|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح يعلن ألوهيته 1 - وقت محاكمته: يقول مرقس الرسول عن قصة محاكمة المسيح: أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتاً وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً: أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ فَقَالَ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الْإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُّوَةِ، وَآتِياً فِي سَحَابِ السَّمَاءِ . فَمَّزَقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟ فَا لْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ (مرقس 14: 61 - 64). قال القاضي جينور في كتاب إساءة محاكمة المسيح إن التهمة التي ضد المسيح في السنهدريم كانت التجديف، فقد ادَّعى المسيح لنفسه قوة فوق الطبيعة. وأشار القاضي إلى يوحنا 10: 33 جعل نفسه إلهاً ، فقد كانت هذه هي التهمة ضده! (5). ولقد قَبِلَ المسيح الاتهام المثلَّث الذي وجّهه إليه الفريسيون: أنه المسيا، وابن الإنسان، وابن اللّه. فقوله أنت قلت اصطلاح يوناني معناه نعم . (متى 26: 64 ، وقارن ذلك مع أنا هو في مرقس 14: 62) وكانت نتيجة هذه الإجابة أن مّزَق رئيس الكهنة ثيابه. وكان الناموس ينهى عن ذلك بسبب أزمة شخصية (لاويين 10: 6 ، 21: 10) ولكنه كقاضٍ كان مطالباً - حسب التقاليد - أن يعّبر عن رعبه من التجديف الذي يحدث أمامه بتمزيق ثيابه. ولم يقدر القاضي أن يجد شهوداً مقبولين، ولكن لم تعد هناك حاجة إلى شهود بعد أن أدان المتهم نفسه، وقال إنه ابن اللّه. لم تكن جريمته شيئاً عمله بل كانت شخصيته ذاتها. كانت كلاماً أدلى به عن نفسه أمام المحكمة. وإن ما واجهه به الحاكم الروماني من أسئلة، وحيثيات الحكم عليه، وعلة موته التي كُتبت على صليبه، جميعها كانت تدور حول هذا السؤال الكبير وهو: ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ . لقد أعلن يسوع أمام قضاته أمر ألوهيته، ولم يقُلْها المشتكون عليه، لكنه قالها عن نفسه. ومع أن كتّاب الأناجيل يوردون إجابة المسيح على سؤال رئيس الكهنة بصيغ مختلفة، إلا أنها جميعها تحمل نفس المعنى. فعبارة أنت قلت أو أنتم تقولون إني أنا هو التي تبدو غريبة على أذن السامع الآن، لم تكن كذلك على أُذن اليهودي المعاصر فأنت تقول كانت الصيغة المألوفة التي يجيب بها اليهودي المثقَّف على سؤال له أهمية بالغة، فقد كانت اللياقة تمنع من الإجابة المباشرة بكلمتي نعم أو لا . والعبارتان ابن الإنسان (التي كان يكررها كثيراً) و عن يمين القوة (وهو تعبير خاص بالألوهية) أدرك السامعون منهما ما قصده يسوع. وكان أمامهم أن يقبلوا دعواه، أو أن يتّهموه بالتجديف. وقد رفضوا دعواه وحكموا عليه بالموت مصلوباً قائلين: قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللّهِ، فَلْيُنْقِذْهُ الْآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لِأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللّهِ (متى 27: 43). وفي إجابة المسيح على سؤال رئيس الكهنة نجد أنه أكد ثلاث حقائق: 1 - إنه ابن المبارك. 2 - إنه سيجلس على يمين القوة. 3 - إنه ابن الإنسان الذي سيأتي في سحاب السماء. وكل واحدة من هذه الثلاثة تشير إلى أنه المسيا . وقد أدرك أعضاء السنهدريم ما أشار إليه فوجَّهوا له سؤالاً واحداً: هل أنت ابن اللّه؟ وكان سؤالهم يحمل معنى إيجابياً، وكأنه إقرار منهم بلاهوته، ولهذا أجابهم يسوع: أنت قلت أي أنت قلت إني أنا هو . وهكذا جعلهم يعترفون بلاهوته قبل أن يحكموا عليه بالموت. لقد كانت خطة بارعة من جانب يسوع، فلم يمت على أساس شهادته عن نفسه فحسب، بل أيضاً على أساس اعترافهم بلاهوته، فلم تعد هناك حاجة إلى مزيد من الشهود، فأدانوه بسبب ما نطق به. كما أنه أدانهم بما نطقوا به. ولم يكن اليهود قوماً من الجهلة البرابرة، بل كانوا من المتديّنين وذوي الثقافة. لكن ما سمعوه عن ألوهية المسيح جعلهم يسرعون بالحكم ضده. وأصدر المجلس المكّوَن من أعظم رجال الدين هذا الحكم، بمن فيهم من أمثال غمالائيل وتلميذه شاول الطرسوسي. لقد أعلن المسيح ألوهيته بوضوح كامل، وهو ما اعتبره القادة الدينيون تجديفاً يستحقّ الصَّلْب لأنه جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللّهِ (يوحنا 19: 7). |
|