يحتفل دير السريان في 17مارس بعيد القديس العظيم الراهب القمص فلتاؤس السرياني “نسر البرية” ، شفيع المستحيلات، رجل الصلاة، قاهر الشياطين ،المجاهد ،عاشق البرية.
ولد القديس فلتاؤس من أبوين تقيين بمدينة الزقازيق قسم الصيادين عام 1922 ،وكان اسمه بالميلاد كامل جرجس أيوب وترتيبه الأخير من مجموع إخوته هما….اوجينيه وماري واجيا وانجيل وعزيز وسعاد ثم اخرهم الابن (كامل), وقبل دخوله إلي الدير كان يعمل بالجيش الإنجليزي, وفي عام 1948 قدم استقالته وذهب إلي العزباوية – مقر الدير بالقاهرة وقابل الأنبا ثاؤفيلس -المتنيح- رئيس دير السريان آنذاك, وطلب منه أن يترهبن بالدير.
الخدمة خارج الدير
خدم بالعزباوية ( مقر الدير بالقاهرة ) أكثر من 4 سنوات وعاد فى سنة 1975, بنى له أبونا أنطونيوس السريانى ( قداسة البابا شنودة الثالث ) قلاية منفردة بالجنينة عام 1962م , أحتفل باليوبيل الدهبى لرهبنته عام 1998.
فى يوم 7/11/1998م أقام الدير حفلاً رهبانياً بمناسبة مرور خمسون عاماً على رهبنته وحضره قداسة البابا شنودة الثالث وكثير من الآباء الأساقفة .
فى يوم 2/ 11/ 2008م أقام الدير حفلاً رهبانياً بمرور ستون عاماً على رهبنته حضرة نيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوى ونيافة الأنبا إيسيذوروس أسقف ورئيس دير البرموس ونيافة الأنبا كيرلس أسقف ورئيس دير الشهيد العظيم مارمينا وكثير من آباء مجامع. وفي الدير استقبله الربيتة – المشرف علي شئون الدير- وكلفه بالعمل في المطبخ العام ومطبخ الضيوف, وكان هو من نفسه يكنس الدير وينظف طرقاته ويهتم بنظافة الحمامات ويخدم الشيوخ الكبار ويملأ لهم المياه, ويحضر لهم نصيبهم من الطعام حتي قلاليهم فأحبه الجميع جدا.
وبعد مرور ثلاثة شهور وكان ذلك يوم الأحد 2 نوفمبر 1948 جاء الأنبا ثاؤفيلس إلي الدير وسأل الآباء عن الأخ كامل فأجمع الآباء علي تزكيته للرهبنة حتي إن الأنبا ثاؤفيلس استغرب من هذا, وكان عدد الآباء في ذلك الوقت 13 شيخا و3 من الآباءالجدد, وأمر رئيس الدير بدق جرس المجمع بالدير, وحضر كل الآباء إلي الكنيسة, وفتح الأنبا ثاؤفيلس ستر باب الهيكل وقال له: يا أخ اسمع ما أقوله لك قدام مذبح الله وقدام ملائكته وقديسيه, تكون مواظبا علي الصلوات والصوم والسهر والميطانيات وتحب إخوتك ولا تتكبر عليهم وتعيش باستقامة وطهارة روحية, أما الأخ كامل فكان يهز رأسه بالموافقة والطاعة.
ازداد أبونا فلتاؤس في النسك والجهاد الرهباني فتحركت مشاعره وانسكبت عليه نعمة الرب فكانت عيناه تفيضان بدموع منهمرة جعلته لا يشعر إلا بالسماء, وطلب من الرب يسوع أن يساعده ويسنده في طريقه, وأن يكون رفيقه في غربته, وجال بخاطره أن يتوحد بعيدا عن كل ما يشغله عن محبة ربنا يسوع المسيح, فطلب من الربيته أن يسمح له أن يسكن بالقصر القديم (حاليا الحصن) فأخذ قلاية بالدور الرابع بجوار كنيسة الملاك بالحصن وسكن بها ثلاث سنين, ولم يكن في القلاية سوي حصيرة واحدة ينام علي نصها ويتغطي بالنص الثاني, وكان في الشتاء الشديد يدفئ نفسه بالميطانيات, وكان تدبيره أنه يعمل 500 ميطانية في اليوم ويصوم حتي المساء, وفي أثناء النهار كان يقرأ في المخطوطات عن سير القديسين وينسخ أقوال الآباء ويتأمل في كيفية محبتهم للرب يسوع.
