|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصلاة والطلبة: 28 فَالْتَفِتْ إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَإِلَى تَضَرُّعِهِ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، وَاسْمَعِ الصُّرَاخَ وَالصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ أَمَامَكَ الْيَوْمَ. 29 لِتَكُونَ عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ عَلَى هذَا الْبَيْتِ لَيْلًا وَنَهَارًا، عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قُلْتَ: إِنَّ اسْمِي يَكُونُ فِيهِ، لِتَسْمَعَ الصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ. 30 وَاسْمَعْ تَضَرُّعَ عَبْدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ، وَاسْمَعْ أَنْتَ فِي مَوْضِعِ سُكْنَاكَ فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا سَمِعْتَ فَاغْفِرْ. 31 إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ إِلَى صَاحِبِهِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَلْفًا لِيُحَلِّفَهُ، وَجَاءَ الْحَلْفُ أَمَامَ مَذْبَحِكَ فِي هذَا الْبَيْتِ، 32 فَاسْمَعْ أَنْتَ فِي السَّمَاءِ وَاعْمَلْ وَاقْضِ بَيْنَ عَبِيدِكَ، إِذْ تَحْكُمُ عَلَى الْمُذْنِبِ فَتَجْعَلُ طَرِيقَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَتُبَرِّرُ الْبَارَّ إِذْ تُعْطِيهِ حَسَبَ بِرِّهِ. 33 إِذَا انْكَسَرَ شَعْبُكَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ الْعَدُوِّ لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْكَ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ وَصَلَّوْا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، 34 فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاغْفِرْ خَطِيَّةَ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَأَرْجِعْهُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لآبَائِهِمْ. 35 «إِذَا أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ، لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، ثُمَّ صَلَّوْا فِي هذَا الْمَوْضِعِ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ، وَرَجَعُوا عَنْ خَطِيَّتِهِمْ لأَنَّكَ ضَايَقْتَهُمْ، 36 فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاغْفِرْ خَطِيَّةَ عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، فَتُعَلِّمَهُمُ الطَّرِيقَ الصَّالِحَ الَّذِي يَسْلُكُونَ فِيهِ، وَأَعْطِ مَطَرًا عَلَى أَرْضِكَ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لِشَعْبِكَ مِيرَاثًا. 37 إِذَا صَارَ فِي الأَرْضِ جُوعٌ، إِذَا صَارَ وَبَأٌ، إِذَا صَارَ لَفْحٌ أَوْ يَرَقَانٌ أَوْ جَرَادٌ جَرْدَمٌ، أَوْ إِذَا حَاصَرَهُ عَدُوُّهُ فِي أَرْضِ مُدُنِهِ، فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ وَكُلِّ مَرَضٍ، 38 فَكُلُّ صَلاَةٍ وَكُلُّ تَضَرُّعٍ تَكُونُ مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ كَانَ مِنْ كُلِّ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ يَعْرِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَةَ قَلْبِهِ، فَيَبْسُطُ يَدَيْهِ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، 39 فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ وَاغْفِرْ، وَاعْمَلْ وَأَعْطِ كُلَّ إِنْسَانٍ حَسَبَ كُلِّ طُرُقِهِ كَمَا تَعْرِفُ قَلْبَهُ. لأَنَّكَ أَنْتَ وَحْدَكَ قَدْ عَرَفْتَ قُلُوبَ كُلِّ بَنِي الْبَشَرِ، 40 لِكَيْ يَخَافُوكَ كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي يَحْيَوْنَ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَ لآبَائِنَا. "فالتفت إلى صلاة عبدك والى تضرعه أيها الرب إلهي، واسمع الصراخ والصلاة التي يصلِّيها عبدك أمامك اليوم" [28]. إنَّه الحب هو الذي يجعل الله يتنازل ليقبل السُكنى في بيت كهذا. مهما قدَّم سليمان وشعبه لله فإنَّه لا يوجد ما يليق تقديمه لذاك الخالق القدير غير المحدود. من أجل حبُّه يقبل عطايانا التي ننالها من يديه لنقدِّمها هبة كأنَّها منَّا. "لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلًا ونهارًا، على الموضع الذي قلت إن اسمي يكون فيه. لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع" [29]. بقوله "إن اسمي يكون فيه" يعني حضرة الرب في بيته وسط شعبه، حيث يقدِّم لهم قوَّته قوَّة لهم، مجده مجدًا داخليًا لنفوسهم، ينير أعينهم فيدركوا أسراره الإلهيَّة ويتفهَّموا خطَّته من نحوهم. يهبهم نموًا مستمرًا وغفرانًا لخطاياهم، وتقديسًا لكل كيانهم الروحي والجسدي والعقلي والعاطفي، وخلاصًا مفرحًا. هذا هو سُكنى اسم الرب في بيته! "واسمع تضرُّع عبدك وشعبك إسرائيل الذين يصلُّون في هذا الموضع، واسمع أنت في موضع سُكناك في السماء، وإذا سمعت فاغفر" [30]. إنَّها صلاة عبد محتاج إلى خالقه وسيِّده، لكنَّها تمثِّل صرخة قلب داخليَّة، ملتهبة بالإيمان والحب. الهيكل وتابوت العهد وما يحويانهما كلَّها رموز لكلمة الله الذي تجسَّد، فصار جسده هيكلًا مقدَّسًا، خلاله نصلِّي، فهو الوسيط الذي به نلتقي مع الآب. يحملنا رب المجد يسوع إلى حضن أبيه حيث نسمعه يغفر لنا بدم المخلص، ويبرِّرنا بقيامته. "إذا أخطأ أحد إلى صاحبه ووضع عليه حلفًا ليحلفه وجاء الحلف أمام مذبحك في هذا البيت، فاسمع أنت في السماء، واعمل واقضِ بين عبيدك. إذ تحكم على المذنب، فتجعل طريقه على رأسه، وتبرِّر البار، إذ تعطيه حسب برّه" [31-32]. يبدأ بالشخص المُصاب بضررٍ، وقد راوده الشك في شخصٍ ما أنَّه هو المتسبِّب في أذيَّته. يأتي به إلى بيت الرب ويحلف المشكوك في أمره، فإن حلف كذبًا يدينه الرب، وإن كان صدقًا يبرِّره الرب. "إذا انكسر شعبك إسرائيل أمام العدو، لأنَّهم أخطأوا إليك، ثم رجعوا إليك واعترفوا باسمك، وصلُّوا وتضرَّعوا إليك نحو هذا البيت. فاسمع أنت من السماء، واغفر خطيَّة شعبك إسرائيل، وأرجعهم إلى الأرض التي أعطيتها لآبائهم" [33-34]. بعد تقديم العيِّنات السابقة من الصارخين إلى الرب، متَّجهين نحو هيكله يقدِّم طلبة عامة من أجل الكل. كان الهيكل رمزًا للسيِّد المسيح، الذي يبسط يديه ليحتضن الكل، يشتاق أن يُعطي بسخاء كل سائليه. لقد سبق الرب فحذَّرهم منذرًا إيَّاهم أنَّه يسمح لهم بالهزيمة وبالسبيّ إن أصرُّوا على شرورهم. "وأجعل وجهي ضدَّكم فتنهزمون أمام أعدائكم، ويتسلَّط عليكم مبغضوكم، وتهربون وليس من يطردكم" (لا 26: 17)؛ "يجعلك الرب منهزمًا أمام أعدائك، في طريق واحدة تخرج عليهم، وفي سبع طرق تهرب أمامهم، وتكون قلقًا في جميع ممالك الأرض، وتكون جثَّتك طعامًا لجميع طيور السماء ووحوش الأرض، وليس من يزعجها" (تث 28: 25-26). قبل دخولهم أرض الموعد وتمتُّعهم بالنصرة على الأمم القاطنة في كنعان أكَّد لهم أنَّهم إن خالفوا وصيَّته يفقدون نصرتهم وكرامتهم وتصير جثثهم مأكلًا لطيور السماء ووحوش البريَّة، سواء على مستوى الشعب ككل أو على مستوى الفرد. وكما قال أخيّا النبي لامرأة يربعام: "من مات ليربعام في المدينة تأكله الكلاب، ومن مات في الحقل تأكله طيور السماء، لأن الرب تكلَّم" (1 مل 14: 11). وجاء في المزمور: "اَلَّلهُمَّ، إِنَّ الأُمَمَ قَدْ دَخَلُوا مِيرَاثَكَ. نَجَّسُوا هَيْكَلَ قُدْسِكَ. جَعَلُوا أُورُشَلِيمَ أَكْوَامًا. دَفَعُوا جُثَثَ عَبِيدِكَ طَعَامًا لِطُيُورِ السَّمَاءِ، لَحْمَ أَتْقِيَائِكَ لِوُحُوشِ الأَرْضِ" (مز 79: 1، 2). ويقول الرب على لسان إرميا النبي: "لذلك ها أيَّام تأتي يقول الرب... تصير جثث هذا الشعب أكلًا لطيور السماء ولوحوش الأرض ولا مزعج" (إر 7: 32-33). الترجمة الحرفيَّة لعبارة "قلقًا في جميع ممالك الأرض" هي "تحرِّكها جميع ممالك الأرض من هنا وهناك، إلى أعلى وإلى أسفل"، أي تصير أشبه بكره تلعب بها كل ممالك الأرض. وكما قيل: "وأدفعهم للقلق في كل ممالك الأرض" (إر 15: 4)، "وأسلمهم للقلق والشرّ في جميع ممالك الأرض عارًا ومثلًا وهزأة ولعنة في جميع المواضع التي أطردهم إليها" (إر 24: 9؛ راجع إر 29: 18). يسمح الله بالهزيمة أمام الأمم لكي يدركوا هزيمتهم الداخليَّة أمام الخطيَّة، ويسمح بالسبيّ المُرّ لكي يطلبوا تحرُّرهم من سبيّ إبليس والاستعباد للشهوات والخطايا. "إذا أغلقت السماء ولم يكن مطر لأنَّهم أخطأوا إليك، ثم صلوا في هذا الموضع، واعترفوا باسمك، ورجعوا عن خطيَّتهم لأنَّك ضايقتهم. فاسمع أنت من السماء، واغفر خطيَّة عبيدك وشعبك إسرائيل. فتعلِّمهم الطريق الصالح الذي يسلكون فيه. وأعط مطرًا على أرضك التي أعطيتها لشعبك ميراثًا. إذا صار في الأرض جوع، إذا صار وبَأ إذا صار لفح أو يرقان أو جراد جردم، أو إذا حاصره عدوه في أرض مدنه في كل ضربة وكل مرض" [35-37]. يورد هنا مجموعة من الكوارث تحل بالشعب كثمرة لعصيانهم للرب. الجوع: نقص شديد في الغلال، خاصة القمح، بسبب الجفاف. الوبأ: انتشار أمراض خطيرة معدية. لفح: إصابة المزروعات لسبب أو آخر، فلا تنضج السنابل قط بل تحمل أشبه بتراب أسود عِوض البذور أو الغلال. سقوط الزهور أو البراعم الصغيرة من الأغصان. جراد: أحد الضربات التي تصيب أحيانًا مساحات شاسعة من الأراضي حيث تهجم موجات ضخمة من الجراد تأكل كل ما هو أخضر، فلا تترك أوراق الشجر أو العشب على الأرض. جردم: الجراد في مراحل نموه الأولى. الجراد يأتي مهاجمًا الحقول من بلاد بعيدة، أمَّا الجردم فيظهر من نفس البلد. عدو يهاجم المدن الحصينة والحصون. كل ضربةٍ تحل بالإنسان أو الحيوان أو النباتات كالبرص. كل مرضٍ يُفقد الإنسان قدرته وطاقته للعمل والحياة. "فكل صلاة وكل تضرُّع تكون من أي إنسان كان من كل شعبك إسرائيل، الذين يعرفون كل واحدٍ ضربة قلبه، فيبسط يديه نحو هذا البيت" [38]. إذ يتحدَّث عن الصلاة وقت الضيق، حيث يتَّجه الإنسان بوجه نحو الهيكل كما نحو الله نفسه، أو نحو الحضرة الإلهيَّة، لا يلم الظروف أو الأشخاص بل ينظر إلى "ضربة قلبه" [38]، ملقيًا اللوم على نفسه. إن الضيق الحقيقي ليس في الظروف المحيطة بنا، بل هو ضيق القلب المضروب بجفاف الحب أو عدم اتِّساعه بالمحبَّة للغير. هذه هي الضربة الحقيقيَّة التي من أجلها نصرخ إلى الله. "فاسمع أنت من السماء مكان سكناك، واغفر واعمل وأعط كل إنسان حسب كل طرقه، كما تعرف قلبه، لأنَّك أنت وحدك قد عرفت قلوب كل بني البشر" [39]. بقوله: "اغفر واعمل وأعط" يقدِّم سليمان الحكيم مفهومًا روحيًا صادقًا لنظرتنا إلى بيت الرب. فهو ليس بالموضع الذي فيه نطلب احتياجاتنا الزمنيَّة فحسب، وإنَّما هو بيت الغفران، وبيت العمل الإلهي، وبيت العطاء السماوي. نلتقي مع الله في بيته لنطلب أولًا المصالحة معه، وندخل معه في علاقة اتِّحاد وحب، عندئذ نتمتَّع بعمله الإلهي في حياتنا الداخليَّة، وننعم بعطاياه التي تشبع كل احتياجاتنا الروحيَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة والماديَّة. بالغفران نتمتَّع بمواهب العطايا، وبالعمل الإلهي نتقبَّل فينا إمكانيَّاته، وبالعطاء ننال خيراته. وكأن الملك يطلب هنا أن يتمتَّع المؤمنون بالله ذاته وقدراته وعطاياه! "لكي يخافوك كل الأيَّام التي يحيون فيها على وجه الأرض التي أعطيت لآبائنا" [40]. |
|