- المقدس يوسف حبيب
معجزات القديس آمون
بدأ أمون حياته النسكية كمتوحد، وفي العزلة استقر أمون في ذلك المكان المقدس، في الهدوء وانفرد للتأمل في الأمور الإلهية وكانت سعة المكان الذي اختاره وعزله توحي بها إليه، ومن المؤكد أن أمون هو الراهب الأول في صحراء نتريا، ولما رأي القديس بعدئذ أن ذلك المكان يقدرون لأخذ النطرون، توغل في الصحراء إلى مكان بعيد هو سيليا(1)، وفي وحدته هذه أنعم الله عليه بموهبة المعجزات وجري على يديه منها الشيء الكثير.
1 عبور النهر
كان القديس أنطونيوس في جبل القلزم وكان يود مقابلة أمون لاشتياقه إليه، وأرسل بعض تلاميذه لكي يحضروه إليه. فأخذ أمون زميله تادرس معه وسارا في الطريق، وأراد أمون أن يعبر نهر ليكوس وهو فرع النيل يصب بحيرة مريوط ويسمي أيضا ترعة البحيرة- فطلب إلي زميله تادرس أن يبقي بعيدًا لكيلا يري أحدهما الآخر عاريا عند السباحة في الماء. فلما أنصرف تادرس خجل القديس أمون أن يري نفسه عاريًا، وإذ هو متحير حمل إلى الشاطئ الآخر بغتة- أما القديس تادرس فاقترب ورأي أمون قد عبر أولا ولم تسقط منه قطرة واحدة من الماء فسأله كيف عبر، ولما فطن أنه لا يريد أخباره امسك بقدميه وصرح بأنه لن يطلقه قبل أن يعرف منه الحقيقة، فلما رأي أمون تصميمه وإلحاحه طلب منه ألا يخبر أحدًا بما يسمع قبل موته وأخبره كيف حمل إلى الشاطئ الآخر، وأنه لم يضع قدمه على الماء وذلك ليس ممكنًا لإنسان، بل للرب وحده، ومن يسمح لهم، كما فعل مع الرسول بطرس (مت 14:28)- ولم يخبر تادرس أحدًا بهذا العبور إلا بعد انتقال أمون، وكان ذلك لما طلب القديس أنطونيوس أن يراه، وحدث بعدها انتقال أمون.
2 شفاء طفل من عقر كلب
في الوقت الذي كان فيه الأب أمون متوحدًا في نتريا أحضر إليه فلاحو بلد قريب طفلا عضه كلب، وكان الطفل يعاني آلاما مبرحة حتى أنهم ربطوه لكي يمنعوه من أن يمزق نفسه بأسنانه تحت تأثير الألم، فلما رأي أمون الزوار سار نحوهم، وقبل أن ينطقوا بكلمة قال لهم: (لماذا حضرتم لتطلبوا عملا يفوق استحقاقي، وفي أيديكم أنفسكم الدواء الشافي لهذا الطفل، أعيدوا البقرة إلى صاحبتها الأرملة، البقرة التي سرقتموها منها سرًا، ولسوف يعود الطفل سالما صحيحا. فتعجبوا لهذا القول وقد كشف عن خطيئتهم، ووعد الزوار القديس أن يسمعوا لنصيحته ويعيدوا البقرة لصاحبتها في الحال، ولما صلي القديس أمون عادت الصحة الكاملة إلى الطفل(2).
3 كشفه عن الحوادث
ذات مرة حدث القديس زواره وقال لهم: (أحضروا لي برميلا حتى أستطيع أن أقدم للذين يأتون ههنا قليلا من الماء الجيد، فوعدوا بإجابته إلى طلبه مسرورون، وعند شحن البرميل على ظهر جمل قال أحدهم لرفقائه: (إني آسف لأني وعدت القديس ولكني لا أستطيع أن أقتل جملي لأني لو وضعت مثل هذا الحمل الثقيل على ظهره في الطريق، وحلا لهذا الإشكال رأي بأن ينقل البرميل على حمارين وتم ذلك حتى إلى نتريا واقتبل القديس أمون الماء بالرضاء- وبعد أن حيا من أحضره قال له: (قل لي يا صاح لماذا مات جمل زميلك أثناء حضورك، فتعجب جدا لهذا السؤال وتلعثم واعتذر وانسحب، وأثناء عودته رأي الجمل ملقي على الطريق، وقد أكلت وحوش الصحراء نصفه فتعجب جدًا(3).
وقد صنع آمون عجائب كثيرة خلدت ذكره ومنزلته في القداسة بين الناس