صداقته للقديسين والشهداء
كانت له علاقة قوية بالشهيد مارمينا العجائبي, حيث خدم بديره بالإسكندرية عام 1960 وكان مسئولا عن المطبخ ونظافة الدير, وكان يقوم ليلا بتنظيف طرقات الدير دون أن يعلم أحد من يقوم بهذا العمل.
علاقته بالبابا كيرلس
حكي أبونا فلتاؤس أنه جاء عليه وقت لم يكن معه أي نقود, واحتاج إلي بعض ضروريات الحياة, فالتجأ إلي أبيه البابا كيرلس – وكان ذلك بعد نياحته- وطلب منه أن يرسل له ما يدبر به أموره ويسد عوزه ، ويقول أبونا فلتاؤس إنه منذ ذلك الحين والمال يأتيني دون انقطاع حتي إنني كنت أذهب إلي أقرب قرية للدير لأصرف كل ما أملك, وأعود وليس معي مليم واحد, لأني كراهب لا أحب أن أستضيف المال في قلايتي.. ولكن الله يأتيني به من حيث لا أدري.
ذكرياته مع البابا شنودة
ترهبن أبونا فلتاؤس قبل البابا شنودة – أبونا أنطونيوس السرياني- بخمس سنوات, وكانت لهما ذكريات جميلة, حكي عنها أبونا فلتاؤس أنه عندما حضر البابا للدير في إحدي زياراته للدير ذهب أبونا فلتاؤس ليسلم عليه, فلما رآه سيدنا البابا قال له: مفيش حاجة أحسن من كده تلبسها يا أبونا؟. وأوصي البابا بإحضار ملابس كسوة لآباء الدير كله, أما أبونا فلتاؤس فأخذ الكسوة الجديدة وقال: مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ وتركها لأحد الرهبان في الدير.
هذا هو أبونا فلتاؤس السرياني.. اثنان وستون عاما من النسك والعبادة, تربي علي الإيمان الذي سكن أولا في أبويه وأجداده, فهو منذ الطفولة يعرف الكتب المقدسة, وتدرب أن يشبع ويجوع, فاستطاع بنعمة المسيح وبإرشاد روحه القدوس أن يتقوي وأن يجتهد عاملا لا بخزي حينما اتبع خبرات الآباء القديسين في صبرهم وفي محبتهم نسأل الله أن يعيننا كما أعانه لنكمل غربة أيامنا علي الأرض بسلام.
معجزات للقديس
ويحكى ابونا فلتاؤس السرياني لبعض الرهبان ان المتنيح القمص اغابيوس السريانى ظهر له بعد نياحته فطلب منه ابونا فلتاؤس ان يطلب من الرب ان يذهب الى الفردوس ليرى مكانه فى الفردوس هناك …. فبعد موافقه الرب على طلبه دخل ابونا فلتاؤس وشاهد مكانه الذى كان صغيرا جدا بالنسبه للاماكن التانيه فقال مخاطبا الملاك الذى رافقه فى ذهابه الى الفردوس: ” هل بعد اربعين عاما اجاهد فى حياتى الرهبانيه احصل على هذا المكان الصغير فقط ؟” فرد عليه الملاك قائلا كلما جاهدت اكتر سوف تاخد درجه اعلى ومكانا اكبر بعد ان رجع ابونا فلتاؤس من رؤيه مكانه فى الفردوس بدأ يجاهد جهادا شديدا فى اصوام امتدت طوال السنه وكان يعيش فيها نباتيا وكان يصوم بنسك شديد ومطانيات باعداد كبيره حتى ان الرهبان الاباء فى الدير حينما راوه يجاهد هذا الجهاد الشديد احتاروا ولم يفهموا لماذا يجاهد كل هذا الجهاد ولكن الرد على سؤالهم هذا اجاب عليه ابونا فلتاؤس بعد عده سنوات فى احدى جلساته مع بعض الرهبان اذ كان ذات يوم متهللا بالروح حدثهم عن ذهابه الى الفردوس وان مكانه اصبح الان كبير بعد الجهاد الشديد وكان احد الاباء يشك فيما يقوله ابونا فلتاؤس فحدث له اثناء نومه بالليل ان ملاك الرب اخذه بالروح واصعده على ربوه عاليه وعند صعوده وجد رجلا يحمل فى يده سيفا ويتقدم نحوه مريدا ان يقتله وفى الحال تدخل ملاك الرب ودافع عن هذا الراهب حتى دخل به الى الفردوس وهناك وجد ان ابونا فلتاؤس فى انتظاره مرحبا به وهو يقف امام مكانه السامى المعد له وعندما استيقظ هذا الراهب من النوم خرج يعتذر لابونا فلتاؤس عما جال فى خاطره فسال عنه فوجده يجلس مع مجموعه من الرهبان حينئذ دخل الراهب وسلم على ابونا فلتاؤس فابتسم ابونا فلتاؤس وقال له ” يا خويا الشيطان كان عاوز يمنعك من الدخول وشهر سيفه عليك لكن الملاك مش سابك ” ابقى صدق تانى مره.
