منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 03 - 2013, 03:12 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

المزمور السادس والعشرون

اختبر أعماق قلبي



المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي
همسات الروح
تأمل في سفر المزامير
المزمور السادس والعشرون
اختبر أعماق قلبي
أولاً: تقديم المزمور:
المزمور السادس والعشرون هو مزمور توسّل ينشده المرنّم للرب لأن حياته في خطر، لقد ظلمه شعبه واتَّهموه كذباً وطردوه وطاردوه فلم يعد أمامه سوى أن يفر لاجئاَ إلى أرض أعداء الوطن الخارجيين ليجد لديهم مأوىً وملاذا، فيواصل أعداء الداخل اتهاماتهم الفظيعة له بخيانة الدين والوطن والشريعة، لذا وجه هذا المزمور نداءً إلى السماء ليعلن فيه براءته من هذه الجرائم. يمكن التعامل مع هذا المزمور كمزمور البراءة أو كمرثاة شخصية لمن اُتهم ظلماً بجريمة خطيرة حيث فلم يجد من ملاذ سوى اللجوء إلى ساكن الهيكل متوسلاً للرب أن يعلن براءته على الملأ، ومن ثم ينجّيه من حكم الموت...
يعتقد البعض أن المزمور ُكتب أثناء ثورة أبشالوم ضد أبيه داود أو إبّان اضطهاد شاول له، بسبب وشاية (مجمع الأشرار)، أناس السوء المنافقين ففي هاتين المناسبتين صوّره الأعداء كإنسان شرير، واتهموه زوراً بعدة جرائم:
§ خيانة وطنه، إذ اضطر إلى الهروب إلى أمة أخرى
§ اشتراكه مع الوثنيين في العبادة والممارسات الخاطئة.

· استخفافه بالجماعة والسكنى في بيت الرب... لأنه هرب من وسط الشعب.
· يظن البعض أن داود اتهم بتدبير مقتل ايشبوشث بن شاول بيد بعنة وركاب (2 صموئيل 4: 5-12).

لكن بعض الدارسين يرى أن هذا المزمور مرثاة جماعية، يتحدث فيها المرنّم بصيغة المفرد كممثل للجماعة بكونها وحده واحدة، حيث تعلن الجماعة ككل استعدادها للعبادة المقدسة وكثير من عبارات هذا المزمور يمكن الترنم بها باسم الجماعة.
كما يُحتمل أن يكون هذا المزمور أيضاً تسبحة الكهنة الذين كانوا- بحسب الطقوس- يغتسلون قبل تقديم الذبائح كما جاء في سفر الخروج "عند اقترابهم إلى المذبح للخدمة ليوقدوا وقوداً للرب، يغسلون أيديهم وأرجلهم لئلا يموتوا" (خروج30: 20،21). ويذهب بعض الدارسين إلى القول أن ما ورد هنا ليس خاصاً بالكهنة وإنما هو صوت زائر الهيكل يعلن أنه قد حقق تماماً شروط القبول للدخول إلى الهيكل المقدس.
على كل حال فإن هذا المزمور يُناسب من يشعر بالحاجة الملحّة لحماية الله في الحياة أو أثناء رحلة الحج المقدس؛ لذا يمكن اعتباره طقساً فعالاً يُمارس قبل دخول الهيكل وقبل ممارسة الشعائر الدينية، كاعتراف شخصي يؤهل المصلي للاشتراك في العبادة، ويعبر محتواه عن المعنى الباطني للطقس، ألا وهو الفرح أمام الله الذي لا يُقترب منه إلا بالقداسة بل يقترب هو إلينا.
- مزمور مسياني: يرمز داود النبي في هذا المزمور إلى الرب يسوع المسيح الذي صار عاراً للبشر، فهو خير من يتلو احتجاج البراءة هذا بكونه "رئيس كهنة بلا شر، بلا دنس، قد انفصل عن الخطاة" (عبرانيين 7: 26)، ويمكن لكل مسيحي أن يتلوه معه أيضاً عندما يكون في شركة مع المسيح في الاضطهاد والألم. يقول القديس أغسطينوس: "داود هنا يمثل لا الوسيط الإنسان يسوع المسيح فحسب، بل الكنيسة كلها القائمة بالكمال في المسيح".
- ارتباطه بالمزمورين السابع والسابع عشر: هناك ارتباط وثيق بينه وبين المزمورين السابق الإشارة إليهماالسابع: القاضي العادل، " بك احتميت خلّصني ممن يضطهدونني...تعال إلى نجدتي سريعاً" والسابع عشر:الله ملجأنا وحمانا،" أحكم ببراءتي يا رب فعيناك تريان الصواب".
