|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في هذا المنظر تجلى لإرميا النبي حب الله لشعبه وصبره وطول أناته، كيف يشَّكل الطبيعة الفاسدة ليقيم منها إناءً للكرامة مقدسًا نافعًا للمجد (2 تي 2: 21). وكما سبق فصرخ إشعياء النبي: "الآن يا رب أنت أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا. وكلنا عمل يديك، لا تسخط كل السخط يا رب، ولا تذكر الإثم إلى الأبد" (إش 64: 8-9). قبل أن يصنع الفخاري الإناء يرتسم شكله في ذهنه، فيراه مخفيًا وراء كتلة الطين التي بلا شكل، وينتظر خروجه إلى عالم الوجود. هكذا يرانا الله آنية كرامة مُعدة للمجد الأبدي، يرانا خلال طبيعتنا الترابية التي يعيد تشكيلها في مياه المعمودية بعمل روحه القدوس الناري. حياتنا الزمنية أشبه بقطعة طين تدخل الدولاب الذي يدور في اتجاه واحد، فنظنها وليدة صدفة أو حياة مملة، لكن يدي الفخاري لا تتوقفان عن العمل لكي يحقق خطته تجاهنا. علينا أن نلبث في الدعوة التي دعينا إليها (1 كو 7: 20)، متكئين على صدر المخلص العامل فينا، فنشعر بلمسات يديه المجروحتين لأجلنا، وندرك عنايته وحبه الباذل فنقول: "الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا معه كل شيء؟!" (رو 8). بيديه يعيد تشكيلنا، فجعل من سمعان الذي يخشى جارية بطرس الصخرة التي لا تهتز أمام ملوك وولاة، ومن شاول الطرسوسي مضطهد الكنيسة رسولًا كارزًا بإمكانيات فريدة. يحول حتى أخطاءنا إلى ما هو للخير والبنيان مادمنا بين يديه مجاهدين. يحول الفتيلة المدخنة التي ُتفسد العيون إلى شعلة نار ملتهبة. عجيب هو هذا الفخاري، فإنه يهب رجاءً لكل نفس. يجعل الحديد المفقود يطفو على وجه الماء (2 مل 6: 6) ويملأ الجرار الفارغة خمرًا جديدة جيدة (يو 2)، ويعوضنا عن السنين التي أكلها الجراد (يؤ 2: 25) ويرد الحرب حتى إن كانت قد بلغت إلى الباب (إش 28: 6). * عندما ُشكل آدم من الطين كان لا يزال طريًا... ومع ذلك كان كالقرميدة (بلاطة) متماسكًا وغير فاسدٍ، أهلكته الخطية، متسللة إليه ومنهارة عليه كالماء. لذلك عجنه الله من جديد وشكَّل ذات الطينة مرة أخرى لأجل كرامة الله، فأتى بها قوية وثابتة في رحم البتول، ووحدّها وربطها بالكلمة، حاليًا جاء بها إلى الحياة فلم تعد بعد لينة أو منكسرة لئلا إذا افاضت عليها بعد مجاري الفساد من الخارج تلين وتهلك. اظهر الرب (اهتمامه بها) في تعليمه في مثل الخروف المنعزل وحده، إذ قال ربي للذين حوله: "أي إنسان منكم له مائة خروف وأضاع واحدًا منها ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟! وإذا وجده يضعه على منكبيه فرحًا، ويأتي إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران، قائلًا لهم: افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال" (لو 15: 4-6). الأب ميثوديوس يرى الأب Methoduis أن هذا المثال يعلن عن حقيقة القيامة . * يمكن لله ليس فقط أن يُصلح هؤلاء الذين هم من طين، خلال جرن التجديد، بل ويعيدهم إلى حالتهم الأصلية، خلال توبتهم النافعة، هؤلاء الذين نالوا قوة الروح وأخطاؤا . القديس يوحنا الذهبي الفم |
|