من هو أثناسيوس ؟
ولد القديس أثناسيوس بصعيد مصر حوالى عام 279 م ( بين عامى 295 و298 ) , ولم يذكر المؤرخين اسمى والديه ولكنها كانا مسيحيين تقيين عاشا بالصعيد ثم رحلا إلى الإسكندرية وأستقرا هناك ..
و يروى لنا روفينوس تقليداً جاء فيه : حدث أن القديس أثناسيوس رأى أولاد مسيحيين يقومون بتمثيل الطقوس المسيحية، فجعلوا البعض منهم قسوساً والبعض شمامسة، فطلب أن يشترك معهم، فرفضوه لأنه وثنى ولا يجوز اللعب معهم،فقال لهم من الآن أنا ناصرى، ففرحوا به ورشموه بطريرك عليهم؛ فصادف فى تلك الساعة مرور البابا الكسندروس، فلما رآهم أخبر الذين معه عن أثناسيوس أنه سيصل لدرجة سامية.
ولما مات والد القديس أثناسيوس أتت به أمه إلى البابا الكسندروس، فعلمها أصول المسيحية وعمدها، وفرقت كل مالها على الفقراء، ومكثا عند البابا البطريرك، فعلم أثناسيوس علوم الكنيسة، ورسمه البابا شماساً ثم سكرتيراً خاصاً له؛ فزادت عليه المواهب الروحية، واختير بطريرك فى 8 بشنس سنة 44 ش أى 5 مايو سنة 328 م بعد نياحة البابا الكسندروس.
وظهر نبوغ أثناسيوس فى الرد على بدعة أريوس عندما قال أريوس عن المسيح "المشابة فى الجوهر" فقال أثناسيوس " المساوى فى الجوهر "، ولكن بعد وفاة البابا الكسندروس أختفى أثناسيوس فى الجبال لأنه شعر أنه لا يستحق هذه المكانة، فسعى الشعب وراءه الى أن عثر عليه ورشم بطريرك، وقد شهد سقراط المؤرخ " أن فصاحة أثناسيوس فى المجمع النيقاوى جرت عليه كل البلايا التى صادفها فى حياته ".
روح الشهادة والنســـك
تتلمذ القديس ألكسندروس :
1 - عاش فى فترة الأضطهاد العنيف ( 303 - 311 م ) حيث كان فى السابعة من عمره حتى 15 , وقد عرف كثيرين من شهداء الإسكندرية ومعترفيها , تعلم منهم الإيمان الأرثوذكسى والحب الشديد للكتاب المقدس , حقاً لم يدخل معهم حلبة الإستشهاد لكن قلبه كان ملتهباً بالحب الإلهى , يواجه كل صراع من أجل المسيح .
2 - إذ سمع عن القديس المتوحد النبا انطونيوس , حتى لا يشرع فى نفيه المتكرر بالعزلة بل بالحرى يحسبها فرصة حسنة ليمارس شيئاً من الوحدة , ليصلى من أجل شعبه ويكتب إليهم , لقد وجد نفسه ملتزماً أن يسجل تاريخ القديس أنبا أنطونيوس ويقوم بالحديث عن الرهبنة أينما وجد .
أثناسيوس فى المجمع نيقية نيقية 325م
وصحب البابا ألكسندروس سكرتيره الشماس أثناسيوس فى المجمع المسكونى الأول بنيقية عام 325 م , وهناك اشتهر بأنه مقاوم جيد للهرطقة للأريوسية وخطيب بارع ومحاور وسريع البديهة فى الرد , وهناك ساهم بشكل كبير فى وضع قانون الإيمان ألأرثوذكسى الذى تردده الكنائس اليوم , وأصبح أثناسيوس حديث العالم القديم الذى بهر به وأستحوذ على محبة الأساقفة الحاضرين الــ 318 أسقفاً , ولكن على الجانب الآخر كرهه الجانب الهرطوقى الذى بدأ فى وضع الخطط له .