- ارتباطه بالمزامير (26، 27، 28): حيث يتراءى بيت الرب في المزامير الثلاثة. ففي المزمور 26 يقترب العابد إلى لله للتمتع بجمال هيكله بالنقاوة والتسبيح؛ وفي أعداده الأخيرة يعلن بهجته وتهليل قلبه لدنوه من الرب؛ وفي المزمور 27 يرى العابد في هذا البيت ملجأ من أعدائه، والمكان الذي يتراءى له الرب فيه، فيلتقي معه وجهاً لوجه. وفي المزمور 28 يقدم تضرعه باسط اليدين نحو قدس الأقداس متوسلاً استجابة الرب لسؤاله.
رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:12 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

ثانياً: نص المزمور وتقسيمه:
يتكون من اثنتي عشر آية وينقسم إلى ثلاثة أقسام، تبدأ بدفاع واثق عن الذات ضد التهم الموجهة إليه، فهو موقن بمعرفة الرب لقلبه وسلوكياته، يتبعه فحص ضمير سلبي: لم ولم ولم ...يليه الاستعدادات الطقسية للاقتراب من مذبح الله بنشيد شكر لمن افتداه ولم ينبذه.
القسم الأول: دفاع النبي عن كمال سلوكه (1-3):
1 - مزمور لداود: أنصفني يا رب لنزاهة سلوكي عليك توكلت فلا أتزعزع .
2 -امتحنِّي يا رب وجربني وأختبر أعماق قلبي .
3 -رحمتك أمام عيني وفي حقك سلكت .
القسم الثاني: دفاع عن هجره الشعب والهيكل (4-8):
4 -لا أجالس المنافقين ومع الماكرين لا أدخل .
5 -أبغض أهل السوء ولا أجالس الأشرار .
6 -أغسل يدي فأطهر وأطوف بمذبحك يا رب .
7 -لأرفع صوت الحمد وأحدث بجميع عجائبك .
8 -أحب بيتاً تحل فيه ومقاماً يسكن فيه مجدك .
القسم الثالث: طلب الخلاص والرحمة (9-12):
9 -لا تجمعني مع الخاطئين ولا مع سافكي الدماء.
10 - والذين أعمالهم مذمومة ويمينهم امتلأت رشوة .
11 -وأنا في النزاهة أسلك فافتقدني وتحنن علىّ .
12 -لتقف قدماي على أرض آمنة وفي المجامع أبارك الرب.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:12 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

ثالثاً: تفسير المزمور:
القسم الأول: دفاع النبي عن كمال سلوكه (1-3):
1 -انصفني يا رب لنزاهة سلوكي عليك توكلت فلا أتزعزع :
يتوسل داود طالباً من الديان إنصافاً وعدلاً فهو يشعر بأنه مضطهد محاصر بعدو شرير يحاول أن يسلبه:
o حقوقه الملوكية: فيغتصب عرشه
o حقوقه الأسرية : فتغتصب سراريه من ابنه ابشالوم
o حقوقه الأبوية: فيطارده أغلى أبناؤه للقضاء عليه
o حقوقه الإنسانية: فهو لاجئ خارج أرضه طريد شارد
o حقوقه الحياتية: يحاول العدو أن يقضي على حياته!!
وأمام كل هذه الحقوق المهدرة يصرخ النبي إلى الرب:
o خلقتني إنساناً: فلم أتجرد يوماً عن إنسانيتي
o أعطيتني الحياة: فقبلتها من بين يديك موهبة عذبة جميلة وعشت فيها بحلوها ومرّها ولم أبخل بها على أحد، وتوكلت عليك في جميع خطوات حياتي.
o مسحتني ملكاً: فلم أقصّر في خدمتي الملوكية وثبتّ مملكة لم تتكرر في تاريخ شعبك.
o أعطيتني أسرة: فكنت خير راع وخير زوج .
o أعطيتني أولاداً: فحاولت أن أكون قلباً رقيقا حنوناً عطوفاً راع صالح لأولادي: فبكيت موتاهم وسهرت بجوارهم مرضاهم وتضرعت لأجل اهتدائهم .
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:13 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

« عليك توكلت فلا أتزعزع :
لماذا يا رب إذن أعيش هذه المعاناة ؟
ليس هذا لوما ولا عتابا، إنها صرخة قلب واثق عرف الرب وعليه توّكل منذ حداثته، فحياة المرنّم لا عيب فيها، ولذلك فهو على يقين بأنه لن يزلّ بل سيظل ثابتاً وسط الجماعة التي اختاره الله لقيادتها ورعايتها حتى لو تنكر له أفراد تلك الجماعة ونقضوا العهود، فهو متوكل على صاحب العهد الثابت والأكيد، واثق من براءته أمامه، لقد حفظ ناموسه وأتمّ وصاياه وعمل بها، لذا فهو ثابت القلب لا يتزعزع.يرى القديس أغسطينوس أنه يقول: "على الرب توكلت" لأنه أتهم بأنه قد صار في شركة مع الوثنيين، مستهيناً بخدمة بيت الرب الجماعية... كأنه يقول لست أتكل حتى على أي ذراع بشري سواء لمؤمن أو غير مؤمن، إنما اتكالي هو على الرب وحده. إن كنت أعيش مع الوثنيين الأشرار بالجسد لكنني بالروح منفصل عنهم، لأني لا اتكل عليهم ولا على غيرهم".
