|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
*نوح ذو الشخصية القوية* وهذا يعنى أنك لم تكن إنساناً عاطفياً حلو الشمائل فحسب، بل كنت أكثر من ذلك إنساناً "كاملاً فى أجيالك" والكلمة "كاملاً" تفيد توازن الشخصية وتمامها ، أى أن شخصيتك لم تكن تنمو فى جانب على حساب جانب آخر، أو فى لغة أخرى.... *نعم يا أحبائى إن عاطفتى لم تنم على حساب فكرى أو إرادتى، والعكس صحيح، أى أن فكرى لم يقو على عاطفتى مثلاً فيضحى جامداً، أو على إرادتى فيمسى متخلفاً *والكمال هنا كأى كمال بشري كمال نسبى غير مطلق ، إذ هو كمال بالنسبة للأجيال التى عشت فيها، وفى الحدود التى يمكن أن يبلغها الإنسان على الأرض... *حقا يا أبى لقد كنت من أعظم رجال عصرك حكمة وأصالة وفكراً، بل لعلك كنت من أعظم رجال التاريخ ذكاء وصفاء والمعية وهل يمكن أن تكون غير هذا وقد رفعك الله فى التاريخ لتكون أبا البشرية كلها من بعد الطوفان؟ *وبهذا المعنى يمكننا أن نقول أيضاً أنك كنت من أعظم رجال الأجيال وأقواهم إرادة وعزماً ، بل لعل التاريخ لا يعرف شخصيات كثيرة كانت لها صلابة مثلك، وقوة إرادتك .... )نعم عندك حق يا إبنتى لقد كانت لى الشجاعة والصلابة والقوة التى جعلتنى أقف فى جانب والعالم كله فى جانب... *كان العصر الذى أحيا فيه عصراً بشعاً مريعاً اتسم بخطايا متعددة ، إذ كان عصر الشهوة والمجون، العصر الذى سقط فيه أبناء الله – وهم النسل المنحدر من شيث، وليس الملائكة الذين سقطوا كما يظن البعض –تحت إغراء بنات الناس.. * وهذا النسل المنحدر من قايين- فاتخذوا لأنفسهم منهن نساء كما قادتهم طبيعتهم الجامحة ورغبتهم المدنسة، وكان عصر التمرد والعصيان، أو العصر الذى لا يسترشد فيه الناس بفكر الله، بل كان لهم: "كل ما اختاروا" *العصر الذى قيل فيه: "إن شر الإنسان قد كثر وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم" وكان أيضاً عصر الظلم والطغيان... *العصر الذى فيه: "امتلأت الأرض ظلماً" و"كان فى الأرض طغاة فى تلك الأيام" وكان أخيراً عصر التعالى والمجد العالمى، العصر الذى كان يسعى الناس إليه وراء العظمة والسؤدد والمجد ومنهم: "الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم" *فى هذا العصر عشت ، ولو أننى كنت أضعف إرادة ،وإعتمدت على ذاتى دون نعمة الله التى ساندتنى لانهزمت وانهرت أمام ما لا يعد ولا يحصى من التجارب والمشاكل والصعوبات التى كانت تواجهنى... *ولا شك إننى كل يوم كنت أعيش، فى وسط هذه الظروف القاسية المروعة ، وكأنما أجيب ذات الإجابة التى أجاب بها فيما بعد القديس أثناسيوس عندما قالوا له: "إن العالم كله ضدك" فأجاب: "وأنا ضد العالم".. *كنت من الأبطال وصناع التاريخ الذين إذ يؤمنون برأى أو عقيدة أو مبدأ يقفون إلى جواره، ويعيشون له، ويموتون فى سبيله، حتى ولو لم يقف إلى جوارهم أحد على وجه الإطلاق ، لأنهم يؤمنون بغلبة الحق، يوماً ما، طال الزمان أو قصر، وسواء رأوا هم هذه الغلبة، أم رأتها أجيال أخرى تأتى بعدهم. |
|