|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
موعظة القديس يوحنا ذهبى الفم ( تجربة المسيح فى البرية) . وكما أن الشيطان لا يكف عن إعماء جميع الناس لكى يمنعهم عن معرفة الصلاح ، أصابه المسيح بالعمى ، بشكل غير منظور لكى يمنعه عن معرفة الحقيقة . فقد كان يفكر فى نفسه على هذا النحو : 《إن كان يستطيع أن يجعل هذا الحجر خبزا" ، فهو أبن الله حقا" ، إن كان لا يستطيع ذلك ، فلأنه إنسان》 . فما قيمة هذا التفكير ؟ إنه لن يستطيع من خلال هذا أن يعرف أبدا" هل هو أبن الله أم لا . أولا لو كان أبن الله ، فلن يشعر بالجوع ثم حتى ولو شعر به بسبب جسده ، فأن كان يريد أن يجعل الحجارة خبزا" ، أستطاع أن يفعل ذلك متى أراد ، لا حين يطلبه إليه الشيطان . وإن كان لا يفعل ذلك ، وهذا بالظبط ما فعله ، فمن أين يعلم أنه لم يفعله لأنه لا يستطيع هذا كإنسان ، أم أنه لا يريد ذلك كإله ، وهذا بالظبط ما فعله ؟ لأنه لم يفعل ذلك ولم يقل : 《أستطيع فعل ذلك ولا أريد》، لكى لا يظهر أنه أبن الله . ولم يقل أيضا :《لا أستطيع فعل ذلك》لكى لا يبدو كاذبا " بإعلانه أنه إنسان ، فى حين هو الله .فما الذي قاله :《ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة تخرج من فم الله》. 《إن كنت أبن الله فألقى بنفسك إلى الأسفل》كيف سيعرف من عرضه هذا هل هو أبن الله أم لا ؟ إن لم يقل نفسه فى الهواء ، فكيف سيعرف أن كان لا يستطيع ذلك لعدم قدرته كإنسان ، أم أنه لا يريد ذلك لكى لا يتباهى بعمل كهذا لأنه الله . 《أعطيك هذا كله إن كنت لى ساجدا"》 . أنظر كم وعده كاذب وبدون معنى . لأنه بالتأكيد لا يمكنه أن يقدم كل شئ إلى شخص واحد ، إلا إذا انتزع من الجميع كل ما لديهم ، لن يعبده أحد ، لأننا لا نعبد الشيطان محبة به ولا خوفا" منه بل لأنه يعد بالثروة أو يعطيها . يبدو إذا أن الأباء يقولون إنهناك ما يطمئن المسيحى ، فالشيطان ليس بالمهارة التى تقال عنه ، وليس لأفكاره الملتوية قوة حقيقة ، وإن سلطته ، وسوف نعود إلى ذلك محدودة .وإذا أضفنا إلى هذا ، كما يقول أمبروسيوس أن الشيطان تنقصه المثابرة ، إذ يكفى أن تتم مقاومته وردعه كما فعل المسيح ، لكى يتخلى عن مكانه ، فعلى المعمد ألا يستسلم لليأس أمام التجربة . مع ذلك ، فإن أمبروسيوس يحذره ويدعوه إلى اليقظة : العدو سيرجع . يرافق دراسة قصة تجارب المسيح إذا" تفكير أشمل فى التجربة ، وفى طرائق الانتباه إليها محاربتها ، خصوصا" بالصوم وفى طريقة مجابهتها والتغلب عليها . فسلوك المسيح فى هذه الأحوال هو مثال يجب تأمله .المسيحى مدعو إلى أن يستعمل الأسلحة نفسها التى استعملها ، أن يستند إلى الكتاب المقدس ، أن يبرهن على صبره وتواضعه ، وأن يتجنب خصوصا" كل أنواع التهور ، لأنه ما من شئ أخطر من الأهتمام على القوة الذاتية للتجربة . والشرح الذى يقدمه الذهبىالفم يتميز مرة أخرى بفرادته : إن الذين يسميه 《أبناء الله》خلافا" 《لأبناءإبليس》، هم وحدهم قادرون على الذهاب إلى البرية مثل المسيح ليجربوافيها( متى ١:٤ ) . |
|