ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟ فَمَا بالِيَ انتَظَرتُ أَن يُثمِرَ عِنبًا، فأَثمَرَ حِصرِماً بَرِّيّاً؟﴾ (أش 1:5-4). واليوم، يَعودُ يَسوع لِيحكيَ الأمرَ نفسَهُ، في مَثلِ الكرَّامينَ القَتَلَة! فَاللهُ خَلَقَ الأرض، وجَعلَ النَّاسَ عَلَيها، كَمَا يَقولُ الْمَزمور: ﴿لِلرّبِّ الأرضُ وكُلُّ مَا فيها، الدُّنيا وساكِنوها﴾ (مز 1:24). وجَعَلَ دَلائِلَ عَظَمَتِه، وإِشَاراتِ قُدرَتِهِ في خَلقِهِ الفَريدِ والْمُنظَّمِ أَدَقَّ تَنظِيم، وهَذَا مَا نَدعوهُ الوَحيَ غَيرَ الْمُباشِر. ثُمَّ كَلَّمَنَا بالآباءِ وبالأنبياءِ وَحيًا مُباشِرًا، وأَعطَانَا شَريعَةً ووَصايا، تُرَافِقُنَا وتُرشِدُنا عَلَى سُبُلِ الأرض. وأَخيرًا، جَاءَنا كَلِمَتُهُ، يَسوعُ الْمَسيح، كَمَالًا للوحيِ وتَحقيقًا للخَلاص. وانْتَظَرَ مِنَّا أَمرًا واحِدًا: "أَنْ نُثْمِرَ ثَمرًا طَيِّبًا مُبارَكًا". ومَاذَا حَدَث؟ فَشِلَ كَثيرونَ في الإثمار ثِمارًا حَسَنة، وَعَاثُوا في كَرمِ اللهِ فَسَادًا بِكَثرَةِ معاصيهِم وآثامِهم. وفي الوَقتِ الَّذي انتَظرَ فيهِ رَبُّ الكَرم، مِنْ أَغصانِ كَرمِهِ أَنْ تُثمِرَ عِنبَ الفَضيلَةِ والتَّقوَى، أَثمَرت كَثيرٌ مِنَ الأغصانِ حِصرِمًا سَيءَ الْمَذاق، أَيْ رَذيلَةً ومَعصِيَة. كَمَا يَقولُ الْمَزمور: ﴿قلبُهُ يَجمَعُ فَوقَ الإثمِ إثمًا﴾ (مز 7:41). في الآيةِ السّابِقةِ لإنجيلِ هَذَا الأحد، نَقرَأُ قَولَ الرَّب: ﴿أَنا اخترتُكُم وأَقمْتُكُم، لِتَذهَبوا فَتُثمِروا، ويَبقَى ثَمَرُكُم﴾ (يوحنّا 16:15). وهي الآيةُ الْمَأخوذَةُ مِنَ الفَصلِ الخَامِسِ عَشَر، لبِشَارةِ الإنجيليِّ يُوحَنَّا: "مَثلُ الكرمَةِ الحَقِّ والأغصَان". فالْمَسيحُ هوَ الكَرمَةُ ونحنُ أغصَانُها. وإذا كَانَ الْمَسيحُ كَرمَتَنا الّتي تَمُدُّنا بالحياةِ، فَدَورُنا أَنْ نُثمِرَ ثمرًا يَدُلُّ عَلَى تَأَصُّلِنَا وثَباتِنَا في كَرمَةِ الْمَسيح. وكَمَا أنَّ الشَّجَرَةَ الطّيبَةَ تُعرَفُ مِن ثمارِها الَتي يُنتَفَعُ بِهَا، فَكَذلِكَ الْمُؤمِنُ الصَّالِحُ يُعرَفُ مِنْ ثَمارِه الحَسَنَة! وفي هَذا الشّأنِ يُخاطِبُنا الرّبُّ قائِلًا: ﴿مِنْ ثِمارِهِم تَعرِفونَهُم. كُلُّ شَجَرَةٍ طَيّبةٍ تُثمِرُ ثِمارًا طَيّبة، والشَّجَرَةُ الخبِيثَة تُثمِرُ ثِمارًا خَبيثَة﴾ (متّى 16:7-17). فَمِنَ الشَّجَرِ خُذوا الدَّرسَ والعِبرَة! فَكَمَا أَنَّ الثِّمارَ تحتاجُ وَقتًا حَتّى تَنضُجَ، ويُحكَمَ عَلَى مَدَى صَلاحِهَا، فَكَذلِكَ هُوَ الإنسَان! لا يُعرَفُ صَلاحُ جَوهَرِه، وحُسْنِ إيمانِهِ وتَقوَاه، إلّا عِندَما يُعطي ثِمارَه! فَلا تَخدَعَنَّكَ كَثرَةُ الأوراقِ ونُضرَتُها، قَبلَ أن تَذوقَ الثِّمَار! قَالَ الرّبُّ مُخاطِبًا نَبيَّهُ صَموئيل: ﴿إنَّ الإنسانَ إنّما يَنظُرُ إلى الظَّواهِر، وأَمَّا الرّبُّ فإنَّهُ يَنظُرُ إلى القَلب﴾ (1صمو 7:16). خِلافُ ذَلك، لَهُ نَتيجَةٌ مَأساويِّة: ﴿كُلُّ غُصنٍ فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُهُ﴾ (يو 2:15). وعَلَيه، الْمَسيحُ لا يَبحَثُ عَنْ أَعدَاد، بِقَدرِ مَا يَطلُبُ فَعَالِيّةً وجُودَة. فَمَا الفَائِدةُ مِنْ وُجودِ مَا يَقرُبُ مِنْ مِليارَين ونِصفِ الْمَليارِ مَسيحيِّ في العالَم، إنْ كَانَ كَثيرٌ مِنهُم لا يُثمِرُ ثمرًا يَدلُّ عَلَى انتِمَائِهم لِلْمَسيح؟! فَ: ﴿مَنْ لا يَثبُت فِيَّ، يُلقَ كالغُصنِ إلى الخارجِ فَيَيبَس، فَيجمَعونَ الأغصان، ويُلقونَها في النّارِ فَتَشتَعِل﴾ (يو 6:15). |
|