2 - امتحنِّي يا رب وجربني وأختبر أعماق قلبي :
يبدو أن الآية الثانية هي مفتاح المزمور...فيها يطلب المرنّم من الله "إبلني" أي افحصني وجربني، جاءت الكلمة المرادفة للفحص هنا بما يخص امتحان المعادن وفحصها بالنار (مزمور 12: 6؛ 17: 3)؛ يطلب المرنّم من الرب أن يبتليه أي أن يجيزه في المحنة ليعرف نوايا قلبه... محنة ماديّة ملموسة، كحكم واختبار من الله يخضع له المرنّم لتظهر براءتُه التي يعلمها الرب، فهو الذي يعرف كليتيه وقلبه أي أعماقه، وهو إن هو اختبرها فلكي يقدم للناس برهاناً ملموساً عن نقاوتها. ويلح المرنّم على الله طالباً أن يمتحنه، لأنه يعلم براءته مما نُسب إليه باطلاً، ومن ثم فهو يرغب عبر ذلك الامتحان الفريد من نوعه، أن يثبت الله ذلك ويعلنه بنفسه ، كأن الفحص الإلهي يزيده تزكية وبهاءً ومجداً.
هنا نفهم أيّة عدالة يعني المرنّم الذي يحتجّ على اتهامات باطلة تهدّد وجوده وتدمر حياته لهذا يقول: أنصفني، أحكم لي بالعدل، إنه يطلب أن يُبتلى بالنار ويفحص ليس لأنه واثق في براءته فحسب ولكنّ ليبرّره الرب أمام الناس، كما يبرر القاضي في المحكمة من كان متهماً ظُلماً.
ولكن كيف يُظهر الله حقّ صفيّه؟ كيف يُبرّره؟ هل يفعل ذلك عن طريق كاهن الهيكل؟ أم هل يقدم علامة من عنده؟ كيفما كان الأمر، وأية طريقة يختارها الرب، فسيرى المرنّم في ذلك نعمة، إنه واثق وقد احتمى في الهيكل أن ربّ الهيكل لن يسمح بظلم من يلجأ إليه في بيته، بل سيدافع عنه ويحميه، وما هذه المرثاة سوى صرخة ثقة بالرب رغم كل ما يحيط به صعوبات؛ ومتى افتداه الرب ورحمه، حينئذ يتأكّد أنه نجا، فيبارك الرب في الجماعة ويشكر له إحسانه.
ونشعر بلسان حال داود يخاطب الرب قائلاً: ها قد انتهيت يا رب من فحض ضميري لحياتي كلها، فلم أجد تقصيراً في أي مجال سوى الهفوات التي لا يشعر بها أحد لكن أنت أدرى هاأنذا يا رب أضع ذاتي بين يديك أيها الطبيب الفاحص القلوب والكلى: أفحصني أيها العالم المختبر، اختبرني كما يُختبر الذهب في البوتقة، وأدخل إلى أعماق قلبي وكياني ومحصني كما تمحص الفضة والذهب في نار البوتقة، فلن تجد سوى صورتك مطبوعة في أحشائي وصوتك العذب يملأ أعماقي فرحاً وسلاماً. لقد عرفتك منذ صباي وعرفتني وأنا في بطن أمي ... حياتي أمامك ولا حياة لي بدونك ، فأين اهرب من وجهك.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:13 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

3 - رحمتك أمام عيني وفي حقك سلكت :
وضعت الرب أمامي في كل حين وبرغم خطايا صباي وجهلي إلا أن رحمتك افتقدتني ولم تهملني للحظة وغفرانك سربلني بثياب الملك والبهاء ومحا عني جميع خطاياي ... فسلكت حياتي كلها في نور شريعتك المحيية وحفظت الإيمان وأكملت السعي !!
القسم الثاني: دفاع عن هجره لشعبه وللهيكل (4-8):
بهروبه إلى بلد وثني عاش داود النبي طوال هذه الفترة المريرة محروماً من شعبه ومن بيت الله ، لكنه كان بقلبه يجلس مع أتقياء شعبه ويشارك العابدين بالروح والحق.
