"فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم"
(عب 12: 3 )
إننا كثيراً ما ننحني أمام التجربة، وننسى كل اختبارات الماضي والنعمة التي حفظتنا وحملتنا، والقلب الذي أحبنا، واليد التي أمسكت بنا. ننسى كل هذا أمام تجربة هي كبيرة فقط أمام العيان. ونحن في طبيعتنا الميل للهروب من التجربة أكثر من أن نسعى للنعمة التي تحفظنا فيها. والإيمان وحده هو الذي يحفظ الشخص ثابتاً إلى النهاية وصابراً رغم كل المقاومات والمفشلات. وعلى الخادم أن يعرف ليس فقط ماذا يجب أن يعمل لأجل الرب، بل ماذا يجب أن يحتمل. والأولى نحن نحبها، أما الثانية فلسنا على استعداد تام لها. لكن الله يتمجد في المحتمل الصابر مثلما يتمجد في الخادم العامل. وإن البطولة الروحية تظهر في احتمال التجارب أكثر مما تظهر في النشاط والحركة. "متقوين بكل قوة .. لكل صبر وطول أناة بفرح" (كو 1: 11 ) . لقد جاء وقت على موسى قال فيه وهو تحت ضغط وثقل البرية ومطاليب الشعب المتمرد "لا أقدر أنا وحدي أن أحمل جميع هذا الشعب لأنه ثقيل علىَّ. فإن كنت تفعل بي هكذا فاقتلني قتلاً، إن وجدت نعمة في عينيك فلا أرى بليتي" (كو 1: 11 ، 15).
وكذلك إيليا أيضاً أمام تهديدات إيزابل خار وجلس تحت رتمة وطلب الموت لنفسه وقال "قد كفى الآن يارب خُذ نفسي لأنني لست خيراً من آبائي" (1مل 19: 4 ) . لقد لفه الحزن واليأس وكان يرى كل شيء من خلال السحابة السوداء التي خيّمت عليه. لقد ظهر تعبه باطلاً ومجهوداته لإرجاع الأمة ضاعت هباء، لذلك خير له أن يموت. لقد واجه الملك وأنبياء البعل وكل الشعب، لكنه لم يكن مستعداً أن يواجه فشل خدمته.
لكننا عندما نتحول إلى الرب يسوع النموذج الفريد، نرى كماله المطلق يشع ويشرق في يوم رفضه. بعد كل معجزات النعمة وكلمات محبته وأعمال قوته التي لم يعملها أحد غيره، رُفض واحتُقر. وتشاوروا عليه لكي يهلكوه، لكنه استمر في عطائه الفريد. واستطاع أن يرفع عينيه نحو السماء ويقول للآب "أحمدك ... نعم أيها الآب لأن هكذا صارت المسرة أمامك" (مت 11: 25 ، 26). وكلما تفكرنا فيه وفى احتماله وصموده، فلن نكّل ولن نخور أمام الصعوبات.