|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنسيمس العبد المجدد إذا كانت رحلة أنسيمس مثيرة وعجيبة ، فإن تجديده فى روما أغرب وأعجب ، لقد سار الرجل - على غير ما يتصور أو يتخيل - فى خط العناية المرسوم ، .. لقد هرب من سيده الأرضى ، دون أن يستطيع الهروب من سيده السماوى ، لقد ظن عندما وجد سفينة تأخذه من أسيا إلى إيطاليا ، أنها صدفة عابرة ، أو ضربة حظ كما يقولون ، وعندما قبلته السفينة ويممت شراعها فى اتجاه الغرب ، لم يكن يعلم أنه يندفع فى الاتجاه الذى يريده له اللّه بالتمام . قديماً صاح المرنم : « من خلف ومن قدام حاصرتنى وجعلت علىّ يدك . عجيبة هذه المعرفة فوقى ارتفعت لا أستطيعها . أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب . إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت فى الهاوية فها أنت . إن أخذت جناحى الصبح وسكنت فى أقاصى البحر فهناك أيضاً تهدينى يدك وتمسكنى يمينك » ( مز 139 : 5 - 10 ) .. لقد أمسك به اللّه وهو لا يدرى ، ودفعه دفعاً إلى المدينة الكبيرة ، وهو لا يعلم !! .. لقد كان لابد لتجديده أن يقطع رحلة ألف ميل حتى يلتقى بالرجل المعين من اللّه لينال الخلاص على يديه !! .. على أنه من المناسب أن نرى يد اللّه أيضاً فى الضيق الذى كان يعانيه ، وسواء أكان هذا الضيق فى الفزع أو الخوف أو كما يتصور أحدهم أنها الحاجة أو الفاقة ، إذ يبدو أنه أضاع ما بيده من نقود ، واحتاج وجاع ، ولم يجد مكاناً فى المدينة يسكن إليه أو يستريح فيه ، فذهب تحمله قدماه المتعبتان ليجلس جائعاً مضطرباً مهموماً عند أعتاب هيكل من هياكل روما ، وتمر به فى تلك اللحظة : إمرأة مسيحية ، لتتحدث إليه عن نفسه ، وإذا به يقول لها - كما تخيل الكاتب - أنا لا يهمني شئ اسمه النفس ، ولكنها تحدثه عن المسيح يسوع ... فيقول لها : لقد سمعت هذا الاسم فى كولوسى ، فتأخذه إلى بولس ، حيث يقدم له رسالة المسيح ، رسالة الخلاص ، .. والكاتب يتخيل أن المرأة أطعمته وكسته ، ولكنى أعتقد أنه حدث ما هو أكثر من ذلك ، فبولس لم يقدم له الرسالة فحسب ، بل قدم له الحب والعطف والحنان والأمان !! .. لقد دعاه بولس ابنا ... وسمع أنسيمس بولس يناديه يا ابنى ... ويصيح الرجل بدموع : لا يا سيدى هذا كثير على ، إن الناس تعتبرنى عبداً حقيراً مهاناً مشكوكاً فيه يعاملونه أقسى المعاملة ، ويرون الحيوان أهم منه وأفضل ، .. ولكن بولس يقول له كلا يا ولدى ، أنت ابنى ، وابنى المحبوب العزيز !! .. وفتحت المحبة قلب الرجل لا إلى بولس فحسب ، بل إلى رب بولس ، إلى يسوع المسيح نفسه !! .. ما أكثر ما تفعل المحبة فى جذب الناس إلى الفادى !! .. قالت افنجلين بوث عن أبيها القديس العظيم الجنرال بوث إنه كان يملك نوعاً عجيباً من العيون تختلف عما تراه فى عيون غيره من الناس ، إذ كان يملك أن يرى الحلاوة الكامنة فى أشر الناس واللصوص والزناة ، ومن ثم استطاع أن يرفع آلاف الناس من مهاوى الخطية التى سقطوا فيها !! .. لقد رأى بولس أنسيمس القديس خلف العبد الآبق الشرير الضائع !! .. |
|