الحبّ الحقيقي لا يسعى إلى منفعته الشّخصيّة، بل إلى منفعة الآخرين، ومن دون مقابل. لنا في الأمّ أجمل صورة عن هذا الحبِّ. إنّه يتجاوز العدالة بحيث أنّ الّذي يحبّ ويخدم ويبذل من الذّات لا ينتظر مكافأة. أمّا المثال بامتياز فهو الرّب يسوع الّذي قال وفعل: "ما من حبٍّ أعظم من هذا، هو أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه" (يو13: 15).
عندما نقول أنّ الحبّ "لا يبحث عن منفعته" يعني أنّه ليس أنانيًا. لقد أوصى بولس الرّسول: "لا يبحثنّ كلّ واحد عن منفعته، بل فليفكّر بمنفعة الآخرين" (فيل 2: 4). الكتب المقدّسة تدعو إلى عدم إعطاء الأولويّة لمحبّة الذّات، لأنّه من الأشرف هبة الذّات للآخرين.
يضيف القدّيس توما الأكويني أنّ الحبّ يجد ذاته أو منفعته في أن يُحبّ لا أن يُحَبّ. ولذا، صفته الأساسيّة هي المجّانيّة "وعدم انتظار شيء بالمقابل" (لو 6: 35)، حتّى بلوغ ذروة الحبّ "في هبة الذّات من أجل الآخرين" (يو 15: 13). هذا الحبّ ممكن، انطلاقًا من كلمة الرّب يسوع: "مجّانًا أخذتم، مجّانًا أعطوا" (متى 10: 8).