|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العطاء ( الصدقة)
عندما تكلم السيد المسيح - فى العظة على الجبل- عن ثلاثى الصلاة والصوم والصدقة اختار الصدقة أولاً قائلاً " اخترزوا أن تضعوا صدقتكم قدام الناس لكى ينظروكم"(1).ـ والعطاء بمفهومه الواسع ليس هو عطاء المال فقط، ولكنه يشمل عطاء كل شئ .. عطاء فى الحب .. عطاء فى الخدمة .. عطاء حتى البذل لذلك يقول بولس الرسول فى سفر الأعمال "فى كل شئ أريتكم أنه هكذا ينبغى أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ"(2).ـ والعطاء قديم، فنسمع عن إبراهيم أبو الآباء أنه أعطى ملكى صادق ملك ساليم كاهن الله العلى "عشراً من كل شئ"(3).. مع أن فريضة العشور لم تكن قد عُرفت بعد. وفى سفر ملاخى يوبخ الله إسرائيل قائلاً "من أيام آبائكم حدتم عن فرائضى ولم تحفظوها ارجعوا إلى أرجع إليكم قال رب الجنود فقلتم بماذا نرجع. أيسلب الانسان الله فإنكم سلبتمونى فقلتم بم سلبناك فى العشور والتقدمة. قد لعنتم لعنا وإيا أنتم سـالبون هذه الأمة كلها. هاتوا جميع العشـور إلى الخزنة ليكون فى بيتى طعام وجربونى بهذا قال رب الجنود إن كنت لا أفتح لكم كوى السـموات وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع. وانتهر من أجلكم الأكل فلا يفسـد لكم ثمر الأرض ولا يعقر لكم الكرم فى الحقل قال رب الجنود"(4).ـ ومن النص السابق نلاحظ أن الله اعتبر عدم دفع العشور سلب لله نفسه ويريد أن يتوفر الطعام لإخوة الرب باستمرار. وهذا يوضح لنا أن الله قصد من دفع العشور أن يؤكد المحبة بين قلوب الناس جميعاً .. وأن يهتموا بعضهم لبعض اهتماماً واحداً. (1)- (مت6: 1). (2)- (أع20: 35). (3)- (تك14: 20). (4)- (ملا3: 7- 11) وللتحلى بفضيلة العطاء حاول تطبيق التدريبات الآتية: ـ 1- يجب أن تعرف أن الخير الذى عندك هو من الله وأنت مجرد وكيل عليه، وسيحاسبك الله فى يوم الدينونة كيف صرفته ؟ وداود النبى يقول للرب "الغنى والكرامة من لدنك وأنت تتسلط على الجميع .. والآن يا إلهنا نحمدك ونسبح اسمك الجليل .. ولكن من أنا ومن هو شعبى حتى نستطيع أن ننتدب هكذا لأن منك الجميع ومن يدك أعطيناك"(1).ـ والمثل الذى قاله السيد المسيح يوضح هذه الحقيقة "و كأنما إنسان مسافر دعا عبيده وسلمهم أمواله. فأعطى واحداً خمس وزنات وآخر وزنتين وآخر وزنـة كل واحد على قدر طاقته وسـافر للوقت. فمضى الذى أخـذ الخمـس وزنات وتاجر بها فربح خمـس وزنات أخـر. وهكذا الذى أخـذ الوزنتين ربح أيضاً وزنتين أخريين. وأما الذى أخذ الوزنة فمضى وحفر فى الأرض واخفى فضة سيده. وبعد زمان طويل أتى سيد أولئك العبيد وحاسبهم. فجاء الذى أخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات أخر قائلاً يا سيد خمس وزنات سلمتنى هوذا خمس وزنات أخـر ربحتها فوقها. فقال له سـيده نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينا فى القليل فأقيمك على الكثير أدخل إلى فرح سيدك"(2).