|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث الروح القدس يقود أبناء الله في حياتهم الروحية (رو 8: 14). وهو يقودهم من خلال وسائط معينة، إن سلكوا فيها يشتركون مع الروح القدس في العمل، أو يدخلون من شركة الروح القدس (2كو13: 14). ونسمى هذه الوسائط: الوسائط الروحية، أو وسائط النعمة، أي الوسائط التي تعمل النعمة من خلالها، أو تعمل بها.. وقد حدثتك في هذا الكتاب عن 11 واسطة من الوسائط الروحية، وهى: الصلاة، الكتاب المقدس، قراءة سير القديسين، التأمل، التداريب الروحية، محاسبة النفس، الاعتراف، التناول، الصوم، العطاء، الخدمة... و هذه الوسائط لازمة لكل إنسان. مهما ارتفع هذا الإنسان في حياته الروحية، فإنه لن يستغنى عنها. فهى غذاؤه الروحى الدائم. وإن بعد عنها، أو قصر في ممارستها، فإن حرارته الروحية تفتر، ويعرض نفسه لمحاربات خطيرة.. و لا شك أن كل باب منها، يمكن أن يصدر فيه كتاب. ولكننا أردنا أن نقدم لك كل هذه الموضوعات مركزة. حاول أن تتخذ كل هذه الموضوعات مجالًا للتدريب العملي. و ليكن الرب معك، يقتاد خطواتك إليه. |
30 - 12 - 2013, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
الصلاة: ما هي؟ وكيف توصِّل إلى الله؟ ليست كل صلاة تعتبر واسطة روحية، يمكن أن توصلك إلى الله.. هنا وأتذكر ما قيل عن إيليا النبي إنه "صلى صلاة" (يع 5: 17) كانت صلاة حقيقية، استطاعت أن تغلق السماء وأن تفتحها، وأن تقتدر كثيرًا في فعلها (يع 5: 16). فما هى الصلاة إذن؟ ما تعريفها؟ الصلاة هى جسر يوصل بين الإنسان والله. شبهوها بسلم يعقوب الواصل بين السماء والأرض (تك 28: 12). إنها ليست مجرد كلام، إنما هى صلة.. هى صلتك بالله، قلبًا وفكرًا.. الصلاة هى إحساسك بالوجود في الحضرة الإلهية. وبدون هذا الإحساس لا تكون الصلاة صلاة.. هى مشاعر قلب متجه إلى الله، يشعر بوجود الله معه، أو بأنه واقف أمام الله. كما قال إيليا النبي "حي هو رب الجنود، الذي أنا واقف أمامه" (1مل 18: 15).. وأمام الله ينسى الإنسان كل شيء، ولا يبقى في ذهنه سوى الله وحده. ويتضاءل كل شيء. ويصبح الله هو الكل في الكل وليس غيره.. الصلاة هى عمل القلب، سواء عبر عنها اللسان أو لم يعبر. هى رفع القلب إلى الله. لأن القلب يتحدث مع الله بالشعور والعاطفة، أكثر مما يتحدث اللسان بالكلام. وربما يرتفع القلب إلى الله بدون كلام. لذلك فإن تنهد القلب أمام الله صلاة. وحنين القلب إلى الله صلاة. وعواطف الحب نحو الله صلاة. فالصلاة هى الصلة بين الله والإنسان. وإن لم توجد هذه الصلة القلبية، فلن ينفع الكلام شيئًا. إن أحببت الله تصلى. وإن صليت تزداد حبًا لله. فالصلاة هى عاطفة حب، نعبر عنها بالكلام. نرى هذا الحب وهذه العاطفة بكل وضوح في مزامير داود إذ يقول: "يا الله أنت إلهي، إليك أبكر. عطشت نفسي إليك" (مز 63: 1). "كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي. متى أجئ وأتراءى قدام الله" (مز 43: 1، 2).. إنه شوق إلى الله عطش إليك. كما تشتاق الأرض العطشانة إلى الماء كثيرون يصلون، ولا يشعرون بتعزية. لأن صلواتهم خالية من الحب.. مجرد كلام! هؤلاء رفض الله صلواتهم. وقال عنهم " هذا الشعب يكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا" (أش 29: 13). وكرر السيد المسيح نفس التوبيخ بالنسبة إلى اليهود (مت 15: 8) (مر 7: 6) إذن اخلط صلاتك بالحب. وتكلم فيها مع الرب بعاطفة. فالصلاة هى اشتياق النفس إلى الوجود مع الله. هى اشتياق المحدود إلى غير المحدود، اشتياق المخلوق إلى خالقه، واشتياق الروح إلى مصدرها وإلى شبعها.. والصلاة المقبولة هى التي تصدر من قلب نقى. فالكتاب يقول " ذبيحة الأشرار مكرهة الرب، وصلاة المستقيمين مرضاته" (أم 15: 8) (أم 21: 27). وقد رفض الرب صلاة الأشرار فقال لهم " حين تبسطون أيديكم، أستر وجهى عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا" (أش 1: 15). ومن الناحية الأخرى يقول الكتاب " طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع 5: 16). إذن ماذا يفعل الخاطئ المثقل بآثامه؟ يصلى ليساعده الله على التوبة. ويتوب لكي يقبل الله صلاته.. يصلى ويقول: "توبنى يا رب فأتوب" (أر 31: 18). فالصلاة هى باب المعونة، الذي يدخل منه الخاطئ إلى التوبة. وقد قال ماراسحق "من قال إن هناك بابًا آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين".. إذن لا تنتظر حتى تتوب ثم تصلى!! إنما أطلب التوبة في صلاتك، من ذلك الذي قال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5) الصلاة هى فتح القلب لله، لكي يدخل ويطهره. تذكرنا بصلاة العشار، الذي رفع قلبه في انسحاق أمام الله، طالبًا الرحمة (لو 18: 13). وهكذا خرج مبررًا. عليك إذن أن تصلى لكي تحصل على نقاوة القلب، وأنت تقول للرب في صلواتك: إنضح على بزوفاك فأطهر، واغسلنى فأبيض أكثر من الثلج (مز 50).. أليس هو القائل " أعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم.. وأجعلكم تسلكون في فرائضى" (خر 36: 26، 27).. اطلب منه في صلاتك تحقيق هذا الوعد. الصلاة هى تدشين للشفتين وللفكر، وهى تقديس للنفس، بل هى صلح مع الله.. الإنسان الذي بينه وبين الله خصومة، طبيعى أنه لا يتحدث معه. لا يصلى. لا يجد دالة للحديث مع الله. فإن بدأ يصلى، فمعنى هذا أنه يريد أن يصطلح مع الله.. وإذا صلى، يستحى من حديثه مع الله، ويخجل من أن ينجس فكره الذي كان مع الله منذ حين (). يصل إذن إلى استحياء الفكر، وهذا ظاهرة روحية صحيحة. وهكذا بالصلاة تبطل الأفكار الردية، كلما داوم الإنسان على الصلاة، ويدخل بها في جو روحي، ويبعد عن قوات الظلمة. الصلاة هى رعب الشياطين، وأقوى سلاح ضدهم. فالشيطان يخشى أن يفلت هذا المصلى من يده. يخشى أن ينال بصلاته قوة يحاربه بها. كما أنه يحسده على علاقته هذه مع الله، التي حرم هو منها.. لذلك فالشيطان يحارب الصلاة بكل الطرق يحاول أن يمنعه بأن يوحى للإنسان بأن مشاغل كثيرة تنتظره وليس لديه وقت، أو يشعره بالتعب وبثقل في الجسد. وإن أصر على الصلاة، يحاول أن يشتت فكره ليسرح في أمور عديدة.. أما أنت يا رجل الله، فاصمد في صلاتك مهما كانت الحروب. وركز فيها فكرك وكل مشاعرك. وكما قال الرسول "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع 4: 7). ولا تستسلم لأفكاره. واعرف أن محاولته منع صلاتك، إنما تحمل اعترافًا ضمنيًا منه بقوة هذه الصلاة كسلاح ضده. فلا تلق سلاحك، بل حارب به. واستمر في الصلاة مهما شردت أفكارك. ولا بد أن ييأس العدو من جهادك الروحي ويتركك. كما أن النعمة لن تتخلى عنك، بل ستكون معك.. وفي صلاتك، افتح أعماق نفسك لتمتلئ من الله. اطلب الله نفسه، وليس مجرد خيراته. قل له كما سبق أن قال داود "طلبت وجهك، ولوجهك يا رب التمس. لا تحجب وجهك عنى" (مز 199). تأكد أن نفسك التي تشعر بنقصها، ستظل في فراغ إلى أن يكملها الله نفسه. إنها تحتاج إلى حب أقوى من كل شهوات العالم. وهى عطشانة، وماء العالم لا يستطيع أن يرويها (يو 4: 13). قل له يا رب: لست أجد سواك كائنًا يفهمني. واطمئن إليه: افتح له قلبي، وأحكى له كل أسراري، وأشرح له ضعفاتي فيسمعها ولا يحتقرها. وأسكب أمامه دموعى، وابثه أشواقى. أشعر معه أننى لست وحدى، وإنما معى قلب يحتوينى وقوة تسندنى.. بدونك