4 - لا أجالس المنافقين ومع الماكرين لا أدخل :
يبدأ المرنّم كعادته بفحص الضمير وهو مستعدّ لأن يمرّ عبر النار لا في الماء فقط لكي تُعلن براءته ويسرد في اعتراف سلبي: لم أجالس الأشرار، لم أدخل مع الماكرين،. لقد قرّر أن يعيش مع الله، ولهذا رفض مرافقة الأشرار (مزمور1: 1) وكذبهم (مزمور 12: 3؛ 41: 8) وأفكارهم الشريرة (مزمور 56: 6): ويعتقد أن من يحبّ الله يُبغض الأشرار (مزمور 5: 6؛ 139: 22). ويؤكد ذلك: كما تأمر الشريعة بالابتعاد عن المنافقين والماكرين، تحاشيت أن أجالسهم أو أخالطهم أو أشارك حتى في أحاديثهم، ولم أسهم قط في مؤامراتهم الدنيئة ولم أدخل حتى منازلهم ولم أشاركهم الطعام النجس ولا الحديث الدنس ولا الأقوال الباطلة والأفكار التافهة الجهالة التي تبعد الإنسان عن معرفة الله.
5 - أبغض أهل السوء ولا أجالس الأشرار :
يتفق العالم أجمع على أن الناس يُعرفون عبرالأصدقاء الذين يختارون، " قل لي من أصدقاؤك أقول لك من أنت"، " على أشكالها تقع الطيور "... فإن كان داود النبي قد اضطر إلى الهروب من وسط شعب الله إلى بلد وثني، لكنه لم يرافق من يعمل الظلم ولم يماثل الأشرار في خطاياهم. حقاً أن الوثنيين هم مجمع أشرار ومنافقون، وقد التجأ إليهم مضطراً هرباً من الاضطهاد، لكنه ليس له معهم شركة عمل أو فكر أو عقيدة أو طقوس وعبادة ؛ لم يجالسهم ولم يدخل معهم في عهود ولا أحب تصرفاتهم.
كانت الشريعة تنهي عن التعامل مع أهل السوء خوفاً من أن يجذبوا الأبرياء في فخاخهم ويزيغون عيون البسطاء ويسقطون المساكين... وكان هذا إجراءً وقائياً في مسيرة شعب الله إلى أن يتعمق الإيمان ويتجذر في قلوبهم مثلما تم منعهم عن كل صورة وتمثال وأيقونة ...
ولقد تجاوز المسيحيون مع مرور القرون ونضج الإيمان هذا الخطر إذ صار الإيمان داخلياً وعميقاً وراسخاً. كما أن كلمة يبغض في العبرية واليونانية لا تعني حقداً وكرهاً بل تعني " تفضيل" من يأتي إليّ فليبغض أباه وأمه"(لوقا 14 :26). والرب يسوع المحبة المتجسدة لا يطلب بغضاً بل أن تكون له الأولوية المطلقة في حياة من يتبعه.
6 - أغسل يدي بالنقاوة فأطهر وأطوف بمذبحك يا رب :
بعدما انتهى من استعراض ما يتحاشاه في التعاملات الاجتماعية مع الوثنيين؛ يتفحص داود علاقته الروحية مع الله وممارساته التقوية والطقسية، لم يكن داود النبي كاهناً ولا لاوياً لكنه كان عابداً صالحا وعاشقاً متيماً لبيت الرب... لكنه وقد اضطر للهروب من وسط شعبه وُحرم من العبادة الجماعية في بيت الرب المقدس، أعلن أولاً أن لا شركة له مع الأشرار في حياتهم الشريرة؛ ليصل من ثم إلى الجانب الإيجابي فيرى ذاته كأنه كاهن روحياً، إذ هو حاضر بقلبه في الهيكل وسط شعب الله يشارك الكهنة خدمتهم المقدسة، حاضر بالروح في الخيمة يغسل يديه مع الكهنة، لا بمياه المرحضة وإنما بنقاوة القلب الداخلي، ويطوف حول المذبح، لا بجسده وإنما بشوق قلبه الداخلي وحبه الناري الملتهب، يسمع التسبيح السماوي بأذنيه الروحيتين، ويتحدث عن عجائب الله... وكأنه لا توجد قوة ما قادرة أن تمنعه من التمتع بجمال بيت الله والتواجد في موضع مجد الله. هذا ما عبّر عنه بقوله: "أغسل يديَّ بالنقاوة. وأطوف بمذبحك يا رب.لكي ما أسمع صوت تسبيحك، وانطق بجميع عجائبك يا رب أحببت جمال بيتك وموضع مسكن مجدك ". بنما هو ما يزال بعيداً طريداً فهو إذن يتممّ في منفاه جميع الشروط اللازمة لدخول الهيكل (على غرار ما قرأنا في المزمور الرابع والعشرين، من يصعد إلى جبل الرب؟).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:14 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

« أغسل يدي فأطهر :
كأن داود النبي يغسل يديْ نفسه أمام الله قلبياً، فهو ملاصق لمذبح الله روحياً و يمارس كل طقوس الوضوء والتطهر التي تنص عليها الشريعة، وهي كفيلة حسب النص بتطهير من يتبعها من أدناس الجسد والروح.
