|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سيلة أخرى من وسائل الشيطان هي العنف والمعروف أن العنف هو ضد الوداعة والهدوء، وضد الاتضاع أيضًا. وهو لون أيضًا من قساوة القلب... ومن الكبرياء.. والشيطان لا يغري الخطاة فقط بالعنف، إنما يغري كذلك المتدينين والروحيين. ولذلك ما أكثر ما نرى المتدين عنيفًا، يواجه بالعنف كل ما يراه خطأً... وبينما نرى اللَّه تبارك اسمه يصبر على الخاطئين ويدربهم في حكمة وهدوء على الطريق السليم، فإن المتدين العنيف لا يسلك هكذا... والبِرّ لا يأتي بطريق العنف، ولا بإرغام الغير على السلوك فيه. إنما يأتي باقتناع العقل ورضى القلب. فيصير الإنسان بارًا، بقلب نقي. يعمل الخير حُبًا في الخير، لا مُرغمًا عليه. ومن الواضح أن ضغط المتدينين العنفاء، لا يوجد برًا حقيقيًا. بل قد يؤدي إلى مظهرية دينية، لا علاقة لها بنقاوة القلب من الداخل. . وحتى هذه المظهرية قد لا تستمر. بل تزول بزوال الضغط. عجيب أن شيطان العنف، يدخل في مجال التدين، كما يدخل في مجالات الخطية. لأنه بمكره لا يجعله تدينًا حقيقيًا... أمَّا أنت يا أخي، إن أردت أن تجذب الناس إلى التدين، اجعلهم يحبون البِرّ والفضيلة، ويجدون فيها متعةً، دون أن يكونوا مكرهين على ذلك بأسلوب العُنف. من حروب الشياطين أيضًا، حرب اليأس: والشيطان يلجأ إلى محاربة الإنسان باليأس، بعد مقدمات طويلة تمهيدية، يُشعره بها، أنه لم يعد له خلاص من الخطية، وأنه قد تشبَّع بها تمامًا بالإثم، بحيث لا يمكن أن يتوب. فيرى أنه ليس فقط لا قدرة له على التوبة، بل بالأكثر لا رغبة له في التوبة. يحدث هذا أحيانًا بعد سقطة كبيرة، يظن فيها الخاطئ أنه لا مغفرة! وأنه لا حَلّ للقيام من سقطته! وقد لا تكون السقطة بهذه الدرجة، ولكن الشيطان من عادته أن يضخِّم في الأخطاء ليوقع صاحبها في اليأس.. إنه ماكر جدًا. فهو قبل إسقاط الإنسان، يُسهِّل في موضوع الخطية جدًا حتى تبدو شيئًا عاديًا، ويضع لها مبرِّرات... أمَّا بعد السقوط: فإمَّا أن يستمر في سياسة التهوين لكي يتكرَّر السقوط. وإمَّا أن يلجأ إلى التهويل، فيقول للخاطئ: هل من المعقول أن يغفر لك الرب كل هذا الذي فعلته، وكل هذا المستوى الذي هبطت إليه؟! وعبثًا يمكنك أن تتوب! وقد يلقي الإنسان في اليأس -لا من جهة خطايا قد وقع فيها- إنما من جهة مشاكل تبدو مُعقَّدة جدًا أمامه، وليس لها من حَلٍّ... بينما اللَّه قادر أن يَحِلّ كل المشاكل بحنانه الذي لا يُحدّ، وإشفاقه على مَن يلجأ إليه... إنَّ الإنسان القوي القلب، والعميق في إيمانه، لا يمكن أن يعرف اليأس إليه طريقًا. بل مهما كان الجو مظلمًا جدًا، فإن الرجاء يفتح أمامه طاقات من نور... |
|