الحسد - كشعور - موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسده أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسداً. ونحن في آخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أنزعه عنا".
الحسد إذن موجود، ولكن "ضربة العين" لا نؤمن بوجودها.
فبعض الناس يؤمنون أن هناك أشخاصاً حسودين، إذا ضربوا من حسدوه عيناً، يصيبه ضرر معين. لذلك يخاف من الحسد، ومن الحسودين وشرهم. وأحياناً يخفون الخير الذي يرزقهم به الله خوفاً من الحسد . وهم يضربون لهذا النوع من الحسد قصصاً تكاد تكون خرافية. هذا النوع من الحسد، لا نؤمن به، ونراه نوعاً من التخويف ومن الوسوسة.
أن الحسد لا يضر المحسود، بل يتعب الحاسد نفسه:
إنه لا ضر المحسود، وإلا كان جميع المتفوقين والأوائل عٌرضةً للحسد والضياع، وأيضاً كان كل الذين يحصلون علي مناصب مرموقة، أو جوائز الدولة التقديرية عرضه للحسد والإصابة بالشر! إننا نري العكس، وهو أن الحاسد يعيش في تعاسة وتعب بسبب حسده وشقاوته الداخلية، كما قال الشاعر:
اصبر علي كيد الحسود فإن صبك قاتله
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
ولكن لماذا نصلي لنزع الحسد، مادام لا يضر؟
نحن لا نصلي خوفاً من (ضربة العين) المزعومة، وإنما نصلي لكي يمنع الله الشرور والمكائد والمؤامرات التي قد يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة. فإخوة يوسف لما حسدوه القوة في البئر، ثم باعوه كعبد، وكانوا علي وشك أن يقتلوه. وقايين قتل أخاه هابيل حسداً له، ورؤساء اليهود لما حسدوا المسيح تآمروا عليه وقدموه للصلب.