« أطوف بمذبحك :
لا أكتفي بالعبادة والصلاة الباطنية بل أنزل بمخيلتي إلى هيكلك المقدس الذي أعشق الدخول إليه وأحب الجلوس فيه، حيث أرفع نحوك قلبي أثناء الطواف والتنقل في أرجاءه الواسعة حتى أصل إلى المذبح حيث أقدم الذبائح وأقوم بالسجود أمام عظمتك .
7 - لأرفع صوت الحمد وأحدث بجميع عجائبك :
يُريد داود النبي أن يؤكد بأنه وسط كل افتراءات الأعداء لا تميل أذناه إلى كلماتهم ولا ينشغل فكره حتى بالدفاع عن نفسه أمامهم، لأن صوت التسبيح المفرح يملأ كيانه ويشبع حياته، فعوض الشكوى ضد الأعداء أو التذمر على ما يحل به، يتحدث عن كل أعمال الله العجيبة التي ترفعه بالروح إلى الحياة السمائية.
وكأنه في مناجاته يؤكد لخالقه وباريه: أنا لا أذهب إلى هيكلك طالباً للنعمة والحكم والعدل فحسب، فنعمتك تغمرني حتى في منفاي، بل أذهب لأشكرك وأحمدك وأرفع صوتي بالتسبيح والتهليل لك لأن أعمالك عظيمة في الكون وفي تاريخ شعبك وفي كل مراحل حياتي إنها تقترب من المعجزات ، ما أعظم أعمالك يا رب .
8 - أحب بيتاً تحل فيه ومقاماً يسكن فيه مجدك :
هذا الحب الذي يصل إلى العشق في قلب داود هو موضوع ذكر وتأمل وترنيم في كثير من مزاميره ... لقد لمس عمل الرب في هيكله ووجوده الحقيقي المتمثل في تابوت عهده فأحب قلبه ديار الرب وأراد أن يبني له مسكناً وأبى أن يسكن قصراً بينما تابوت الرب في خيمة ... واستعذب الذهاب والجلوس والطواف يومياً في مقام الرب وأراد أن يشيد هيكلاً عظيماً... فأمره الرب أن ينتظر وأوحى إليه أنه أوكل تلك المهمة إلى أبنه الذي سيجلس على عرشه... فبنى سليمان ابن داود الهيكل. وإن ظل مقام الرب وسكناه وسط شعبه قائماً حيث كان ينزل مجد الرب على الخيمة التي فيها التابوت ويظل هناك حاضراً وسط شعبه إلى أن يحلّ الكهنة الخيمة وينتقلون إلى مكان جديد ...
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:14 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

القسم الثالث: طلب الخلاص والرحمة (9-12):
بعد أن قدم داود النبي البراهين على كماله، يُصلي بحرارة حتى لا يُدفع ويظل بعيداً عن جماعة شعب الله، موضع أمانته الله وحبه، فيُحسب كمجرم بين سافكي الدماء الذين تدنست أيديهم بالشر وامتلأت بالرشوة، وبالتالي يصلي ألا يكون مصيره معهم بسبب اختلافه عنهم في جميع السِمات والعادات والغايات والمقاصد والأهداف والطلبات والأشواق. فهو لا يحمل فكراً مشابهاً، ولا شعوراً مماثلاً، ولا يتحدث نفس اللغة، وليس له ذات السلوك، ولا يعيش بذات النمط، ولا يسير بنفس الطريقة.
9 - لا تمحني مع الخاطئين ولا مع سافكي الدماء :
انطلاقاً من كل ما سبق من فحص دقيق ومنظم للسلوكيات الأخلاقية والاجتماعية والممارسات الطقسية والتعبدية والالتزام الروحي العميق الذي يشمل الكيان كله حتى القلب والكلى أي داخلياً وخارجياً... يطلب المرنّم من الرب أن يجعل له مقاماً فريداً عنده مع الأبرار بعيداً عن الأشرار الذين لا يحب السكنى معهم ولا مخالطتهم ... إنه يفضل التعامل مع الله ومع الذين يسلكون أمامه و يحيون حياة أبناء الله، القديسين "أحببت السكنى مع قديسيك وكل شهوتي أن أكون منهم" ( المزمور 16: 2 ).
