|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وداعًا! لقد عرف القديس يوحنا حب شعبه له، فقد حدثهم مرة قائلًا: [إن رأيتموني في خطر إلا تعطوني -إن أمكن- أجسادكم مبذولة!(63)] لكنه لم يشأ أن يموت واحد بسببه أو يتألم، فمع اعترافه بعدم قانونية المجمع، مطالبًا بعمل مجمع مسكوني يعيد النظر في القضية، وجد نفسه ملتزمًا أن يخرج إلى المنفى. فقد التفَّ الشعب حوله، وحاصر دار الأسقفية محاولًا أن يمنع البوليس الإمبراطوري من القبض عليه، فخرج إليهم الذهبي الفم يتحدث معهم كلمة وداع مملوءة إيمانًا، تهدئ نفوسهم. لقد قال: ["المسيح معي، ممن أخاف! إن أمواج البحر، الرؤساء في غضبهم، هذا كله لا يزيد عن خيوط عنكبوت!(64)] ثم أوصى شعبه بالثبات في الإيمان، مطالبًا إياهم أن يعودوا إليه في اليوم التالي ليصلي معهم. وقف وسط شعبه يحدثهم بشجاعة نادرة بحديثٍ عذبٍ رائعٍ، يقول: [هوذا الأمواج تشتد، والعاصفة تزداد عنفًا، لكنني لا أخاف الغرق، فإني أقف على صخرة! إن هاج البحر لا يستطيع أن يطويها! لترتفع الأمواج فإنها لا تقدر أن تبتلع سفينة يسوع! قل لي: ماذا أخاف؟ أأخاف الموت؟ "لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح" (في 1: 21). أأخاف النفي؟ "للرب الأرض وملؤها" (مز 23: 1). أمصادرة الأموال؟ "لم ندخل هذا العالم بشيء ولن نخرج منه بشيء" (1 تى 6: 7). إن ما يبدو في هذا العالم قاسيًا لا يستحق مني سوى الازدراء، إني أهزأ بممتلكاته، لا أخاف الفقر ولا اشتهي الغنى! لا أخاف الموت ولا أرغب الحياة إلا لكي أنمو في القامة الروحية!(65)] لقد أدرك القديس يوحنا إنها ليست حربًا بينه وبين الإمبراطورة، ولا بينه وبين ثاوفيلس أو سفريان أو أكاسيوس أو غيرهم. لكنها حرب بين الله والشيطان. الله يحفظ كنيسته وقوة الظلمة تعمل على تحطيمها. لهذا يقول لهم تلك العبارات الروحية الرائعة: [حقًا، ليس أقوى من الكنيسة، من يحاربها يحكم قوته، إذ لا يمكن محاربة السماء!] [هل أتى بي إنسان إلى هنا، حتى يقدر إنسان أن يحطمني؟] [إنك (محدثًا الشيطان) لا تستطيع الانتصار على عذراء واحدة، فكيف تفكر في الغلبة على هذا الشعب الكبير؟[ أخيرًا أسلم الراعي نفسه في يديّ الجند من وراء شعبه وخرج مودعًا مذبحه وشعبه. انطلق الأسقف سفريان إلى الكنيسة، حاسبًا إنها فرصة مناسبة لانتقاد يوحنا، قائلًا: ["إن كان يوحنا قد أدين بدون سبب، فإنه يكفي تعاليه جريمة تبرر استبعاده!(66)] يمكن للناس أن يغفروا كل الخطايا، لكن "الله يقاوم المستكبرين(67)" كما تعلمنا الكتب المقدسة. لقد ألهب سفريان غضب الشعب وزاد من ثورته، فقد أخذ الهياج كل مأخذ حتى خشي الإمبراطور من حدوث مذابح في القسطنطينية، فأمر بعودته، خاصة وأن زلزلة حدثت في تلك الليلة أرعبت الإمبراطورة، اعتبرتها كقول بالاديوس(68) علامة غضب الله يحل عليها بسبب ظلمها للراعي الأمين. أسرعت الإمبراطورة إلى زوجها تطلب سرعة عودة الراعي، وفي نفس الوقت كتبت بيدها رسالة تعتذر له هما حدث، أرسلتها مع أحد خصيانها يدعى Briso ترجوه العودة. عبر القديس البسفور، لكنه رفض دخول القسطنطينية إلى كرسيه ما لم تثبت براءته بحكم مجمعي يبطل حكم مجمع السنديان، لكن الشعب خرج إليه متهللًا يحملون المشاعل ويترنمون بالمزامير(69)، فالتزم أمام محبتهم، ولأجل سلام المدينة وهدوئها أن يدخل "كنيسة الرسل" يشكر الله ويبارك اسمه القدوس. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نفي القديس يوحنا ذهبي الفم |
القديس يوحنا ذهبى الفم |
القديس يوحنا ذهبي الفم |
القديس يوحنا ذهبي الفم |
القديس يوحنا ذهبى الفم |