|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
v انظر الآن يا حبيب إلى ما أقول: اعلم أنه كما أن الحصان إنما يكون جيدًا من جهة إسراعه في الخدمة المُحَدَّدة له، لكنه يحتاج إلى مُرَوِّض يركبه ويثنيه إلى الموضع الذي يريده، لأن البهيمة وحدها لا تعرف ما ينبغي فعله. وكما أنه إذا رُكِب الحصان، فلابد أن يستعمل الأمور الطبيعية له أعني أن يثب ويقفز، فإذا دَبَّر راكبه أسباب حركاته جيدًا زال الضرر وحصلت المنفعة. وكما أن الراكب لا يكفيه أن يُدَبِّر الحصان فقط، بل وأن يقتني أيضًا معرفة واعتيادًا للثبوت عليه، حينئذ تكتمل بذلك الحاجة والسلامة للراكب والمركوب. أما إذا لم يُدَبِّره جيدًا، ولم يكن عارفًا ومعتادًا الثبوت عليه، يحيد الحصان في دفعات كثيرة عن الطريق المستقيمة... ويخرج إلى طرق شاهقة وعرة، فيتعثَّر ويسقط معه راكبه، ويصيران كلاهما في شدةٍ. وسبب ذلك جميعه غفلة راكبه، إما لكونه لم يكن عارفًا برياضته، ولا معتادًا الثبوت عليه، وإما لأنه أهمل سياسته وتدبيره وردّه إلى الطريق المستقيمة. كذلك أيضًا بهذا المثال خلق الله الإنسان، وجعل فيه عقلًا يعقل به إكرامًا للنفس التي خلقها مع الجسد. فإذا ما تدبَّرت النفس جيدًا، ومارست عمل الرئاسة كما ينبغي، وأَلجَمَت حركات الجسد تنجو وتخلص الجسد من السقوط في الشدة. أما إذا توانت، ولم تُدَبِّر حركات الجسد كما يجب، وتغافلت وكسلت وأطلقت لجام الجسد، فمن أجل أن لا فكر له، يخرج إلى الطرق الوعرة وتسقط النفس معه في هذه الشرور. هذا ليس من أجل شرٍ في الجسد - حاشا لله - بل من أجل أن النفس لم تُدَبِّره كما يجب. القديس باسيليوس الكبير |
|