|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يسوع المسيح هو ابن الله ويتواصل النؤمن: »ابن الله المولود الوحيد monogenes من الآب، أي من جوهر الآب«. ثمَّ »هو إله، إله حقّ، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآبِ في الجوهر«. هنا برزت بدعة أريوس بسبب أفكاره حول الابن، فطرده سينودس محلِّيٌّ من الجماعة الكنسيَّة، بانتظار أن يُرسَل إلى المنفى بعد مجمع نيقية سنة 325. لخَّص الإسكندر، بطريرك الإسكندريَّة تعليم أريوس والأريوسيّين كما يلي: يقولون * الله لم يكن دومًا الآب، بل كان زمنٌ لم يكن فيه الآب. * والكلمة لم يُوجَد دومًا، بل جاء إلى الوجود من اللاموجود. * والله الذي وُجد، صنع ذاك الذي لم يوجد انطلاقًا من اللاموجود. * لهذا كان زمن لم يكن الكلمة فيه موجودًا. * الابن هو خليقة الآب وعمله. ولا يشبه الآب في الجوهر، ولا هو كلمته الحقيقيُّ بحسب الطبيعة، ولا هو حكمته الحقيقيَّة، بل هو شيء من الأشياء التي صُنعت وأُحدثت. * يُدعى الابن والحكمة بشطط (وإفراط) بعد أن أنتجه كلمة الله الخاصّ وحكمته الخاصَّة. إذًا هو متغيِّر ومتحوِّل بطبعه مثل كلِّ الكائنات العاقلة. ذاك ما أورده سقراط في التاريخ الكنسيّ 2-3 (الآباء اليونان 67: 45ب). وفي الخطِّ عينه راح »الهوميون« الذين اعتبروا الابن شبيهًا homoios بالآب، لا من ذات جوهر الآب. أمّا الأنوميّون فقالوا إنَّ الابن غير شبيه homoios بالآب. هنا نفهم لماذا قال الآباء في مجمع نيقية: ''أمّا الذين يقولون: ''كان زمان ولم يكن فيه'' و''قبل أن يُولَد لم يكن'' و''إنَّه صار ممّا لم يكن''... مؤكِّدين أنَّ ابن الله مخلوق، أو قابل للتغيُّر أو التحوُّل، فهؤلاء تحرمهم الكنيسة الجامعة«. ولكن ما هو إسناد آباء المجمع؟ هنا نعود إلى العهد الجديد، ولاسيَّما إلى الرسائل البولسيَّة. »في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله« (يو 1: 1). ميَّز يوحنّا هنا بين »تيوس« مع ال التعريف ho theos التي تدلُّ على الآب، و»تيوس« بدون أل التعريف theos التي تشير إلى اللاهوت. وكان منطقيٌّا مع هذا الاستعمال. فقال في آ2: »هذا كان في البدء عند الله«. فحين الكلام عن علاقة الآب بالابن، فأل التعريف حاضرة. مثلاً: »أنتم تؤمنون بالله (الآب)، فآمنوا بي« (يو 14: 1). أو في 16: 27: »لأنَّ الآب نفسه يحبُّكم، لأنَّكم أحببتموني وآمنتم أنّي من عند الله. خرجتُ من عند الآب وأتيت إلى العالم...«. هكذا نفهم التمييز بين الآب والابن، كما نعرف أنَّ الابن يشارك الآب في الألوهة. هو أمر واضح عند القدِّيس بولس حين يتحدَّث عن »الله الآب« و»الربِّ الابن«. نقرأ مثلاً ما ورد في الرسالة إلى تيطس: »منتظرين الرجاء السعيد makarios وظهور مجد إلهنا العظيم ومخلِّصنا يسوع المسيح« (2: 13). هو كلام واضح عن يسوع الذي هو المخلِّص والله، على أثر ما قيل عن تجلّي نعمة الله. ما نلاحظ في الرسائل الرعائيَّة، أي الرسالتين إلى تيموتاوس والرسالة إلى تيطس، هو أنَّ صفة المخلِّص تُعطى تارة للآب وطورًا للابن. ففي الأولى إلى تيموتاوس، نقرأ منذ البداية: »بولس رسول يسوع المسيح، بحسب أمر الله مخلِّصنا، وربِّنا