"ثم أبغضها أمنون بغضة شديدة جداً حتى إن البغضة التي أبغضها إياها كانت أشد من المحبة التي أحبها إياها"
(2صم 13: 15 )
يستحضر لنا أمنون بوضوح شديد، الجسد الذي يسير في طريقه حتى يصل إلى مبتغاه. وهو بدلاً من أن يحكم على مشاعر شهواته من نحو أخته، فإنه ينحصر في شهواته حتى السقم (2صم 13: 2 ) .
وكان لأمنون صاحب اسمه يوناداب - ابن أخي داود. وهذا الصديق بدلاً من أن يكون عوناً لأمنون، قد استعمل كل حكمته لاقتياده إلى الشر. وبعد سنتين من الزمان، لما أراد أبشالوم أن يقتل أخاه أمنون، لم يبح يوناداب بسر المؤامرة لأمنون مع أنه يبدو أنه كان يعلم بها (2صم 13: 32 ) . إن هناك من الأصدقاء المخلصين مَنْ نعتز بصداقتهم ووفائهم في الرب، ولكن بعضاً منهم قبلاتهم غاشة وصداقتهم خادعة فلنحذر أمثال هؤلاء.
ومع تهور الجسد، فإن أمنون يتبع مشورة صديقه الردية. وأعطى داود موافقته لثامار لكي تزور أخاها المريض في غرفته الداخلية لكي تطعمه!! كانت رغبة داود التي تشبعه أن يُسرّ أولاده. لقد فشل داود في عائلته لأنه كان يميل إلى الإنقياد بمشاعره الطبيعية.
وكانت ثامار جميلة .. وكُلـِّفت بأداء خدمة، ولكن هل استحضرت ثامار هذه المسألة أمام الله؟ لو أن ثامار كانت تؤدى الخدمة كما للرب وفى علاقة معه، هل كان ممكناً أن يقتنصها الفخ الذي أذلها في بيت أخيها أمنون؟ إن دينة ابنة يعقوب في تكوين 34 لم تقدِّر النتائج التي قد تنتهي إليها زيارة بريئة لترى بنات أرض شكيم، لكن الله كان يعرف كل شيء. فكم هو مهم أن نسهر وأن نوثق الشركة مع الرب جداً قبل أن نلبي أية دعوة، وقبل أن نعزم على أية زيارة. فقد يمكن أن واحداً منا بسلامة القلب والنية يعمل بدون أن يتطلع إلى كل الاحتمالات والنتائج، ولكن الله يعرف كل شيء، ويستطيع أن يحفظ خطوات مَنْ يثق فيه ويسترشد به "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 14: 12 ) .
وحدثت المأساة. ويا لمرارة النتائج التي نجمت عن مسلك أمنون وثامار. لقد بقيت تلك الفتاة الشابة "مستوحشة" في كرب وأسى عظيمين. والملك داود "اغتاظ جداً"، وأبشالوم أبغض أمنون - أخاه الأكبر - وانتظر فرصة مناسبة لقتله. كل هذه وغيرها كثير، كان ممكناً أن تُتقى لو أن داود كان أكثر حزماً في تربية أولاده