|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نظام العالم هذا دليل ثاني مهم. إن العالم منظّم لغاية يراد بلوغها. يقول العلماء الملحدون أن نظام العالم هو بالصدفة نتيجة تكرار المحاولات فنشأ نظام العالم. الرد على هذا هو أن الصدفة لا تنشئ نظاماً بل خللاً، كما أن عمر العالم لا يكفى لإيجاد النظام الموجود فيه بالصدفة. سوف أعطيكم دليلاً علمياً قاطعاً على هذا الكلام بمنتهى البساطة. لكن قبل أن أتكلم في الدليل العلمي القاطع باختصار، أريد أن أعطى أمثلة بسيطة: لو أمسكت مثلاً بحروف الطباعة وألقيت بها على الأرض أو على لوح، فهل يمكن بالصدفة أن تأتى ثلاثة أحرف معينة بجانب بعضها البعض لتكوِّن كلمة مثل: صار - فكر - لعب؟ رداً على هذا التساؤل نقول: نعم هذا ممكن... لكن من غير الممكن أن تلقى بالأحرف بنفس الطريقة فتخرج قصيدة شعر لشاعر مثل قداسة البابا أو أحمد شوقي أو إيليا أبو ماضي. ولو ألقيت بالأحرف مليون سنة لا يمكن أن تكوّن قصيدة شعر، لماذا؟ لأن قصيدة الشعر بها معاني ومشاعر وأوزان. فلو أردنا حسابها بالكمبيوتر لوجدنا أنه لا يكفيها ملايين من السنين، بل ليس ممكناً حتى بملايين من السنين أن تخرج قصيدة. قداسة البابا مثلاً يقول: يا صديقي لست أدرى ما أنا أوَ تدرى أنت ما أنت هنا أنت مثلى تائه في غربة وجميع الناس أيضاً مثلنا قل لمن يزرع أشواكاً كفى هو نفس الشوك أيضاً سوف تجنى قل لمن غنى على الأهواء هل في مجيء الموت أيضاً ستغنى كيف تُرَص الأحرف وحدها هكذا بالصدفة؟ وكل مجموعة من الأبيات تمشى على نفس القافية، كما أن الكلام به موسيقى الشعر. فإن كان هذا لا يمكن أن يأتي بالصدفة فهل يمكن أن يأتي تكوين العين بالصدفة؟ والعين تعتبر كاميرا فيديو لا يوجد لها مثيل في الوجود كله، حيث يتصل العصب فيها بالمخ ويعدل الصورة المقلوبة (لأنه من المعروف أن العين تلتقط الصورة مقلوبة ثم تعدلها، فأنت أصلاً ترى جميع الناس بالمقلوب، ثم يعدل المخ الصورة). من الذي قال للمخ أو من الذي علّمه أن يعدل الصورة المقلوبة؟ وكأن العين مع العقل عبارة عن شرائط تسجيل وCD تسجل لك صوت وصورة من يوم ميلادك إلى اليوم الحاضر. تسجيلات لا تنتهي... فأنت قد تتذكر شيئاً حدث وأنت تبلغ من العمر سبع سنوات مثلاً، وترى المنظر أمام عينيك كأنه حدث في نفس اللحظة الحاضرة بالصوت والصورة والألوان. فالذاكرة تسترجع الكثير من الأحداث. كما أنك أحياناً ترى منظراً سيئاً يتعبك (في القنوات الفضائية أو غيرها) فتجاهد كثيراً لكي تمحو ما تم تسجيله في ذاكرتك. إن الكلام يتم تسجيله والصورة يتم تسجيلها وهكذا المشاعر والأحاسيس إلخ... إن الكاميرا الفيديو تسجل الصوت والصورة فقط لكن لا تسجل المشاعر والانفعالات: إن كانت ذكرى حزينة أو ذكرى سعيدة إلخ... كل هذا يتم تسجيله في ذاكرتك. فكيف تكون هذه العين أقوى من أي كاميرة فيديو اخترعها إنسان حتى هذا اليوم؟ هل يمكن أن تأتى هكذا بالصدفة؟ إن الصدفة لا تنشئ نظاماً بل خللاً. إذا أحضرنا كيس ووضعنا فيه عدد 10 "قشاط" مرقمين من 1 إلى 10 فقط، فإن احتمال أن تدخل يدك داخل الكيس لكي تخرج عشوائياً، من أول مرة، ودون أن تنظر، رقم 3 مثلاً يكون الاحتمال هو العُشر (1÷10). أي أنك محتاج أن تجرب عشر مرات لكي تخرج مرة فيهم رقم 3، هذا متوسط الاحتمالات (بغض النظر عن موضوع الحظ، لأنك قد تخرج رقم 3 بالصدفة من أول مرة). ولو جرب الشخص أن يسحب 1000 مرة فإن القشاط المراد سحبه (رقم 3 مثلاً) سوف يسحب في حدود المائة مرة من الألف. أي أنه في حالة السحب مرات كثيرة (1000 مرة مثلاً) فإن الاحتمال هنا يُضبَط بحساب المعدل. فإن كنت تريد أن تعرف معدل خروج الرقم الذي تريده إن عملت التجربة 1000 مرة، سيخرج لك الرقم الذي تريده 100 مرة من الألف. ممكن أن تكون المرات 99 أو 1001 أو 98 أو 1002 إلخ... أما إن كررت التجربة بعشرة آلاف فإن الاحتمال سوف يقترب أكثر أي يكون ما بين: 10,002 أو 9,998. بمعنى أن نسبة الفارق تقل كلما كثرت الأرقام. فإن كررتها مليون مرة وتفرق 2 زيادة أو ناقص، فسوف تجد أن الاثنين بالنسبة للمليون عدد مهمل وليس له قيمة... يعتبر صفر. إذن فالاحتمال (1÷10) يتحقق حينما تجرى العملية ملايين المرات، في هذه الحالة يكون الاحتمال هو العُشر تماماً. فماذا لو سحبنا من الكيس في المرة الأولى القشاط رقم 1 ثم أرجعناه إلى الكيس وأردنا أن نسحب عشوائياً ليخرج رقم 2 بعد رقم 1 مباشرة؟ الاحتمال هنا سوف يكون عُشر في عُشر (1÷10 × 1÷10) لماذا؟ لأن القشاط رقم 1 له عشرة احتمالات، والقشاط الثاني له هو الآخر عشرة احتمالات. فى أول مرة أخذت تجرب إلى أن خرج لك رقم 1 مرة، ثم أردت أن يخرج لك رقم 2 بعد رقم 1 مباشرة، وليس رقم 1 ولا 3 ولا 5، فأخذت تجرب كثيراً إلى أن خرج ما تريد ثم أخذت تجرب مرة ثانية فخرج شيء آخر، حينئذ تتلف كل التجربة فتضطر أن تبدأ من البداية. ثم ما احتمال أن تخرج من 1 إلى 10 بالترتيب دون أي خطأ وإلا اضطررت أن تبدأ العملية كلها من البداية (بشرط أن ترجع القشاط الذي تخرجه إلى الكيس بعد كل مرة)؟ الإجابة هي: عشرة مليار؛ أي (واحد على عشرة أس عشرة) أي (واحد على عشرة آلاف مليون أو واحد على عشرة مليار). وإن قلنا أن هذه العملية -أن تخرج القشاط وتنظر فيه ثم تدخله ثانية إلى الكيس- تستغرق ثلاث ثواني، فإنك تحتاج إلى ثلاثة آلاف سنة لكي تتم عملية سحب من 1-10 بالترتيب!!! مع أن هذه العملية هي عملية في منتهى البساطة. فإن أردنا أن نعمل التجربة على 100 قشاط وليس 10، وأردنا كتابة هذه المسألة على سبورة فإننا لن نجد سبورة تسع الأرقام المراد كتابتها. لقد حسب العلماء المؤمنون احتمال تكوين أي شيء من الكائنات البسيطة التي وجدت في العالم بنظرية الاحتمالات والعلم، فوجدوا أن عمر العالم كله لا يكفى إطلاقاً لتكوين أي كائن بسيط جداً في تكوينه. فلنترك العلماء لمناقشاتهم لأن عملنا ليس أن نكون علماء في الطبيعة والذرة والكيمياء والأحياء، ويكفى أن نقول العبارة التالية: إن الصدفة لا تنشئ نظاماً بل خللاً. إن العالم منظّم بطريقة جميلة، ومن الواضح أن العالم منظم لغاية يراد بلوغها كما قلنا، ولابد أن وراء هذا النظام البديع الموجود في العالم من عقل ماهر جداً، مفكر؛ عقل فائق، هو الذي دبر كل هذا النظام العالمي. قد أجد قليل من الطوب الملقى في شكل ما يشبه دائرة بالصدفة (مع أن هذا ليس سهلاً)، لكن أن أجد حائط مبنى وقوالب الطوب مرصوص (بالمداميج خلف خلاف) بنظام البناء المعروف، فإن هذا يثبت وجود مهندس أو بنّاء ماهر وراء هذا البناء المنظم. مثال آخر هو الساعة.. الساعة بها تروس وتعمل وتدور وتنظم الوقت، فعندما أنظر إليها أعرف أن هناك مصنعاً أنتج هذه الساعة لكن هل الصدفة يمكن أن تنتج ساعة دقيقة بتروس تدور وتنظم الوقت بدقة؟! كيف يمكن أن يحدث ذلك؟! انظروا إلى جسم الإنسان وتكوينه ونظامه: العين، والكبد، والكلى، والقلب، والشرايين إلخ... (إننا لم نتكلم عن الحياة بعد، فإن وجود الحياة من مادة غير حية هو دليل آخر لم نتكلم عنه بعد، نحن نتكلم هنا عن النظام فقط). لو أخذنا مثلاً الذرة الخاصة بأي مادة مثل الصوديوم أو الحديد أو النحاس، فالذرة بها نواة وإلكترونات وبروتونات ونيوترونات وتلف في مدارات، وهناك quantum theory (نظرية الكم) التي تنظم المدارات على مستويات معينة، وهناك توازن بين الموجب والسالب بداخلها،ثم أجد أن Solar System (نظام المجموعة الشمسية) موجود داخل الذرة غير المرئية بالعين. بمعنى أن نفس نظام ونظريات الكواكب التي تدور حول نجم مثل الشمس هي نفسها نظريات الجاذبية والقوة الطاردة المركزية التي تكوّن الذرة. مهندس عنده أنظمة يدير بها أصغر جزء في الوجود وفي نفس الوقت يدير بها أكبر النجوم والكواكب الموجودة في العالم. هو وضع قواعد معينة للكائنات التي خلقها، والتزم بها فوضع لها قوانين تحكم حركتها وعلاقاتها. كل هذا ولم أطرق بعد وجود الحياة إنما أتكلم فقط عن نظام العالم. وأنتم من المؤكد في تأملاتكم الخاصة بحثتم في هذه الأمور، ولابد أنكم في قراءاتكم أيضاً قرأتم عن هذه الأمور كثيراً. |
|