البابا يتحدث عن صلابتها في الجهاد وعن بعض صفاتها وشهرتها
19- وإذا استمر العدو في حربه معها لكي يخضعها له، فكانت تشتعل بنسكيات أكثر حدة. وفى عملها هذا لا ترهب من أن الجسد يضعف من المعاناة، وهذا دليل على عدم خضوعها له. وهى بهذه الأسلحة النسكية مع الرجاء تكون مثل الجندي الذاهب إلى الحرب، وأي خسارة في النفس لا حد لها مقابل الصوم والأعمال النسكية في الوقت المناسب، بل هي شفاء للجروح ولضربات العدو، وهكذا تجنب الجهاد يجعلنا نخسر أنفسنا. وهى لم تمارس هذه النسكيات بأي طريقة بل بكل تمييز، وقد كافحت ضد عنف العدو بالنسك وبالصلوات، مع الاهتمام الحقيقي الهادئ بسفينة النفس من الداخل. ولأن الذين يبحرون في الشتاء يتعرضون للأمواج المتلاحقة، فإنهم يظلوا صائمين وهم يقاومون المخاطر بحرفتهم وبكل فهم، وطالما هم أحياء ولهم قوة فإنهم يفكرون ويهتمون بأسباب الخلاص مرة ثانية، وفى هذا الوقت يجتمع الكل معًا ضد موج البحر كي لا يلتهمهم، وهكذا إلى أن تتوقف المعاناة وينعموا بهدوء نادر، ولكنهم لا يعيشون بلا قلق، ولا ينامون بعمق، ويتحفظون من المحنة طوال ارتحالهم حتى يصلوا إلى غايتهم العتيدة. وإذا رحل الشتاء، والبحر ما زال عاليًا، فإنهم يعبرون مرة ثانية مع الثبات في المواجهة، ولا يتغاضوا عن العمل إذا صاروا بعيدين. وهكذا في الوقت الحاضر، إذا غرقت الروح في مستنقع الشهوات، أجد أن النفس في المقابل ليست بعيدة عن هذا المثال،لذلك من الضروري أن نستمر على الصلوات باستمرار بسبب تقلبات البحر وبسبب شر العدو المر. وإن الطوباوية سينكليتيكي اختبرت بتدقيق الموجات المتلاحقة في الحياة الحاضرة، وجهزت نفسها لعواصف الروح وقادت بإتقان دفة حياتها إلى منجم الذهب المخزون في الله بخشوع، لأن الغير منزعج من العواصف يندفع تجاه شاطئ الخلاص ويركض بثبات أكثر تجاه مرساة الإيمان بالله (عب 6: 18، 19).
20- وعاشت الطوباوية سينكليتيكي حياتها الرسولية بالإيمان وبدون مقتنيات إلى النهاية. وعلاوة على ذلك كانت مشرقة بالمحبة الحقيقية وبالتواضع. وقد أكملت حياتها بنشاط من جهة دعوة الخلاص، كما يقول الكتاب: "الشبل والثعبان تدوس" (مز 91: 13)، وأيضًا: "أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 10: 19). وقد سمعت في داخلها الصوت القائل: "نعمًا أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير" (مت 25: 21). وكانت تلاحظ تجديد العطايا لها من هنا على الأرض. وحينما تجد نفسها منزعجة من الحرب كانت تتوجه إلى العزف بالمزمار وتقول "أنا أحفظك". وقد عرفت الإيمان العظيم من كلام بولس الرسول الخادم الذي كان بسلطان وقوة. وإذا وجدت نفسها في مواجهة قوات مضادة معاكسة فإنها تتكلم عن من هم أعظم وأفضل منها.