ـ أما صاحب الوزنة الواحدة فقال له " فأجاب سيده وقال له أيها العبد الشرير والكسلان عرفت أنى أحصـد حيث لـم أزرع وأجمع من حيث لم أبذر. فكان ينبغى أن تضع فضتى عند الصيارفة فعند مجيئى كنت أخذ الذى لى مع ربا. فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذى له العشر وزنات. لأن كل من له يعطى فيزداد ومن ليس له فالذى عنده يؤخذ منه. والعبد البطال إطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان"(3).ـ ـ لذلك قال رب المجد "إصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم (العشور) حتى إذا فنيتم يقبلونكم فى المظال الأبدية. الأمين فى القليل أمين أيضاً فى الكثير"(4) (1)- (1أى29: 12، 13). (2)- (مت25: 14- 21). (3)- (مت25: 26- 30). (4)- (لو16: 9، 10). وقال لهم أيضاً "لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون بل إكنزوا لكم كنوزاً فى السماء"(1). وذلك بالتصدق على الفقراء والمساكين. ـ 2- لا تنسى أن العشور هو الحد الأدنى للعطاء، فهناك البكور والنذور. ورب المجد قال "إن لم يزد بركـم على الكتبـة والفريسيين لن تدخـل ملكوت السموات"(2).ـ ـ 3- يجب أن يكون بفرح وسرور، وليس عن اضطرار كما يقول بولس الرسول "من يزرع بالبركات فبالبركات يحصد. كل واحد كما ينوى بقلبه. ليس عن خوف أو اضطرار لأن المعطى المسرور يحبه الله"(3).ـ ـ 4- يجب أن يكون العطاء أيضاً بسخاء كقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "أن يصنعوا صلاحاً وأن يكونوا أغنياء فى أعمال صالحة. وأن يكونوا أسخياء فى العطاء كرماء فى التوزيع مدخرين لأنفسهم أساساً حسناً للمستقبل لكى يمسكوا الحياة الأبدية"(4).ـ ـ ويتكلم بولس الرسول لأهل رومية قائلاً "المعطى فبسخاء. المدبر فباجتهاد. الراحم فبسرور"(5).ـ ويقول المسيح له المجد "اعطوا تعطوا كيلاً ملبداً مهزوزاً فائضاً يعطون فى أحضانكم لأنه بنفس الكيل الذى به تكيلون يكال لكم"(6).ـ ـ 5- والسؤال هنا هل أعط كل واحد يسألنى، فإن هناك أناس غير محتاجين يطلبون صدقة، والسيد المسيح يرد على هذا السؤال قائلاً "كل من سألك فاعطه .. ومن أخذ الذى لك فلا تطالبه وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأى فضل لكم فإن الخطاة أيضاً يقرضون الخطاة لكى يستردوا منهم المثل اقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً فيكون أجركم عظيماً وتكونوا بنى العلى فإنه منعم (1)- (مت6: 19). (2)- (مت5: 20). (3)- (2كو9: 6، 7). (4)- (1تى6: 18، 19). (5)- (رو12: 18). (6)- (لو6: 38). على غير الشاكرين والأشرار"(1). ـ ويقول أيضاً رب المجد "ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً. ومن سخرك ميلاً واحداً فاذهب معه اثنين. ومن سألك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده"(2).ـ ـ 6- مدح رب المجـد الأرملة الفقيرة التى أعطت كل أعوازها .. وتطلع (المسيح) فرأى الأغنياء يلقون قرابينهم فى الخزانة .. ورأى أيضاً أرملة مسكينة ألقت أكثر من الجميع لأن هؤلاء من فضلتهم ألقوا فى قرابين الله وأما هذه فمن أعوازها ألقت كل المعيشة التى لها(3).ـ لذلك يطوب الرب الرجل الذى يعطى أمواله للمساكين فيقول "سعيد هو الرجل الذى يترأف ويقرض .. يدبر أموره بالحق .. الصديق يكون لذكر أبدى لا يخش من خبر السوء قلبه ثابت متكلاً على الرب .. فرق أعطى المساكين بره قائم إلى الأبد"(4).