أفكاره
تعود أهميَّته إلى شرحه لعقيدة الثالوث، وخاصة عقيدة اللوغوس. لقد دافع عن مساواة الابن بالآب وقد عرض أيضاً طبيعة ولادة الكلمة. وفيما كان آريوس يُعلِّم بأن الله كان في حاجة اللوغوس ككائن وسيط لأجل خلق العالم، كان أثناسيوس يؤكد أن الله غير عاجز عن خلق العالم دون وسيط. وبينما يسمّي الآريوسيون الابن "خليقة الآب" و"ثمرة إرادة الآب" فإن أثناسيوس كان يعلن أن اسم الابن في ذاته يحمل فكرة الولادة أي الخروج من ذات جوهر الآب. وبما أن الله روح غير قابل للإنقسام فالولادة لديه يجب أن تُفهَم كشعاع الشمس، فالابن هو أزلي كالآب لأنه من ذات طبيعة الآب.
هذا كانَ مرتبطاً بشكلٍ وثيق بخلاصنا ذلك أننا لم نكن لنخلص لو أن الله لم يأخذ طبيعتنا البشرية ليؤلهها. في ذات الوقت يؤكد أثناسيوس لاهوت الروح القدس الذي ينبثق "من الآب بالابن
أهم مؤلفاته
من أعماله العديدة نذكر:
ـ كتابات دفاعية وعقائدية:
ـ الصلاة: ضد الأمم وعن تجسد الكلمة.
ـ 3 كتب ضد الآريوسيين.
ـ التجسد ضد الآريوسيين
ـ رسائل دفاعية:
ـ الرسالة العامة إلى الأساقفة: يحتج فيها على خلعِه (عام 340).
ـ رسالة عن قرارات مجمع نيقيا يدافع فيها عن قرارات المجمع.
ـ الرسالة العامة إلى أساقفة مصر وليبيا (عام 356).
ـ الدفاع الموجّه إلى الامبراطور قسطنطين (عام 357).
ـ تاريخ الآريوسيين إلى الرهبان (عام 358).
ـ رسالة إلى سينودس رميني في إيطاليا وسلوقية (عام 259).
ـ إلى الأنطاكيين (عام 362).
ـ أربع رسائل إلى الأسقف سيرابيون.
ـ كتب تفسيرية ونسكية
ـ شرح المزامير.
ـ عن البتولية.
ـ حياة القديس أنطونيوس التي ترجمت إلى اللاتينية.
ـ الرسائل الفصحية.
وقد نفى القديس أثناسيوس خمس مرات:
المرة الأولى:
عندما حاول أريوس- بعد حرمه- أن يرجع ثانية إلى الإسكندرية، وقدم للملك قسطنطين خطاباً يلتمس فيه الرجوع، فكلم الملك البابا فرفض رجوع أريوس، فقام الاريوسيين بإلصاق بعض التهم للبابا مثل أنه كثر كاس القس اسكيرا وهدم مذبحه ولكن الله حرك قلبه وبرأ القس البابا، وأيضاً قتل أريوس واستخدام ذراعيه فى السحر لكنه سرعان ما أفتضح امر الأريوسيين، ولم يتمكن البابا من مقابلة الملك ليبرئ نفسه من تهمة أنه يمنع تصدير الغلال من الإسكندرية، فصدر أمر النفى 335 م إلى فرنسا، ولما علم الملك الحقيقية، فأوصى الملك وهو على فراش الموت بالسماح برجوع البابا سنة337 م، وبعد وفاته أرجع قسطنديوس (الملك الجديد) البابا سنة 338 م، فأستقبله الشعب بفرح.
المرة الثانية:
لكن الاريوسيين لم يسكتوا، فعقدوا مجمعاً حرموا فيه أثناسيوس وعينوا مكانه غريغوريوس، وبعثوا القرار ليوليوس أسقف روما، فعقد البابا مجمع سنة 340 م احتج فيه على الاريوسيين، وحرر رسائل دورية لجميع الكنائس، فظهرت براءته، فقام الاريوسيين بالهجوم على الكنائس يوم الجمعة العظيمة، وهتكوا العذارى وذبحوا كثير من المصلين، فترك البابا كرسيه وسافر إلى روما وعقد مجمع هناك وقروا اولاً براءة البابا، ثانياً تثبيت قرارات مجمع نيقية، فقام الشواذ من المصرين بقتل غريغوريوس بعد تعين نفسه بابا، وعاد أثناسيوس للكرسى.