يا رب، أشعر أننى في فراغ، ولا أرى لي وجودًا حقيقيًا. أنت هو عمانوئيل، الله معنا.. روحى تشتاق إلى روحك الكلى، تشتاق إلى ما هو أسمى من المادة والعالم وكل ما فيه.. نعم، إن في داخلى اشتياقًا إلى غير المحدود، لا يشبعه سواك. هذه هى صلاة الحب، وهى أعلى من مستوى الطلب. فأنت قد تصلى ولا تطلب شيئًا.. قد تكون صلاتك شكرًا على ما أعطاه لك الله من قبل. تشكره على عنايته بك، ورعايته لك، وعلى ستره ومعونته وكل إحساناته، لك ولكل أصحابك وأحبابك.. وقد تكون صلاتك تسبيحًا لله، مثل صلاة السارافيم " قدوس قدوس، رب الجنود السماء والأرض مملؤتان من مجدك وكرامتك" (أش 6). قد تكون صلاتك مجرد تأمل في صفات الله الجميلة، كما في صلوات القداس الغريغورى، وكما في كثير من المزامير وصلوات الساعات. وكما قال القديس باسيليوس الكبير "لا تبدأ صلاتك بالطلب لئلا يظن أنه لولا الطلب ما كنت تصلى. اعتبر صلاتك مجرد تلذذ بعشرة الله، أو كما يسميها بعض الآباء "مذاقة الملكوت". مجرد وجودك في حضرة الله متعة، حتى لو لم تفتح فمك بكلمة واحدة، حتى لو لم يتحرك ذهنك بأي فكر، كطفل في حضن أبيه ولا يطلب شيئًا سوى أن يبقى هكذا.. ترى ما الذي يمكننا أن نطلبه في ملكوت السموات؟! لا شيء طبعًا. لأن هناك لا ينقصنا شيء حتى نطلبه. إنما نتمتع بما قال عنه المرتل " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز 34: 8). الصلاة هى مذاقة الملكوت هذا. نذوق هنا على الأرض ما سوف نتمتع به في السماء... لذلك قيل عن الصلاة إنها طعام الملائكة. هى طعام أرواحهم، وهى غذاؤهم الذي يشبعهم. وهكذا أيضًا بالنسبة إلى أرواح القديسين، وكانت على الأرض غذاء للآباء المتوحدين والسواح.. ويتغذون فيها بمحبة الله وعشرته، ومتعة أرواحهم به. كما قال داود النبي للرب "أما أنا فخير لي الالتصاق بالرب" (مز 73: 28) مبارك هو إلهنا الطيب الذي منحنا أن نصلى. تواضع منه أن يسمح لنا بأن نتحدث إليه. وتواضع منه أن يصغى إلينا.. من نحن التراب والرماد، حتى نقترب إلى الله، ونقف أمامه ونتحدث إليه..و نضم أنفسنا إلى صفوف الملائكة الواقفة أمام عرشه تسبحه وتبارك اسمه، وتتبارك بالوجود في حضرته. حقًا إنه الخالق، أن يسمح لنا نحن مخلوقاته بهذه الدالة: أن نكلمه ويسمعنا. لذلك عار كبير وخطية كبرى، أن تقول: ليس لدى وقت للصلاة..!! هل يجرؤ العبد أن يقول إنه ليس لديه وقت للكلام مع سيده؟! عجيب بالأكثر أن المخلوق ليس لديه وقت للحديث مع خالقه!! إن أمورًا عديدة وتافهة تجد لها وقتًا.. ومحادثات لا قيمة لها، تجد لها وقتًا. لماذا إذن تحتج بضيق الوقت في الحديث مع الله؟! إن داود النبي كان ملكًا وقائدًا وقاضيًا للشعب، وله أسرة كبيرة، ومع ذلك يقول للرب "سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك" (مز 119) " عشية وباكر ووقت الظهر"، "وفي نصف الليل نهضت لأشكرك.."، "وسبقت عيناى وقت السحر لأتلو في جميع أقوالك" (مز 119). المشكلة لا تكمن إذن في الوقت، إنما في الرغبة. إن كانت لديك رغبة في الصلاة، فلا شك ستجد وقتًا. لماذا إذن تحتج بضيق الوقت في الحديث مع الله؟! ثم يجب أن تعرف أن الصلاة بركة لك. وأنك فيها تأخذ، ولست تعطى. هل تظن أنك تعطى الله وقتًا حينما تصلى؟! وهل الله محتاج إليك أو إلى صلواتك؟! أم أنت تأخذ في الصلاة قوة ومعونة وبركة، وتأخذ لذة روحية ومتعة بعشرة الله، وحلًا لمشاكلك..؟! يجب أن تتغير فكرتك عن الصلاة، لكي تدرك تمامًا أنك ضائع بدونها، وأنها عكازك الذي تستند إليه. إن عرفت هذا، ستعتمد عليها كواسطة روحية أساسية في حياتك. وبعد، أتراني أستطيع في هذا المقال أن أحدثك عن كل ما يتعلق بالصلاة؟! كلا، وإنما بعد كل هذا أتركك لتصلى، ولكي تذكرني أيضًا في صلاتك |
||||
30 - 12 - 2013, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
شروط الصلاة المقبولة ليست كل صلاة مقبولة، لأنه ليست كل صلاة، صلاة. فصلاة الفريسي المتكبر، لم تكن مقبولة مثل صلاة العشار المنسحق، الذي خرج مبررًا دون ذاك (لو 18: 14). كذلك صلاة الذين أيديهم ملآنة دمًا، قال عنها الرب " حين تبسطون أيديكم، أستر وجهي عنكم، وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع" (أش 1: 15). وأيضًا صلاة المرائين (مت 6)، والذين لعلة يطيلون صلواتهم (مت 23: 14) فقد تصلى صلاة، فيتقدم واحد من الأربعة والعشرين قسيسًا، ويأخذها في مجمرته الذهبية، ويقدمها إلى الله رائحة بخور.. (رؤ 5: 8) بينما يصلى آخر طول النهار، ويتعجب الملائكة أن شيئًا من صلوات هذا الإنسان لم يصعد إلى فوق! فما هى إذن شروط الصلاة؟! الشروط كثيرة: نذكر منها أنها تكون بالروح، فيها روح الإنسان يخاطب روح الله، وقلبه يتصل بقلب الله، هذه الصلاة التي من الروح ومن القلب، هى التي تفتح أبواب السماء، وتدخل إلى حضرة الله، وتكلمه بدالة، وتتمتع به، وتأخذ منه ما تريد.. بل هذه الصلاة هى التي تشبع الروح، كما قال المرتل: " باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما كم شحم ودسم" (مز 163: 4، 5). هذه الصلاة التي من القلب، هى التي يشعر فيها الإنسان بلقائه مع الله. ففيها أما أن نصعد إليه،أو ينزل هو إلينا. المهم أن نلتقي. أو هو الروح القدس يصعدنا فكرًا وقلبًا إلى الله. وعن هذه الصلاة يقول القديسون إنها حلول السماء في النفس، أو أن النفس تتحول إلى سماء. وهنا تتميز الصلاة بحرارة روحية الصلاة التي بجب وعاطفة، تكون صلاة حارة الصلاة التي بالروح، تكون حارة بطبيعتها. أشعلها الروح الناري. ولذلك قيل عن صلاة القديس مكسيموس ودوماديوس إنها كانت تخرج من أفواههم كشعاع من نار. وهكذا كانت |أصابع القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين حينما كان يرفع يديه في صلاته.. الصلاة الروحانية تكون أيضًا بفهم وتركيز. وبالتركيز تبعد عنها طياشة الفكر. كذلك عنصر الفهم يجعل الذهن مركزًا، والعاطفة أيضًا تركز الفكر0 أما الذي يصلى بدون قلب، وبدون فهم، وبدون عاطفة، فبالضرورة تشرد أفكاره في موضوعات متعددة لأن قلبه لم يتخلص بعد من الاهتمام بهذه العالميات، ولا يزال متعلقًا بها حتى وقت الصلاة. فلا تكون صلاته طاهرة، لأنها ملتصقة بماديات العالم. لهذا، عندما سئل القديس يوحنا الأسيوطى "ما هى الصلاة الطهارة؟" أجاب "هي الموت عن العالم"، لأنه حينما يموت القلب عن أمور العالم، لا يسرح فيها أثناء صلاته، فتصبح صلاته طاهرة بلا طيش. الصلاة الروحانية تكون أيضًا بخشوع أمام الله. لقد سبق فتحدثنا عن الصلاة بحب، ولكن الحب لا يمنع الخشوع إطلاقًا. محبتنا لله لا يمكن أن تنسينا هيبته، وجلاله ووقاره. فيمتزج حديثنا معه بالاحترام والتوقير، وندرك أدب الحديث مع الله. وخشوعنا ليس هو خوف العبيد، إنما هو توقير الأبناء لأبيهم وأي أب؟ إنه ليس أبًا على الأرض، بل هو أبونا الذي في السموات، الذي تقف أمامه الملائكة في هيبة " بجناحين يغطون وجوههم. وباثنين يغطون أرجلهم" (أش 6: 2). لهذا قال ماراسحق: " إذا وقفت لتصلى، كن كمن هو قائم أمام لهيب نار". وإبراهيم أبو الآباء والأنبياء قال " عزمت أن أكلم المولى. وأنا تراب ورماد" (تك 18: 27). لذلك إن وقفت أمام الله، قل له: من أنا يا رب حتى أقف أمامك، أنت الذي تقف أمامك الملائكة ورؤساء الملائكة والشاروبيم والسارافيم، وكل الجمع غير المحصى الذي للقوات السمائية. كيف أحشر نفسي وسط هذه الطغمات النورانية؟! خشوعك أمام الله هو خشوع الروح وخشوع الجسد أيضًا. أما عن خشوع الجسد. فيشمل الوقوف والركوع والسجود، بحيث لا تقف وقفة متراخية ولا متكاسلة، ولا تستسلم للشيطان الذي يحاول أن يشعرك في وقت الصلاة بتعب الجسد أو بمرضه أو إنهاكه أو حاجته إلى النوم..! هناك أشخاص، إذا وقفوا للصلاة يشعرون بالتعب، بينما يقفون مع أصدقائهم بالساعات دون شعور بالتعب! لذلك احترس من هذا التعب الوهمي، الذي هو من حروب الشياطين. قال القديس باسيليوس الكبير: "إياك أن تعتذر عن الصلاة بالمرض، لأن الصلاة وسيلة للشفاء من المرض". وكما قال ماراسحق " إذا بدأت الصلاة الطاهرة، فاستعد لكل ما يأتي "أي أستعد لحروب الشيطان الذي يريد أن يمنعك عن الصلاة ( خشوع الجسد لازم، لأن الجسد يشترك مع الروح في مشاعرها، ويعبر عنها. فخشوع الروح يعبر عنه خشوع الجسد. وتراخى الروح وعدم اهتمامها، يظهر كذلك في حركات الجسد، مثل انشغال الحواس بشيء آخر أثناء الصلاة! سواء النظر أو السمع وما إلى ذلك.. أما عن خشوع الروح، فيجب أن تصلى بقلب منسحق. وتذكر أن الرب قريب من المنسحقين بقلوبهم.. لا تنس أنك طبيعة ترابية، وأنك تكلم خالقك الذي هو ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16). ولا تنس أيضًا خطاياك التي أحزنت بها روح الله القدوس، وخنت محبته وقابلت إحساناته بالجحود لذلك قف بانسحاق قدامه، كما صلى دانيال النبي وقال " لك يا سيد البر. أما لنا فخزي الوجوه.. لأننا أخطأنا إليك. تمردنا عليك" (دا 9: 7-9). قل له: أنا لا استحق شيئًا. ولكن مع كثرة خطاياي وجحودي، يشجعني طول أناتك، ويعزيني قلبك الواسع. أنت الإله الطيب، الذي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا (حز 18: 23، 32). في أنا الساقط تظهر عظمة مراحمك. ولتكن صلاتك بإيمان.. تؤمن أن الله يسمعك ويحبك، ويستجيب لك في كل ما يراه خيرًا لك. وقد قال السيد الرب "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين، تنالونه" (مت 21: 23). وإن لم يكن لك هذا الإيمان، فاطلبه في صلاتك. كما قال أبو ذلك المريض المصروع للرب "أؤمن يا سيد. فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24) – أو كما قال الرسول للرب: زد إيماننا (لو 17: 5) تذكر ذلك الوعد الجميل " كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23). ثق أن الإيمان يعطى الصلاة قوة. وأيضًا الصلاة تقوى الإيمان.. غير أنك إن طلبت طلبًا لا تتعجل نواله. وإنما انتظر الرب. آمن أنه سوف يستجيب، مهما بدا لك أنه أبطأ في استجابته. استمع إلى داود النبي وهو يقول "أنتظر الرب. ليتشدد وليتشجع قلبك، وانتظر الرب" (مز 27: 13). لتكن صلاتك أيضًا بعمق وبفهم. كلما كانت صلاتك بفهم، وتقصد كل كلمة تقولها، فإنها حينئذ ستكون بعمق. إن المرتل يصرخ في المزمور ويقول "من الأعماق صرخت إليك يا رب. يا رب استمع صوتي" (مز 130: 1). "من عمق قلبي طلبتك" (مز 199). صل إذن من عمق قلبك، ومن عمق فكرك، ومن عمق إيمانك، ومن عمق احتياجك.. وعمق الصلاة يمنحها حرارة.. |
||||
30 - 12 - 2013, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
تداريب على الصلاة 1-تدرب على إطالة الوقت في الوجود مع الله. ما أجمل قول المرتل في المزمور "محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز 119). فأسأل أنت نفسك كم من الوقت تقضيه مع الله؟ لا شك أنك تقضى أوقاتًا كثيرة في أحاديث وفى ترفيهات لا تفيدك شيئًا.. وكلها وقت ضائع. فيا ليتك تخصص وقتًا أطول للحديث مع الله. ولا تجعل هذه الأوقات في نهاية مشغولياتك، بل في قمة مشغولياتك. 2-تدريب على الاستيقاظ المبكر، وبدء اليوم بالصلاة. حيث يكون القلب صافيًا، ولم يزدحم بعد بأفكار العمل وسائر المسئوليات. ويكون البيت هادئًا، لم يستيقظ أهله بعد ولم تدركه الضوضاء. فتخلو مع الله بدون معطل، ويكون الله هو أول من تتحدث إليه في يومك، وتأخذ منه بركة اليوم كله.. 3-اهتم بصلوات الساعات في الأجبية: وإن لم تستطع خلال النهار أن تصلى كل ساعة بكمالها. فعلى الأقل يمكنك أن تصلى القطع والتحليل الخاص بها. وثق أن ذلك سوف لا يستغرق منك سوى دقائق معدودة ترفع فيها قلبك إلى الله خلال حروب النهار ومشغولياته. وينفعك في ذلك: الحفظ، فكلما كنت تحفظ قطع الأجبية ومزامير الأجبية، ستصليها بدون كتاب وبدون أن يشعر بك أحد 4- حاول أن تمارس الصلاة في كل مكان. مطيعًا قول الكتاب " صلوا كل حين" (لو 18: 1). " صلوا بلا انقطاع" (1تس 5: 17).. تدرب على الصلاة في الطريق، حتى لا تنشغل بمناظره. تدرب على الصلاة وأنت مع الناس، وبخاصة إن كانت أحاديثهم معثرة أو لا تعنيك. تدرب على الصلاة وأنت في طرق المواصلات، لكي تستفيد من الوقت.. يمكنك أيضًا أن تصلى في دخولك إلى بيتك، وفي خروجك منه. وكذلك في دخولك إلى مكان عملك، وفي خروجك.. وأيضًا في كل مقابلة ليعطيك الرب نعمة وتوفيقًا. 5- تدرب على الصلوات القصيرة المتكررة (الصلوات السهمية). مثل صلاة "يا رب يسوع المسيح ارحمني" أو "اللهم التفت إلى معونتى. يا رب اسرع وأعنى" أو "أحبك يا رب يسوع المسيح وأبارك اسمك" أو "أشكرك يا رب على كل حال".. أو أية آية صلاة تركبها من نفسك، وتكون مناسبة لحالك ومعبرة عن مشاعرك.. وكثرة ترديد الصلاة تجعلها تلتصق بعقلك الباطن بحيث يدور بها فكرك تلقائيًا، ويمكن أن تبقى معك حتى في نومك. ولعله ينطبق على هذا قول المرتل "كنت أذكرك على فراشى". 6-تدرب على الصلاة من أجل الآخرين. تدرب على الصلاة من أجل كل الذين هم في حاجة. من أجل أقربائك وأصحابك وزملائك.. من أجل الكنيسة بوجه عام، وكنيستك المحلية بوجه خاص، ومن أجل الخدمة.. صلاة أخرى من أجل المرضى والراقدين، ومن أجل المحتاجين إلى توبة. صلاة من أجل العالم والوطن.. وتتدرج في الطلبة لأجل الآخرين إلى أن تصلى من أجل أعدائك ومقاوميك. 7- تدرب أن تدخل الله في كل موضوع وكل مشكلة. فلا تقف وحدك في كل مشاكلك، ولا تعتمد في حلها على ذكائك وحده أو مجرد معونة الآخرين. إنما أشعر بأنك لا تستغنى عن الله في كل ما يعرض لك. وثق أن الصلاة ستجلب لك الشعور بالأمن والاطمئنان والسلام الداخلي. وثق أن مشاكلك قد تسلمتها يد أمينة قوية، يمكنها أن تدبر أمورك كلها. عندما تصلى من أجل مشكلة، إما أن يحلها الله وتنتهي، أو إن بقيت، يعطيك سلامًا قلبيًا من جهتها. وهذا هو أيضًا لون من حل المشكلة. فالمشكلة موجودة، ولكنك غير متضايق منها وغير مضطرب، وكأنك لا تشعر بوجودها. وأصبحت لا تعتبرها إشكالًا أو منغصًا.. إنها فاعلية الصلاة. 8-تدرب على الصلوات الخاصة، بالإضافة إلى الصلوات الطقسية. الصلاة التي تكلم فيها الله بكل صراحة، وتكشف له كل ما في قلبك. لا مانع إن تقول له " أنا يا رب أحبك. ولكني أشعر أنني أحب أمورًا أخرى في العالم تعطلني عنك. وكلما حاولت أن أنزعها من قلبي، أجد نفسي ضعيفًا أمامك. وأنا أعرف أن " محبة العالم عداوة لله" (يع 4: 4) لذلك أعطني يا رب أن أحبك المحبة الكاملة. وأنقذني بقوتك من كل ضد محبتك. لا تكن صلاتك مجرد عبارات منمقة مختارة منتقاة. بل لتكن كلمات صريحة نابعة من قلبك، بلا تكلف ولا تصنع.. تعبر عن حالتك ومشاعرك، بقلب مفتوح.. واحذر من أن تكون صلاتك مجرد روتين. 9- لكي تكون صلاتك بفهم، تدرب على التأمل في صلوات المزامير والأجبية وكل الصلوات المحفوظة. فكلما تغوص في معاني هذه الصلوات، ستجد لها عمقًا يصحبك في وقت الصلاة بها. بل ستتعلم أسلوب التخاطب مع الله. كما قال التلاميذ للرب " علمنا أن نصلى" (لو 11: 2). 10-إن كنت لم تصل بعد إلى الصلاة الطاهرة، فلا تمتنع عن الصلاة لهذا السبب. فالصلاة كأية فضيلة، يتدرج الإنسان في الوصول إلى كمالها. وقد قال ماراسحق: إن كنت تنتظر حتى تصل إلى الصلاة الطاهرة ثم تصلى. فإلى الأبد ما تصلى. لأن الصلاة الطاهرة نصل إليها بالصلاة.. 11-تدرب أنك تستمر في الصلاة، كلما أردت أن تنهيها.. فمن علامات نجاحك في الصلاة، إنك لا تستطيع أن تتركها وكأنك تناجى الرب وتقول "ابق معي يا سيدي" وتقول مع سفر النشيد "أمسكته ولم أرخه" (نش 3: 4).. بل إن كل طلبة أو لفظة تشعر بحلاوتها، فلا تريد تركها. كما قال أحد الآباء عن صلوات القديسين " ومن حلاوة الكلمة في أفواهم، ما كونوا يستطيعون تركها إلى لفظة أخرى.. " |
