في المجمع الفاتيكاني الثاني، لم يشأ الآباء تكريس وثيقة خاصّة بمريم العذراء، فأوردوا ذكرها في الفصل الثامن والأخير من الدستور العقائدي في الكنيسة، بعنوان: “الطوباوية مريم والدة الإله في سرّ المسيح والكنيسة” (رقم 52- 69). وبذلك يظهر بجلاءٍ أكثر دورُ مريم ضمن تاريخ الشعب المؤمن. فالكنيسة في مجملها جسد المسيح والمؤمنون متّحدون كلّهم معاً في عمل الروح القدس فيهم، إذ لا أحد يمكنه أن يصير عضواً في الكنيسة ما لم تنسكب عليه قدرة الروح القدس. على هذا الصعيد مريم العذراء هي عضو في الكنيسة ملأها الروح القدس وتجاوبت مع عمله، فكانت لجميع المسيحيين قدوة ومثالاً في الإيمان والمحبّة، كما يوضح المجمع في مختلف النقاط التي يتوسّع فيها عن دور مريم العذراء في تدبير الخلاص.
وبقول المجمع: “تحتلّ مريم المحلّ الأوّل، قدوةً ومثال فريد للعذراء وللأمّ: بإيمانها وطاعتها ولدت على الأرض ابن الله ولم تفقد بتوليّتها، وغمرها الروح القدس بظلّه، فكانت حوّاء جديدة