|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حَبَّة الخردل والإيمان بالمسيّا المتألّم يقول القديس أمبروسيوس: [إن كان ملكوت السماوات يشبه حَبّة الخردل، والإيمان أيضًا يشبه حَبّة خردل (مت 17: 20)، إذًا فالإيمان بالحق هو ملكوت السماوات، وملكوت السماوات هو الإيمان، (بمعنى أن من له إيمان له ملكوت السماوات، ملكوت السماوات داخلنا (لو 17: 21)، والإيمان أيضًا داخلنا... والآن ليتنا نقيّم المقارنة التالية من طبيعة الخردل: حقًا إن حَبّة الخردل هي بسيطة جدًا وقليلة القيمة، لكنها إن سُحقت أو عُصِرت تظهر قوّتها، هكذا يبدو الإيمان بسيط جدًا، لكنّه إن سُحق خلال الأعداء يُبرهن على قوّته، إذ يملأ الآخرين الذين يسمعون أو يقرأون عنه برائحة حلاوته. شهداؤنا فيلكس ونابور وفيكتور تمتّعوا برائحة الإيمان الزكيّة، لكن أثناء حياتهم كانوا في غموض، وعندما جاء الاضطهاد أرخوا أذرعتهم وأحنوا رقابهم فضُربت بالسيف، وبهذا فإن نعمة استشهادهم قد انتشرت إلى أقاصي الأرض، وبحق قيل: "خرجت أصواتهم إلى كل الأرض" (مز 19: 4). فالإيمان تارة يُسحق، وأخرى يُعصر، وفي وقت آخر يُزرع (يدفن). الرب نفسه هو حَبّة الخردل، بدون الآلام ما كان للشعب أن يعرفه كحَبَّة خردل ولا يلاحظه. لقد اختار أن يُسحق، لكن نقول: "لأننا رائحة المسيح الزكيّة لله"(2 كو 2: 15). اختار أن يُضغط عليه (يُعصر) حيث قال بطرس: "الجموع يضيِّقون عليك ويزحمونك" (لو 8: 45). واختار أن يُزرع في الأرض كبذرة أخذها إنسان وغرسها في بستانه. ففي البستان أُخذ المسيح سجينًا وأيضًا في البستان دُفن. لقد "نبت" في بستان حيث قام من الأموات وصار شجرة، كما هو مكتوب: "كالتفاح بين شجر الوعْر كذلك حبيبي بين البنين" (نش 2: 3). هكذا ليُزرع المسيح في بستانك، فإن البستان هو الموضع الممتلئ زهورًا وثمارًا متنوّعة، فتنمو الفضيلة التي لجهادك وتفيح العذوبة المتعدّدة لفضائله الكثيرة! |
|