|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* إنني لم أقل إنه لا أحد يضر غيره، بل لا أحد يصيبه ضرر من غيره. وكيف لا أحد يصيبه ضرر من غيره مادام كثيرون يضرون غيرهم...؟! إخوة يوسف مثلًا أضروا يوسف، لكن يوسف نفسه لم يصبه الضرر. وقايين ألقى بشباكه لهابيل، ولكن هابيل لم يسقط فيها. وهذا هو السبب الذي لأجله وجدت التأديبات والعقوبات. فالله لا يرفع العقوبة عن مدبر الضرر لمجرد صلاح محتمل الضرر، بل يؤكد عقوبته بسبب شر صانع الإثم. فإنه بالرغم من أن الذين يسقط عليهم الشر، يصيرون أكثر مجدًا على حساب المكائد المدبرة ضدهم، لكن هذا لم يكن في نية مدبري الشر، إنما بسبب شجاعة من هم ضحيتهم. لذلك فإن الأخيرين تعد لهم أكاليل الحكمة، أما الأولون فتعد لهم جزاءات شرورهم. هل سُلبت أموالك؟ أذكر تلك الكلمات "عريانًا خرجت من بطن أمي وعريانًا أعود إلى هناك" (أي 1: 21). وأضف إليها كلمات الرسول: "لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء" (1 تي 6: 7). هل أُسيء إلى سمعتك، وحملك البعض بشتائم لا حصر لها؟ اذكر العبارة القائلة: "ويل لكم إذ قال فيكم جميع الناس حسنًا" (لو 6: 26). وأيضًا إن: "قالوا عليكم كلمة شريرة... افرحوا وتهللوا" (مت 5: 11). هل أُخذت إلى المنفي؟ أذكر أنه ليس لك هنا موضع بل إن كنت حكيمًا يلزمك أن تنظر إلى العالم كله كأرض غربة. هل أُصبت بمرض خطير؟ أقتبس ما يقوله الرسول: "إن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 4: 16). هل يعانى إنسان من موتٍ عنيفٍ؟ ليذكر يوحنا الذي قطعت رأسه في السجن وأخذت في طبق وقدمت مكافأة عن رقص زانية. تأمل المكافأة التي تنالها على حساب هذه الأشياء، فإن كل هذه الآلام عندما تسقط ظلمًا من إنسان على آخر تنزع خطايانا وشرنا (إذ نتقبل الظلم بلا تذمر مؤمنين بالله مترجين الحياة الأخرى، فتعمل هذه الأمور على تزكيتنا). إذن عظيم هو نفع هذه الأتعاب بالنسبة للذين يحتملونها بشجاعة! القديس يوحنا الذهبي الفم |
|