||||
30 - 12 - 2013, 05:29 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
أهمية الكتاب المقدس مبارك هو الرب الإله، الذي تنازل فكلمنا، نحن التراب والرماد. ومبارك هو لأنه أمر أنبياءه القديسين أن يسجلوا لنا كلامه، فبقى محفوظًا لنا في الكتاب المقدس منفعة لنفوسنا ونورًا لطريقنا. الكتاب المقدس هو كتاب الكتب أو هو الكتاب. فعندما يُقال "الكتاب" فقط، إنما يقصد به كتاب الله، كلامه الذي يتحدث به إلينا. الذي نطق به روح الله القدس في أفواه أنبيائه القديسين. "لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط 1: 21). لذلك فإننا في قانون الإيمان، نقول عن الروح القدس "الناطق في الأنبياء". وكما يقول الرسول "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تى 3: 16). الكتاب المقدس هو رسالة مقدمة إليك، ومن ذا الذي لا يفرح برسالة الله؟! القديس أنطونيوس الكبير وصلته رسالة ذات يوم من الإمبراطور قسطنطين. ففرح تلاميذه جدًا، ولكن القديس ترك الرسالة جانبًا، فتعجب تلاميذه وتحمسوا لقراءة الرسالة. فقال لهم " لماذا تفرحون يا أولادي هكذا لرسالة وصلتنا من إنسان؟ وهوذا الله قد أرسل لنا رسائل كثيرة في الإنجيل المقدس، ونحن لا نقابلها بمثل هذا الفرح والحماس؟! ثم بعد ذلك قرأ خطاب الإمبراطور وأرسل إليه يباركه. وأنت: إن وصلك خطاب من إنسان عزيز عليك، ألا تفرح به، وتقرؤه مرات.. ألا يليق بك أن تفعل هكذا برسالة تصل إليك من الله.. رسالة الله المرسلة إليك، التي نطق بها الروح، وتكلم بها الأنبياء مسوقين بالروح، هى كلمة مملوءة روحًا، نفهمها بالروح ونحياها. هى كما قال الرب: "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة" (يو 6: 63). إنه غذاء لأرواحنا تتغذى به فيكون لها حياة.. وكما قال الرب في سفر التثنية (تث 8: 3)، وردده السيد المسيح " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4). لأن الخبز هو طعام الجسد. والإنسان ليس مجرد جسد، بل له روح. والروح تتغذى بكلام الله الذي هو في كتابه المقدس. ففي الكتاب المقدس غذاؤنا اليومي، لأننا نحيا " بكل كلمة تخرج من فم الله". إنه خبز الحياة وغذاء الروح. ولعله بعض ما تقصده عبارة "خبرنا الذي للغد، أعطنا اليوم". إن رجل الله يفرح بالكتاب، "وفي ناموس الرب مسرته" (مز1) وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا. وعبارة "مسرته" تعنى أن وصايا الله ليست عبئًا عليه، وليست ثقيلة، وليست فرضًا، إنما هى سبب فرحه.. وعلاقته بالكتاب دائمة ومستمرة، يلهج فيه النهار والليل. ولا تظن أن هذه قيلت للرهبان وللعباد فقط، بل للجميع. قالها الرب لقائد جيش مثقل بالمسئوليات، يقود مئات الآلاف من الشعب.. ففى وصية الرب ليشوع بن نون خليفة موسى، يقول له الرب: "لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارًا. لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه، حينئذ تصلح طريقك، وحينئذ تفلح" (يش 1: 8). تصوروا قائدًا مشغولًا جدًا كيشوع، وعليه كل مسئوليات الحكم الضخمة: ومع ذلك يقول له الرب " لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك "؟!.. ليس هذا الكلام موجهًا إلى يشوع وحده، بل إلى كل واحد منا. ولذلك يقول المزمور الأول عن الرجل البار إنه " في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا" (مز 1: 2). داود النبي كان ملكًا وقائدًا ورب أسرة كبيرة وصاحب مسئوليات خطيرة. ومع ذلك يقول "ناموسك هو تلاوتي"، "شريعتك هو لهجي". ويتحدث عن علاقته بناموس الله وشريعته فيقول "سراجٌ لرجلي كلامك، نور لسبيلي"، "فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة"، "كلامك ألذ من العسل والشهد في فمي".. من أين كان لداود وقت يتلو فيه في كلام الله النهار والليل، وتصبح كلمات الله هى درسه وتلاوته ولهجه؟! إن آبائنا القديسين كانوا يحفظون كثيرًا من أسفار الكتاب عن ظهر قلب، وكان الكتاب يظهر في حياتهم. يا ليتنا نقيم مسابقات لحفظ آيات الكتاب. أتذكر أننى قلت مرة للناس: "احفظوا الإنجيل، يحفظكم الإنجيل، احفظوا المزامير، تحفظكم المزامير" وفي حفظ الآيات يمكن أن نرددها في داخلنا، ونتأمل معانيها وأعماقها في كل مكان، في البيت، وفي العمل، وفي الطريق، ووسط الناس. وهكذا نصادق الكتاب وكلماته، وتكون لنا نعم الرفيق.. حفظ الآيات وترديدها وتأملها فضيلة، والعمل بها فضيلة أعظم. ولذلك قال السيد المسيح " من يسمع كلامي ويعمل به يشبه إنسانًا بنى بيته على الصخر". ويقول الكاهن في أوشية الإنجيل "فلنستحق أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة".. عبارة " فلنستحق " هنا لها معنى عميق، لأنه من نحن حقًا، حتى نستحق أن نسمع كلام الله ونؤتمن على وصاياه؟! أحب أن أرى أناجيلكم الخاصة وقد ظهر عليها الاستعمال. تظهر قديمة ومخططة، وواضحة قراءتكم فيها واستعمالكم لها.. كلها ذكريات وتأملات، دخلت العقل والقلب وأصبحت جزءًا من الحياة. اقرأوا وتأملوا. اخلطوا الكتاب بأرواحكم، وادخلوا إلى أعماقه. لا تكتفوا بالمعنى القاموسي.. وبالتأمل ستجدون الآية الواحدة، وكأنها بحر واسع لا حدود له، كما قال داود: "لكل كمال رأيت منتهى، أما وصاياك فواسعة جدًا". قال هذا داود، في وقت لم تكن أمامه سوى تسعة أسفار تقريبًا، ونحن معنا الكتاب كله، بما في ذلك العهد الجديد وجميع الأنبياء. وكل كلمة فيه مملوءة من العمق وكنز للتأمل. الكتاب المقدس ليس فقط مصدر تأمل، إنما أيضًا مصدر عزاء. فى كل حالة من حالات الإنسان النفسية، يجد في آيات الكتاب ما يريح قلبه ويشبعه. فى حزنه يجد كلمة عزاء، وفي فرحه يجد فيه بهجته، وفى ضيقه يجد حلًا، وفى مشاكله يجد فيه سلامًا، وفي يأسه يجد آيات عن الرجاء.. الكتاب المقدس، كلماته مؤثرة. قد تقرأ بعضها وتقول لله "لا شك يا رب أنك قلت هذا الكلام من أجلى". لذلك خذ كلمات الله كأنها رسالة شخصية موجهة إليك. إليك أنت بالذات، و"من له أذنان للسمع فليسمع، ما يقوله الروح القدس للكنائس". من أجلك أنت بالذات نطق الروح على أفواه الأنبياء.. إنها رسالة أرسلها إليك أنت، وليس إلى أهل رومية أو أهل كورنثوس. عندما أرسل الامبراطور قسطنطين رسالة إلى القديس أنطونيوس، فرح أولاده. فقال لهم " إن الله – ملك الملوك – قد أرسل إلينا كثيرًا من الرسائل، فلماذا لم تفرحوا بها هكذا.. الكتاب المقدس ليس مجرد رسالة عزاء، إنما أيضًا سلاح: كل خطية، يمكن أن تضع أمامها وصية، فنجد أنها قد ضعفت أمامك، وأخذت أنت من الوصية قوة.. ما أقوى كلمة الرب، حتى أن لفظها صغير. " كلمة الله حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين" (عب 4: 12). الشيطان في التجربة على الجبل، ولم يستطع أن يحتمل كلمة الله، ولم يستطع أن يرد على شئ منها.. وكلمة الرب شاهدة علينا في اليوم الأخير، إن لم ننفذها. لو لم نعرف، لكان لنا عذر، ولكن أي عذر لنا، وهوذا كلام الله أمامنا يوضح لنا كل شيء؟! وكلام الله لم يكن مطلقًا لمجرد المعرفة، وإنما للحياة.. لذلك فلنعمل به.. إن كلمة الرب ستطاردنا في كل مكان نذهب إليه، ترن في آذاننا، وتتعب ضمائرنا إن لم نعمل بها ولن تجدينا مطلقًا تبريرات العقل الخاضع لشهوات النفس.. وفي نفس الوقت فإن كلمة الله في أفواهنا هى دليل على روحياتنا وعلى انتمائنا الديني. هناك أشخاص يتحدثون، فتمتلئ أحاديثهم بكلام العالم. وهناك من يتحدث، فتظهر في كلامه لغة الكتاب. من كثرة ترداده لألفاظ الكتاب، اعتاد أسلوبه، وتأثر بلغته، لذلك " لا يبرح سفر الشريعة من فمه". وكل من يسمعه، يقول له "لغتك تظهرك" (مت 26: 73). فلنعود أطفالنا استخدام آيات الكتاب، بأن يقولوا آية على كل ما يرونه: كتاب، شجرة قلم، أرض، باب، مائدة.. كل ما يقع تحت بصرهم.. الطفل الذي يتعود هذا، تدخل لغة الكتاب في ألفاظه وحياته. ولذلك لا يعرف لغة الخطاة، ولغة العالم، ولا يخطئ.. قال داود "خبأت كلامك في قلبى، لكيلا أخطئ إليك". إن الكلام يجب أن يوضع في القلب، في مركز العاطفة والحب والمشاعر، وليس فقط في الفم، أو في العقل في موضع المعرفة فقط. وحينما يكون كلام الله في القلب، حينئذ لا نخطئ، لأن وصية الله امتزجت بعواطفنا. ما أجمل قول الإنجيل عن مريم العذراء إنها " كانت تحفظ كل هذه الأمور متأملة بها في قلبها". من ضمن الأشخاص الذين أخطأوا، لأنهم خبأوا كلام الله في عقولهم وليس قلوبهم، أمنا حواء: سألتها الحية عن وصية الله، فأجابت بحفظ وتدقيق شديد، وفي نفس المناسبة كسرت الوصية وأخطأت. اقرأوا الكتاب المقدس. وثقوا أنكم في كل قراءته ستجدون شيئًا جديدًا. فكلمات الله غنية ودسمة، وهى ينبوع للتأملات لا ينضب لذلك نرى أن داود النبي إذ اختبر هذه الحقيقة يقول: "لكل كمال رأيت منتهى، أما وصاياك فواسعة جدًا" (مز 118). أي أن كل كمال له حدود، أما وصية الله فلا حدود لعمقها. فكما أن الله غير محدود، كذلك عمق كلماته غير محدودة. مهما تأملتها، تجد أن التأملات تفتح أمامك آفاقًا لا تُحَد.. هى جديدة باستمرار، جديدة على ذهنك وعلى فهمك. لهذا قال النبي "وجدت كلامك كالشهد فأكلته". وفي ذلك يقول داود النبي " ناموس الرب كامل، يرد النفس. شهادات الرب صادقة، تصير الجاهل حكيمًا. وصية الرب مستقيمة، تفرح القلب. أمر الرب طاهر ينير العينين.. أحكام الرب حق، عادلة كلها.. أشهى من الذهب والإبريز الكثير الثمن. وأحلى من العسل وقطر الشهاد" (مز 19). ثق أن كل كلمة تقرأها من الكتاب سيكون لها تأثيرها فيك وقوتها وفاعليتها دون شرح ودون وعظ. يكفى أن تذكر كلمة الله، لكي يقتنع الإنسان بدون نقاش وبلا جهد كثير. يكفى أن تذكر كلمة الله، لكي يشعر الإنسان بحضور الله في الوسط وبنعمة خاصة. وهذه الكلمة تنير له الطريق. إن الروح القدس الذي أوحى بالكلمة، هو يعطى قوة لتنفيذها. ولنتذكر أن الشعب لما سمعوا الكلمة في يوم الخمسين، قيل عنهم إنهم " نخسوا في قلوبهم" (أع 2: 37)0 وقال القديس بولس لتلميذه تيموثاوس " وأنت منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص" (2تى 3: 15).. يجد فيها الإنسان الإرشاد الإلهي، كما قال داود النبي "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" بل قال أكثر من هذا: "لو لم تكن شريعتك هى تلاوتي، لهلكت حينئذ في مذلتي" (مز 119). لهذا كله نلاحظ أن كنيستنا القبطية قد اهتمت بالكتاب المقدس اهتمامًا كبيرًا جدًا. |
||||
30 - 12 - 2013, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
اهتمام الكنيسة بالكتاب إن الكنيسة المقدسة تهتم اهتمامًا كبيرًا بالكتاب المقدس. ففي كل قداس، نقرأ فصلًا من الإنجيل في رفع بخور عشية، وفصلا آخر في رفع بخور باكر، وفصلًا ثالثًا هو إنجيل القداس. وإلى جوار قراءة الإنجيل مرات في كل قداس، توجد قراءات أخرى من رسائل بولس، ومن الرسائل الجامعة (الكاثوليكون)، ومن سفر أعمال الرسل (الأبركسيس)، إلى جوار مقتطفات من المزامير تسبق قراءة الإنجيل. وعندما تقرأ الكنيسة الإنجيل أثناء القداس الإلهي يقف شماسان بالشموع إشارة إلى أن هذا الإنجيل هو سراج لأرجلنا ونور لسبيلنا وأن كلمة الرب مضيئة تنير العينين. وقيل قراءة الإنجيل تصلى الكنيسة أوشية (طلبة) تسمى أوشية الإنجيل، يقول فيها الكاهن للرب " فلنستحق أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة، بطلبات قديسيك". أي أن مجرد سماعنا للإنجيل يحتاج إلى استحقاق، ويحتاج إلى صلاة، وإلى طلبات القديسين. والشعب كله يسمع وهو واقف. بينما يصرخ الشماس صائحًا " قفوا بخوف من الله، وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس". يقف الشعب كله في خشوع. ورئيس الكهنة يرفع تاجه من على رأسه احترامًا لكلمة الله. ويُقَبِّل الشعب الإنجيل محبة له. ويكون الأب قد حَمَلَ الإنجيل على رأسه ودار به حول المذبح، إشارة إلى انتشار الإنجيل في المسكونة كلها.. كما أن عظات الكنيسة كلها مبنية على آيات من الكتاب المقدس. وكذلك كل مناهج التعليم الديني. ومع اهتمام الكنيسة بالتقليد، إلا أن كل الأمور الواردة فيه، لا يمكن أن تتعارض مع شيء من الكتاب، بل تثبتها آيات الكتاب المقدس. كما أن مجرد الاعتقاد بالتقليد، وبالتسليم الرسولي أمر يثبته الكتاب أيضًا. ونرى الإنجيل ثابتًا في صلواتنا اليومية. في الصلوات السبع، صلوات الأجبية، التي يصليها المؤمن كل يوم، والتي تصليها الكنيسة في قداساتها وفي اجتماعاتها: تشمل عددًا كبيرًا من المزامير، وهى جزء من الكتاب. في فصل من الإنجيل في كل ساعة، ومقدمة من رسالة بولس الرسول إلى أفسس في صلاة باكر. وهكذا فإن من يداوم على صلوات الأجبية سيحفظ بالضرورة فصولًا من الإنجيل وعديدًا من المزامير. وفي كل سر من أسرار الكنيسة فصول من الإنجيل. ففي صلاة القنديل (مسحة المرضى) مثلًا، تقرأ سبعة فصول من الإنجيل، خلال سبع صلوات. وفى صلاة تقديس المياه في المعمودية تقرأ فصول عديدة من الكتاب. وحتى صلاة القداس الإلهي تعتمد غالبيتها على آيات من إنجيل يوحنا (20: 22، 23). ونفس الوضع بالنسبة إلى الصلوات الطقسية. فصول عديدة من الكتاب بعهديه في طقس اللقان، وفي تدشين الكنائس ، وفي مباركة المنازل الجديدة، وفى سيامةالرهبان أو الراهبات. وفي ليلة أبوغالمسيس يُقرأ سفر الرؤيا كله، مع عدد كبير من التسابيح وبخاصة من العهد القديم. وما أكثر فصول الكتاب من العهدين التي تقرأ خلال أسبوع الآلام. والعهد القديم نقرأ منه أيضًا في الصوم الكبير وفي صوم يونان، وفي كل ساعات البصخة المقدسة. وهو أساس لكثير من قطع الأبصلمودية. هل يوجد اهتمام بالكتاب المقدس أكثر من هذا؟! وفي سيامةالآباء البطاركةوالأساقفة، يوضع الكتاب المقدس فوق رؤوسهم، ليلتزموا بتعليمه.. بقى أن أحدثك عن فائدة قراءة الكتاب المقدس في حياتك. بل أيضًا كيف تقرأ الكتاب، وما هى علاقتك به. وكذلك أريد أن أذكر لك تدريبات معينة تُعَمِّق علاقتك بالكتاب. |
