لعله فى ما مر بنا من أعياد الشهداء ، وأعياد الصليب ، وما يوحى بمعنى جميل عن القوة ، ويذكر بمقاييس أخرى خاطئة :
أيهما كان أقوى : المسيح المصلوب ، أم اليهود الذين صلبوه ؟!
لقد أهين السيد المسيح بأنواع إهانات عديدة ، جلد وعلقوه على خشبة 0 ولكنه كان قويا فى صلبه ، استطاع أن يقهر الخطية والشيطان ، ويفتح أبواب الفردوس 0 وكان أقوى من صالبيه الذين غلبتهم خطايا الظلم والقسوة والحسد والشهادة بالزور00 !
أيهما كان أقوى : قايين القاتل أم هابيل المقتول ؟
إستطاع قايين أن يطرح هابيل أرضا ويقتله 0 ومع ذلك لم يكن قايين قويا 0 لقد غلبته خطايا الحسد والكراهية والقسوة 00 أما هابيل المقتول فكان أسمى من هذا بكثير 0
كثيرا ما يحسب الانتصار أنه منتصر ، ويزهو بذلك فى خيلاء وإعجاب بنفسه 0 ويكون فى حقيقة أمره مهزوما 00 !
يكون مهزوما من نفسه التى لم يستطع الانتصار على أهوائها ، ومهزوما من خطايا أخرى ، ومن مقاييسه الخاطئة التى بواسطتها يتخيل النصرة حيث توجد الهزيمة 00 !
وذلك الذى يلطمك على خدك الأيمن ، فتدير له الآخر :
هل يظن أنه قد انتصر عليك ؟! كلا 0 لقد هزمه غضبه وغيظه وعدم احترامه للآخرين ، فسقط بضربك كذلك الذى يشتمك ويهنيك 0 مسكين إن ظن أنه أقوى منك ! لقد هزمه قلبه ولسانه 0
كل إنسان فى الدنيا يمكنه أن يغضب وأن يشتم وأن يعتدى على الآخرين 0 ولكن الشخص القوى ، هو الذى يستطيع أن يضبط أعصابه ولسانه وحواسه ، أو أن يحتمل 0
إن الذى يحتمل هو الأقوى 0 لذلك قال الرسول : ( يجب علينا نحن الأقوياء ، أن نحتمل ضعف الضعفاء
( رو 15 : 1 )
هل يظن هيرودس أنه كان أقوى من يوحنا المعمدان 0 لأنه قدم رأس يوحنا على طبق ؟!
كلا ، بلا شك 0 لقد كان المقتول أقوى 0 وظل هيرودس يخشى يوحنا حتى بعد مقتله 0 ولما ظهر المسيح ، ظن هيرودس أنه يوحنا قد قام من الأموات 00
ما أعجب مقاييس الناس ! يظنون القوة حيث يوجد الضعف !
ويظنون النصرة حيث توجد الهزيمة ! إنها مقاييس خاطئة 0
إنتصر يا أخى على نفسك 0 فقاهر نفسه خير من قاهر مدينة 0