|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم ننتهِ بعد من قائمة نتائج الخطية المريعة، ولا يزال أمامنا حقيقة أخرى، جديرة بالتأمل والتفكير، وقد عرفنا أن الخطية داء دفين في أعماق طبيعة الإنسان، تكمن في أعمق ما في شخصه، وتسيطر على ذاته ونفسه، وحقيقة الأمر إن الخطية هي النفس، وان جميع خطايانا، إذاً، هي طلبات النفس ضد الله أو الإنسان، إن الوصايا العشر، وهي عبارة عن سلسلة من النواهي والسلبيات، تضع أمامنا واجباتنا نحو الله والآخرين، ونرى ذلك بصورة أوضح في خلاصة الناموس ايجابياً، كما وضعه يسوع بربط آية من سفر اللاويين (19: 18) مع آية أخرى من سفر التثنية (6: 5) فقال: "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه الوصية الأولى والعظمى والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء" (متى 22: 37- 40) وجدير بالاهتمام أن الوصية الأولى تتعلق بواجبنا نحو الله، وليس واجبنا نحو القريب، وينبغي أن نحب الله أولاً، ومن ثم نحب القريب كما نحبّ أنفسنا، وأما الخطية فهي عكس ذلك تماماً، فإنها تجعلنا نضع أنفسنا أولاً، ونضع قريبنا ثانياً، ثم الله في المؤخرة. ولعل الكتاب الذي أصدره حديثاً ا. س ترنبل بعنوان "نفسي الحبيبة" ما هو إلا تعبير عما يفكّر فيه كل واحد منا عن نفسه، ونلاحظ عندما تأتي "البوظة" أو "الجيلاتي" في حفلة أمام الأولاد، أو عندما يقتربون من الطاولة للعب نلاحظ التحفز الظاهر، ولسان حال كل واحد يقول: "أنا أولاً" وعندما نكبر، ونتعلم ألا نقول مثل هذا الشيء، إلا أننا نفكّر فيه ونفعله، وان تعريف رئيس الأساقفة "وليم تمبل" يصف هذه الحقيقة تماماً في قوله: "أنا" هي مركز العالم الذي أراه وان دائرة الأفق تتوقف على حيث أقف.. وقد يجعل التهذيب والثقافة، تأليه نفسي، أقل خطراً وأخف ضرراً، وذلك بتوسيع أفق اهتمامي، مَثَلنا في ذلك مَثَل من يصعد برجاً مرتفعاً حيث يتسع أفق الرؤية الطبيعي، مع الإبقاء على نفسي - أي أنا - مركزاً رئيسياً ومرجعاً وحيداً". |
|