|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إذ نتبادل الحب والملكية عيناه لا تفارقانني، إذ يقول المرتل: "نظر الرب من السماء فرأى جميع بني البشر؛ من مسكنه المهيأ نظر إلى جميع سكان الأرض" [13-14]. حينما نتحدث عن تطلع الله للبشر يلزم أن نميز بين نوعين من النظرات، نظرة الله كخالق وفاحص كل الأمور، ونظرته الواهبة النعم للنفوس التي تقبلت البنوة له. الله عارف الكل، فاحص القلوب والكلى جميعها، لكن له معرفة الالتصاق والاتحاد بمن قبلوه أبًا ومخلصًا. الله حاضر في كل مكان لكن له الحضرة الواهبة النعم في قلوب مؤمنيه العاملين بالمحبة. الله ينظر إلى كنيسته، يعرفها كعروس له، حاضر فيها بكونها مملكته على الأرض؛ وهو أيضًا ينظر ويفحص دقائقه الخفية، ويعرف أسراره، وحاضر في كل موضع؛ لكن شتان بين معاملاته مع طالبيه ومعاملاته مع جاحديه. يتطلع الله إلى شعبه كأب نحو أولاده المحبوبين وليس كمتفرج سلبي. إنه يرانا في ابنه الحبيب، فيجدنا نحمل بر المسيح، ونُحسب موضع سروره. إنه يتطلع "من السماء"، "من مسكنه المهيأ"؛ أي من قلوب مؤمنيه والكارزين به بكونهم موضع سكناه. ليس فقط ينظر إلينا كأب، وإنما يسكن فينا متطلعًا من خلالنا إلى الغير. * "من مسكنه المهيأ نظر إلى جميع سكان الأرض" [13]. يتطلع إلينا من خلال الكارزين بالحق. ينظر إلينا من خلال الملائكة الذين أرسلهم، بكونهم جميعًا بيته. إنهم جميعًا مسكنه الدائم، بكونهم السموات التي تُظهر مجد الله. القديس أغسطينوس إذ يتطلع إلينا ينظر إلى الأعماق، إلى سرائر القلب الخفية بكونه خالق النفس الداخلية، يعرف أعمالنا لا كبني البشر يحكمون حسب الظاهر، وإنما من خلال النية الداخلية، دون محاباة لملك أو عظيم. |
|