|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح يصلب لأن المصلوب ملعون
"شهدت التوراة أن المصلوب ملعون من الله، وذلك بقولها "لأن المعلق ملعون من الله" تث 21: 23. ومن الغريب أن المسيحيين يدعون أن المسيح هو الله. فهل يلعن الله نفسه؟ واللعن كما هو معروف هو الطرد من رحمة الله. و حيث أنه غير جائز أن يكون المسيح ملعوناً، فالمعلق لا شك سواه"[1]. التعليق: تث 21: 22 "وإذا كان على إنسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة. فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم، لأن المعلق ملعون من الله فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيباً". "في الشريعة اليهودية من يعلق على الصليب،كان يقتل أولاً رجماً بالحجارة أو بأي طريقة أخرى حسب نصوص الشريعة أو حكم القضاة، ثم تعلق جثته على عمود من الخشب أو على شجرة أو صليب تشهيراً بذنبه، ولكي يراه الكثيرون فيعتبرون. وقد قضت الشريعة أن الذي يقتل وتعلق جثته تنزل من على الخشبة في نفس اليوم الذي علق فيه وتدفن وذلك "لأن المعلق ملعون من الله" أي واقع تحت غضبه ومحروم من بركته لأنه كسر ناموسه وتعدى عليه بعمله الفظيع الذي استحق عليه لا الموت فقط، بل التشهير أيضاً"[2]أي أن: 1-اللعنة ليست لأن الشخص معلق على الخشبة، ولكن لأنه كسر الوصية فتم فيه حكم الموت حسب الشريعة ثم علق على الخشبة. 2-كون المسيح قد علق على خشبة الصليب، فهذا لا يعني أنه ملعون. ولكننا نؤمن أن "المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة. لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع" غل 3: 13-14. فكيف صار المسيح لعنة من أجلنا؟ المسيح قد افتدانا: بمعنى أنه دفع فدية ليستردنا من اللعنة الناتجة عن فشلنا في تتميم وصايا الناموس، وذلك بأن صار لعنة لأجلنا، والصيرورة هنا لا يمكن أن تكون فعلاً طبيعياً، يتم بتغيير في طبيعة الإنسان، لأن الوحي المقدس يشهد عن المسيح منزهاً إياه عن أي تغيير في طبيعته، فيعبر عنه الرسول بقوله عنه "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس[3]بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات" عب 7: 26. فهو تقدس اسمه وعلا: القدوس الذي قال عنه الملاك المبشر بولادته للعذراء المباركة "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" لو 1: 35. وقد كانت شهادة الرسول بطرس عنه بالوحي الإلهي: "الذي لم يفعل خطية، ولا وُجد في فمه مكر، الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضاً وإذ تألم لم يكن يهدد، بل كان يسلم لمن يقضي بعدل" 1بط 2: 22-23. ولكنه صار لعنة على قياس قول الرسول: " لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية" 2كو 5: 21. بمقتضى النص النبوي "كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" إش 53: 6 ... هذا هو مبدأ النيابة العام الذي يعامل به الخالق القدوس جميع أبناء الجنس البشري. لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة: هنا يبين الرسول كيف صار المسيح لعنة؟ أولاً: بالنسبة لحكم الناموس (تث 21: 22-23). ثانياً: بالنسبة لتنفيذ الحكم فيه ووقوعه عليه. هكذا تم الأمر وعلق المسيح على خشبة إتماماً لما تنبأ به عن نفسه "مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يموت" يو 12: 13، 18: 32، حيث قال " كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان" يو 3: 14. وبين ذلك لليهود في قوله: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو" يو 18: 28. "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلي الجميع" يو 12: 32. هذا الارتفاع الذي يشير إليه المسيح هو التعليق على الخشبة. كما عبر عنه الرسول بطرس "قتلوه معلقين إياه على خشبة" أع 1: 38-39. وأوضحه الرسول بولس قائلاً: " ولما تمموا كل ما كتب عنه، أنزلوه عن الخشبة التي علقوه عليها"[4]أع 13: 29. فالمسيح قد حمل خطايانا، ومات فداء عنا، تحمل اللعنة، لكي تتحقق لنا البركة، وقد فعل ذلك حباً وطواعية باختياره. "إن ما بدا لناقدي المسيح أمراً مخزياً،بل بغيضاً، رآه أتباعه أمراً مجيداً للغاية ... إلا أن أعداء الإنجيل لم يشاركوا هذه النظرة، ولا يشاركون فيها وليس ثمة شرخ بين الإيمان وعدم الإيمان أعظم من الشرخ القائم بينهما من حيث موقف كل منهما تجاه الصليب. فحيث يرى الإيمان مجداً، لا يرى عدم الإيمان سوى الخزي، إن ما بدا لليونانيين جهالة، ويظل كذلك في نظر المفكرين العصريين الواثقين بحكمتهم، إنما هو حكمة في نظر الله، وما يظل عثرة في نظر الواثقين ببرهم الذاتي، كيهود القرن الأول، قد ثبت أنه قوة الله المخلصة (1كو 1: 18-25)[5]إن عثرة الصليب كانت وما زالت قائمة وكل ما يثار من اعتراضات هو بسببها ولكن ما يحسبه الآخرون جهالة هو في نظر الله قوة وخلاص. "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" 1كو 1: 18. -"لأن اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" 1كو 1: 22-23. (31) المسيح بين الحقائق والأوهام. ص 174. وانظر 1-المسيح قادم. ص 48-49. 2-دعوة الحق. ص 128. (32) تفسير سفر التثنية. نجيب جرجس. ط1. سنة 1985. ص 264. (33) قدوس: الكلمة الأصلية المستعملة هنا هي "أوسيوس" وفيها معنى تقوى الله والكمال في كل ما يتعلق به, لا من باب التقديس الشرعي الخارجي, بل من باب القداسة الإيجابية العملية الداخلية "شرح الرسالة للعبرانيين. د.القس غبريال رزق الله. ط1. سنة 1984. ص 322. (34) شرح رسالة غلاطية. د.القس غبريال رزق الله. ص 256-261. (35) صليب المسيح. جون ستوت. ص 44. |
|