ويحكي أحد الآباء الرهبان بدير السريان حضرت اسرتى لزيارتى فى الدير، واثناء وجودنا فى الصاله الكبيرة بالمضيفة فى الطابق الثانى، شاهدنا أبانا القمص فلتاؤس يجلس مع رجل وزوجته، ثم بدأ يصلى للزوجه، وكنا نسمعه ينادى على البابا كيرلس وعلى مارجرجس، فكانت الزوجه تصرخ وتقول له : “ابعد كيرلس ابعد جرجس”، وكانت تصرخ بشده، وكان ابونا فلتاؤس يقولها: “هاتى عينيكى فى عينى” فترد عليه السيده “عينيك يافلتاؤس بتحرقنى، بتموتنى، عينيك كلها نار هتحرقنى، كلها مليانه نار” وبعد صلوات كتيره مايقرب من ساعه تعب ابونا فلتاؤس ووجهه تصبب بالعرق، ثم طلب منديلاً ورقياً من زوجها ليمسح وجهه من العرق، وبعد ان مسح العرق، وضع المنديل على السيده فشفيت فى الحال وخرجت منها الشياطين ببركة ابينا القمص فلتاؤس.
كما يحكى احد رهبان دير السريان اثناء عملى بالزراعه كنا نقوم بدرس الفول وكان عدد العمال قليل فى تلك الفتره وقبل ان ينتهى الدريس جمع العمال ما هو متفرق من فول وقش تحت الدراسه ووضعوه فى بطانيه ثم رفعوها كما هى فاخذتهم منهم وعندما كنت افرغ ما بها داخل الدراسه اذا بسكاكين الماكينه تسحب الباطنيه بكل مافيها ولما حاول جذبها لم استطيع بل جذبتنى بشده فاصطدم يدى وصدرى بشده فى الدراسه فتمزق صدرى وكذلك اصبع الابهام فى يدى اليمنى نزلت من فوق الدراسه بصعوبه شديده ,وكان صدرى يحتاج الى عمل قميص جبس كامل وبسرعه توجهت لابينا فلتاؤس وشرحت له ما حدث فابتسم كعادته ووضع يده على صدرى وضغط بشده على مكان الالم وقال لى ” خلاص خفيت : فقلت له ايضا واصبعى فقال لى ” بسيطه هايخف لوحده ” ومن هذه اللحظه شعرت بارتياح فى صدرى وفى اصبعى ولم اشعر باى الم على الاطلاق ولم اتوجه للمستشفى للعلاج او لعمل قميص جبس للصدر ببركه صلوات ابينا فلتاؤس.
نياحتة
في هدوء وسلام رحلت روح الأب الراهب فلتاؤس السرياني إلى الفردوس بعد أن قضي أيام غربته علي الأرض في تقوي ونسك , حيث في فجر الاربعاء الموافق 17 مارس 2010 في حوالي الساعه 3ونصف صباحا تعرض ابونا لهبوط حاد في الدوره الدمويه تنيح ع اثره وانطلقت روحه الطاهره وسط تهليل جوقات الملائكه والقديسين في احتفال سمائي بهيج ومهيب يليق بقديس ابينا فلتاؤس السرياني.
وفى تمام الساعة الثالثة والخمس والأربعون من فجر يوم الأربعاء الموافق 17/3/2010م تنيح الراهب القمص فلتاؤس السريانى ( اللابس الإسكيم ) وهو أقدم رهبان برية شيهيت وكان يتميز بالمحبة والعطاء وروح الشفافية وستقام صلوات التجنيز على روحه الطاهرة فى تمام الساعة الثانية عشر من ظهر يوم الأربعاء بكنيسة السيدة العذراء – المغارة
بركة صلواته تشملنا جميعا امين.