ـ ويقول سليمان الحكيم " من يعطى الفقير لا يحتاج ولمن يحجب عنه عينيه لعنات كثيرة"(5).ـ ـ 7- عندما تكلم السيد المسيح عن الصدقة قال "أما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك لكى تكون صدقتك فى الخفاء. فأبوك الذى فى الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية"(6).ـ كنت أعرف رجلاً خيراً يطبق قول السيد المسيح بالحرف الواحد فيضع نقوده فى جيبه، وعندما يأتيه فقير يسأل صدقة كان يضع يده فى جيبه ويخرج النقود ويعطيه دون أن يعّدها أو يعرف ما دفعه. ـ 8- هناك أيضاً أناس طبقوا وصية المسيح بالحرف الواحد التى تقول "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سـر أن يعطيكم الملكوت. بيعوا ما لكم ـ (1)- (لو6: 30- 34). (2)- (مت5: 40- 42). (3)- (لو21: 1- ـ 4).ـ ـ (4)- (مز112: 5- 9). (5)- (أم28: 27). (6)- (مت6: 3، ـ 4).ـ المرأة التى أعطت كل أعوازها واعطوا صدقة اعملوا لكم أكياساً لا تفنى وكنزاً فى السموات حيث لا يقرب سارق ولا يبلى سوس لأنه حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضاً"(1).ـ أمثال هؤلاء : الأنبا أنطونيوس أب الرهبان الذى كان يملك ثلاثمائة فدان من أجود أراضى الصعيد، فباعها ووزعها على الفقراء بعد أن ترك لاخته نصيبها وأودعها أحد أديرة البنات .. وعاش الأنبا أنطونيوس فى الصحراء الشرقية يأكل البلح ويشرب الماء فقط. وأيضاً الأنبا بولا الذى ترك ميراثه لأخيه وذهب وسكن فى البرية، وكان يعوله غراب مرسل من الله كل يوم بنصف رغيف خبز فقط. أما الذى رفض تطبيق الوصية كان شاباً غنياً، ذهب إلى المسيح يطلب أن يرث الحياة الأبدية فلما سأله المسيح عن الوصايا "قال هذه كلها حفظتها منذ حداثتى فلما سمع يسوع ذلك قال له يعوزك أيضاً شئ. بع كل مالك ووزع على الفقراء فيكون لك كنز فى السماء وتعال اتبعنى فلما سمع حزن لأنه كان غنياً جداً فلما رآه يسوع قد حزن قال ما أعسر دخول ذوى الأموال إلى ملكوت الله"(2).ـ ـ 9- الله يقبل الصلوات والصدقات حتى من غير المؤمنين وذكر لنا سفر الأمثال عن كرنيليوس قائد المائة الذى ظهر له ملاك يخبره قائلاً "صلواتك وصدقاتك صعدت تذكاراً أمام الله"(3).ـ ـ 10- ضع أمام عينيك رب المجد يسوع الذى أعطى الناس خيرات كثيرة أكثر مما يتوقعون .. ليست عطايا مادية فقط بل عطايا روحية أيضاً مثل مواهب الروح القدس فيقول بولس الرسول "إذ صعد إلى العلا سبى سبياً وأعطى الناس عطايا"(4).ـ ويقول أيضاً "لأنه بخطية الواحـد قد ملك الموت فبالأولى كثيراً الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون فى الحياة بالواحد يسوع المسيح"(5).ـ (1)-(لو12: 33، 34). (2)- (لو18: 19- 24). (3)- (أع10: 4).ـ ـ (4)- (أف4: 8). (5)- (رو5: 17).ـ الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
البساطة ـ القمص ميخائيل جرجس صليب |
الرحمة ـ بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب |
الاتضاع ـ بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب |
المـحـبـة - بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب |
الرجاء ـ بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب |