|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أخنوخ والسير مع الله وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ( تكوين 5: 22 ) يا له عالمًا من المعاني متضمن في هذه الكلمات القليلة: ”سار“! وهي تُشير إلى النشاط لا الراحة، سواء نشاط العقل أو نشاط الجسم. أنشطة عقل أخنوخ كانت في طريق الاتصال والشركة، كما كانت في طريق الخدمة أيضًا. وذلك كله ”مع الله“. كان الرب الإله يسير مع آدم في الجنة قبل السقوط ( تك 3: 8 )، ولكن أخنوخ كان وسط مشهد من الخراب المتزايد والعنف، فلم يكن ممكنًا أن يسير الله معه كما فعل مع آدم قبل السقوط، ومن ثم فإن أخنوخ هو الذي سار مع الله. لقد عرف الله نفسه، وعاش وتحرك تحت إمرته، واستمد وجوده منه. بالجسد وطأ الأرض التي لم تَعُد بعد مكانًا لائقًا للسير مع الرب الإله في برودة شر أيامه، وبالروح سار مع الله في مكانه، ووسط أموره. ومع ذلك هو لم يكن ناسكًا أو شخصًا خياليًا مُبهمًا، لأنه مكتوب: «وسارَ أخنوخ مع الله بعد ما ولدَ متوشالح ثلاث مئة سنة، وولدَ بنين وبنات». لقد انخرط في حياة إنسانية عادية، وعرف التجارب البشرية المعتادة؛ مآسيها وأفراحها. لقد اختبر أفراح إنشاء أسرة. وعلى الرغم من ذلك فقد سار مع الله ليس بصفة عارضة أو سطحية، بل بإصرار دؤوب لفترة ثلاث مئة سنة. ويا لها من مسيرة رائعة! أطول مسيرة سجلها المكتوب. وفضلاً عن سيره مع الله بالروح، سار مع الناس بجسمه حاضرًا معهم، عارفًا بطرقهم وخطاياهم، شاهدًا لله أمامهم. والملمَح الثاني الذي يُميز أخنوخ هو أنه شهد لله. ويُخبرنا يهوذا عن هذا الأمر مسجلاً موضوع شهادته «وتنبأ عن هؤلاء أيضًا أخنوخ السابع من آدم قائلاً: هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه، ليصنع دينونةً على الجميع، ويُعاقب جميع فُجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فَجَروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاةٌ فجار» (يه14، 15). حتى في هذه الحقبة الباكرة من تاريخ العالم كان ثَمة شهادة واضحة لظهور الله بالمجد، ظهور من شأنه أن يقنع الفجار. لم يبخل أخنوخ على سامعيه رغم كونهم فجارًا بالأفعال والكلمات. ويا له من أمر لافت للغاية أن تتكرر - لثلاث مرات - لفظة ”فُجَّار“ ومشتقاتها في يهوذا 15! فنحن لا نقرأ أن أحدًا رجع إلى الله نتيجة شهادة أخنوخ، ولكنها شهادة اتَّسَمت بأقصى قدر من الأمانة والقوة. |
|