يُقرب مرقس الإنجيلي في صورة يسوع الـمُعمد بنهر الأردن، حيث يمكننا أنّ نتعرف على جذرها الكتابي في الصورة الّتي سبقّ اشعيا باستخدامها، وهي صورة المطر والثلج الّذي لا ينزل من السماء دون أن يُخصِّب الأرض فتأتي بثمر. تساعدنا هذا التوازيّ، بين النصيين، على الربط بالإنطلاق من معمودية الرّبّ إلى معموديتنا، كإندماج من جانبنا في حياته الخاصة. وفي شخص يسوع الـمُعمدّ تظهر حقيقة الله وهي إتضاعه كإله بيننا ولأجلنا.
يرويّ مرقس في الجزء الأوّل من هذا المقطع (1: 7-8) وصفه لرسالة المعمدان ونبوءته. ثم يعلن كلماته لاحقًا (1: 9- 10) تلك المتعلّقة بيسوع نفسه. وتدعونا هذه الكلمات إلى قراءة سرّ معمودية الرّبّ من منظور إتضاعه في لقائه من خلال يسوع ابنه بكل إنسان: رجل وإمرأة. ومن جانب آخر يكشف مرقس عن تضامن يسوع مع كل البشريّة، من خلال معموديّته، ليحررنا من كل خطيئة تعوق طريقنا للتقدم نحو الله الآب، كأبناء في تضامن الابن. في يسوع الصامت والـمُعمدّ نرى تواضع الله وإكتمال مخططه الإلهي.