يسوع المسيح« (1: 1). وتعود العبارة عينها في 2 تم 1: 1 ولكن مطبَّقة على الابن: »النعمة... أُظهرت الآن بظهور مخلِّصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود«. أمّا في الرسالة إلى تيطس فترد لفظة »مخلِّص« مرتبطة بالآب والابن: »أظهر كلمته... بالكرازة التي أؤتمنتُ أنا عليها بأمر مخلِّصنا الله... نعمة ورحمة وسلام من الله الآب والربِّ يسوع المسيح مخلِّصنا« (1: 3-4). وتعود البنية عينها في كلام عن »الله مخلِّصنا« (تي 3: 4) ثمَّ عن »يسوع المسيح مخلِّصنا« (آ6). الآب هو المخلِّص والابن هو المخلِّص. الآب هو الله. إذًا الابن هو الله، وما يعمله الآب يعمله الابن مثله. »كما أنَّ الآبَ يقيم الموتى ويُحييهم كذلك الابن أيضًا يحيي من يشاء« (يو 5: 21). وما نقوله عن القيامة، نقوله عن الدينونة: »الآب لا يدين أحدًا، بل أعطى الدينونة للابن، لكي يكرم الجميعُ الابنَ كما يكرمون الآب. فمن لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله« (آ22-23). ويتواصل مثلُ الكلام في هذا الفصل من إنجيل يوحنّا حيث يتساوى الآب والابن: »كما أنَّ الآب له الحياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أيضًا أن تكون له الحياة في ذاته« (آ26). ونورد ما كتبه الإنجيل عن شفاء المخلَّع. بدأ يسوع وقال للمريض: »مغفورة لك خطاياك« (مر 2: 5). اعتبر الحاضرون أنَّ هذا »الرجل« يجدِّف: »من يقدر أن يغفر الخطايا إلاَّ الله وحده؟« (آ7). ولكنَّ يسوع بيَّن أنَّه الله حين أرفق غفران الخطايا بالشفاء: »لكي تعلموا أنَّ لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا«، قال للمخلَّع: »قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك« (آ11). وماذا كانت النتيجة؟ »فقام للوقت وحمل سريره وخرج قدَّام الجميع« (آ12). فهذا الابن هو »في صورة الله« en morphê theou. وهو »معادل لله«، مساوٍ لله. فكيف يأتي من يقول إنَّه أدنى من الله. هو صار بشرًا، وأطاع حتّى الموت على الصليب. ولكنَّ الله رفعه »لكي تجثو باسم يسوع كلُّ ركبة في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض، ويعترف كلُّ لسان أنَّ يسوع المسيح هو ربٌّ لمجد الله الآب« (فل 2: 6-11). إذا كانت الوصيَّة واضحة بأنَّ السجود واجب لله وحده، فهذا يعني أنَّ يسوع المسيح هو الله. نحن هنا على مستوى الإيمان، والعقل البشريّ لا يستطيع أن »يفهم« انطلاقًا من الأمور الفلسفيَّة. هنا نفهم كلام الرسول في معرض كلامه عن المواهب: »لا يقدر أحد أن يقول »يسوعُ ربّ« إلاَّ بالروح القدس. يسوع المسح هو الله، مساوٍ لله الآب. الآب لا يُرى، ولكنَّ الابن الذي هو »صورة الله« (كو 1: 15) eikôn tou theou، جعل الله منظورًا. طلب منه فيلبُّس: »أرنا الآب وكفانا«، فكان جواب يسوع: »من رآني رأى الآب. ألا تؤمن أنّي في الآب والآب فيَّ« (يو 14: 8-10). وكان الإنجيليُّ تحدَّث عن »الله الذي لم يره أحد قطُّ« (يو 1: 18). ولكنَّه أسرع فقال: الابن الذي في حضن الآب أخبر عنه«. فهذا الابن الوحيد الذي يقاسم الآب حياته مقاسمة لا حدود لها، يستطيع وحده أن يقود الناس إلى معرفة الله: بشخصه، بما يقوله، بما