المرة الثالثة:
واستمر الاريوسيين فى أعمالهم ومع وفاتة قسطاط ملك روما، فقاموا بالتأثير على قسطنديوس، فحكم بالنفى على البابا، فذهب الجند إلى الكنيسة للقبض على البابا وهو يصلى صلاة الغروب ولكن الله عمى عيونهم، وانطفأت المصابيح، وخرج البابا وعاش فى الصحراء لفترة مع الاباء الرهبان، وعين الاريوسيين جورجيوس اسقفاً، فحرموا الأرثوذكس، واستولوا على أوقاف الكنيسة، ومع موت الإمبراطور قسطنديوس وتعين أبن عمه يولياس ، فاراد أن يرضى الشعب فاعاد البابا.
المرة الرابعة:
وبعد عودت البابا عقد مجمع سنة 362 م ، ووضع شروط لعودت الاريوسيين، وأهتم بالتبشير وسط الوثنيين، فلم تعجب هذه القرارات الإمبراطور الوثنى، فأصدر قرار بالقبض عليه، فأخذ مركباً إلى الصعيد، فطارده الجند، وعندما أقترب الجند من مركب البابا فسألوه على البابا فاخبرهم انه ذاهب إلى طيبة، ولم يتمكنوا من القبض عليه، وقتل يولياس فى حرب، وقال فى أخر أنفاسه لقد غلبتنى يا أبن مريم، وعاد البابا.
المرة الخامسة:
وبعد يولياس جاء فالنز وكان بعدها أريوسيا، فأصدر سنة 367 م قرار بنفى البابا، فأضطر أن يهجر الإسكندرية ويختفى فى مقبرة والده، وقتل فى أثنائها ثلاثين أسقفاً من الموالين للبابا، ومع ذلك استمرت صلابة الأقباط، فرفع الملك عنهم الاضطهاد وأعاده إلى كرسيه سنة 368 م.
نياحته
ومع أن أثناسيوس قد بلغ من العمر 72 سنة إلا أنه لم يقصر فى واجباته، وهذا البابا هو أول من لبس زى الرهبنة من يد القديس أنطونيوس، وجعله زياً للبطاركة والأساقفة وتنيح بسلام فى 21 مايو سنة373 ميلادية .. في الإسكندرية, مصر
و ترقد رفاته الطاهرة في كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثودوكسية في القاهرة, مصر ..
و يُحتَفَل بذكراه في التقويم الغربي يوم 2 أيار (مايو).
قالوا عنه :
" عندما أمدح أثناسيوس , اكون ممتدحاً الفضيلة , فإنى أذكر كا فضيلة عندما أشير إلى ذلك الذى أقتنى كل الفضائل , كان عمود الكنيسة الحقيقى , حياته وسلوكه يمثلان نظاماً للأساقفة , وتعليمه يمثل قانون الإيمان الأرثوذكسي " ( من أقوال القديس غرغوريوس أسقف نزينزا مرثاته للقديس أثناسيوس )
دعاه القديس أبيفانيوس : " أبا الأرثوذكسية "
وكتب عنه جون هنرى نيومان : [ هذا الرجل الفائق ... هو أداة رئيسية بعد الرسل , سلمت الحقائق المسيحية القدسية وآمنت بالكلمة ]
وقالت عنه ليديا كيسيش : [ لو لم يقف أثناسيوس من أجل إيماننا ربما ما كانت الكنيسة قد صارت إلى ما هى عليه اليوم ]
و من أشهر الجمل التي قالها في حياته : " Jesus whom I know as my Redeemer cannot be less than God "
" يسوع المسيح ذلك الذي أعرفه كفاديٍُِِّ لا يمكن إلا أن يكون هو الله "
فلنصلي أن يخلق فينا الله قلباً مشتعلاً .. و غيرة حسنة علي الإيمان ..
كما للقديس العظيم أثناسيوس الرسولي
بركة صلواته فلتكون مع جميعنا ..
آمين ....