كيف يدعو الإنجيل السيد المسيح وسيطًا بين الله والإنسان، وهو الله ذاته؟
ج : يجيب على هذا التساؤل البابا كيرلس الكبير قائلًا "نحن نرى أن الابن واحد من أثنين، إذ فيه التقت الطبيعتان الإلهية والإنسانية واتحدتا في واحد بشكل غير موصوف ولا يعبر عنه، وبكل تأكيد نحن لا نعني أن الكلمة الإلهية قد تحوَّل إلى الطبيعة الجسدية الأرضية ولا الجسد تحوَّل إلى الكلمة. والذي يتبنى أحد هذين الموقفين المتطرفين لابد أن يكون مختل العقل. فكل منها تبقى في خصوصيتها ولكنهما تعدان في وحدة تامة لا تنفصل.
فهو نفسه إنسان وإله. وحينما نقول الله فنحن لا نلغي الإنسانية بعد الإتحاد، وحينما نقول إنسان فنحن لا ننفي صفات اللاهوت..
وهو الابن الوحيد والكلمة كمولود من الآب، وهو البكر بين أخوة كثيرين (رو 8: 29).
لأنه صار إنسانًا، ولقب بـ"الابن الوحيد" الذي هو لقب خاص باللوغوس يُطلَق أيضًا على اللوغوس متحدًا بالجسد، ونفس الأمر مع لقب "البكر" فهذا اللقب لم يكن لقبه قبل التجسد ولكنه صار لقبًا بعد التجسد، وهو وسيط بهذا المعنى:
انه جمع ووحَّد في شخصه أمورًا متباعدة فيما بينها، وهي اللاهوت والناسوت، الله والإنسان، وربطهما بوساطته بالله الآب لأنه واحد مع الآب في الطبيعة مع البشر لأنه خرج من بينهم، وحاضر في وسطهم، وذلك لأنه ليس غريبًا عنا فيما يخص إنسانيته، وهو عمانوئيل الذي شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية" (1).