ثالثاً: فترة الجفاف الروحي (وليس الفتور)
+ أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة؛ فهوذا لطف الله وصرامته، أما الصرامة فعلى الذين سقطوا (عن قصد وقساوة قلب) وأما اللطف فلك، (وذلك) أن ثبت في اللطف وإلا فأنت أيضاً ستُقطع. (رومية 2: 4؛ 11: 22)
+ فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين (1ملوك 11: 9)
*** فلماذا إذاً هذا الغضب، مع أن الله محبة ***
فالمريض الذي لا يشعر بألم أوجاع جسده فأنه لن يذهب للطبيب، والمريض الذي لا يرى أثر المرض على من هم حوله وكيف أن بعضهم يموت منه، فأنه سيتهاون مع مرضة إلى أن يقتله! ومن هُنا نفهم لماذا يعلن الله غضبه أحياناً على الأمم بسبب خطاياهم وفجورهم بالتأديب الظاهر واقعياً أمام الجميع في هذا العالم، لأنه يُعلن نتيجة خطاياهم البشعة واستحقاقها، لأن الموت في باطنها يملأها بالتمام: لأن أجرة الخطية هي موت (رومية 6: 23).
إذاً فسخطه ليس للانتقام منا، بل بالحري ليُعطينا الغفران لأنه يقول: إن رجعت وحزنت فإنك ستخلُّص. (مزمور 3: 15 سبعينية)، لذلك فأنه يغضب منتظر بكاءنا وحزن قلبنا بإيمان الرجاء الحي والثقة في محبته الشديدة كأب يرعانا بعصا تأديبه المقدسة للنفس، ويفعل هذا ونحن هنا، أي ونحن نحيا في هذا الزمان الحاضر الشرير، لكي ينجينا من الأحزان الأبدية ويخلصنا من آثار الخطية المدمرة للنفس. فهو ينتظر حزن قلبنا ودموع توبتنا الحقيقية لكي يسكب علينا رحمته. وهذا ما عرفناه في الإنجيل عندما أشفق على الأرملة الباكية وأقام ابنها. (لوقا 7: 11و 15)
فالغضب غضب أبوة حانية جداً، والتأديب تأديب المحبة، لأنه مكتوب: لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله. (عبرانيين 12: 6)
فيا إخوتي انتبهوا جداً لأزمنة التأديب واخضعوا تحت يد الله القوية، واعرفوا يقيناً أن في تلك الساعة، ساعة الغضب، أن محبة الله قريبة منكم جداً، وامسكوا في هذه الأيام بشدة لأنها نجاة كل أحد لأنها تعمل لخلاصه وشفاءه التام، فنحن في زمن الشفاء الذي فيه اقترب منا الله جداً بمحبة حانية شديدة، فأن فلتت منا وعبرت علينا أو كرهتها أنفسنا ولم نخضع فيها تحت يد الرب القوية الشافية المُحيية، سنهلك حتماً وبالضرورة، أما أن رجعنا وتمسكنا بشدة في محبة الله المعلنة لنا في مرحلة التأديب، فستأتينا أوقات الفرج حتماً ويكون لنا مجد عظيم لم نرى له مثيلاً من قبل، لأنه حيثما ازدادت الخطية ازدادت النعمة جداً وتفاضلت:
فتوبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب. (أعمال 3: 19)
+ قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم، أفلا نخضع بالأولى جداً لأبي الأرواح فنحيا. لأن أولئك أدبونا أياماً قليلة حسب استحسانهم وأما هذا فلأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته. ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح بل للحزن، وأما أخيراً فيعطي الذين يتدربون به ثمر برّ للسلام. لذلك قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة. واصنعوا لأرجلكم مسالك مستقيمة لكيلا يعتسف الأعرج بل بالحري يُشفى. (عبرانيين 12: 9 – 13) + الآن أنا أفرح لا لأنكم حزنتم بل لأنكم حزنتم للتوبة، لأنكم حزنتم بحسب مشيئة الله لكيلا تتخسروا منا في شيء، لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة وأما حزن العالم فينشئ موتاً. (2كورنثوس 7: 9 – 10)