|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* كأنه يقول بوضوحٍ: بينما لم يهدأ الآخرون من الهجوم عليّ خارجيًا، بقيت أنا نفسي متحررًا من الاضطراب في داخل نفسي. لأنه بماذا نأخذ هنا الباب سوى الفم؟ فإننا بهذا نكون كمن يتقدم للكشف عن أسرار قلوبنا. إذ نبقى في الداخل في الضمير، نخرج خارجًا باللسان. لكن يوجد بعض يخشون تمامًا أن يُحتقروا، ويهدفون نحو الظهور حكماء عند اتهامهم أنهم مستحقون للازدراء... عندما يكون القديسون تحت المحاكمة، يمتنعون تمامًا عن الظهور (للدفاع عن أنفسهم)، وعندما لا يستطيعون أن ينفعوا من يسمعون لهم، يحتفظون بالصمتٍ، حتى يُحتقروا، وذلك لئلا يفتخروا باستعراض حكمتهم... مكتوب: "وأما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدًا، لأنه كان يريد من زمنٍ طويلٍ أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة، وترجى أن يرى آية تُصنع منه". وأضيف: "وسأله بكلامٍ كثيرٍ، فلم يجبه بشيء". ولكن كيف أُحتقر الرب جدًا لأنه احتفظ بصمته، فقد ظهر ذلك من الكلمات التي وردت بعد ذلك مباشرة: "فاحتقره هيرودس مع عسكره، واستهزأ به" (لو 23: 8، 9، 11). يليق بنا أن نسمع ونتعلم أن المستمعين إلينا غالبًا ما يريدون أن يكونوا معروفين خلال أمورٍ تخصنا، وليس لكي يُصلحوا من أخطائهم. لذلك يليق بنا أن نتمسك بالصمت، لئلا إذا تكلمنا بكلمة الله بطريقة مكشوفة لا تتوقف أخطاء هؤلاء الأشخاص، ونخطئ نحن... يقول الكارز: "لأننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله"، لكن كما من إخلاص، بل كما من الله نتكلم أمام الله في المسيح" (2 كو 2: 17)... التكلم كما من إخلاص هو ألا تطلب شيئًا بجانب ما هو ضروري ولازم... يتكلم كما من الله الذي يعرف أنه هو نفسه ليس لديه شيء من ذاته، إنما يتكلم بما يتسلمه من الله. يتكلم أمام الله من لا يتطلب ما هو للناس في كل ما ينطق به، بل ينشغل بحضرة الله القدير، ويتطلع نحو مجد خالقه، لا مجده هو. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|