|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقد قرأنا أنه: ‘‘ في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها’’ (خر 11:20). ورأينا أيضاً كيف خلق الله الإنسان الأول في اليوم السادس. خلق الله الإنسان بجسدٍ ونفس. لقد شكَّل جسد الإنسان من تراب الأرض، ثم وضع فيه نفساً أبدية. وخلق الله نفس الإنسان على صورته. .. وأعطى الله الإنسان أيضاً قلباً (أي عواطف)، يستطيع به أن يحب الله. .. وائتمنه أيضاً على إرادة (حرية اختيار)، كي ما يختار لنفسه إما أن يطيع الله، أو أن يعصاه. وبعد ما فرغ من خليقة الإنسان الأول، كان هناك أشياء أخرى عليه أن يعملها قبل أن يستريح من عمل خليقته. وأعمال خليقته هذه، هي ما نريد اليوم أن نتعلم عنه. دعونا نستمر في قراءتنا في الفصل الثاني من كتاب التكوين. ولنبدأ من عدد 7. يقول الكتاب : ‘‘وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفساً حية. وغرس الرب الإله جنةً جميلةً في عدن شرقاً، ووضع هناك آدم الذي جبله.’’ (تكوين 7:2،8) ويخبرنا الكتاب المقدس كيف جهَّز الله جنةً جميلةً للإنسان الذي خلقه. وكانت الجنة تُدعَى ‘‘عدن’’، ومعناها ‘‘بهجة أو جمال’’، أو جنة الفردوس. ويظن البعض أن هذه الجنة التي وضع الله فيها الإنسان الأول، كانت في السماء. إلا أن الكتاب يبين لنا أنها كانت موجودة هنا على الأرض، في الشرق، في عدن، ربما في موضع ‘‘العراق’’ اليوم. فكُتُب الأنبياء ، لا تخلط أبداً بين جنة الفردوس (أو جنة عدن) التي كانت على الأرض، وبين الفردوس السماوي الذي هو فوق، في محضر الله. وفي الأعداد التابعة، يقول الكتاب: ‘‘وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرةٍ شهيةٍ للنظر وجيدةٍ للأكل. وشجرة الحياة في وسط الجنة ، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهرٌ يخرج من عدن ليسقي الجنة. ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس .. وأخذ الرب الإله آدم ، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها’’ (تك 9:2،10،15). وهكذا، نرى أن الله خلق أول إنسان، آدم، وخلق له مكاناً جميلاً يستطيع أن يعيش فيه في سعادةٍ حقيقية. ووضع الله آدم في جنةٍ جميلةٍ مليئةٍ بالأشجار التي تطرح أجمل الثمار؛ لكي ينظر إليها آدم، ويتمتع بجمالها وبلذة طعمها. في هذا المكان الساحر .. كان كل شيءٍ كاملاً ومدهشاً. كانت حواس آدم حية، وكانت عيناه ترى الجمال، وأذناه تسمع الألحان التي تصدح بها الطيور على الأشجار، وحواسه تلتقط الروائح الذكية للأزهار التي كانت تنتشر في كل الجنة. لقد أعطى الله آدم كل شيء لمتعته. ونقرأ أيضاً كيف أن الله، في كل صلاحه، أسند إلى آدم مهمةً مشبعةً، وهي أن يعتني بالجنة ويحافظ عليها؛ وذلك كي ما يشغله بعملٍ يسعده. وأعجب شيءٍ حدث في جنة عدن، هو أن الله نفسه كان يأتي إلى الجنة مع هبوب نسيم المساء؛ كي ما يتحدَّث مع الإنسان الذي خلقه على صورته (تك 8:3). لكن لماذا كان يأتي الله ليزور آدم؟ لقد كان الله يزور آدم؛ لأن الله ـ كما سبق وتعلَّمنا ـ خلق آدم ليكون في شركة معه. فقد كان قصد الله أن يدخل هو والبشر في شركةٍ معاً: يتكلمون معاً، ويفرحون معاً، ويقضون الأبدية معاً بعقولٍ وقلوبٍ واحدة. نعم، لقد أراد الله أن تحيا الناس معه في علاقةٍ عميقةٍ وعجيبةٍ للأبد. والآن ، هناك شيءٌ أخر نحتاج أن نعرفه عن الجنة التي وضع فيها الله الإنسان الأول. ففي وسط هذه الجنة، غرس الله شجرتين في غاية الأهمية. .. كان اسم الواحدة ‘‘شجرة الحياة’’، .. والأخرى ‘‘شجرة معرفة الخير والشر’’. غرس الله شجرة الحياة في الجنة، كي يذكِّر آدم أن كل قصده من جهة الإنسان هو أن يشارك الله حياته الأبدية. أما بالنسبة لشجرة معرفة الخير والشر، فقد غرسها الله في وسط الجنة كي يمتحن آدم. استمع لما يقوله الكتاب: ‘‘وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر لا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت.’’ (تك 16:2ـ17) ولكن، لماذا منع الله آدم من الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ هل الله بخيل؟ بالطبع لا، فهو ليس بخيلاً! ففي الحقيقة، فإن واحداً من أسماء الله هو ‘‘الكريم’’ ‘‘الذي يعطي بسخاء ولا يعيِّر’’ (يعقوب 5:1). لقد قال الله لآدم: ‘‘من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً .. ما عدا واحدة!’’ فهل كانت هذه وصية صعبة؟ بالطبع لا! فالله في نعمته قد أعطى آدم كل شيء يحتاجه ليكون سعيداً. لم يمنع عنه أي شيء جيِّد. إلا أن الله في خطته الكاملة، وضع أمام آدم اختباراً بسيطاً؛ كي ما يعطي لآدم الفرصة ليُظهِر لله أنه يحبه حباً يكفي لإطاعة وصيته. فقد قال الله في كلمته: ‘‘إن أحبني أحد يحفظ كلامي .. والذي لا يحبني لا يحفظ كلامي.’’ (يوحنا 23:14ـ24) لقد أراد الله أن يختبر حب آدم وولاءه، ليرى أين قلبه. لهذا أعطاه هذه الوصية البسيطة. إلا أن آدم لم يختَر بنفسه أن يحب الله ويطيعه. فلم يخلق الله إنساناً آلياً. لقد خلق إنساناً له عقل، وقلب، وإرادة حرة؛ كي يختار بنفسه أن يحب الله ويطيعه. ولكن، ما الذي قاله الله لآدم أنه سيحدث له إذا أكل من الشجرة الممنوعة؟ دعونا نقرأ الكتاب مرة أخرى. قال الله: ‘‘أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت.’’ وبالتالي، فإن الله أخطر آدم أن عصيانه للوصية، لن ينتج عنه إلا الموت. لقد أحب الله الإنسان الذي خلقه. ومن ثمَّ حذّره بكلمات واضحة قائلاً: ‘‘اسمع يا آدم، إن عصيتني ستموت لأن شريعتي المقدَّسة تطالب بالموت للنفس التي تخطئ (حزقيال 20:15). وربما يسأل أحدكم: ما هي الخطية؟ يقول الكتاب: ‘‘ الخطية هي التعدِّي’’ (1يوحنا 4:3)، ‘‘كلُّ إثمٍ هو خطيَّة’’ (1يوحنا 17:5)، وأيضاً ‘‘من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له’’ (يعقوب 17:4). فالخطية إذاً هي أن تسير في طريقك الخاص وليس طريق الله (إشعياء 6:23). الخطية هي أي شيء لا يتفق مع الله. ما الذي سيحدث لهؤلاء الذين سيخطئون ضد الله؟ تقول كلمة الله: ‘‘النفس التي تخطئ هي تموت !’’ (حزقيال 20:18) وفي آيةٍ أخرى يقول الكتاب: ‘‘أجرة الخطية موت’’ (رومية 23:6). ولكن ما هو الموت ؟ يعتقد البعض أن الموت هو انعدام الوجود؛ أن ينتهي كل شيء، ولا نعود نعرف أي شيء. ولكن، إن فحصنا كتب الأنبياء، سنرى أن ذلك ليس هو الموت. ففي الكتاب المقدس، وفي اللغة العبرية التي كُتِب بها، فإن الموت يعني ‘‘الانفصال’’. فالموت هو ‘‘الانفصال عن الحياة’’. عندما قال الله لآدم : ‘‘إن أكلت من شجرة معرفة الخير والشر، فإنك موتاً تموت’’، فكأن الله كان في الحقيقة يقول: ‘‘اسمع يا آدم، إن أكلت من الشجرة التي منعتك عنها، فإنك ستموت في هذا اليوم، أي أنك ستنفصل عنِّي. ‘‘ إن عصيتني فلن يكون لك أي شركة حميمة معي بعد ذلك. فإني قدوس، ولا أستطيع أن أحتمل الخطية، أو أن أحتمل هؤلاء الذين يرفضون طريقي. لقد طردت لوسيفر وملائكته من محضري عندما أخطأوا، وسوف أطردك أنت أيضاً إن أخطأت. ‘‘أيضاً ، إذا أكلت من الشجرة الممنوعة، سيبدأ جسدك في الشيخوخة، وفي النهاية ستموت، أي أن نفسك ستترك جسدك وتنفصل عنه. ‘‘وليس هذا هو كل شيء، فإنك إن عصيتني، فلن يموت جسدك وحسب، بل نفسك أيضاً سوف تذهب إلى مكان قد أُعِدَّ للشيطان وملائكته، وهناك سوف تكون منفصلاُ عنِّي إلى أبد الآبدين !’’ وهكذا، نرى أن الخطية هي ثلاثة أنواع شنيعة من الانفصال: الأول، هو انفصال نفسك عن الله هنا على الأرض، أي انعدام الشركة مع الله القدوس بسبب الخطية التي في القلب؛ والثاني، هو انفصال النفس عن الجسد يوم الموت، أي عندما يموت الجسد، وتقابل الروح الله للدينونة؛ والثالث، هو انفصال الجسد والروح عن الله للأبد في بحيرة النار. ولكن، إذا سألنا كلمة الله ـ بكل ما لها من سلطان ـ عن تعريف الموت، فستجد أن الموت باختصار، هو الانفصال عن الله إله الحياة. فالخطية تفصل الإنسان عن الله، مصدر الحياة الحقيقية. فالله قدوس، ولا يستطيع أن يتعايش مع الخطية. فالنفس التي تخطئ هي مثل فرع في شجرة، يُقطَع ويُطرَح بعيداً. وماذا يحدث عندما لا يعود الفرع جزءاً من الشجرة؟ فرعًٌ مقطوعٌ .. أيمكن أن يعيش؟ بالطبع لا .. فلابد أن يموت! نعم، إن أوراقه لا تجف فوراً، ولكنها تبدأ في الموت تدريجياً. هكذا، تماماً يصير الحال معنا، إن لم نقبل طريق غفران الخطايا الذي قدَّمه الله لنا. فربما تعتقد أنك حيّ، ولكن كتب الأنبياء تقول أننا جميعاً عند الله أموات بالذنوب والخطايا (أفسس 1:2)، ويقول الكتاب أيضاً: ‘‘آثامكم صارت فاصلةً بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم’’ (إشعياء 2:59). وأيضاً، إنكم مثل غصنٍ مطروح خارجاً .. ‘‘فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق’’ (يوحنا 6:15). إن الغصن الذي لم يعد في الشجرة، لا يستطيع أن يعطي ثمراً. هذا تماماً هو حال الخاطئ عند الله. فهو لا يستطيع أن ينتج أي شيء يُسِرُّ الله، لأن ليس له أي علاقة مع الله، الذي هو ‘‘الشجرة الحقيقية’، و‘‘مصدر الحياة الحقيقية’’. فالخطاة لا يمكنهم أن يتوقعوا إلا دينونة الله البارة. إلا أن الله أعلن في كتب الأنبياء، كيف يمكننا أن نتبرر أمامه، وأن نتأكد أن خطايانا قد انمحت ؟. وهذا هو ما سنناقشه في الجزء القادم. وقبل أن نختم هذا الجزء، دعونا نقرأ ما ورد في بقية الفصل الكتابي الذي نحن بصدده. إذ يخبرنا الكتاب فيه عن كيفية خلق الله لأول امرأة. إنظروا معي ما يقوله الكتاب: ‘‘وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده. فأصنع له معيناً نظيره. .. فأوقع الرب سباتاً على آدم، فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه، وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأةً، وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظمً من عظامي ولحمً من لحمي. هذه تُدعَى ‘‘امرأة’’؛ لأنها من امرءٍ أُخِذَت. لذلك، يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكونان جسداً واحداً. وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته، وهما لا يخجلان.’’ (تكوين 18:2،21ـ25) وهكذا نكتشف، أن الزواج شيءٌ قد وضعه الله وصممه. خلق الله رجلاً واحداً وامرأةً واحدةً، كي ما يحب أحدهما الآخر، ويتشاركان حياتهما معاً، ويكون لهما حياةٌ سعيدةٌ تمجِّد الله . الله الذي أحب آدم، وأراد له السعادة الكاملة، أعطاه عطية مدهشة، أعطاه زوجة. أراد الله لآدم أن يحب امرأته ويدللها ويتعلق بها، ويتكفل بها، ويحبها كما يحب نفسه. والأهم حتى من ذلك، أن الله أراد أن يتمتع الرجل والمرأة بعلاقة عميقة معه، فيعرفانه، ويحبانه، ويطيعانه للأبد. (أفسس 21:5ـ33 ؛ 1:6ـ4) وهكذا ، انتهى الله من عمل خليقته .. إذ يقول الكتاب : ‘‘ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسنٌ جداً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوماً سادساً. فأُكمِلَت السموات والأرض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً.’’ (تك 31:1 ـ 3:2) ولكن، لماذا استراح الله في اليوم السابع؟ هل لأنه كان متعباً ومجهداً؟ بالطبع لا. فالله لا يتعب أبداً. إن الكتاب يقول أن الله استراح لأنه كان قد ‘‘أكمل العمل’’. كل شيء كان في غاية الكمال. وبالتالي، لم يتبقَّ أي عمل ليعمله الله. ولذلك استراح الله (أي توقَّف عن العمل) في اليوم السابع. وهذا هو السبب في وجود سبعة أيام في الأسبوع. أصدقائي.. أشكركم على متابعتكم وقراءتكم . وفي الجزء القادم ـ سنتعلم .. كيف دخلت الخطية إلى العالم ؟.. وليبارككم الرب ، وأنتم تتأملون في هذا الإعلان الواضح في كلمته، التي تقول : ‘‘أجرة الخطية موت .. أما هبة الله فحياة أبدية’’ (رومية 23:6). |
30 - 05 - 2015, 01:37 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: آدم وحواء في الجنة
ربنا يبارك حياتك
|
||||
|