|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه هناك كذبة كبيرة تقول بأن ايرمان يعتقد أن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه. أحدهم ظهر فى أحد القنوات المغمورة يقول بكل بساطة: ايرمان و باركر و إيب يعتقدون أن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه. حسناً، أنا أتحدى من يستطيع أن يأتينى بعبارة واحدة من كتب ايرمان أو باركر أو إيب بأى شىء يفيد هذا المعنى. ليس فقط أن ولا واحد فيهم قال هذه الجملة، بل ولا واحد فيهم قال أى شىء يُستقى منه هذا المعنى. هؤلاء الثلاثة يشتركون فى مهمة واحدة: إنتقال النص و كيفية المجتمع للنص عبر التاريخ من خلال النقد النصى. بمعنى أنهم وضعوا هدف ثانى للنقد النصى مع أو غير إعادة تكوين النص الأصلى. إيب يقول أن هناك عدة معانى للنص الأصلى، و من بينهم النص المنشور (الذى نسميه تقليدياً النص الأصلى)، و لم يقل إطلاقاً أننا لا نستطيع تكوين هذا النص. باركر يعتقد أن القراءات هى وحى من الله أيضاً مثل النص الأصلى، و بالتالى لا حاجة لتكوين النص الأصلى. لا باركر و لا إيب قالا بأن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه. ولا حتى بيترسن قال هذه العبارة. إن الحديث عن إمكانية تكوين النص الأصلى له قصة مختلفة تماماً، بعيدة كل البعد عن تفسير عملية الإنتقال النصى، و هو قضية التنقيح الحدسى. و هذه قضية تتعلق بالدرجة الأولى بماهية عصمة الكتاب المقدس Inerrancy. أما ايرمان فلم يقل فى مرة، فى أى كتاب له، فى أى مقال له، أن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه. كتب ايرمان فى التسعينات:”العلماء النصيين تمتعوا بنجاح معقول فى إرساء النص الأصلى للعهد الجديد، بأفضل ما لديهم من قدرات” (The Text of The New Testament in Contemporary Research, P. 375). نفس هذه الكلمات عاد و ذكرها فى عام 2006 فى كتاب جمع و حرر فيه كل مقالاته التى نشرها فى دوريات أو كتب، و لم يغيرها و بقيت كما هى (Studies in The Textual Criticism of The New Testament, P. 118). و قال صراحةً:”بالرغم من هذه الإختلافات الملحوظة، فإن العلماء مقتنعين بأننا نستطيع إعادة تكوين الكلمات الأصلية للعهد الجديد بدقة معقولة، رغم أنها لا تصل إلى 100 %، و أول خطوة نقوم بها هى تحديد أنواع التغييرات التى قام بها النساخ فى نصوصهم” (The New Testament: A Historical Introduction To The New Testament, 3rd Edition, P. 415). ثم فى الإصدار الرابع لنفس الكتاب (صدر فى عام 2008)، كتب ايرمان:”معرفة الكلمات الفعلية لمؤلف العهد الجديد هو عملية تأسيسية لأى محاولة لتفسير الكلمات. و لكن كيف يمكن ذلك؟ هناك فرع معرفى فرعى فى البحث العلمى للعهد الجديد يُسمى “النقد النصى”، و هو الفرع الذى يسعى إلى تحديد النص الأصلى للعهد الجديد بناء على الدليل المخطوطى المتوفر. هذه مهمة معقدة و لكنها فضولية، فهى شىء ما مثل قراءة قصة بوليسية حيث يوجد فيها مفاتيح قليلة يجب أن تُوضع معاً حتى نعرف من هو المجرم. حينما يُوجد أشكال مختلفة للنص، أى حينما يكون هناك عدد مكتوب بطرق مختلفة فى المخطوطات المتوفرة، فإن السؤال الذى يجب سؤاله هو: ما هى المخطوطات التى تمثل نص المخطوطات الأصلية و ما هى المخطوطات التى تمثل التغييرات؟ و هذا يحتم علينا الإختيار بين شكل للنص و شكل آخر، و الإختيار بعض الأوقات قد يصنع إختلاف عام فى كيفية تفسير الوثيقة. إذن، و لأنه من الأفضل تحديد إختيار ذكى مبنى على الدليل أفضل من مجرد التخمين، فإن النقاد قد طوروا قواعد لتحديد أى شكل من النص هو الأكثر ترجيحاً ليكون الأصلى” (السابق، الإصدار الرابع، ص 495 – 496). فى الحقيقة، ايرمان يُساء إقتباسه كثيراً. من قلب هجومه على نص العهد الجديد قال:”هناك بعض الأماكن تستمر فيها الترجمات الحديثة فى نقل ما هو من المحتمل أنه ليس النص الأصلى، و قد جادلت لذلك فى مناقشة مر 1 : 41؛ لو 22 : 43 – 44؛ و عب 2 : 9، كمثال، و هناك أمثلة أخرى أيضاً” (Misquoting Jesus, P. 209). قضية ايرمان ليست أن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه بالمرة، ولا مرة صرح بهذا، و لا فى أى من كتبه قال أن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه. ليس ذلك فقط، بل ايرمان هاجم إقتراحات إيب و باركر قائلاً:”عدد من العلماء لأسباب رأيناها فى الفصل الثانى، قد تخلوا تماماً عن التفكير فى