|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدمة للمزمور لِدَاوُدَ. مَزْمُورٌ رَحْمَةً وَحُكْمًا أُغَنِّي. لَكَ يَا رَبُّ أُرَنِّمُ [1]. كثيرًا ما يردد المرتل تعبير "رحمة وحكمًا"، فإن الرحمة تسبق الحكم؛ إذ يكشف لنا عن رحمته، فيفتح لنا باب الرجاء، وينزع عنا اليأس. وفي رجائنا لا نكون متهاونين ومستهترين، متطلعين إلى حكم الله وعدله. بالرحمة نرتمي في أحضان الله متهللين، وبالحكم نلتزم أن نسلك بما يليق بنا كأولاد الله. خلال هذه الرحمة وهذا الحكم يتجاسر المرتل ويُسَبِّح الله الذي يطلب خلاص نفسه، ويسنده ليسلك كابن الله. يرى القديس أغسطينوس أنه خلال رحمة الله يتمتع المؤمن في هذا العالم بالقيامة الأولى التي هي قيامة النفس، فيتأهل المؤمن للمجد الأبدي بكل كيانه الروحي والجسدي، حيث ينعم في يوم الرب بالجسد المقام والمُمَجَّد. أما خلال الحكم أو الدينونة فكل البشرية تقوم، لكن الذين نالوا القيامة الأولى يتمجدون، والذين استخفوا بها يسقطون تحت الدينونة التي بلا رحمة. * يمكننا أن نبلغ إلى القيامة الأولى وهي الآن، لأنه لا يشترك أحد في هذه القيامة الأولى إلا الذين سينالون الغبطة إلى الأبد. أما في القيامة الثانية، فسيشترك فيها كما سنرى، جميع الناس، السعداء والأشقياء. إحداهما قيامة الرحمة، والأخرى قيامة الدينونة، ولهذا كُتب في المزمور: "رحمة وحكمًا (دينونة) أغنى لك يا رب أرنم" (مز 101 :1) . * الرحمة تُطلب أولًا، والحكم يأتي بعد ذلك. فسيتم الفصل (بين الأبرار والأشرار) عند الحكم... ليتنا نعبر من صيد السمك حيث تمتزج الأفراح بالدموع، أفراح بسبب السمك الصالح الذي نجمعه، والدموع بسبب السمك غير الصالح. * ليته لا يخدع إنسان نفسه بأنه لن يُعاقب خلال رحمة الله، فإنه يوجد أيضًا الحكم (العدل). وليته لا يرتعب أحد من حكم الله مادام يتحول إلى ما هو أفضل، متطلعًا إلى أن رحمة الله تتقدم الحكم[3]. * لا يفقد الله صرامة الحكم خلال فيض الرحمة، ولا فيض الرحمة حين يحكم بحزمٍ. * ما لم يعمل الله أولًا خلال الرحمة، لا يجد أولئك الذين يكللهم خلال الحكم. * يوجد وقت للرحمة حيث تدعو طول أناة الله الخطاة للتوبة. القديس أغسطينوس * "رحمة وحكمًا أغني لك يا رب". ليت الخطاة الذين ييأسون من خلاصهم، هؤلاء المتواضعون والمنكسرون بسبب خطاياهم يسمعون أغنية الرحمة! وليت المتعجرفون الذين يقولون: "الرب رحوم، إذن فلنخطئ، لأنه يسامحنا"، يسمعون لأغنية العدل (الحكم). القديس جيروم * سُئل القديس مكسيموس: "كيف تتحقق النفس أن الله غفر لها خطاياها؟" فأجاب: "إذا رأتْ أنها في درجة ذاك القائل: "أبغضتُ الظلم ورذلته، أما ناموسك فأحببته" (مز 119: 163)، لأنه يقول: "لرحمتك وعدلك أسبحك يا رب" (مز 101: 1). فلنصنع أعمال التوبة لكي نُظهر حكم الله العادل، ويُكمّل رحمته علينا، إذ يغفر لنا خطايانا". فردوس الآباء * أهلني يا رب أن أُسَبِّحَك على رحمتك الصائرة لنا، وحُكمك وانتقامك من أعدائنا. فإنني إذا حظيت بهذه النعمة أترنم شاكرًا إحساناتك، وأتمسك بسيرة نقية بريئة من العيب. * أُسَبِّحَك يا رب، وأشبع ناشدًا برحمتك وحكمتك، لأنك لا تجازي الناس بذنوبهم، لكن رحمتك وتحننك يسبقان حكمك. في هذا الدهر تعاملنا برحمتك، وأما في الدهر العتيد فتعاملنا بحكمك. قال القديس كيرلس إن قوله أُسَبِّحَك يا رب، لأنك رحمتنا، وأرسلت ابنك إلى العالم، وغفر لنا ذنوبنا برحمته، وانتقم من عدونا (إبليس) بحكمٍ عادلٍ. الأب أنسيمُس الأورشليمي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 115| جاء هذا المزمور امتدادًا للمزمور السابق |
مزمور 106 | هذا المزمور رفيقًا للمزمور السابق |
مزمور 104 | جاء كتكملة للمزمور السابق |
مزمور 24- الهيكل العام للمزمور |
مزمور 23 - الخطوط العريضة للمزمور |