||||
30 - 12 - 2013, 05:33 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
علاقتك بالكتاب المقدس علاقتك بالكتاب المقدس تتركز في نقاط رئيسية أهمها: اقتناء الكتاب، اصطحابه، قراءته، فهمه، التأمل فيه، دراسته، حفظه. وفوق الكل: العمل به، والتدرب على وصاياه وتحويلها إلى حياة. 1- اقتناء الكتاب: ينبغي على كل شخص أن يقتنى الكتاب المقدس، سواء أكان كتابًا كبيرًا على مكتبه للقراءة والدراسة، أو كتابًا صغيرًا يكون في الجيب أو حقيبة اليد: لا يفارقه. بل يصحبه في كل مشوار في كل رحلة، في كل مكان، أثناء وجوده في العمل، أو في وقت الراحة، أو أثناء الجلوس مع الناس يكون صديقه ورفيقه في دخوله وخروجه، في انتقاله وترحاله. يشعر أنه لا يستطيع الاستغناء عنه إطلاقًا. إن نسى أخذه معه، يحس أنه قد فقد شيئًا هامًا: أخشى أن يكون الكتاب المقدس غريبًا في بيوتنا أو حياتنا "ليس له أين يسند رأسه" (لو 9: 58)، أو أنه يسند رأسه في مكتبتك أو على مكتبك وليس في ذهنك ولا قلبك! نعم،لست اقصد باقتناء الكتاب أن يكون تحفة في بيتك، أو تميمة في جيبك، إنما يجب أن يكون لاستعمالك الدائم. وأنت لا تصل إلى صداقة الكتاب هذه، إلا إذا كنت تحبه.. 2- محبة الكتاب المقدس: تحب الكتاب لأنه رسالة الله إليك، تتلقفها في حب.. تمامًا كما يصل الإنسان خطاب من حبيب له، يقرؤه ويعيد قراءته، لأنه كلام عزيز عليه.. كما يقول داود النبي عن كلام الله إنه "أشهى من الذهب.. وأحلى من العسل وقطر الشهاد" (مز 19: 10). ويقول عنه الرب في المزمور الكبير: "إن كلماتك حلوة في حلقي. أفضل من العسل والشهد في فمي". ويقول أيضًا "أحببت وصاياك أفضل من الذهب والجوهر"، "ممحص قولك جدًا. عبدك أحبه"، "أبتهج بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة"، "اشتهيت وصاياك"، "أحببت وصاياك"، "أحببت شهاداتك"، "لكل كما رأيت منتهى. أما وصاياك فواسعة جدًا" (مز119). ويقول أيضًا: "لو لم تكن شريعتك هى تلاوتي، لهلكت حينئذ في مذلتي" (مز119) وهكذا إن أحببت الكتاب، تجد لذة في قراءته ومتعة. وهذه اللذة تجعلك تداوم على القراءة وتلهج بها. 3- المداومة على قراءة الكتاب: يقول المزمور الأول عن الإنسان الطيب المطوَّب: " في ناموس الرب مسرته. وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا". وهذه هى الوصية التي قالها الرب ليشوع بن نون " لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارًا وليلًا، لكي تتحفظ للعمل بكل ما هو مكتوب فيه " (يش 1: 8). إن قراءة الكتاب تكون أفيد، إن كانت بمواظبة ومداومة. وبطريقة منتظمة، كل يوم.. وذلك لكي تتشبع بروح الكتاب، ويثبت تأثيرها فيك، وتصبح قراءته عادة عندك. ويمكن أن تضع لنفسك أن تقرأ فقرات من كتاب في كل صباح قبل أن تخرج من بيتك، لتكون مجالًا لتفكيرك وتأملاتك خلال اليوم، وتملأ ذهنك في مشيك وفي دخولك وخروجك. كما تقرأ أيضًا فصلًا آخر قبل النوم، لكي تفكر في هذه الآيات قبل النوم، فتصحبك حتى في أحلامك.. إن القراءة المنتظمة في الكتاب تساعد على الهذيذ فيه، أو اللهج به، واستمراره في الفكر.. وهكذا تستطيع أن "تلهج به نهارًا وليلًا" حسب الوصية. وإن كان هذا اللهج ممكنًا لملك عظيم مثل داود النبي، أو قائد عظيم مثل يشوع، على الرغم من كثرة مسئولياتهما، فكم بالأولى نحن ولا شك أننا أقل منهما مشغولية بكثير..؟! ولقراءة الكتاب عناصر هامة تساعد على الاستفادة منه، نذكر من بينها: 4-القراءة بخشوع: أنت في القراءة تستمع إلى الله يكلمك، فاسمعه بخشوع.. وبقدر خشوعك في القراءة، يكون تأثير كلام الله عليك. لأن قلبك يكون في ذلك الوقت مستعدًا، شاعرًا بأنه في حضرة الله.. ولذلك فإن الكنيسة حينما تتلو علينا قراءات من الكتاب في القداس الإلهي، يصيح الشماس قائلًا "قفوا بخوف من الله، وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس".. والأب الكاهن قبل قراءة الإنجيل، يرفع البخور ويصلى أوشية يقول فيها: اجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة.. " إن مجرد السماع يحتاج إلى استحقاق، ويحتاج إلى استعداد، ونحن نذكر أن موسى النبي-قبل سماع الوصايا العشر- دعا الشعب أن يتطهروا ويتقدسوا مدة ثلاثة أيام، لكي يستحقوا أن يسمعوا كلمة الله إليهم" (خر 19: 10 – 15). فالذي يقرأ كلمة الله باستهانة وإهمال، لا يتأثر ولا يستفيد. تعود إذن أن تقرأ الكتاب بهيبة واحترام.. تذكر أنك في الكنيسة تقف، ويخلع رئيس الكهنة تاجه أثناء القراءة احترامًا لكلمة الله، فلا تكن أنت في الكنيسة بروح، وفي البيت بروح آخر.. وماذا أيضًا في عناصر القراءة؟ 5-القراءة بفهم: ادخل إلى عمق الكلام الإلهي، وفهم المقصود منه.. اقرأ بتأمل وعمق. فـ"الْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ" (سفر دانيال 12: 3). كان الكتبة والفريسيون من علماء اليهود، ومع ذلك ما كانوا يفهمون معنى وصية تقديس السبت. وما كانوا يفهمون معنى كلمة (القريب)، حتى شرح الرب مثال السامري الصالح.. وأهمية الفهم لازمة جدًا، حتى أن الرب يقول: " هلك شعبى من عدم المعرفة" (هو 4: 6) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ومن لوازِم المعرفة، عدم الاعتماد على آية واحدة. فالإنجيل ليس آية واحدة. وإنما هو كتاب. ومجرد آية، لا يعطى معنى متكاملًا لقصد الله ووصيته.. ولذلك: اجمع الآيات التي تخص موضوعًا واحدًا، واخرج بمعنى متكامل. ومن ضمن الشروط التي تساعدك على فهم كلمة الله: أن تقرأ بروح، وبعمق.. فليس المهم في كثرة ما تقرأه، ولو بغير فهم أو بغير تأمل!! وإنما تكمن استفادتك في العمق الذي تقرأ به، حيث تدخل كلمة الله إلى أعماق فكرك وإلى أعماق قلبك وتجعلها تمس مشاعرك لذلك اهتم بروح الوصية، وليس بمجرد النص. فكلام الله -كما قال- "هو روح وحياة" (يو 6: 63). لذلك عليك أن تعرف روح الوصية، ولا تتمسك بحرفيتها، لأن القديس بولس الرسول يقول في هذا المعنى: "لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل لكن الروح يحيى" (2كو 3: 6). والشخص الروحي يسلك بروح الوصية، وليس بمجرد حرفيتها، كما كان يفعل الكتبة والفريسيون.. وفهم الكتاب لازم جدًا، سواء من جهة الروحيات أو من جهة العقيدة والإيمان. كثيرون كانوا يقرأون الكتاب، ولكنهم ضلوا لأنهم ما كانوا يعرفون المفهوم السليم، فلم يدركوا "ما يقوله الروح للكنائس" (رؤ2، رؤ3). وهكذا يقول السيد المسيح له المجد " تضلون إذ لا تعرفون الكتب" (مت 22: 29). لذلك حاول أن تعرف، استشر واسأل.. كثيرون من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب، بل حسبهم البعض علماء ولكنهم ضلوا لعدم الفهم. أو أنهم كانوا أحيانًا يأخذون آية من الكتاب، ويتركون باقي الآيات التي تكمل الفهم. فمثلًا يوردون قول الرب "لأن أبى أعظم منى" (يو 14: 28)، ولا يضعون إلى جوارها "أنا والآب واحد" (يو 10: 30). أو يقول البعض: قال الرسول "آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك" (أع 16: 31). ولا يذكرون معها قول الرب "من آمن وأعتمد خلص" (مر 16: 16). لذلك إن قال لك البعض: مكتوب "كذا"، قل له كما قال الرب "ومكتوب أيضًا" (مت 4: 7). إن قال لك أحد المتزمتين: مكتوب "بكآبة الوجه يصلح القلب" (جا 7: 3). قل له ومكتوب أيضًا افرحوا" (فى 4: 4). ومكتوب كذلك " لكل شيء تحت السموات وقت.. للبكاء وقت، وللضحك وقت" (جا 3: 1، 4).. هكذا كن حكيمًا في فهم ما تقرأ.. إن حاربك السبتيون بحفظ السبت قائلين: مكتوب "اذكر يوم السبت لتقدسه" (خر 20: 8). قل لهم ومكتوب أيضًا "لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هى ظل الأمور العتيدة" (كو 2: 16، 17). إن آيات الكتاب -إذا اجتمعت معًا- تكون تكاملًا وتناسقًا وعمقًا للفهم، واستخدامًا لكل شيء في موضعه. ماذا أيضًا عن علاقتك بالكتاب؟ هناك نقطة هامة أخرى وهى: 6- حفظ آيات الكتاب: حاول أن تحفظ آيات من الكتاب تمثل مبادئ روحية معينة، أو أسسًا في العقيدة والإيمان، أو وعودًا من الله تشجعك وتعزيك، أو تشمل ردودًا على مسائل تشغلك وهذه الآيات وترددها كثيرًا في ذهنك وقلبك، بلون من الهذيذ الذي يلصقها بروحك وأعماقها، ويدخلها في عقلك الباطن، ويحفرها في ذاكرتك فتخرج منها حين تحتاج إليها.. والأمثلة على حفظ آيات الكتاب كثيرة: البعض يحفظ مثلًا العظة على الجبل (مت 5 – 7). أو صفات المحبة (1كو 13)، أو توصيات روحية كثيرة في (رو 12) وفي (1تس 5). أو اجزاء من سفر الأمثال أو سفر الجامعة. أو الوصايا العشر في (خر 20، تث 5). أو يحفظ عددًا كبيرًا من المزامير، ومن صلوات الأنبياء في الكتاب المقدس. أو آيات متفرقة تترك تأثيرًا في قلبه حين قراءتها. أو آيات خاصة بفضائل معينة، أو خاصة بعقائد إيمانية، أو تمثل ردودًا على حروب روحية.. والأمثلة في هذا المجال عديدة جدًا.. لو أن الإنسان الروحي حفظ آية واحدة كل يوم، كم ستكون محفوظاته في عام كامل؟ بل كم ستكون محفوظاته في عدة أعوام؟! وحتى إن حفظ واحدة كل أسبوع، لا شك سيحفظ 52 آية في العام، أو 520 آية في عشرة أعوام. ويعتبر هذا قدر ضئيل جدًا يتعبه بسببه ضميره. ويبقى بعد ذلك استخدام الآية التي يحفظها.. وقد كنت كثيرًا ما أقول لأبنائي في هذا الصدد: احفظوا الإنجيل، يحفظكم الإنجيل.. احفظوا المزامير، تحفظكم المزامير.. ولكن كيف تحفظكم؟ ولداود النبي تأملات كثيرة في هذا الموضوع. انتقل الآن إلى نقطة أخرى وهى: 7- التأمل في الكتاب: ما تقرأه من الكتاب، وما تحفظه من آياته، يمكن أن يكون مجالًا لتأملاتك. تخلط به روحك وفكرك، وستجد نتيجة ذلك بما يوحى به إليك. وترى أن لكل كلمة معاني ودلائل، تتجدد في قلبك وتتعدد، وتدخلك في جو روحي. نصيحتي لك إذن، أنك لا تقتصر على مجرد القراءة، وإنما أدخل إلى أعماقها بالتأمل، وقد كتبت لك موضوعًا عن التأمل يمكن أن تقرأه. نصيحة أخرى خاصة بقراءة الكتاب وهى: 8- اقرأ بروح الصلاة: ابدأ القراءة بالصلاة، طالبًا من الله أن يعطيك فهمًا، ويكشف لك مشيئته. وقل كما قال داود النبي في المزمور الكبير: " اكشف يا رب عن عيني، لأرى عجائب من شريعتك" (مز 119). واختم القراءة بالصلاة، طالبًا من الرب أن يعطيك قوة للتنفيذ. وكما أعطاك فهمًا، يعطيك رغبة وإرادة. بل اصحب القراءة أيضًا بالصلاة، وكما يقول الكتاب "وعلى فهمك لا تعتمد" (أم 3: 5). حاول بالصلاة أن تستلم رسالة الله إليك. البعض يضع في ذهنه فكرة مسبقة استقر عليها، ثم يقرأ ليبحث عن آية تثبت له ما قد استقر فكره عليه. أو يحاول أن يطوِّع كلام الكتاب لأفكاره!! أما أنت فلا تكن هكذا، إنما اقرأ لكي تتعلم ولكي تعرف. ويلزمك لذلك روح الاتضاع في صلاتك.. الاتضاع الذي تخضع به لتعليم الكتاب، وتغير وتصحح به فكرك.. والاتضاع الذي تطلب به المعرفة، قائلًا مع داود النبي "علمني يا رب طرقك. فهمني سبلك"، وكأنك وأنت تقرأ تقول له: "ماذا تريد يا رب أن أفعل؟" (أع 9: 16). أما ماذا تفعل، فهذا ما أريد أن أحدثك عنه فيما بعد. |
||||
30 - 12 - 2013, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
تأثير الكتاب المقدس من الآيات الواضحة جدًا عن تأثير كلمة الله، هى قوله تبارك اسمه "هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إلى فارغة، بل تعمل ما سررت به، وتنجح في ما أرسلتها له" (أش 55: 11). نعم، إنه كلمة الله لا ترجع فارغة. إن لها قوتها، ولها تأثيرها. الذين اختبروا قوة الكلمة في حياتهم، يستطيعون أن ينقلوا هذه القوة إلى غيرهم أيضًا.. إن القديس بولس الرسول في شرحه لقوة الكلمة وتأثيرها يقول " كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل، ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب 4: 12) ولعل إنسانًا يقول: إذن لماذا اقرأ ولا أتأثر؟! يقينًا إن العيب هو فيك أنت، وليس في الكلمة، إن كلمة الله مثل سيف ذي حدين. بالنسبة إلى اللحم يقطعه، ولكنه لا يقطع الصخر. لذلك قال الرب في سفر حزقيال النبي "وانزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم" (حز 36: 26). فما هو نوع قلبك الذي يستقبل كلمة الله. أهو قلب حجر أو قلب صخر؟ إن عذراء النشيد سمعت صوت الرب يناديها "افتحي لي يا أختي يا حبيبتي، يا حمامتي، يا كاملتي، فإن رأسي قد امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل" (نش 5: 2). ومع ذلك لم تفتح، واعتذرت بأعذار..! إن كلمة الله حية وفعالة. ولكنها تعمل بالأكثر في الذين يفتحون قلوبهم لها، ويريدون أن تعمل فيهم. ومع ذلك فإن كلمة الله إن لم تعمل فيك اليوم، فقد تعمل بعد حين.. ولا ترجع فارغة. ستظل راسخة في عقلك الباطن. وفي وقت ما، حينما يصبح قلبك مهيئًا لها، وحينما تكون الظروف مناسبة، تجد الكلمة قد خرجت من ذاكرتك، ولصقت بقلبك، وأخذت تعمل عملها. وكأن عدم استجابتك الأولى كانت تصرفًا مؤقتًا، أو فترة أو لحظة فتور، تستيقظ بعدها إلى نفسك. مثل عذراء النشيد التي اعتذرت أولًا عن فتح باب قلبها. ثم عادت تقول "حبيبي مد يده من الكوة، فأنت عليه أحشائي.. نفسي خرجت عندما أدبر.." (نش 5: 4، 6) ليست كل بذرة تلقى على الأرض، تخرج ثمرًا في نفس الوقت. وربما بعد أيام أو شهور لذلك اختزن كلام الله في قلبك وفي ذهنك، وسيعطى ثمره في الحين الحسن. وبخاصة إذا كنت تتعهده بالاهتمام، وتلهج فيه النهار والليل، وتحفظه من الموانع التي تعوق عمله، سواء أكانت موانع داخلية أو خارجية.. ربما بذرة في الأرض، ولم تصل إليها المياه، فظلت كما هى، والحياة فيها ولكنها كامنة. ثم وصلتها المياه بعد أيام، فبدأت هذه الحياة تنشط وتظهر على وجه الأرض. لذلك ما أجمل قول الكتاب "ارم خبزك على وجه المياه، فأنك تجده بعد أيام كثيرة".. ولهذا لا تيأس في الخدمة، إن لم تلاحظ للكلمة ثمرًا سريعًا.. بل اصبر وانتظر الرب، ولا تتضجر. فليست كل النفوس من نوعية واحدة. وليست كلها سريعة الاستجابة. وليست كل الظروف الخارجية مواتية.. هناك من يسمع الكلمة فيتأثر بسرعة. وهناك من يحتاج بعدها إلى شرح وإقناع، وإلى متابعة وحل الإشكالات التي تعترضه في التنفيذ.. هناك من يأخذ الكلمة للمعرفة وليس للحياة. يتناولها بعقله لا بروحه، ليوسع بها مداركه لا ليطهر بها قلبه.. وهذا الفارق بين العالم والعابد فالعالم يقرأ الكتاب ويدرسه، ويشرحه ويفسره كما كان يفعل الكتبة والفريسيون وهم جلوس على كرسي موسى (مت 23: 2). يعلمون ولا يعملون. أما العابد فيشبه داود النبي الذي كان يقول " خبأت كلامك في قلبي، لكيلا أخطئ إليك" (مز 119: 11). هذا كان هدفه من كلام الله. |