10 - والذين أعمالهم مذمومة ويمينهم امتلأت رشوة :
حيث أن له سلوكه الطاهر وقلبه الذي يردد أقوال الرب ويده النقية لا عن سفك الدماء فحسب بل ترفضن حتى أن تقبل الرشوة على البرئ وهي من أبشع الجرائم في نظر الله ، ولا تقل عن سفك الدم وقد رأينا أنها تستخدم في سبيل الباطل فالرشوة هي ما يمنح لمن لا يستحق في سبيل الحصول على ما لا يحق له الوصول إليه ، وكان الأشرار بل ورؤساء الكهنة وقادة الشعب يدسونها في أيدي المرتشين في سبيل شهادة زور كما فعلوا في محاكمة يسوع ...
11 - وأنا في النزاهة أسلك فافتقدني وتحنن علىّ :
في الوقت الذي فيه يعلن المرنّم اقتناعه ببراءته التي بلا شك هي ثمرة عمل الله في حياته، نجده يطلب رحمة الله التي لا تفارق عينيه. "لأن رحمتك أمام عينيّ هي، وقد أرضيتك بحقك"( مزمور)كأن داود النبي يقول للرب إنه لا تشغلني اتهامات الأعداء الباطلة والظالمة، إنما ما يشغلني أن تحميني وأنا طريد من الجو الوثني الذي اضطررت أن أعيش فيه بجسدي وليس بقلبي. لا تسمح أن أكون شريكاً للمنافقين والمجرمين والأثمة والمرتشين في حياتهم ولا في مصيرهم؛ حياتهم غير حياتي، وهدفهم غير هدفي. على النقيض منهم اسلك بدعة، أي أسير في طريقك بروح الوداعة والاتضاع، اتكئ على خلاصك وأترجى مراحمك... رجليّ لا تقدران على الوقوف إلا في طريقك بالاستقامة ، حتى تدخل بيّ إلى حياة التسبيح والفرح مع جماعة القديسين.
لم يكن أمام داود النبي، وقد وجه إليه خصومه اتهامات باطلة تمس إيمانه وحياته وتعثر شعبه فيه، إلا أن يستغيث أمام محكمة العدل الإلهي، حيث يقوم بالفصل في الأمور الله نفسه فاحص القلوب والعالم بكل الظروف الخفية والظاهرة، وها هو يقدم ضميره شاهداً على نقاوة قلبه وإخلاصه.يعرف أنه بحضرة الله الذي يدافع عنه تجاه عدالة البشر. لقد وضع ثقته فيه منذ القدم، ولكنه في هذه الساعة يتذكّر أن: " من يتوكّل على الرب ينجو نجاة وتكون له نفسه مغنماً" (ارميا 39: 18).وحيث أنه أمين لعهد الرب وواثق برحمته، فلذلك لا يخاف أن يمتحنه ذاك الذي يعرف ما في داخل الإنسان، الذي يفحص الكلى والقلوب (أرميا 11: 20). وإن أجبر على عبور النار، فسيكون كالذهب والفضّة اللذين يُنزع عنهما خبثهما عبر النار.
وحيث أني لا أطيق حتى التفكير في قبول ما يفعلون فأنا في النزاهة أسلك أي كل سلوكي وكلامي وحياتي في النور، نور وجودك ونور شريعتك، لذلك أعود فأطلب أن تفتقدني وأنت وحدك المفتقد، وأن تنصفني وأنت وحدك من يملك العدل والإنصاف، وأن تتحنن على فأنت وحدك الرحيم الحنان .
12- لتقف قدماي على أرض آمنة وفي المجامع أبارك الرب :
كثيراً ما يبحث الناس عن الحقيقة، ولكنهم يفشلون مراراً في بحثهم (تثية 21: 1)، أما الله فيعطي علامة على براءة المؤمن الملتجئ إليه. ويبدأ الاحتفال، فيغسل المؤمن يديه علامة طهارته، ويطوف حول المذبح منشداً للرب نشيد شكر، لأن الرب برّأ ساحته فأخذه إلى جانبه وأسكنه بيته، ولم يتركه يسكن مع الخطأة والقاتلين.
كل ما أطلبه منك يا سيدي ، ولا يستطيع غيرك أن يمنحه هو الأمان...عندك وحدك أجده وفي ظل جناحيك وحدك أطمأن...لا أحد غيرك يستطيع أن يبدد هواجسي ويزيل مخاوفي ويسكن من روعي...أنت صخرتي ... لتقف قدماي على أرضك الآمنة فأعيش السلام والأمان .
« وفي المجامع أبارك الرب :
عندئذ يصفو قلبي وقد شعر بالأمان في ظل حمايتك الأبوية وحراستك الدائمة التي لا تغفل وعينك الساهرة التي لا تنام ... فتصير حياتي كلها لك، أمجدك بها وأمام كل البشر وفي الطرق والمنازل والشوارع والكنائس والمجامع أباركك أيها الرب وأمجدك وأعلن أعمالك العظيمة في حياتي .


