|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ساراى وهاجر
إذ بقيت ساراى عشر سنين مع إبرام في أرض كنعان ولم تنجب بل كانت عاقرًا، استخدمت التفكير البشري المحض لتحقيق وعود الله، إذ طلبت من رجلها أن يدخل على جاريتها المصرية هاجر، وإذ حبلت هاجر صغرت مولاتها في عينيها، فألقت ساراى باللوم على إبرام الذي أسلم هاجر بين يديها فأذلتها حتى هربت. هذا العمل يمثل اتكال الإنسان على ذاته يخطط لنفسه دون الرجوع إلى الله وطلب مشورته. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن ساراى ظنت أن عدم الإنجاب يرجع إلى رجلها لذلك سلمته لتمتحن الأمر، وإذ رأتها قد حبلت اغتمت للغاية إذ أدركت أن سرّ العقم هو فيها... كانت ساراى أو سارة عاقرًا تمثل الأمم الذين عجزوا عن تقديم أولاد الله؛ لكنها أنجبت إسحق ليس ثمرة قانون الطبيعة ولا خلال الزواج الشرعي إذ كانت في عقرها كمن هي تحت حكم الموت، لكنها أنجبت ابنًا خلال وعد الله لها مع رجلها إبراهيم فأنجبت ابنًا في الرب. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ولد إسحق لا حسب قانون الطبيعة ولا بزواج شرعي ولا بقوة الجسد ومع ذلك فهو أبنه حقًا. لقد جاء عن جسدين كانا ميتين، جاء عن رحم ميت، فلم يكن الحبل به حسب الجسد، ولا كان مولده عن زرع لأن الرحم كان ميتًا بسبب الشيخوخة والعقم لكن كلمة الله (الوعد الإلهي) شكله (خلال اتحاد إبراهيم وسارة كثمرة للوعد وهو أبنهما من زرعهما). لم يكن الأمر هكذا في ابن الجارية، إذ جاء ثمرة قوانين الطبيعة وخلال اقتران. ومع ذلك فإن الذي كان ليس حسب الجسد كان أكثر كرامة من الذي وُلد حسب الجسد(262)]. ومن كلماته أيضًا: [لم تكن الكنيسة عاقرًا فقط كسارة وإنما أيضًا صارت مثلها أمًا لأبناء كثيرين، وحبلت بهم بذات الطريقة كما حدث مع سارة، إذ لم تحبل خلال الطبيعة بل خلال وعد الله الذي جعل من سارة أمًا]. [من هذه التي كانت عاقرًا وموحشة؟ إنها كنيسة الأمم التي كانت محرومة من معرفة الله. ومن هي التي لها زوج؟ إنها مجمع اليهود. لكن العاقر فاقتها في عدد البنين إذ جمعت اليونانيين والبرابرة في البحر والبر وكل أرجاء المسكونة]. [وما دمنا أولاد العاقر فنحن أحرار، ولكن أية حرة هذه إن كان اليهود يقبضون على المؤمنين ويضطهدونهم؟ ليتنا لا ننزعج من هذا الأمر فمنذ البداية كان ابن الجارية يضطهد ابن الحرة(263)]. يرى القديس إكليمنضس الإسكندريأن هاجر تمثل الحكمة الزمنية وساراى تمثل الحكمة الإلهية أو معرفة الله، وأن ساراى سلمت هاجر لرجلها إشارة إلى معرفة الله التي تسلم الحكمة الزمنية أو الثقافة كصبية أو جارية تخدم الإنسان، أما حكمة الله فنكرمها كزوجة ورفيقة. لقد طردت ساراى هاجر إلى حين لتأديبها حتى تخضع لها، إشارة إلى الإنسان الذي يرفض حكمة العالم إن كانت ليست في الرب. أخيرًا يقدم لنا القديس أغسطينوس تبريرًا لتصرف إبراهيم مع هاجر، إذ يقول: [لم يكن إبراهيم مذنبًا بخصوص السارية، فقد استخدمها لا لتحقيق شهوة بل من أجل الإنجاب فقط، لا ليسئ إلى زوجته وإنما في طاعة لها، هذه التي ظنت في هذا التصرف ما ينزع عنها عقرها باستخدام رحم جاريتها المثمر عوض طبيعتها (العاقرة). خلال الشرع يقول الرسول: "كذلك الرجل أيضًا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1 كو 7: 4)، فكزوجة استخدمت رجلها للإنجاب بواسطة أخرى حينما عجزت هي عن تحقيق هذا. هنا لا يوجد مجال للشهوة ولا للدنس الدنيء. لقد سُلمت الجارية للزوج بواسطة الزوجة لأجل الحمل، كل منهما لا يود أن يرتكب ذنبًا إنما يطلبان الثمر المتزايد. لذلك عندما احتقرت الجارية الحامل سيدتها العاقر ألقت سارة بغيرتها النسائية على رجلها إبراهيم لم يظهر حبًا أنانيًا بل أظهر أنه كان يطلب طفلًا وهو حرّ (من الشهوة) لذلك وإن كان قد التصق بهاجر ليس على حساب سارة امرأته محققًا إرادتها... لذا قال لها: "هوذا جاريتك في يدك، افعلي بها ما يحسن في عينيك" [6](264)]. هكذا يبرر القديس أغسطينوس تصرف إبراهيم أب الآباء أنه لم يطلب الالتصاق بهاجر لشهوة جسدية وإنما لطلب الذرية وكطلب زوجته، وقد أظهر تمام حبه لزوجته بترك الجارية بين يديها تفعل بها ما تشاء، لكننا لا نقدر أن نقبل مثل هذا التصرف خاصة في ظل النعمة الإلهية، فإن كان إبراهيم وسارة قد سلكا هكذا من أجل الإنجاب انتظارًا لمجيء المخلص من نسلهما، لكننا الآن لا نطلب نسلًا أو أولادًا حسب الجسد. هذا من جانب آخر إن كان ليس للرجل تسلط على جسده بل لزوجته فإنه ليس من حقها تسليم جسد رجلها لأخرى أيًا كان الدافع، فقد تسلمت رجلها من الرب كما يتسلم الرجل امرأته من الرب ليعيش الاثنان جسدًا واحدًا في الرب، لا يدخل جسد غريب في الوسط! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
جائت وقالت له خذ هاجر وهاجر معناها غريب أو هارب |
إبرام وهاجر |
نهاجر من أنفسنا بحثاً عن حياةٍ أخري |
نهاجر من انفسنا بحثاً عن حياةٍ أخرى .. |
نهاجر |