ضرورة الإنصات إلى الله
لذلك فإن من ينشد عمل الخلاص لنفسه وهو في هذا العالم فهو أحمق وغبي، لأن الحكيم هو بإنصاته لله. لأن هؤلاء البشر الفاهمين والذين نالوا الموهبة والفداء، وأعلنوها وتاجروا فيها، وامتنعوا عن الاقتراب من الطمع بل ذادوا في العمل عن الفلسين، فهؤلاء هم الذين أظهروا حكمتهم.
أما الله فهو ينادى على البشر الأغبياء والحمقى والخطاة. فاستمع إلى ما قاله الله بواسطة أرميا النبي القائل: "لأن شعبي أحمق. إياي لم يعرفوا. هم بنون جاهلون وغير فاهمين. هم حكماء في عمل الشر ولعمل الصالح ما يفهمون" (أر 4: 22). وقول الطوباوي بولس: "لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله" (1كو 3: 19). وأيضًا: "إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلًا لكي يصير حكيمًا" (1كو 3: 18)، وأيضًا قال: "أيها الأخوة لا تكونوا أولادًا في أذهانكم بل كونوا أولادًا في الشر. أما في الأذهان فكونوا كاملين" (1كو 14: 20). لأن الله يريد من الحمقى الذين ينغمسون في الأرضيات أن يهتموا بالسمائيات. والله أيضًا هو الذي يقاوم معنا إبليس الذي هو حكيم في الشر. فيجب علينا أن نقترب بحكمة لكي نغلب به المؤامرات والمكائد. لأن المخلص قال في البشائر: "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" (مت 10: 16). فان الصلاح هو في القرب من حكمته -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- وهو الذي يجعلنا حكماء وعاملين بحسب مشيئة الله، وحافظين لوصاياه.