منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 05 - 2023, 12:15 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

كونوا رُحَمَاء كَما أنَّ أباكُم رَحيم | مِن زمن الفصح الْمجيد


كونوا رُحَمَاء كَما أنَّ أباكُم رَحيم



عظة الأحد الثّاني مِن زمن الفصح الْمجيد



أَيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأحبّاءُ في الْمَسيحِ يَسوع. عِندَمَا تَجتاحُنا نَوباتُ القَلقِ والاضْطِراب، وَتُخيِّمُ عَلينا مَشَاعِرُ الذُّعرِ وَالخَوفِ، وَتعْتَرينَا الهواجِسُ والشُّكوك، فَإنَّ نُفوسَنَا مُباشَرةً تَفقِدُ سلامَهَا! فالسّلامُ نِعمَةٌ يَسهُلُ فُقدَانُها، فأَقَلُّ أَمرٍ يُصيبُنا، كَفيلٌ بِأنْ يَسلِبَ مِنَّا السَّلام! حتّى أنَّ أُمَّنا العَذراء، عِندما تَلَقّت بِشارةَ الْمَلاك، فَقَدَتْ سَلامَها، وَدَاخَلَها الخوفُ والاضطراب (راجِع لوقا 26:1-30). وَفي هذا الأحدِ الثّاني مِن زَمَن الفصح، نَرَى التّلاميذَ مُحتَجَزينَ: ﴿في دَارٍ أُغلِقَت أبوابُها، خَوفًا مِن اليَهود﴾ (يوحنّا 19:20).



فَالخوفُ يَا أَحبّة، يُقيّدُ الإنسان، ويجعلُهُ رَهينَةً لِوَسَاوِسِهِ وتخيُّلاتِهِ وزَحمَةِ أَفكَارِه! لِذلِك، كَانَت أُولَى كَلماتِ الْمَسيحِ القَائِمِ لِتّلاميذِهِ الخَائِفين: ﴿السّلامُ عَليكُم﴾ (يوحنّا 19:20)، مُهَدِّئًا رَوعَهم، وَمُعيدًا السَّلامَ والسَّكينَةَ إلى نُفوسِهم الفَزِعَة!



هَذا الأحدُ الثّاني مِن زَمنِ الفِصحِ الْمَجيد، يُدْعَى بِعِدَّةِ أَسمَاء: فَهوَ الأحدُ الجَديد، وأَحَدُ تومَا. وَأَيضًا هوَ أَحَدُ الرَّحمةِ الإلهيّة، فَرَحمةُ اللهِ أُفيضَتْ عَلينَا بِسرِّ فِصحِ الْمَسيحِ، أَي بِموتِهِ وَقيامَتِه! فالفِصحُ عَمَلُ رَحمةِ اللهِ لَنَا نحنُ البَشر، ذلِكَ أنّنَا قَبلَ فِصحِ الْمَسيحِ كُنَّا أَمواتًا هَالِكين، وَمَع فِصحِهِ صِرنَا أَحياءً مُعْتَقينَ مُخَلَّصين. ثُمَّ أنَّ السّلامَ الّذي أعطاهُ الْمسيحُ تلاميذَهُ هوَ ثَمرَةُ رَحمتِهِ. فالرّحمَةُ تَعني سَلامًا وَوئِامًا، وعندَمَا تَسودُ الرّحمةُ بينَ النّاس، عِندَهَا يَتَبَدَّدُ الخِصامُ، لِتعمَرَ القُلوبُ بالْمُصالَحَة، وَتَنْعَمَ النّفوسُ بالْمُسامَحَة.



وَرحمةُ اللهِ للنَّاس، مَنوطَةٌ بِرَحمةِ النّاسِ للنّاس! أَلَم تَسْمَعوا قَولَ الكِتابِ: ﴿فَإنْ تَغفِروا للنّاسِ زلّاتِهم، يَغفِرْ لكُم أبوكمُ السّماويّ. وَإنْ لَم تغفِروا للنّاسِ زَلّاتهِم، لا يَغفِرْ لَكُم أبوكُم زلّاتِكم﴾ (متّى 14:6-15)؟ فَالّذي لا يَرحَم لَنْ يُرحَم، والّذي لا يَغفِر لَنْ يُغفَر لَه، وَالّذي لا يُقرُّ بِذَنبِهِ وَيعتَذِر، لَنْ يُقبَلُ مِنهُ ولَهُ عُذْر. والّذي يَتَنَاوَل القُربانَ الأقدس، وَهوَ عَلَى إدْراكٍ كَامِلٍ وَإصْرارٍ أَكيد، عَلَى حِفظِ العَدَاوَةِ وَالغَيظ، فَهَنيئًا لَهُ دَينونةُ نَفسِهِ (راجع 1قورنتوس 27:11-29). فَقُسَاةُ القُلوبِ، غِلاظُ الرِّقَاب، خَشِنو العُقول، لا يَعرفونَ طَريقًا إلى قَلبِ الله، الفَائِضِ محبَّةً وَرحمةً وَمَغفِرَة!



