|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وأورد بلاديوس تفسيراً جاء فيه: قال الأخوة: ماذا قصد الراهبان في قولهما لأنبا مقاريوس: “ان لم تقدر ان تكون راهباً مثلنا، اجلس في قلايتك وابك علي خطاياك”. أجاب شيخ: لأنهما عرفا ان الراهب بالحقيقة هو الرجل الذي استطاع ان يكون منعزلاً بجسده، مقيماً في حياة التأمل والسكون، عمالا بالروح والجسد، متضعاً، باكياً كل يوم علي خطاياه، قاطعاً من نفسه كل ذكريات الشهوة، والأفكار المقلقة، متأملاً في الله، وفي كيف يحيا باستقامة، وذلك مثلما قال الطوباي أوغريس: “ان الراهب المنفرد عن العالم هو من قطع من نفسه كل حركات الشهوة وثبت في الرب بكل أفكار روحه”. + قيل أنه في أحدي المرات كان أبا مقاريوس عابراً في الطريق حاملاً خوصاً عندما قابله الشيطان وأراد أن يقطعه بمنجل كان ممسك به في يده. ولكنه لم يستطع أن يفعل هذا، وقال له: “يا مقاريوس. انك تطرحني علي الأرض بقوة عظيمة، وأنا لا أستطيع ان أغلبك. ولكن انظر، هوذا كل عمل تعمله أنت، أستطيع أنا أيضاً أن أعمله. أنت تصوم، وأنا لا أكل أبداً. أنت تسهر، وأنا لا أنام مطلقاً. ولكن هناك شيئاً واحداً به تغلبني” حينئذ قال له مقاريوس: “وما هو هذا؟” فقال الشيطان: “أنه تواضعك. لأنه من أجل هذا لا أقدر عليك”. فبسط القديس مقاريوس يديه للصلاة، وحينئذ أختفي الشيطان. + وورد أيضاً أنه في مرة أمسك الشيطان سكيناً، ووقف علي أبا مقاريوس مريداً ان يقطع رجله. ولما لم يقدر أن يفعل هذا من أجل تواضع الشيخ أجاب وقال له: “كل شئ تملكه، نملكه نحن أيضاً. ولكنه بالتواضع فقط تتفوق علينا، وبه وحده تغلبنا”. + قيل عن أبا مقاريوس[4] أنه عندما كان يقترب إليه الأخوة في خوف، كما الي شيخ عظيم وقديس. لم يكن يجيبهم بكلمة. وعندما كان أخ يقول له في استهزاء: “أيها الأب، لو كنت جملاً، أما كنت تسرق النطرون وتبيعه، وأما كان الجمال يضربك؟” فانه كان يرد عليه[5]. وأن كان أحد يكلمه بغضب أو بكلمات مثل هذه، فانه كان يجيب علي كل سؤال يوجه اليه. + وقال بلاديوس: أن مقاريوس الطوباوي كان يتصرف مع جميع الأخوة بدون أي ظن سئ. وقد سأله بعض الناس: “لماذا تتصرف هكذا؟” فأجابهم: “أنظروا، انني ابتهلت الي الرب مدة اثنتي عشرة سنة من أجل هذا الأمر أن يمنحني هذه الموهبة، فهل تنصحوني بأن أتخلي عنها؟!” لو أن انساناً اقترف اثما تحت بصر انسان معصوم من الخطية فليعف ذلك المعصوم نفسه وحده من الاشتراك في حمل قصاص من سقط. ومن أمثلة تواضعه أيضاً استرشاده بمن هو أصغر منه وذلك كما ورد في القصة التالية: + قال أبا مقاريوس: ضجرت وقتا وأنا في القلاية، فخرجت الي البرية وعزمت علي أن أسأل أي شخص أقابله من أجل المنفعة. واذا بي أقابل صبيا يرعي بقرا، فقلت له: “ماذا أفعل أيها الولد فاني جائع؟” فقال لي: كل. فقلت أكلت، ولكني جائع أيضا. فقال لي: كل دفعة ثانية. فقلت له: اني قد أكلت دفعات كثيرة ولازلت جائعاً. فقال الصبي: “لست أشك في أنك حمار يا راهب، لأنك تحب أن تأكل دائماً”. فانصرفت منتفعاً ولم أرد له جواباً. |
|