  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:14 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي



رابعاً: تطبيق المزمور:
o كيف عاش الرب يسوع هذا المزمور؟
يمكن أن ينطبق المزمور على حياة الرب:
يمكن تطبيق بعض آيات هذا المزمور على شخص وحياة الرب يسوع:
- طريق الكمال: برغم كونه خاطئاً وابتعد عن أن يكون كاملاً حاول داود أن يسلك فيه، أما ابنه سليمان فسقط بائساً، لكن هناك ابن آخر لداود، هو أصل داود وذريته، هو ابن داود وربه وسيده،" قال الرب لربي"(مزمور110 :1) إنه يسوع المسيح؛ هو وحده بلا خطيئة، وكما قال بنفسه:" من منكم يبكتني على خطيئة واحدة" ( يوحنا 8: 46)
- هو صاحب السلوك النزيه الخالي من كل دنس" هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي لا يصيح ولا ... ولا يسمع أحد صوته في الشوارع قصبة مرضوضة لا يكسر وكتانا مدخنا لا يطفئ"( متى 12: 8).
- وهو الذي على الرب توكل منذ الميلاد حتى أسلم روحه بين يديه على خشبة الصليب.
- ومع أنه جالس العشارين والخطأة وأكل معهم إلا أنه فعل ذلك في سبيل شفائهم وقدم نظرية جديدة في التعامل معهم" لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل ذوي الأسقام" ( متى 9: 12)، جئت لأدعو الخطأة لا الأبرار إلى التوبة( مرقص 2 :17)، ما جئت إلا للخراف الضالة من بيت إسرائيل"( متى 15:24).
- وهو الذي اغتسل بماء معمودية التوبة على يد يوحنا المعمدان مع أنه الطاهر بشهادة يوحنا ذاته " لست أنت المحتاج إلى معموديتي بل أنا المحتاج أن أعتمد منك، فقال ينبغي أن نتمم كل بر" (متى 3: 14).
- حبه للهيكل: أحب هيكل الله منذ حداثته وفضل البقاء فيه عن البقاء في رفقة الأهل والوالدين والرفاق والأصدقاء( لوقا2: 43-49) وهو الذي دافع عن قداسته وصنع سوطا وطرد الباعة والصيارف صارخاً" بيت أبي بيت صلاة يُدعى وأنتم جعلتموه معارة لصوص" (متى 21: 13) ونلاحظ انه يدافع عن هيكل أبيه كوارث شرعي لهذا الهيكل بكل مجده ليحوله إلى جسده الذي قدمه على الصليب كفارة عن خطايا العالم (يوحنا 2:18).
وهو الذي نصره الله على جميع أعداءه ووضعهم موطئ قدميه فوقفت قدماه "على أرض آمنة" أرض القيامة لأن الله برره ونصره مقيما إياه رئيسا للعالم فهو البار وحده "أن رئيس هذا العالم آت وليس له فيّ شيء" (يوحنا 14: 30). هو وحده يقدر أن يقدم هذا الاحتجاج بطريقة كاملة ليس عن نفسه فقط بل عن كنيسته التي افتداها وبررها بدمه الثمين "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر و لا دنس قد انفصل عن الخطاة و صار أعلى من السماوات (عبرانيين 7 : 26) "وأما راس الكلام فهو ان لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات (عبرانيين 8: 1).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:15 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

كيف نعيش نحن المسيحيين هذا المزمور:
تصف الآيات الثلاث الأولى من هذا المزمور إنساناً يسلك بالكمال؛ لذا يرى البعض أن لغته تبدو غريبة وغير جذابة لكثير من المسيحيين، وهذا مفهوم ظاهري إذ يظن البعض أن ثقة المرنّم هذه وافتخاره يقوم على اتكاله على أعماله الصالحة أي على الأنا والبر الذاتي، مقارنين بينه وبين مثل الفريسي والعشار (لوقا 18: 9 الخ).
- دفاعه عن كماله : يجدر بنا ملاحظة الآتي: الكمال المقصود هنا لا يعني القداسة المطلقة بل مجرد البراءة مما سبق توجيهه إليه من اتهامات. كما يعني أيضاً أنه بصلاح قلبه وصدق نيته بعيد عن الشر ويسلك بنقاوة وبراءة. وهذا ما أكده الرب نفسه عندما ظهر لسليمان في المرة الثانية، حيث وصف سلوك داود: "وأنت إن سلكت أمامي كما سلك داود أبوك بسلامة قلبه واستقامته، وعملت حسب كل ما أوصيتك، وحفظت فرائضي وأحكامي، فإني أقيم كرسي ملكك" (1ملوك 9: 4-5). والمسيحي الحق هو من يسلك في الكمال دون افتخار أو كبرياء تاركا للرب أن يشهد لكماله.