يعمله. وهناك صورة ترد مرارًا في سفر الرؤيا في الكلام عن العرش الذي يدلُّ على موضع الله. في 21: 5 نقرأ: »وقال الجالس على العرش«. هو الله الآب الذي يصنع كلَّ شيء جديدًا، وفي 22: 3 نعرف أنَّ العرش هو عرش الله والحمل، أي يسوع المسيح »الذي هو في حضن الآب«. ويسوع هو الابن، هو ابن الله. ونبدأ بقراءة النصوص البولسيَّة. فيسوع »ابنه الذي صار من نسل داود من جهة الجسد، تعيَّن ابن الله بقوَّة من جهة روح القداسة، بالقيامة من بين الأموات« (رو 1: 13-14). وفي غل 4: 4: »ولكن لمّا جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة«. نقول في النؤمن عن يسوع إنَّه »ابن الله«. هي تسمية تتكرَّر عند القدّيس بولس. فحين يذكر صدق الرسل، يقول: »لأنَّ ابن الله يسوع المسيح، الذي نكرز به بينكم بواسطتنا... لم يكن نعم ولا...« (2 كو 1: 19). وفي الرسالة إلى غلاطية التي هي رسالة البنوَّة والحرِّيَّة، يعلن الرسول: »مع المسيح صلبتُ. فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في (الجسم) البشريّ، فإنَّما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبَّني وأسلم نفسه لأجلي« (غل 2: 20). هكذا يُذكر ابن الله. أو يرد لفظ »الابن« مع ضمير الغائب، فيقال: ابنه. ففي الرسالة عينها، يقول الرسول: »ولكن لمّا سُرَّ الله... أن يعلن ابنه فيَّ لأبشِّر به بين الأمم...« (1: 15-16). وفي 4: 6: »ثمَّ بما أنَّكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم«. أمّا في الرسالة إلى كولوسّي، فنقرأ عبارة خاصَّة: »شاكرين الآب الذي... نقلنا إلى ملكوت ابن محبَّته« (1: 13). ما معنى أن يكون يسوع »ابن الله« أو: »ابن الآب«؟ حين نتذكَّر أنَّ الميتولوجيّات القديمة عرفت زواج الآلهة، وأبناء وبنات الآلهة، نرى التحدِّي الكبير أن تكون عبارة »ابن الله« وردت أوَّل ما وردت في الرسائل البولسيَّة، وفي العالم اليونانيّ. لا شكَّ في أنَّ هذه العبارة استُعملت في العهد القديم، ولكنَّها لم تحمل إلاَّ المعنى الرمزيّ، لأنَّ العالم اليهوديِّ شدَّد على وحدانيَّة الله، وما تخيَّل يومًا أن يكون لله »ابن«. أمّا ما نقرأ في الأناجيل الإزائيَّة عن »ابن الله«، ففهمه اليهود عن الملك، كما في العبارة اليوحنّاويَّة التي جاءت بلسان نتنائيل: »أنتَ ابن الله! أنت ملك إسرائيل!« (يو 1: 49). ولن يُفهَم في المعنى المسيحيّ إلاَّ على ضوء القيامة. وكان جدال بين يسوع واليهود. اعتبروه مجدِّفًا: »فإنَّك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا« (يو 10: 33). إذًا فهموا مقاله. فعاد إلى المزامير (82: 6) ليبيِّن أنَّه ليس مجدِّفًا. »إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله، ولا يمكن أن يُنقَضَ الكتاب، فالذي قدَّسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنَّك تجدِّف، لأنّي قلتُ: إنّي ابن الله؟