الحياة النسكية والعالم الآتي
بينما ارتبطت أغلب الحضارات القديمة بالحياة الزمنية فكانوا يسعون وراء الملذات الوقتية إذ بالفكر المصري يبتلغ بالعالم الآتي. فكان المصريون القدماء يعتقدون فيما يسمى بالقيامة، أي في إمكانية عودة الميت إلى الحياة أبديا إن مورست بعض الطقوس (2). لهذا يلزم تحنيط الأجساد في مقابر مختومة، حتى لا يقدر أحد أن يزور القبر ويسكن فيه غير النفس (كا).
لذلك كانت المقابر تزود بكل احتياجات الحياة اليومية من ملابس وطعام وشراب واوان وسكاكين وكراسي وأسلحة ومركبات وحلى للنساء وأدوات لعب للأطفال (3).
عندما قبل الأقباط المسيحية ازداد شوقهم للعالم الآتي والتهب حنينهم له، لكن على أساس إنجيلي. فعوض انشغالهم بعودة الأرواح إلى الأجساد المحفوظة في المقابر اشتهوا أن ترتفع أرواحهم وأفكارهم وقلوبهم لتنعم بالحياة السماوية حتى وهم بأجسادهم يسلكون على الأرض. بمعنى آخر، شوقهم للعالم الآتي أعد الطريق لممارسة الحياة النسكية على أساس إنجيلي.