||||
30 - 12 - 2013, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
عمل الكتاب المقدس فيك إن استجبت لكتاب الله وتركت كلمته تعمل فيك، فماذا تراه سيكون عمل الكلمة الإلهية فيك؟ إن النتائج كثيرة بلا شك، فنحاول أن نتتبعها.. 1- إنها تجمع العقل من الطياشة وتشغله بالإلهيات لو تركت فكرك على سجيته، فلست تدرى في أي موضوع يطيش. ولكن القراءة عمومًا تجمع العقل من تشتته، وتركزه في موضوع القراءة. أما قراءة الكتاب بالذات، فإنها تهدى الفكر إلى ميناء سليم. والخشوع في القراءة يعطي تركيزًا أكثر بسبب توقيرك لكلمة الله. ويكون لهذا التركيز تأثيره الروحي. 2- قراءة الكتاب تمنحك فهمًا واستنارة ومعرفة.. لذلك يقول المرتل في المزمور "سراجٌ لرجلي كلامك ونورًا لسبيلي" (مز 119: 105). ويقول أيضًا "وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد" (مز 19). لهذا نحن نوقد الشموع ونحملها أثناء قراءة الإنجيل، متذكرين هذه الاستنارة. أما عن الفهم فيقول المرتل: "شهادات الرب صادقة، تصير الجاهل حكيمًا " بل يقول أيضًا " أكثر من جميع الذين يعلمونني فهمت، لأن شهاداتك هى درسي. أكثر من الشيوخ فهمت، لأني طلبت وصاياك" (مز 119: 99). بهذا الفهم يتعلم الإنسان طرق الرب، يعرف كيف يسلك، ويقتنى موهبة الإفراز والحكمة. وبخاصة لو اهتم بمعرفة كيف كان قديسو الكتاب يسلكون، وكيف كانوا يتعاملون مع الله ومع الناس. وأخذ من تصرفاتهم أمثولة لحياته يقتدي بها (عب 13: 7). 3- بل قراءة الكتاب ترشده أيضًا إلى العقيدة السليمة. وذلك إذا قرأ بفهم وتحت إرشاد. وكل عقيدة حفظ لها آية أو بضع آيات. وصارت آيات الكتاب تحفظه من البدع والهرطقات ومن كل تعليم خاطئ. وهذا ما كان يفعله آباء الكنيسة الكبار أبطال الإيمان. إذ كانوا يقاومون البدع عن طريق فهمهم للكتاب ومحصول الحفظ العجيب لآياته في أذهانهم. 4- الكتاب أيضًا يرشد قارئه إلى حياة التوبة إلى النمو الروحي. فى ضوء وصاياه، يمكن أن يصل إلى محاسبة النفس بطريقة سليمة، فيكتشف ضعفاته وخطاياه. ويعرف أن المطلوب منه ليس هو فقط التوبة عن الخطية، بل بالأكثر حياة القداسة والكمال حسب قول الرسول " نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة. لأنه مكتوب كونوا قديسين لأني أنا قدوس" (1بط 1: 15، 16) (لا 11: 44). ويقول الرب أيضًا " فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت 5: 48) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ويشرح الكتاب بالتفصيل حياة التوبة والقداسة والكمال، ويقدم لها مثلًا. ومن الناحية العكسية يقول: " تضلون إذ لا تعرفون الكتب" (مت 22: 29). 5- وقراءة الكتاب تمنح العقل والإرادة لونًا من الاستحياء، إذا تعرض الإنسان لإغراء الخطية. إذ كيف أن فكره الذي تقدس بكلام الله وبالجو الروحى أثناء قراءته، يعود ويتدنس بفكر الخطية. 6- وفي محاربات الشيطان، يستطيع الإنسان أن يرد على الخطية بالوصية. وذلك حسبما شرح القديس مارأوغريس في كتابه عن حروب الأفكار.. فإذا ضاع وقتك في الثرثرة والكلام الكثير، تذكر قول الكتاب "إن كثرة الكلام لا تخلو من معصية" (أم 10: 19). وقول المرتل "ضع يا رب حافظًا لفمي وبابًا حصينًا لشفتي". وإذا حوربت بالغضب تذكر قول الرسول "ليكن كل إنسانًا مسرعًا إلى الاستماع. مبطئًا في التكلم، مبطئًا في الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع 1: 19، 20) وأيضًا قول الكتاب " لا تصطحب غضوبًا، ومع صاحب سخط لا تجئ" (أم 22: 24). وإذا حوربت بالنظر الشهواني، تذكر قول الرب "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (مت 5: 28). وتذكر أيضًا قول أيوب الصديق "عهدًا قطعت لعيني، فكيف أتطلع في العذراء" (أى 31: 1). وهكذا كانت آيات الكتاب ثابتة في ذهنك وفي قلبك، تستطيع أن تسترجعها، وترد بها على كل حرب روحية يحاربك بها العدو.. مجرد تذكر الوصية يخجلك، ويرد قلبك عن ارتكاب الخطية. وغالبًا الشخص الذي يخطئ، يكون وقتذاك في حالة نسيان لوصايا الله. محبة الخطية قد خدرته. 7- كلام الكتاب أيضًا يعزيك في ضيقاتك، ويقويك كلما ضعفت. وكثيرًا ما كان داود النبي يقول في مزاميره للرب "وعلى كلامك توكلت" (مز 119: 81). ويقول له أيضًا "اذكر لعبدك القول الذي جعلتني عليه أتكل، هذا الذي عزاني في مذلتي " (مز 119).. وكلما كان يتعرض لهجمات الأعداء كان يقول "لولا أن الرب كان معنا حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء.. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا. عوننا من عند الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز 123)0 ما أكثر كلام الكتاب عن الرجاء.. الذى يقرأه ويحفظه، يستريح قلبه ويجد سلامًا، بل كما قال الرسول "فرحين في الرجاء" (رو 12: 12).. إن وعود الله في كتابه المقدس، تعطى النفس اطمئنانًا عجيبًا، مثل قوله " ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20). وقوله " وأما أنتم، فحتى شعور رؤوسكم محصاة. فلا تخافوا" (مت 10: 30، 31). وقوله " أنا معك. لا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 18: 10).. وما أكثر الآيات. ليتك تجمعها وتحفظها.. ويعوزني الوقت إن تكلمت، ولا تكفي الصفحات. 8- فالكتاب فيه كل شيء، لكل أحد، في كل حالة. أيًا كانت ظروفك، أيًا كانت حالتك النفسية، فسوف تجد في الكتاب رسالة لك تريحك. تجد فيه كل ما يلزمك، وما يناسبك. يكفي مثلًا كتاب (المزامير) فيه كل ألوان المشاعر والصلوات. وسفر الأمثال فيه كل أنواع النصائح. وكل سفر يحوي لك رسالة معينة إن أحسنت انتقاءها وفهمها.. |
||||
30 - 12 - 2013, 05:39 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
استخدامك للكتاب المقدس 1 يمكنك أن تستخدمه أولًا كمادة للصلاة. فبالإضافة إلى صلاتك قبل القراءة وبعدها، فإن قراءة الكتاب تشعل فيك مشاعر معينة تجد نفسك محتاجًا أن تحولها إلى صلاة. وكذلك فإن قراءة سفر كالمزامير مثلًا يعلمك كيف تصلي، ومنه تعرف أسلوب التخاطب مع الله. ونفس الوضع في قراءاتك لصلوات رجال الله في الكتاب، مثل صلاة دانيال النبي (دا9). وصلاة عزرا (عز9)، وأيضًا صلاة نحميا (نح1) وصلاة سليمان (1مل8)، وصلاة يونان في بطن الحوت (يون2). وتسبحة العذراء (لو1). وباقي التسابيح والصلوات التي في الكتاب. بأن تتخذ حادثًا من الأسفار التاريخية مجالًا للتأمل، أو إحدى المعجزات، أو مثلًا، أو آية. وتخلط بكل ذلك قلبك وفكرك، وتسجل تأملاتك. 3 أو تتخذ وصايا الكتاب مجالًا للتداريب الروحية. بما يناسب مستواك واحتياجك الروحي، لكي تنمو في حياة الفضيلة. وستجد شرحًا طويلًا لهذا في مقالنا عن التداريب الروحية. 4 أو تتخذ من قراءة الكتاب مجالًا للتوبة. فإن قرأت مثلًا قول الرب "إن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، أترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك" (مت25: 23، 24)، تجد في داخلك دافعًا قويًا أن تذهب لتصالح من أسأت إليهم. وإن قرأت آيات عن النذر (جا5: 4، 5).. تجد أنك ملزم أن توفي للرب نذورك التي تأخرت في دفعها. 5 يمكن أن تتخذ كثيرًا من الآيات مجالًا للحفظ. |
||||
|