« (آ35-36). أمّا البرهان بأنَّ هذا »المجدِّف« هو ابن الله، هو أنَّه يعمل أعمال الآب. وهكذا »تعرفون وتؤمنون أنَّ الآب فيَّ وأنا في الآب«. مثل هذا الاتِّحاد الحميم لا يمكن أن نقبل به إذا كنّا لا نؤمن. وإذا كان الله أراد أن يرفع »الأبناء« إلى مستوى ابن الله عن طريق التبنّي، فكيف نسمح لنفوسنا بأن نُحدر ابن الله إلى مستوى البشر، بدلاً من أن نرفع البشر إلى مستوى ابن الله. على ما قال الآباء: »صار ابن الله إنسانًا ليجعل الإنسان ابن الله«. فتحدَّثت الرسالة إلى العبرانيّين عن يسوع الذي »وُضع قليلاً عن الملائكة، ولكنَّنا نراه مكلَّلاً بالمجد والكرامة« (2: 9). »لاق بذاك الذي من أجله الكلّ وبه الكلّ، وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد، أن يكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام، لأنَّ المقدِّس (يسوع) والمقدَّسين (المؤمنين) جميعهم من واحد (هو تضامن بين المسيح والبشر)، فلهذا لا يستحي أن يدعوهم إخوة« (آ10-11). وما يتفرَّد به يوحنّا هو أنَّه يدعو يسوع المسيح »الابن« بدون مضاف إليه: »الآب يحبُّ الابن ودفع كلَّ شيء في يده« (3: 35). هكذا لم يبقَ للآب شيء يعمله. »الآب يحبُّ الابن ويريه جميع ما يعمله« (5: 20). كما الآب... كما الابن (آ21، 22، 23، 24). هناك ابن واحد، وليس سواه، كما كان إشعيا مثلاً يقول: »أنا هو الربُّ ولا إله غيري«. ويقول يوحنّا أيضًا: الابن الوحيد (1: 18) monogenês. ذاك هو التعبير في قانون الإيمان. والبرديَّة 46 قدَّمت قراءة رائعة: ما من أحد رأى الله. الله theos الابن الوحيد... وهكذا تبرز العبارة الإيمانيَّة: إله من إله. الابن الوحيد من الله الآب. هذا الابن الوحيد بذله الآب (3: 16) لكي تكون للبشريَّة الحياة الأبديَّة. فمن يؤمن بالآب لا يُدان، والذي لا يؤمن يُدان »لأنَّه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد« (آ18). إيمان بالآب، إيمان بالابن. أمثلُ هذا الابن يتبدَّل؟ قالت لنا الرسالة إلى العبرانيّين: »يسوع المسيح هو هو، أمسِ واليوم وإلى الأبد« (13: 8). وجاءت المقابلة بين الخلائق والابن مع استناد إلى الكتاب المقدَّس: »أنت يا ربُّ في البدء أسَّست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تزول وأنت تبقى، وكلُّها كثوب تبلى، وكرداء تطويها فتتغيَّر. أمّا أنت فسنوك لا تفنى« (عب 1: 10-12). وفي مقابلة للابن مع الملائكة، يأتي فعل صنع poieô: »الصانع ملائكته أرواحًا« (آ7). فالملائكة الذين اعتُبروا، في بعض البدع، أرفع من الابن هم »مصنوعات« الابن. كما »يسجدون له« (آ6) على أنَّه ربُّهم وإلههم. وتبدأ الرسالة إلى العبرانيّين بوصف الابن الذي جعله الآب »وارثًا لكلِّ شيء« (آ2)، الذي به صنع الله »الدهور« aiônas. إذا هو قبل الدهور والعوالم، ومن يكون هذا إلاَّ الله وابن الله: »أنت ابني وأنا اليوم ولدتك« (آ15). ثمَّ: »أكون له أبًا ويكون لي ابنًا«. ذاك هو معنى المولود كما في قانون الإيمان gegonnêmenon. وقال الآباء في نيقية: هو غير مخلوق. أيُعقل أنَّ الذي بيده خُلق كلُّ شيء أن يكون مخلوقًا. En auto ektisthé (كو 1: 16). وتحدَّثت الرسالة إلى أفسس عن »الله خالق الجميع بيسوع المسيح« (3: 9). ويلتقي يوحنّا مع بولس الرسول: »به كان كلُّ شيء، وبدونه ما كان شيء ممّا كان« (1: 3). ثمَّ »فيه كانت الحياة«. كلُّ هذا يُفهمنا أن يكون الابن »بهاء مجدُ الآب ورسمُ جوهره« hypostaseôs. |
|