|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات فى أحداث الأسبوع الأخير الأسبوع الأخير – أسبوع البصخة – من أقدس أيام السنة على الأطلاق ، فساعة الفداء [ موت الصليب ] تقترب ، هذه الساعة التى كتب عنها الأنبياء ، ودارت أحداث العهد القديم وقراءاته ونبواته حول هذا الحدث – إنه اليوم الذى أنتظره جميع الأجيال ، ورآه كثير من الأنبياء بروح النبوة مثل إشعياء النبى . إنه تنفيذ الوعد الإلهى لآدم بالخلاص عندما أخطأ ابوينا آدم وحواء وكسرا وصية الله لهما ، قال لهما الله إن نسل المرأة يسحق رأس الحية . ولهذا فالكنيسة تعطى إهتماما خاصا لهذا الأسبوع الفريد ، ألحان وصلوات الكنيسة تنقلنا لنكون بجوار الفادى المتألم .. إنه رحلة للمؤمنين إلى حيث البستان والجلجلثة لنكون بجوار من فدانا ودفع عنا ثمن خطايانا . ما أجمل المصلوب .. الذى حول آلامه إلى ألحان جميلة ننشدها كل يوم من أيام البصخة المقدسة ويوم الجمعة العظيمة ، متذكرين بذلك آلامه .. وموته وقيامته .. وما أروع طريقة أداء اللحن نفسه .. ففى التطويل فرصة للتأمل فى قضية الخلاص .. والتركيز على محبة المصلوب من أجلنا .. ورفع القلب بالصلاة والتوبة والندم على الخطية التى أوصلت بفادينا ومخلصنا إلى الصليب سبت لعازر : ( 9 من نيسان حسب التقويم العبرى ) قضى يسوع هذا اليوم فى بيت عنيا ، وهى بلدة صغيرة قريبة من أورشليم فى بيت مريم ومرثا وأخيهما لعازر الذى سبق أن أقامه يسوع من الموت . وكانت مرثا تخدم وكان لعازر من بين الجالسين إلى المائدة . وأخذت مريم منا ، من طيب ناردين غالى الثمن ، وسكبته على رأس يسوع وعلى قدميه ، ومسحت قدميه بشعرها . طلب السيد المسيح من الحاضرين عدم ازعاج المرأة ، وأنبأ أنه لن يكون هناك وقت لتطييب جسده أثناء تكفينه قبل دفنه : " وهى إذ سكبت هذا الطيب على جسدى إنما فعلت ذلك لتكفينى " – وكذلك أنبأ عن انتشار الأنجيل : " الحق أقول لكم إنه حيثما يبشر بهذا الأنجيل فى العالم كله سيذكر أيضا ما فعلته هذه المرأة تذكارا لها " . وقد أخذت الكنيسة المقدسة بهذا التوجيه فنجد فى القداس الإلهى فى صلاة مجمع القديسين : " لأن هذا يارب هو أمر ابنك الوحيد أن نشترك فى تذكار قديسيك .... " مشيرة فى ذلك إلى القول السابق للسيد المسيح . يقول المتنيح القمص بيشوى كامل : إن أحداث الأسبوع الأخير مشحونة بمشاعر حب الله لنا إلى المنتهى ، ....... بدأ الوحى الإلهى بإبدال لغة الكلام بلغة الطيب : الطيب يفوح وينتشر بسرعة ويحمل معه نشوة رقيقة ، ..... لقد سكب الرب ذاته ... وكسر جسده وأعطاه لتلاميذه ....سكب ذاته . . . فوضع نفسه عند أرجل تلاميذه ليغسلها !!! وسكب حبه ... حتى مع الخائن أعطاه اللقمة !!! وعلى الصليب سكب ذاته من أجل الذين عروه ، وطعنوه ، وبصقوا فى وجهه ، وجلدوه ... من أجلهم مات ومن أجلهم طلب الغفران . خدمة الطيب خدمة حب : فلنحب يا أخوتى الله من كل القلب ...ولنحب إخوتنا فى البشر من قلب طاهر بشدة ، ونعمل كل أعمالنا بمحبة للمسيح . + + + أحـــــد الشـــــعانين : ( 10 من نيسان حسب التقويم العبرى ) . غادر السيد المسيح بيت عنيا صباحا مع تلاميذه ، وعندما وصل إلى بيت فاجى وهى قرية قريبة من أورشليم بالقرب من جبل الزيتون ، أرسل أثنين من تلاميذه ليحضروا له أتانا وجحشا .. ركب السيد المسيح الأتان فى الجزء الأول من الطريق ثم أكمل الطريق راكبا الجحش ، وفى هذا دلالة رمزية إلى ترك الله للأمة اليهودية التى ترمز إليها الأتان ، وإلى قبول الله للأمم الوثنية ويرمز إليهم بالجحش ، وكما أن خروف الفصح يجب أن يؤخذ ويفرز فى اليوم العاشر من الشهر قبل ذبحه بأربعة أيام فى اليوم الرابع عشر من الشهر ( خروج 12 : 3 – 6 ) . هكذا السيد المسيح فصحنا الحقيقى دخل أورشليم فى اليوم العاشر من الشهر .هكذا بقى حمل الله الذى يرفع خطيئة العالم بين جدران أورشليم مترددا بين الهيكل وبيت عنيا . ولما أقترب السيد المسيح من أورشليم وظهرت أمام عينيه مبانى الهيكل المغشاة بالذهب ... وأشعة الشمس تنعكس عليها معطية إياها منظرا أخاذا ، بكى عليها .. بكى عليها فى يوم مجده .. مشفقا عليها من نتيجة رفضها له ، وما سيحيق بها حين يحل بها غضبه الإلهى ... ويتركها لتدمرها جحافل الجيوش الرومانية سنة 70 م . وحين بدت أورشليم أمام أعين التلاميذ ثارت فيهم عواطفهم الدينية فهتفوا للرب ولم يجدوا إلا ثيابهم ليفرشوها على الطريق ... وآخرون قطعوا أغصانا من الشجر ... ولما : " سمع الجمع العظيم الذى جاء للعيد أن يسوع قادم إلى أورشليم ، فأخذوا سعف النخل ، وخرجوا لأستقباله ، وهم يهتفون قائلين : هوشعنا . تبارك الآتى بأسم الرب ملك إسرائيل ... أوصنا لأبن داود ، أوصنا فى الأعالى ..." معترفين أنه المسيح الآتى من نسل داود وأنه آت بأسم الرب . والعجيب أن يذكر كل من انجيل القديس متى وانجيل القديس مرقس أن الجماعة التى خرجت لأستقباله قسمت نفسها إلى خورس يمشى أمام السيد المسيح وخورس يمشى ورائه . إن مسيحنا ملك متواضع ، مملكته ليست من هذا العالم – إن مسيحنا ملك ولكنه غريب عن العالم ليس له أين يسند رأسه . أحداث الأسبوع الأخير تسير بسرعة وأنجيل باكر أحد الشعانين يقول : " يا زكا أسرع وانزل " معنى ذلك أن أحداث الخلاص تسير بسرعة مهولة ،والأحداث من أحد الشعانين إلى الصليب ( ساعة الصفر ) مركزة بصورة رهيبة لا تستطيع كتب العالم أن تستوعبها ..... ووراء المسيح يسير الأطفال هاتفين وفرحين .... ورؤساء اليهود يأكلهم الغيظ ، ربنا تهلل بالروح وقال أحمدك أيها الآب السماوى لأنك أعلنت هذه للأطفال وأخفيتها عن الحكماء دخل السيد المسيح أورشليم باحتفال عظيم ، كما تنبأ عنه زكريا قائلا : " إبتهجى جدا يا إبنة صهيون ، إهتفى يا بنت أورشليم ، هوذا ملكك يأتى إليك هو عادل ومنصور وراكب على حمار وعلى جحش إبن أتان " . ( زك 9 : 9 ) . + + + اثنين البصخة : ( 11 من نيسان حسب التقويم العبرى ) . يذكر لنا الكتاب المقدس أنه حدث فى هذا اليوم أمــــــــران : لعن شجرة التين ، وتطهير الهيكل . لعن شجرة التين : ( متى 21 : 18 – 19 ) ، ( مرقس 11 : 12 – 14 ) . خرج السيد المسيح من بيت عنيا قاصدا أورشليم وفى الطريق جاع إذ لم يكن قد تناول طعاما حين غادر بيت عنيا ، وبالقرب من أورشليم رأى عن بعد شجرة تين مورقة ، .... وظهور الأوراق المبكر للشجرة يعنى أن يكون مصحوبا بظهور الأثمار ، ولكن لما تقدم السيد المسيح منها طالبا أن يأخذ منها ثمرا لم يجد ، فغضب عليها ولعنها .... والتينة هنا رمز للأمة اليهودية التى لها صورة التقوى ولكن بدون ثمارها ، فحقت عليها اللعنة .... وهى أيضا مثال المرائى الذى يظهر على غير حقيقته ، وبمجرد أن لعنها السيد المسيح بدأت أوراقها فى الذبول حالا. تطهير الهيكل : ( متى 21 : 12 – 17 ) ، ( مر 11 : 15 – 19 ) ، ( لو 19 : 45 –48 ) دخل يسوع الهيكل حيث طهره من الباعة ، وقد كان قيافا وحموه حنانيا بمساعدة رؤساء الكهنة يؤجرون أروقة الهيكل للباعة وللصيارفة ، الذين كانوا يقومون بتغيير العملات المختلفة إلى العملة المقدسة التى تستعمل فى الهيكل وهى الشاقل ( وهى خالية من أى صور شخصية ) ... نرى السيد المسيح الذى لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ، نراه هنا يثور ويطرد الباعة وقلب موائد الصيارفة صائحا فيهم : " مكتوب أن بيتى بيت الصلاة يدعى ، وأنتم جعلتموه وكر لصوص " . وهى آية وردت فى أشعياء 56 : 7 : " لأن بيتى بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب " – وكذلك فى ( أرميا 7 : 11 ) : " هل صار هذا البيت الذى دعى بأسمى عليه مغارة لصوص فى أعينكم " . ولعل الضرر المادى الذى لحق بقيافا وحنانيا والكهنة من تصرف السيد المسيح مع الباعة على هذا النحو ، كان من بين الأسباب التى دعت هؤلاء القوم إلى محاولة التخلص من السيد المسيح ، وتلفيق التهم الدينية له لمحاكمته وظل فى الهيكل طوال اليوم يعمل ويعلم ، ولم يستطع الكهنة الأمساك به لإلتفاف الشعب حوله . ثم خرج السيد المسيح وقضى ليلته فى بيت عنيا . بيت عنيا : قرية صغيرة ومعنى أسمها بيت العناء والتعب .. وهى تشير إلى القلب المتألم ، إن يسوعنا الحبيب لا يجد راحته إلا فى القلب المتألم الحزين على خطاياه ، القلب المثقل بالتجارب والأحزان ، قال السيد عن نفسه ليس له أين يسند رأسه ؟؟!! – أما القلوب المملوءة بأفراح العالم المزيفة وشهواته ومحبة العالم فليس ليسوع مكان فيها ، صاحب القلب المتألم قريب من الله .. والله يسمح لنا بالألم من أجل خلاص نفوسنا . + + + ثلاثــــــــاء البصخة : ( 12 من نيسان حسب التقويم العبرى ) . أحداث هذا اليوم كثيرة منها : أولا : جفاف شجرة التين : عند عودة السيد المسيح صباحا إلى أورشليم من بيت عنيا ، دهش التلاميذ حينما رأوا أن شجرة التين قد يبست من أصولها ، وهنا شرح لهم السيد المسيح فاعلية الصلاة وقوتها ، التى يمكن أن تنقل الجبال . ( متى 21 : 20 – 22 ) ، مر 11 : 20 – 26 ) . ثانيا : السنهدريم يسأل السيد المسيح عن مصدر سلطانه : سأله رؤساء الكهنة عن مصدر سلطانه : يدخل أورشليم كملك ، ويطرد الباعة من الهيكل ، إن قال لهم أن سلطانه إلهى طلبوا منه معجزة ، فإن فعل نسبوها إلى الشيطان ، وإن رفض نسبوا إليه العجز وشككوا الناس فى قوته ....... رد عليهم بسؤال آخر : سألهم عن معمودية يوحنا المعمدان هل هى من الله أم من الناس ؟ .... فلم يستطيعوا الأجابة بالرفض لخوفهم من الناس ، أو بالموافقة لأن يوحنا شهد للسيد المسيح ، فلماذا لم يؤمنوا به ؟!! ( متى 21 : 23 – 27 ) ، ( مر 11 : 27 – 33 ) ، ( لو 20 : 1 – 8 ) . ثالثا : أمثال ضربها السيد المسيح : ( أ ) مثل الأبنين : أعطاهم مثل الأبنين اللذين طلب منهما أباهما العمل فى كرمه ، فرفض الأول أولا ولكنه أطاع فيما بعد .... أما الثانى فقد تظاهر بالطاعة ولكنه لم يعمل . يشير الأول إلى الأمم التى كانت قبلا معاندة .... ولكنها قبلت الإيمان أخيرا ، ويشير الأبن الثانى إلى الأمة اليهودية التى تظاهرت بطاعتها للـــــــه ولكن بدون أثمار ... ويشير أيضا إلى رؤساء الكهنة الذين يحبون حياة ظاهرها الطاعة للــــه .... خلاف جوهرها المغاير لذلك سألهم السيد المسيح أيهما عمل إرادة الآب ؟ : قالوا الأول .. وبذلك حكموا على أنفسهم . ( متى 21 : 28 – 32 ) . ( ب ) مثل الكرامين الأردياء : وهم الذين أوكلهم سيدهم على كرمه ، وفى ميعاد الإثمار أرسل السيد رسله يطلب الثمر ، .... أما الكرامون الأشرار فإنهم لم يقدموا الثمر المطلوب ، بل جلدوا بعض رسله ، وقتلوا بعضا ورجموا بعضا ، ثم أرسل أبنه الوحيد ، والوارث .... لعلهم يهابونه ، ولكنهم أخرجوه خارج الكرم وقتلوه . وحكم رؤساء الكهنة على أنفسهم قائلين : " إنه سيهلك أولئك الأشرار شر هلاك ، ثم يؤجر الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الثمار فى وقتها " . وقد سبق الوحى الإلهى فأعطى حكمه : " فالآن اعرفكم ماذا أصنع بكرمى . أنزع سياجه فيصير للرعى . أهدم جدرانه فيصير للدوس . وأجعله خرابا لا يقصب ولا ينقب فيطلع شوك وحسك وأوصى الغيم أن لا يمطر عليه مطرا " . ( اشعياء 5 : 5 ، 6 ) . ثم ذكر السيد المسيح النبوءة " أما قرأتم قط فى الكتب أن الحجر الذى رفضه البناؤون هو الذى أصبح رأس الزاوية ، من عند الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا " ( مزمور 118 : 22 – 23 ) . أما اليهود فعندما شعروا بإنطباق المثل عليهم حنقوا عليه وكانوا يطلبون أن يمسكوه ولكنهم خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبى . ( مت 21 : 33- 46) ، ( مر 12 : 1 – 12 ) ،( لو 20 : 9 – 19 ) . ( جـ ) مثل عرس أبن الملك : ثم أعطاهم مثل الملك الذى صنع عرسا لأبنه وأرسل يدعو المدعوين فلم يستجيبوا لنداءاته المتكررة رغم إعداده للوليمة وتهيئتها بل أهانوا رسله وقتلوهم .... فأرسل الملك وأهلك المدعوين وأحرق مدينتهم ، ( هنا نجد أن السيد المسيح يدعوها مدينتهم بعد أن كانت مدينته ، مدينة اللــــه ، مدينة الملك العظيم ) ، ثم أرسل إلى مفارق الطرق ودعا الجميع وأمتلأ العرس ، ولكن أحد الحاضرين لم يكن لابسا لباس العرس اللائقة ( كان من عادة الملوك أن يهبوا كل مدعو حلة تليق بحضوره حفل الملك ) ، وفى هذا استهانة بعطية الملك وعدم اهتمام بإعداد نفسه لحضور حفل الملك وعرس ابنه . إن لباس العرس هو المعمودية التى تغسل عنا الخطية الاصلية ، خطية أبونا آدم .... وكذلك وسائط النعمة كالصلاة والصوم والتناول والأعمال الصالحة . لقد عاقب الله اليهود .... وأتت جيوش روما ودمرت أورشليم .... ثم أرسل الله رسله إلى كل الأمم ، إلى العالم أجمع يدعوهم إلى عرس ابنه ... إلى ملكوت السموات .. واستجاب الكثير للدعوة ، ولكن يلزم أن يكون الأنسان مكسوا بثوب النعمة ، نال المعمودية التى هى اللباس الأبيض – لباس العرس – ومزينا بالأعمال الصالحة ، وإن ارتكب الأنسان أى أخطاء فهناك التوبة والأعتراف وجسد السيد المسيح ودمه يعيدا للثوب الأبيض لمعانه : " تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج ......" . رابعا : الجــــــــــزية : الفريسيون والكتبة أرادوا أن يجربوا السيد المسيح ، ليوقعوا به فى خطأ ضد النظام السياسى القائم ، فسألوه أيجوز أن تعطى الجزية لقيصر أم لا ؟ فإن وافق على دفع الجزية اتهموه أنه موالى لقيصر وخائن لوطنه ..... وإن اعترض على دفعها أشتكوه للوالى .... !! فسألهم السيد المسيح عن الصورة والكتابة التى على العملة ؟ قالوا لقيصر ... قال لهم " أعطوا إذن ما لقيصر لقيصر وما للــــه للــــــــه ، فلما سمعوا دهشوا وتركوه وأنصرفوا " . خامسا : آخر تعاليم السيد المسيح العلنية : أوضح السيد المسيح للصدوقيين طبيعة الحياة بعد القيامة : وأننا سنكون كالملائكة ، وأن الله إله أحياء وليس إله أموات ..... كما قدم السيد المسيح للناموسيين مفهوم الوصية بمنظار مسيحى ، ذلك أن الوصايا وحدة واحدة لا تتجزأ ...... ، نلاحظ أن السيد المسيح كان يقدم إجابات وافية وعميقة لكل من يسأله من الشعب ورجال الدين اليهود ، وفى المقابل سألهم السيد المسيح سؤالا لاهوتيا : " ماذا تظنون فى المسيح ؟ ابن من هو ؟ فقالوا له : " ابن داود " قال لهم : " فكيف إذن يدعوه داود بالروح ربى قائلا : قال الرب لربى اجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك تحت قدميك ؟ فإن كان داود إذن يدعوه ربه فكيف يكون ابنه " ؟ فلم يجيبوه . + اضطربت نفس السيد المسيح من الفرحة لقرب تمجده الذى سيكون مصاحبا لآلامه على الصليب ، صلى أن ينجيه الآب من هذه الساعة ، ولكنه جاء إلى العالم وتأنس من أجلها ، فيكون طلبه إذن هو أن يجوز هذه الآلام بسلام ، وسيتمجد الله فى عمل الفداء حيث يتجلى عدله ورحمته ، وعندما يقول " يا أبتاه مجـــد ابنك " ، فليس المقصود أن يزداد مجدا ، فهو ممجد دائما فى ذاته ومجده كامل على الدوام وبلا حدود ، وإنما المقصود هنا أن يتجلى مجده .... فجاء صوت من السماء : " قد مجدت وسأظل أمجد " ولم يميز الجميع هذا الصوت ، وقال بعضهم أنه قد حدث رعد .. وآخرون قالوا قد كلمه ملاك ، وأوضح لهم السيد المسيح أنه ليس من أجله صار هذا الصوت ، فهو واحد مع الآب ولكن من أجل الموجودين ، ثم قال لهم إن رئيس هذا العالم قد جاءت دينونته التى وعد بها آدم وانتظرها الأبرار والملائكة ، وكان يخشى منها الشيطان . نادى السيد المسيح بأن من يؤمن به يؤمن بالله فهو الطريق : " أنا هو الطريق والحق والحياة ، لا يأتى أحد إلى الآب إلا بى " ( يوحنا 14 : 6 ) وهو صورة الله غير المنظور " وهو بهاء مجده ورسم جوهره " ( العبرانيين 1 : 3 ) وهو النور الحقيقى : " أنا هو نور العالم ، من يتبعنى لا يسير فى الظلام ، وإنما يكون له نور الحياة " ( يو 8 : 12 ) . سادسا : التنبؤ بخراب أورشليم : انبهر التلاميذ لفخامة الهيكل فخر الأمة اليهودية فلفتوا نظر السيد المسيح إليها ، ولكنه صدمهم بنبوءاته عن خراب الهيكل وأورشليم ، وعندما سألوه عن موعد حدوث هذا لم يفصح عن الموعد ولكن أعطاهم علامات هذا الموعد ..... وربط بين هذه العلامات وعلامات إنتهاء العالم وقيام الدينونة الأخيرة .... أنبأهم عن ظهور مسحاء وأنبياء كذبة ، وحدوث حروب وشائعات عن حروب ، كما أنبأ عن حدوث زلازل ومجاعات وأوبئة ، كما أنبأ تلاميذه بما سيلاقونه هم وسائر أتباعه من الآم ومتاعب ولكن من يصمد للنهاية يخلص ، وأوضح لهم أنه سيبشر بالأنجيل فى كل العالم ، وأن الأنجيل سينتشر فى العالم إنتشارا سريعا وبعدما يتم هذا تأتى النهاية ، وسيكون من علاماتها أيضا انحلال علامات الطبيعة : " تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التى فيها " ( 2 – بطرس 3 : 10 ) . تحدث السيد المسيح مع تلاميذه عن خراب أورشليم ... ولن ينقضى هذا الجيل حتى يكون الكل ..... أما ساعة الدينونة فلا يعلم بها أحد إلا اللــــــه وحده ، ولكن على الأنسان أن يكون مستعدا على الدوام لأن ساعة انتقال الأنسان من هذا العالم لا يعلمها أحد . سابعا : خيانة يهـــــــوذا : قيافا رئيس الكهنة كان صدوقيا لا يؤمن بالقيامة من الموت ، لذا كانت إقامة السيد المسيح للعازر من الموت ضربة موجهة إليه وإلى عقيدته ، وكذلك رأى فى طرد السيد المسيح للباعة والصيارفة من أروقة الهيكل حربا موجهة ضده وضد مصالحه المادية هو ورؤساء الكهنة لأنهم كانوا يؤجرون أروقة الهيكل للباعة والصيارفة . كم كانت فرحة قيافا حين أتاه يهوذا الأسخريوطى وهو واحد من تلاميذ السيد المسيح الأثنى عشر معلنا أنه مستعد لتسليم السيد المسيح إليهم مقابل أجرة ، فاتفقوا معه أن يعطوه ثلاثين من الفضة : " فوزنوا أجرتى ثلاثين من الفضة " ( زكريا 11 : 12 ) . ويوضح القديس لوقا الأنجيلى لنا أن يهوذا الأسخريوطى فعل هذا لأن الشيطان دخل فيه ، أى أنه هو نفسه بإرادته الحرة سمح للشيطان أن يدخل فيه . ( مت 26 : 1 – 5 ، 14 – 16 ) ، ( مر 14 : 1 ، 2 ، 10 ، 11 ) ، ( لو 22 : 1 – 6 ) . أربعـــــــاء البصخـــــــة ( 13 من نيسان حسب التقويم العبرى ) . اعتكف السيد المسيح طوال هذا اليوم فى قرية بيت عنيا ، بعد أن ترك الهيكل مساء يوم الثلاثاء ، وفى نيته عدم العودة إليه البتة ، وذلك بعد أن قال لليهود " هوذا بيتكم يترك لكم خرابا لأنى أقول لكم أنكم لا تروننى من الآن حتى تقولوا مبارك الآتى باسم الرب ...... ( مت 23 : 38 - 39 ) ونلاحظ هنا أن يسوع قال لليهود : " بيتكم " .... ولم يقل " بيت أبى " ... للدلالة على بدء تخلى رب المجد عن الأمة اليهودية التى رفضته . من خلال مطالعتنا للبشائر الأربعة نستخلص حوادث هذا اليوم : + انجيلا معلمنا متى ( 26 : 6 – 13 ) . ومعلمنا مرقس ( 14 : 3 – 9 ) ، يذكران لنا حادثة سكب قارورة الطيب على رأس مخلصنا فى بيت سمعان الأبرص .. وهى غير مريم أخت لعازر التى سكبت الطيب يوم السبت على قدمى الرب ومسحتهما بشعر رأسها ، فى بيت لعازر . + الحادثة الثانية فتشترك الأناجيل الأربعة فى ذكرها وهى خيانة يهوذا الأسخريوطى واتفاقه مع رؤساء الكهنة وقواد الجند على الثمن ليسلمهم المخلص ( مت 16 : 14 ) ، ( مر 14 : 10 – 11 ) ، ( لو 12: 3 – 6 ) ، ( يو 13 : 1 – 3 ) . + + + خميـــس البـصخـــــــة ( 14 من نيسان حسب التقويم العبرى ) فى هذا اليوم تمم السيد المسيح له المجد آخر فصح له فى حياته على الأرض حسب الجسد .... وقد كان مخضعا ذاته منذ ولادته لجميع أنواع الفرائض والشرائع والطقوس اليهودية مع إنه غير محتاج إلى ممارستها ، وفى هذا اليوم أتم الفصح الذى كان يرمز إليه وإلى ذبيحته على الصليب .. هذا الفصح كما كان هو الفصح الأخير فى حياة السيد المسيح على الأرض ... كان كذلك الفصح الأخير الذى يجب على اليهود أن يتمموه ، إذ جاء الفصح الحقيقى الرب يسوع ذبيحتنا الكاملة ، وبعدما تمم الفصح خرج يهوذا لينفذ الشر الذى أنتواه فى قلبه ، وقد غسل الرب أرجل تلاميذه .... وأسس سر التناول ...، قدم جسده ودمه الأقدسين للتلاميذ وأوصاهم بأن يكون صنع هذا السر وممارسته هو محور حياتهم الروحية ومحور اجتماعاتهم إلى أن يجىء ثانية فى مجيئه الثانى للدينونة ، وخاطبهم فى حديث روحى طويل بدأه فى العلية واستمر فى الطريق إلى بستان جثسيمانى ... واستمر أيضا فى البستان ، ثم صلى صلاته المؤثرة فى البستان ، وفى نهاية اليوم عند منتصف الليل تقريبا أسلم ذاته إلى أيدى الذين أتوا ليقبضوا عليه . |
13 - 11 - 2012, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: تأملات فى أحداث أسبوع الآلام
الأعداد للفصح : خرج السيد المسيح ومعه تلاميذه من قرية بيت عنيا قاصدا أورشليم ليصنع الفصح فيها ... وعبر مع تلاميذه وادى قدرون ... وكانت أورشليم مكتظة باليهود القادمين إليها من جهات متفرقة ليعيدوا فيها ، وكان الزحام فى هذه السنة شديدا لأن الجميع كانوا يتوقعون أن يعلن لهم ( يسوع الناصرى ) ذاته معلنا أنه المسيح المنتظر ، وكذلك لأن هذه السنة كانت سنة اليوبيل ، عبر السيد المسيح وادى قدرون الذى الذى كان مضروبا فيه الآف الخيام لكى تستوعب من لم تستوعبهم المدينة ، مر فى طرقات المدينة التى كانت قد غسلت هى ومبانى المدينة غسيلها السنوى ، كما أن القبور خارج المدينة كان قد أعيد طلاؤها باللون الأبيض ، أما الهيكل فقد كان يتم تنظيفه بإستمرار . ولدى دخول السيد المسيح المدينة سأله التلاميذ أين يريد أن يأكل الفصح ؟ لم يفصح لهم السيد المسيح عن المكان ولكنه أعطاهم علامة الرجل حامل الجرة ، وهى علامة تعتبر علامة مميزة وكافية ، لأن حمل الجرار كانت تقوم به السيدات ، لم يرد ان يعرف يهوذا المكان حتى يستطيع ان يتمم الفصح فى هدوء ، وكذلك يؤسس سر الأفخارستيا ، وكان يريد أن يتم القبض عليه فى البستان بعيدا عن المدينة فى هدوء لكى لا يحدث شغب فى المدينة ، وكذلك لأن سقوط الأنسان كان فى بستان أراد الرب أن يبدأ خلاص الأنسان من البستان ، وأيضا لكى يقدم ليهوذا الأسخريوطى محاولة أخرى لخلاص نفسه إذ قد يذكره المكان ( حين يأتى للقبض على السيد المسيح ) بليالى الصلاة التى كان يسهرها مع السيد المسيح والتلاميذ . كم كان مؤلما على نفس السيد المسيح وهو يمر فى شوارع المدينة الحبيبة إلى قلبه ... مدينة الملك العظيم التى توشك أن تتنكر لمن جاء لإفتقادها وتسلمه إلى الموت ... موت الصليب . ذهب بطرس ويوحنا ووجدا كما قال لهما السيد المسيح وأعدا الفصح ... وقد كان الرجل حامل الجرة هو مارمرقس كاروز ديارنا المصرية ، والمكان الذى أعد فيه الفصح هو بيته الذى صـــار أول كنيسة يقام فيها سر الأفخارستيا . ( مت 26 : 17- 19 ) ، ( مر 14 : 12- 16 ) ، ( لو 22 : 7- 13 ) . والآن نقول ما أحكم وأدق صنع ربنا له المجد فى سائر تصرفاته ومواعيده فإن خروف الفصح اليهودى وهو يرمز لسر جسده ودمه وسر صلبه المجيد . كانت تقضى الشريعة أن يشتريه اليهود فى اليوم العاشر من الشهر ويحفظونه حتى اليوم الرابع عشر منه ويذبحونه فى مساء ذلك اليوم بين العشائين أى بين المغرب والعتمة خر 12 : 3 ، 6 هكذا ربنا جاء إلى أورشليم فى العاشر من الشهر يوم أحد الشعانين وقبله أهلها مخلصا لهم ، وبقى فيها وفيما جاورها من القرى إلى يوم الخميس الرابع عشر من الشهر . وفى الميعاد الناموسى أى بعد غروب الخميس قدم خروف الفصح هو وتلاميذه وحدهم ، كان ذلك بحالة سرية وخفية عن مجموع الأمة اليهودية . وبتقديمه إياه ختم لشريعة اليهودية شريعة الظل والرمز الآخذة فى الأختفاء [عب 8 : 13] وشرع حالا فى شريعة النور والحق الآخذه فى الأستقرار والظهور عب 9 : 8 – 23 فضحى بجسده ودمه بوجه سرى وغيرمنطوق بعظمته مسلما إياه لتلاميذه الأطهار تحت شكل الخبز المختمر والخمر الممزوج بالماء فى سر الأفخارستيا المجيد ، حيث كان لا بد للضحية التى أشارت إليها الطقوس اليهودية الأحقاب الطويلة أى جسده ودمه من أن تقدم وتضحى فى ميعادها الشرعى تماما . لأنه مهما كان شر البشر وتلاعبهم بمواعيده فإن ذلك لا يعيقه عن إتمام إرادته المقدسة فى ميعادها بكل إحكام . فما أدق وأرهب هذا التوافق العجيب ؟ ! بل لنتأمل أيضا كيف أنه فى الميعاد الذى كان اليهود يستعدون فيه لذبح خروف الفصح علنا وجهرا ، كانوا هم أيضا يقتلـــون المرموز إليه بذلك الخروف ... معلقا على الصليب جهرا وعلنا . وكما لم يكسروا عظم ذاك لم يكسروا عظم هذا أيضا وفى نهاية ذلك النهار عينه ....( الجمعة ) كما ذبحوا الخروف كذلك يسوع أسلم الروح فى يدى الآب وبعدها طعنوه بالحربة فخرج منه دم وماء ودفنوه فى قبر جديد فى نفس المساء مت 27 : 57 حينما كانوا يدفنون خروف الفصح فى بطونهم . الفصح الأخير : ذهب السيد المسيح إلى بيت مارمرقس حيث كان الفصح معدا ، ونجد هنا السيد المسيح قد إتكأ وعلى يمينه يوحنا الحبيب .... وعن يساره يهوذا الأسخريوطى ، ربما رتب السيد المسيح إتكاءهم بهذا الترتيب ليكون السيد المسيح وهو فى وضع الأتكاء قريبا من يهوذا ، لكى يستطيع السيد المسيح أن يحادث يهوذا همسا ولا يدينه علانية أمام باقى التلاميذ ، وأيضا لكى يتم المكتوب " آكل خبزى رفع على عقبه " (مزمور 41 : 9 ) إذ كان يأكل من نفس الطبق مع السيد المسيح ...... دعا السيد المسيح هذا الفصح فصحه وأنبأ التلاميذ أن هذا هو الفصح الأخير الذى يأكله معهم وأنه بتمامه يصير وفاؤه وانقضاؤه ، ثم يدخل معهم فى عهد جديد بدمه وهذا هو ملكوت الله ... ثم أخذ الكأس الأولى ( من أربعة كئوس كانت تشرب مع الفصح ) بإعتباره رب الأسرة وقال إن هذه هى آخر مرة يشرب فيها الخمر الأرضية كجزء من ممارسات العهد القديم ... تحذيرات ليهوذا : صرح السيد المسيح لتلاميذه أن أحدهم سيسلمه ... فابتدأ كل واحد منهم يحزن فى داخله ويشك فى نفسه ، وتحول هذا الشك إلى سؤال للرب : هل أنا هو يارب ؟ .... فأشار إلسيد المسيح مرة أخرى لما جاء فى المزامير : " إن الذى يغمس يده معى فى الصحفة هو الذى سيسلمنى " ولكى يكمل تحذيره ليهوذا أكمل السيد المسيح " إن ابن الأنسان ذاهب كما هو مكتوب عنه ، ولكن الويل لذلك الرجل الذى بواسطته يسلم ابن الأنسان . كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد " . وفى محاولة أخرى للسيد المسيح مع يهوذا بعدما رد على سؤاله أخذ لقمة وغمسها فى الصحفة التى أمامهم ، وقدم اللقمة إلى يهوذا وقال مكملا حديثه معه فى تأكيد واضح " إنه هو الذى سأعطيه اللقمة التى أغمسها " . يقول الأنجيل للقديس يوحنا أنه بعد اللقمة إذ لم تجد معه كل تحذيرات الرب ، وترك قلبه ( وهو بكامل إرادته ) مفتوحا للشيطان .... إمتلكه الشيطان إمتلاكا . ثم يذكر الأنجيل : " أما يهوذا فبعد أن أخذ اللقمة خرج على الفور ، وكان الوقت ليلا " مشيرا فى ذلك ليس إلى التوقيت الزمنى فقط ، ( إذ أنه من المعروف أن خروف الفصح يؤكل مساءا ) ولكن أيضا إلى حالة الأظلام الروحى التى كان عليها يهوذا " لأن الذى يمشى فى الظلام لا يدرى إلى أين يذهب " ( يوحنا 12 : 35 ) – هؤلاء ينابيع لا ماء فيها وغيوم تسوقها الزوبعة ولهم حفظ ضباب الظلمة " ( 2- بط 2 : 17 ) ذهب يهوذا إلى بيت قيافا مخبرا إياه بوجود السيد المسيح مع تلاميذه فى بيت ( مرقس ) وأنه فى الأمكان القبض عليه فى هدوء هناك . ( متى 26 : 21- 25 ) ، ( مر 14: 18 – 21 ) ، ( لو 22 : 21 – 23) ، ( يو 13 : 18 ، 21- 30 ) . غســــل الأرجــــل : تقوم الكنيسة المقدسة فى إحتفالها بيوم خميس العهد بإتمام ثلاثة طقــوس هى على الترتيب : صلوات الساعات النهارية للبصخة . اللقان وغسل الأرجل . القداس الإلهى ( تتميم سر الأفخارستيا ) . وهذا الترتيب هو نفس الترتيب الذى راعاه الرب فى هذا اليوم ، إذ أنه بعد ما تمم الفصح ، قام عن العشاء وغسل أرجل تلاميذه ... ثم قدم لهم جسده ودمه الأقدسين تحت أعراض الخبز والخمر . خدمة غسل الأرجل : هذه الخدمة هى إعلان حب إلهى .. يسوع وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب ، أحس بذلك الإحساس الذى يجيش فى قلب كل انسان عندما يشعر أن وقت انحلاله قد حضر ، يحاول أن يعبر بكل وضوح عما يجيش بصدره وقلبه لأحبابه ، حين يذكر القديس يوحنا غسل السيد المسيح لأرجل تلاميذه فإنه يسبقها بعبارة جميلة ومؤثرة عن حب السيد المسيح اللانهائى لخاصته .... إنه وهو اللــــه لم يستنكف أن يقوم عن العشاء ويغسل أرجل تلاميذه فى درس عملى عن المفهوم الحقيقى للعظمة ...... السيد المسيح أحب خاصته ، وأظهر لهم حبه اللانهائى ، إن حب السيد المسيح لخاصته لم ينقص فى أى فترة وفى أى ظرف ، ولكن الرب اتخذ من هذه المناسبة فرصة لإظهار أقصى حدود محبته فقد أحبهم إلى غاية الحب . المسيح يغسل أرجلهم : ثم صب ماء وأبتدأ يغسل أرجلهم ويمسحها بالمنشفة ، كان ممكن للرب أن يغسل الأرجل ويكلف أحدهم بمسحها أو يعاونه فى هذه الخدمة أو فى بعضها إلا أنه رضى أن يقوم هو وحده بكل أركانها حتى متى جاء الوقت المبارك على الصليب يقول لله الآب كل ما أمرتنى به عملته فلا يدعى إنسان ولا يبقى لأى أحد مجال أن يدعى أنه كانت له يد فيما عمل السيد المسيح فقال على الصليب " قد أكمل " . هذه الخطوات السبع التى خطاها الرب يسوع فى غسل أرجل تلاميذه القديسين إنما تحمل بين طياتها وثناياها رمزا ضمنيا إلى الخطوات الخالدة التى اتخذها الفادى فى تنفيذه تدبير الفداء العجيب للبشرية كلها : فقيامه عن العشاء يرمز إلى تركه أمجاد السماء ، وخلع ملابسه يشير إلى إخلاء نفسه ، وأخذه المنشفة يشير إلى تجسده فى جسم بشريتنا ، وإتزاره بالمنشفة يرمز إلى أخذه صورة العبد ، وصبه الماء فى المغسل يرمز إلى بذل دمه الثمين لأجلنا ، وغسله أرجل تلاميذه يكنى به عن تطهيره للعالم بالمعمودية ، ومسحه أرجلهم كناية عن تقديس العالم بسر الميرون المقدس . بركات عجيبة فى سر غسل أرجل التلاميذ إنما يشير إلى كل هذه البركات العجيبة التى تمت نحو الفداء المبارك الذى قدمه الرب للبشرية مما جعل أبونا القديس بولس الرسول فى رسالته إلى فيلبى يقول : " فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضا الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة العبد صائرا فى شبه الناس وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " ( فى 2 : 5 ) . وبعد أن أتم غسل الأرجل شرح لهم معنى عمله هذا وأوصاهم بالأقتداء به ، وأيضا ذكرهم بأن ليس كلهم طاهرون ، إشارة إلى يهوذا الذى أسلمه . من المؤكد أن يهوذا الإسخريوطى لم يحضر غسل الأرجل ، لأنه كما اتضح أنه غادر بيت القديس مرقس الرسول بعدما غمس السيد المسيح اللقمة وأعطاه . وكان هذا أثناء أكل الفصح . تأسيس سر الأفخارستيا : بعد أن أكل السيد المسيح الفصح الأخير مع تلاميذه وغسل أرجلهم بعد خروج يهوذا الأسخريوطى ، أخذ خبزا وبارك وشكر وكسر وقدمه إلى تلاميذه قائلا لهم : أن هذا هو جسده الذى يقدم فداء وكفارة عن خطايانا . وأمسك كأسا ممزوجة من خمر وماء وقال لهم بفمه الإلهى الطاهر : أن هذا هو دمه المسفوك عن خطايا العالم . وهذه الكأس هى غير الأربعة كئوس التى كانت تشرب أثناء أكل الفصح .. لأن الفصح كان قد تم أكله ورفع من على المائدة من قبل غسل الأرجل . ســــــــــر الأفخارستيا : إن تأسيس سر الأفخارستيا فى الليلة الأخيرة للسيد المسيح ، له دلالة هامة ، وترتيب بحكمة إلهية فائقة ، لقد تحدث السيد المسيح عن الخبز الحى ، وعن أكل جسده ، فى أكثر من مناسبة ، مرة للتلاميذ ومرات للجمهور ، وهناك من تقبل هذا الكلام ، وآخرون لم يفهموه بل وتركوه ومضوا ، ولم يتراجع السيد المسيح عن أى كلمة أو حرف ، مما قاله بل ترك لمن يرجعون للخلف أن يمضوا ... لقد اعترض اليهود على كلام السيد المسيح ، هذا الأعتراض المبنى على حكم العقل والحواس الجسدية قائلين ( كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكل ؟ يو 6 : 51 ، 52 ) . وأيضا أعترض الكثيرون من تلاميذه نفس الأعتراض الحسى والعقلى قائلين " إن هذا الكلام صعب من يقدر أن يسمعه؟ " فماذا كان جوابه لهم ؟ كان جوابه لهم مبنيا على إباحة استعمال العقل ، ولكن فى حدود سلطانه فقط . سمو السر : أسرار الكنيسة السبعة هى نعم فائقة جليلة سماوية ، ينالها المؤمن بمواد يقدسها الروح القدس باستحقاقات سر الفداء العظيم الذى أكمله ربنا يسوع المسيح على الصليب ، وهى سرية باطنية ينالها المؤمن تحت العلامات والمواد المنظورة التى تتقدس كما رسم لها الله تعالى وما هى إلا بمثابة قنوات ومجارى تتدفق فيها النعم من نهر الفداء العظيم ، لذلك من طقسها رسم الصليب وذكر الفداء . وأنه وإن كانت جميعها سامية جليلة لخلاص المؤمنين وتقويتهم فى الحياة الروحية والجسدية ...الخ إلا أن العشاء الربانى أسماها مقاما ، وأغزرها فيضا وأعمها شمولا ، وأكثرها إظهاراللحب الفائق فى سر الفداء العجيب للأسباب الآتية : أولا : سموه عن الأدراك حيث أن المادة المنظورة فى كل سر غيره تلبث كما هى غير متغيرة ولا مستحيلة ، ولكن فى سر التناول لا تلبث المادة أى الخبز والخمر على حالها بل تستحيل أو تتغير ، أما الخبز فإلى ذات جسد المسيح وأما الخبر فالى دمه ، وذلك بوجه سرى يفوق الفهم كما شاءت سلطته وقدرته العلوية . ثانيا : عظم الموهبة والنعمة التى ينالها المتقدم لهذا السر فان ربنا له المجد يهب المؤمنين بعضا من مواهب الخلاص بواسطة الأسرار الأخرى كل بحسب غايته وطبيعته ، إلا أنه فى هذا السر يقدم لنا ذاته المقدسة غذاء وشرابا فتجرى إلينا وفينا حياته وتصير حياتنا كما أنه بذلك يجعل المؤمنين جميعا جسدا واحدا أو روحا واحدا . ثالثا : أن الرب يقدس بروحه الأقدس سائر الأسرار ولكنه فى هذا السر يحضر بلاهوته وناسوته معا ، فيلهب قلوبنا بالأشواق المقدسة والعبادة الحارة لشخصه المبارك . رابعا : أن الأسرار الأخرى من بركات ذبيحة الفداء أما هذا السر فهو الذبيحة نفسها . هل هناك فرق بين ذبيحة الصليب وذبيحة القداس ؟: لا فرق بين ذبيحة الصليب وذبيحة القداس من حيث الضحية نفسها . إذ يقول الكاهن معترفا بالقداس ( أؤمن أؤمن أؤمن وأعترف إلى النفس الأخير أن هذا هو الجسد المحيى . الذى لإبنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . أخذه من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم . وجعله واحدا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير . واعترف الأعتراف الحسن أمام بيلاطس البنطى وأسلمه عنا على خشبة الصليب المقدسة بإرادته وحده عنا كلنا ، بالحقيقة أؤمن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين ، يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه . أؤمن أؤمن أؤمن أن هذا هو بالحقيقة آمين ) . وذلك تبعا لقول السيد ( والخبز الذى أنا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم ) وقوله ( إن لم تأكلواجسد ابن الأنسان .... الخ ) يو 6 : 51 ، 53 . ولعلنا ندرك الآن لماذا رتب السيد المسيح له المجد أن يؤسس سر الأفخارستيا فى اليوم السابق مباشرة لصلبه .... للعلاقة الوثيقة والواحدة بين الذبيحتين . + + + |
||||
13 - 11 - 2012, 03:11 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: تأملات فى أحداث أسبوع الآلام
حديث الرب الوداعى للتلاميذ : |
||||
13 - 11 - 2012, 03:12 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات فى أحداث أسبوع الآلام
ربنا يبارك خدمتك دايما يارب يامجدى وتقدم لينا حاجات مفيدة زى كدة كتيييير ومهمة جدا |
||||
16 - 11 - 2012, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: تأملات فى أحداث أسبوع الآلام
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة تأملات في أسبوع الآلام - لنيافة الأنبا مقار |
تأملات فى أسبوع الآلام - البابا شنودة |
تأملات فى أسبوع الآلام لابونا متى المسكين |
تأملات فى أسبوع الآلام |
تأملات فى كيف نقضيى أسبوع الآلام؟ |