وَكم هوَ غَيرُ مَنطِقيٍّ وَمُجحِف، أَنْ نَطلُبَ منَ اللهِ الْمَغفِرةَ، عَشَراتِ الْمِرّاتِ في اليَوم، وَعِندَ أَدنَى خَطَئٍ يَرتكِبُهُ غَيرُنا بِحَقِّنَا، نَأخُذُ بِعُنُقِهِ وَنَطلُبُ الانْتِقَامَ وَنسْعَى لِلثّأر! هَذا هو الظّلمُ بِعَينِه: أنْ تَطلُبَ لِنَفسِكَ، مَا تَرفُضُ إِعطَاءَهُ لِغيرِك! فَالأفضَل ألّا تُصَلّي أَبانا وأنت لا تَرحَم، وَألّا تَطلب الْمَغفِرة وَأَنت لا تغفِر، حتّى لا تُراكِم فوقَ الإثم إثمًا!



في رِسَالتِهِ إلى أَهلِ قولسّي، يَقولُ القدّيسُ بولس: ﴿اِصْفَحوا بَعضُكُم عَنْ بَعضٍ... فَكَما صَفَحَ عَنكُمُ الرّب، اِصْفَحوا أنتُم أيضًا﴾ (قو 13:3). فَمغفِرَةُ اللهِ لَنَا، تَظَلُّ دومًا الْمِعيارَ والْمَرجِعيّة، في صَفْحِنَا وَمَغفِرتِنا بَعضُنا لِبَعض! وَهُنا نَستَطيعُ أَنْ نَفهمَ سؤالَ بُطرسَ للْمسيح: ﴿كَمْ مَرّةً يُخطِأُ إليَّ أَخي وأَغفِرَ لَهُ؟ أَسَبعَ مَرَّات﴾ (متّى 21:18). وَكَأنَّهُ يَطلبُ مِن الْمَسيحِ "تَشريعَ الانتِقام"، بَعدَ دَرَجةٍ مُعيَّنَةٍ مِنَ الأخطَاء. وَلكنَّ جَوَابَ الْمَسيحِ أَتَى مُغايِرًا لِتَوَقُّعاتِ بُطرس: ﴿لا أقولُ لَكَ سَبعَ مرّات، بَل سَبعينَ مرّةً سَبعَ مَرّات﴾ (متّ 22:18). فالّذي عَرَفَ الْمَسيحَ بِحَق، لا يُمكِنُهُ أَنْ يَعرفَ مَعاني الانتقامِ والضّغينَةِ وَالعَدَاوَةِ وَالحقد!



وَفي الوَقتِ عَينِه، يَظَلُّ بُطرسُ، قَبلَ القيامَة، صَاحبُ السَّيفِ الّذي قَطَعَ بِهِ أُذُنَ خَادمِ عَظيمِ الأحبار (راجِع يوحنّا 10:18)، مِثالًا حَيًّا وَوَاقِعيًّا لِكَثيرٍ مِن الْمَسيحيّين، الّذينَ مِن جِهَةٍ يُريدونَ اِتِّبَاعَ الْمَسيح، وَلَكِنَّهُم مِن جِهَةٍ أُخرَى، يَرفُضونَ خَلعَ الإنسانِ القديمِ وَأَعمالِه ومَنْطِقِهِ، الْمُخالِفَةِ لِنَهجِ يسوعَ الْمسيح.



أَيُّها الأحبّة، في أَحَدِ الرّحمةِ الإلهيّة، دَعونَا نُفَكّرُ كُلٌّ في قَلبِه: قَبلَ أَنْ أَطلُبَ رَحمةَ اللهِ عَلَيَّ، وَمَغفِرَتَهُ زَلّاتي الكَثيرة، هل أَرحَمُ وأغفِرُ حَقًّا مِن صَميمِ قَلبي، لِمَن خَطِأَ وَأَسَاءَ إليَّ؟ سؤالٌ تَبْقَى إجابَتُهُ مرهونَةً بِكُلِّ شَخصٍ عَلَى حِدَى.



في النّهاية، يَقول الْمَثَلُ العَربي: "إذا طاح الجمل كِثْرَتْ سَكاكينُه". ولكن يا تُرَى، هَل نَسِيَ أَصحَابُ الْمَثَل أنَّ الجَمَل هوَ مِنْ أَكثرِ الخلائِقِ حَافِظَةِ العَدَاوَة، خَازِنَةِ الغَضب، سَاعيَةِ الانِتقامِ مِمَّن آَذَاهَا؟! البَعضُ مِن البَشر، حَالُهم كَحَالِ الجَمل: إذا سَقَطوا وَوَقَعوا، تَراهُم يَسْتَغيثونَ طَلبًا لِلرَّأفَةِ وَالرَّحمَة، وَلَكنْ إنْ أُتِيحَتْ لهم الفُرصَة، لَن يُقَصِّروا في الانتِقامِ، وَإشهارِ السُّيوفِ، وَرَميِ السّهامِ، وَرَدِّ الضَّربَةِ ضَرَبَات!
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أنَّ الرَّبّ يسوع قد صُلب في الفصح وصعد إلى السَّماوات بعد أربعين يوما
الرَّحمَةُ صِفَةٌ إلهيّة: ﴿كُونوا رُحمَاء كَمَا أنَّ أباكُم رَحيم﴾
الْمحبَّةُ لا تَسقُطُ أبدًا | مِن زمن الفصح الْمجيد
كَما أنَّ الْمَعموديةَ بدايَةُ فَصلٍ جَديدٍ في حَياةِ الْمَسيح
كونوا رحماء كمان أنَّ أباكم أيضاً رحيمٌ


الساعة الآن 12:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024