فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة. من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الربأف5: 15-17)
إذا أردنا أن نلخص الإعلان في رسالة أفسس في ثلاث كلمات موجزة، نستطيع أن نقول « جلوس ... سلوك ... وقوف »، ولزيادة التوضيح نقول « جلوس مع المسيح .. سلوك كما يليق .. وقوف بثبات ».
إن معظم المؤمنين يخطئون عندما يحاولون أن يسلكوا أولاً قبل أن يجلسوا، إذ أن هذا يخالف الترتيب الإلهي الصحيح. قد يكون المنطق البشري هو كيف نبلغ الهدف إن كنا لا نسير؟ وكيف ندرك ما نسعى إليه بدون مجهود؟ وهل يستطيع الإنسان أن يصل إلى أي مكان بدون أن يتحرك؟ لكن يا أحبائي أليست الحياة المسيحية شيئاً عجيباً! فإن كنا من البداية سنحاول أن نعمل شيئاً، فلن نحصل على شيء. وإذا أردنا أن نصل إلى شيء، فسيفوتنا كل شيء. ذلك لأن المسيحية لا تبدأ بعمل عظيم من جانبنا، لكن العمل العظيم قد تم. ولذلك فرسالة أفسس تبدأ بالبركة « مبارك الله ... » وتنتهي بالسلوك « اسلكوا كما يحق للدعوة ... » وهكذا توضع الأمور في نصابها الصحيح.
وسلوكنا وسيرتنا يجب أن يكونا مصحوبين بالحكمة « فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء، مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة » .. هذه الحكمة التي من جهة تقتنص كل فرصة سانحة لخدمة الرب، ومن جهة أخرى تفهم مشيئته ودواعي سروره. إن الخدمة المرضية للرب ليس أننا ننفذ العمل كيفما اتفق، ولكن أن ننجزه وفق مشيئة الذي نخدمه.
وهناك ارتباط بين فكرة افتداء الوقت من جانب، والسلوك بالحكمة من الجانب الآخر. وهذا الارتباط على جانب عظيم من الأهمية، ونستطيع أن نراه في مَثَل العشر عذارى، فالعذارى الحكيمات أدركن الوقت المناسب لملء المصابيح بالزيت، أما الجاهلات فلم يدركن وقت مجيء العريس، فضاعت عليهن الفرصة. إذاً فعامل الوقت هو الذي ميَّز بين الحكيمات والجاهلات.
ولذلك كان من الضروري أن يجيء التحريض بعد ذلك على الملء بالروح (أف5: 18). إن هذا الملء سيُخرجنا من دائرة أنفسنا لنخدم المسيح بقوة غير عادية، بل سيعرّفنا ما هي مشيئة الرب، وكيف تكون لنا الحكمة في استغلال الوقت، مغتنمين كل فرصة ومفتدين الوقت.