|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
داود يعفو عن شاول بعد أن هرب داود من «صخرة الزلقات» التي انزلق فيها شاول، ولم يقدر أن يقبض عليه، سكن في حصون «عين جدي» وهي حصون «طبيعية» في الصخور، فوق جبل عال جداً يصعب الوصول إليها. وفيها مغائر كبيرة مظلمة، تسع الواحدة أكثر من أربعمائة رجل. وكان فيها ينبوعان للماء، كما كان بها بعض الأشجار والنباتات. ولقد وجد داود في عين جدي ملجأ طبيعياً يلجأ إليه وقت الخطر. وعندما رجع شاول من الحرب مع أعدائه عرف أن داود موجود في برية عين جدي، فأخذ معه ثلاثة آلاف جندي، وذهب يطلب داود على «صخور الوعول» وهي أعلى مكان في تلك الجبال. وجاء شاول إلى «صير الغنم» وهي حظائر يبنيها الرعاة عند باب الكهف ليحفظوا فيها الغنم أثناء الليل، أو ليحفظوها من العاصفة أو من المطر. وجلس رجال شاول تحت صير الغنم، أما هو فدخل إلى الكهف وحده ليستريح بينما كان داود ورجاله جالسين داخل الكهف في الظلام. وبالطبع لم يقدر شاول أن يراهم، لكن رجال داود استطاعوا أن يروه ويعرفوه، لأنه دخل من النور، وعيونهم قد اعتادت الظلام. ورأوا أن هذه فرصة ذهبية يقتل فيها داود عدوه شاول الذي يطارده، ويتولى حكم البلاد، فيستريحون من الجولان في الأرض والهروب في الجبال، ويستقرون. فقال رجال داود له: «هُوَذَا ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي قَالَ لَكَ عَنْهُ ٱلرَّبُّ: هَئَنَذَا أَدْفَعُ عَدُوَّكَ لِيَدِكَ فَتَفْعَلُ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ» (١صموئيل ٢٤: ٤). لكن داود رفض هذا رفضاً باتاً، وعفا عن شاول الذي وقع بين يديه. واكتفى بأن قطع طرف جُبَّة شاول سراً. ربما كان قد خلع جبته ووضعها إلى جانبه، فقطع داود طرفها. وثار ضمير داود عليه، وتأسف في قلبه لأنه قطع طرف الجبة. وقال داود: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ ٱلرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ ٱلرَّبِّ هُوَ» (١صموئيل ٢٤: ٦). وحاول رجاله أن يقتلوا عدوهم شاول، ولكن داود منعهم. وبعد أن استراح شاول قام من نومه وخرج من الكهف. وانتظر داود مدة حتى ابتعد شاول، ولعله نزل من على صخرة وصعد إلى صخرة أخرى. ثم نادى داود على شاول. وعندما سمع شاول التفت إلى ورائه، فخرَّ داود على وجهه إلى الأرض احتراماً، فقد كان يعرف أن شاول هو الملك الحالي الذي يستحق الاحترام، وأطاع كلمات التوراة: «رئيس شعبك لا تقل فيه سوءاً» (خروج ٢٢: ٢٨). وبدأ داود يكلم شاول فقال: «لِماَذَا تَسْمَعُ كَلاَمَ ٱلنَّاسِ ٱلْقَائِلِينَ: هُوَذَا دَاوُدُ يَطْلُبُ أَذِيَّتَكَ. هُوَذَا قَدْ رَأَتْ عَيْنَاكَ ٱلْيَوْمَ هٰذَا كَيْفَ دَفَعَكَ ٱلرَّبُّ لِيَدِي فِي ٱلْكَهْفِ، وَقِيلَ لِي أَنْ أَقْتُلَكَ، وَلٰكِنَّنِي أَشْفَقْتُ عَلَيْكَ وَقُلْتُ: لاَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى سَيِّدِي لأَنَّهُ مَسِيحُ ٱلرَّبِّ هُوَ. فَٱنْظُرْ يَا أَبِي، ٱنْظُرْ أَيْضاً طَرَفَ جُبَّتِكَ بِيَدِي. فَمِنْ قَطْعِي طَرَفَ جُبَّتِكَ وَعَدَمِ قَتْلِي إِيَّاكَ ٱعْلَمْ وَٱنْظُرْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِي شَرٌّ وَلاَ جُرْمٌ، وَلَمْ أُخْطِئْ إِلَيْكَ، وَأَنْتَ تَصِيدُ نَفْسِي لِتَأْخُذَهَا. يَقْضِي ٱلرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَنْتَقِمُ لِي ٱلرَّبُّ مِنْكَ، وَلٰكِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ. كَمَا يَقُولُ مَثَلُ ٱلْقُدَمَاءِ: مِنَ ٱلأَشْرَارِ يَخْرُجُ شَرٌّ. وَلٰكِنْ يَدِي لاَ تَكُونُ عَلَيْكَ. وَرَاءَ مَنْ خَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ؟ وَرَاءَ مَنْ أَنْتَ مُطَارِدٌ؟ وَرَاءَ كَلْبٍ مَيِّتٍ! وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ! فَيَكُونُ ٱلرَّبُّ ٱلدَّيَّانَ وَيَقْضِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَيَرَى وَيُحَاكِمُ مُحَاكَمَتِي وَيُنْقِذُنِي مِنْ يَدِكَ» (١صموئيل ٢٤: ٩-١٥). |
|