أن عبارة النص الأصلى لها أى معنى. أنا شخصياً أعتقد أن هذا الرأى يذهب بعيداً جداً. و أنا هنا لا أقصد أن أرفض وجود إختلافات لا يمكن التغلب عليها فى إعادة تكوين الأصول؛ كمثال، لو أن بولس قد أملى رسالته لغلاطية و بينما يكتب الناسخ المساعد ما قاله بولس قد سمع الكلمة بشكل خاطىء لأن أحدهم فى الغرفة سعل، إذن فإن النسخة الأصلية سوف يكونها بها خطأ بالفعل! أشياء غريبة قد حدثت. لكن بالرغم من ذلك، و بغض النظر عن الصعوبات المتأرجحة، فنحن لدينا بالفعل مخطوطات لكل كتاب من العهد الجديد؛ كل هذه المخطوطات قد تم نسخها عن مخطوطات أخرى، مخطوطات أقدم، و هى المخطوطات التى نُسِخت أيضاً عن مخطوطات أقدم؛ و سلسلة الإنتقال هذه لابد لها أن تنتهى فى نقطة ما، بشكل أساسى تنتهى عند المخطوطة التى كتبها المؤلف أو الناسخ المساعد الذى كتب المخطوطة الأصلية، و هى المخطوطة الأولى فى خط المخطوطات الطويل التى تم نسخها لما يقرب من خمسة عشر قرناً حتى إختراع الطباعة. لذا، فإن الحديث عن النص الأصلى ليس بلا معنى على الأقل” (Misquoting, P. 210). و فى أحدث كتبه قال:”مهمة النُقاد النصيين هى أن يحددوا ما الذى كتبه فعلاً مؤلف النص، و فِهم سبب تعديل النُساخ للنص ليساعدنا فى فِهم السياق الذى عمل فيه النُساخ. بعكس الحقيقة بأن العلماء عملوا بجدية فى هذه المهام لثلاثمائة سنة، فإن مازال هنك إختلافات ساخنة فى الرأى. فهناك بعض المقاطع يختلف حولها علماء جادين و أذكياء جداً حول ما قاله النص الأصلى، و هناك بعض الأماكن لن نعرف فيها ما الذى قاله النص الأصلى” (Jesus, Interrupted, P. 184). نعم يوجد مشكلات فى النص لا يمكن حلها، و أنا قلت هذا منذ سنوات. لدينا نصوص لا نعرف ما هى القراءة الأصلية فيها، و سيظل لدينا نصوص لا نعرف ما هى القراءة الأصلية فيها. هذا شىء طبيعى جداً، و لا يهز شعرة فىّ. بمجرد أن فُقِدت المخطوطات الأصلية يستحيل على الجنس البشرى أن يعيد تكوين العمل بنسبة مئة فى المئة. و هذا ينطبق على كل شىء فى الحياة النظرية التى لا يوجد فيها شىء يُسمى مئة فى المئة. نسبة هذه النصوص لا تتعدى الواحد بالمئة. لكن أن يأتى أحدهم و يقول لا يمكن إعادة تكوين النص الأصلى و باركر و ايب و ايرمان قالوا ذلك، لكن والاس و وايت يخالفوهم (على أساس أن جيمس وايت ناقد نصى أصلاً)؟ هذا مجرد تخريف لا يوجد عليه أى دليل. جميع نقاد النص، و جميع علماء العهد الجديد بشكل عام، يعرفون جيداً أن هناك نصوص لن نستطيع التغلب عليها. و لا يوجد ناقد نصى واحد قال أن النص الأصلى لا يمكن إعادة تكوينه. بل أن هناك نصوص معينة بها مشكلات و هذا كله طبيعى. لقد أصبح الخلاف بين ايرمان و باركر مثار السخرية، فأحد العلماء قال ذات مرة: هناك من يعتقد أن النص الأصلى ليس وحياً، لكن هناك أيضاً من يعتقد أن النص الأصلى و القراءات النصية أيضاً وحياً! إجمالاً، إذن: 1- باركر يقول نحن لسنا بحاجة لتكوين النص الأصلى، و ليس أننا لا نستطيع تكوينه. و الفارق بينهما كبير. و هو يقول ذلك لأنه يعتقد أن القراءات هى أيضاً وحى كالنص الأصلى و هذه هى قضيته فى كتابه “النص الحى للأناجيل”. 2- إيب يقول أن عبارة “النص الأصلى” لها عدة معانى، و إيب قد حدد أربعة معانى، الثانى منها هو النص المنشور، و هو المفهوم التقليدى للنص الأصلى. و لم يقل أبداً أننا لا نستطيع إعادة تكوين النص الأصلى فى مقالته التى عرض فيها رؤيته. 3- ايرمان يقول بصراحة و وضوح أننا نستطيع إعادة تكوين النص الأصلى، و هو بنفسه طرح فى كتابه “الإفساد الأرثوذكسى” حوالى 150 مشكلة نصية، و فى كل هذه المشكلات حدد القراءة الأصلية. 4- يتفق العلماء جميعهم، أن هناك نسبة ضئيلة جداً من النصوص لا يمكننا تحديد القراءة الأصلية فيهم، و هذا أمر طبيعى جداً، و ليس أمراً شاذاً خاصاً بالعهد الجديد فقط. 5- الخلاف هو حول التنقيح الحدسى، بين غالبية العلماء رافضينه و قلة من العلماء يقبلونه. هل نحن نحتاج لتنقيح حدسى؟ حينما نجد نص معين فى العهد الجديد لا يوجد قراءة له فى المخطوطات تصلح أن تكون القراءة الأصلية، سنحتاج إلى التنقيح الحدسى. غير أن التنقيح الحدسى هو متاهة طويلة، فكيف سنعرف أن القراءة لا تصلح أن تكون أصلية؟ لهذا يرفض غالبية العلماء هذه العملية. هل النص الأصلى يمكن إعادة تكوينه؟ نعم بنسبة عالية من الدقة تتعدى الـ 99 % من نص العهد الجديد كما قال ايرمان، و كما لم ينفى باركر و إيب! |
|