|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الطبيعة وكتاب الكلمة اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ ( مزمور 19: 1 ) لقد سبق الله فأعطى للإنسان استعلانًا عن نفسه في أعماله المصنوعة، والتي سُرَّ الإنسان أن يدعوها الطبيعة، هذه التي تشهد بطريقة جليَّة لوجود خالقها. ورغم أنها كافية لاستعلان الله من خلالها، فتجعل البشر “بلا عذر”، لكن الخليقة لا تُفصِح بالكامل عن شخصية الله. إن الخليقة تُعلِن عن حكمة الله وقدرته، لكنها تُعطي فكرة غير كاملة عن رحمته ومحبته. الخليقة الآن تحت لعنة، وهي ناقصة لأنها فسدَت وتشوَّهت بالخطية، ولذلك فإن خليقة ناقصة لا يُمكنها أن تكون وسيلة كاملة لاستعلان الله، ومن ثم فإن شهادة الخليقة متناقضة. في موسم الربيع، عندما ترتدي الطبيعة أحلى أثوابها، ونرى الخضرة الجميلة في الريف، ونُنصِت للتغريد الجميل للطيور، فإننا لا نجد صعوبة في أن نستدِّل على أن الإله الكريم والمُحب يسود على عالمنا. ولكن ماذا عن فصل الشتاء، عندما يكون الجو قفرًا، والأشجار بلا ورق ومهجورة، وعندما تكسو صفرة الموت كل شيء؟ عندما نقف على شاطئ البحر، ونراقب غروب الشمس يصبغ المياه الهادئة بلون قرمزي في مساء هادئ، فإننا لا نتردَّد في أن ننسب هذه الصورة إلى يد فنان إلهي. لكن عندما نقف على نفس الشاطئ، في ليلة عاصفة، ونسمع زئير الأمواج والرياح العاصفة، ونرى القوارب تكافح مع الأمواج الغاضبة، ونُنصِت لصيحات البحارة التي تُمزق القلب عندما تبتلعهم مياه البحر، فإن الدهشة تعترينا عمَّا إذا كان الله الرحيم بعد كل هذا يمسك الدفة. عندما نقف أمام شلالات نياجرا، تبدو قوة الله ويده واضحة جدًا، لكن عندما نُعاين الخراب والآثار المُميتة للثورات البركانية لجبل فيزوف، يرتبك المرء ثانيةً ويحتار. وبالاختصار فإن شهادة الطبيعة متضاربة، وكما قلنا فهذا يرجع لحقيقة أن الخطية التي دخلت العالم قد شوَّهته، وأفسدت عمل الله؛ الطبيعة ليست سوى وسيلة ناقصة لاستعلان الله، والخليقة تكشف عن صفات الله الطبيعية، لكنها لا تُخبرنا بشيء عن كمالاته الأدبية. الطبيعة لا تعرف الغفران أو تُظهِر الرحمة، ولو لم يكن هناك مصدر آخر للمعرفة، لمَا كنا قد اكتشفنا أبدًا حقيقة أن الله يغفر للخطاة. لذا يحتاج الإنسان لاستعلان مكتوب عن الله. إن محدوديات طبيعتنا وجهلنا تُعلن احتياجنا. الإنسان في حالة ظلمة من جهة الله. لو محونا الكتاب المقدس من الوجود، فما الذي سنعرفه عن شخص الله وصفاته الأدبية، وموقفه منا، أو مطاليبه علينا؟ |
|