- وأنا بدعتي سلكت، أنقذني وارحمني: لم يغب عن المرنّم حاجته الملحة إلى الفداء، واعتماده على نعمة الله ورحمته. لأن ما يفعله داود من برّ هو عطية إلهية، ونحن أيضاً مهما بلغنا من نمو في طريق الفضيلة والكمال فلا نستطيع إنكار حقيقة عمل السيد المسيح الفادي في حياتنا كأولاد "بدوني لا تستطيعون شيئا"ٍ( يوحنا 15: 5).
- غسل اليدين: عنى داود بغسل يديه بالنقاوة إظهار براءته من الاتهامات الموجهة ضده والجرائم الُمنسوبة إليه ظلماً. ونحن أيضاً إذ نلتقي بالسيد المسيح المصلوب نغسل نفوسنا من الماء والدم الفائضان من جنبه، فمياه العالم كله لا تقدر أن تُطهر الأعماق، بل مياه المعمودية المرتبطة بالإيمان بدم المسيح تجدد طبيعتنا وتُطهر أعماقنا، وهكذا يفعل الكاهن في القداس الإلهي طالباً من الرب براً وتطهيراً، وفي هذا الصدد يقول القديس كيرلس الأورشليمي "تلاحظون أن الشماس يقدم ماءً للكاهن ليغتسل وهو بالتأكيد لا يقدمه بسبب افتقاده للطهارة الجسدية، فليس هذا هو السبب، لكن الغسل هو رمز للنقاوة من كل أعمال خاطئة وتعديات؛ فاليدان هما رمز للعمل، وبغسلهما ندخل إلى الطهارة والسلوك بلا لوم، في القداس يردد الكاهن:"أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك يا رب" فغسيل الأيدي رمز للحصانة ضد الخطيئة".
- لا يحتاج المسيحي السالك في الكمال أن يدافع عن نفسه "الرب يقاتل عنكم وأنتم صامتون" (خروج 14:14)، بالمثل نرى القديس بولس لم يشأ أن يدافع عن نفسه ولا أن يفتخر إذ يقول: "وأما من جهتي فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي و أنا للعالم" (غلاطية 6 : 14) ويقول أيضاً " نحن جُهال من أجل المسيح وأما أنتم فحكماء في المسيح؛ نحن ضعفاء وأما أنتم فأقوياء، أنتم مكرمون وأما نحن فبلا كرامة" (1 كورنثوس 4: 10)، لكنه إذ استشعر أن تلك الاتهامات الموجهة ضده تمس حقه في الرسولية وضد تعاليمه الإنجيلية اضطر أن يدافع بقوة، قائلاً: "اقبلوني ولو كجاهل لأفتخر أنا أيضاً قليلاً" (2 كورنثوس 11: 6)" والمسيحي الحق يدافع عن الإنجيل والكنيسة لا عن بره الذاتي.
- يعرف المسيحي الحق أن وجوده في العالم يُلزمه إلا يعتزل بالكلية أهل العالم، فهو في العالم خميرة وملح ونور وإلا كان يلزمنا الخروج من العالم (1كورنثوس 5: 10)، لكن يجب ألا نشارك أهل العالم في الشر وأن نبتعد عن الدنس فنصير في حضن الله ويُحب السكنى في بيته. في هذا الصدد يقول القديس أغسطينوس في تفسيره العميق لهذه الآية من المزمور: "لم أجلس مع محفل باطل" إلى أي شيء يرمز الجلوس؟ أن يكون الشخص بقلب واحدٍ مع من يعاشرهم. إن لم يكن قلبك هناك على الرغم من وجودك معهم، فأنت لا تجلس معهم، أما إن كان قلبك هناك فأنت تجلس معهم حتى وإن كنت غائباً عنهم (بالجسد)". "لنهرب من محافل الأشرار، لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم" (رومية 1: 18)، ولنعتزل جماعتهم لئلا نسقط تحت الضربات معهم (رؤيا 18: 4)، ونحرم من المحفل السماوي أو الوليمة الإلهية. اعتزالنا الأشرار قد يدفعهم إلى التوبة عن شرورهم، أما اختلاطنا بهم في شرورهم وتهاوننا في تقديس حياتنا، فبجانب ما يسببه لنا من هلاك، لا يعطيهم فرصة أن يفطنوا إلى خطورة حالتهم.
- وعن حب المسيحي لكنيسته: يقول العلامة أوريجينوس: "يشتهي الله أن نصنع له مسكناً، واعداً إيانا برؤيته كمقابل لذلك، أما مسكن الرب الذي يُريدنا أن نقيمه فهو القداسة... بهذا يقدر كل إنسان أن يقيم لله خيمة داخل قلبه. وكأن المسحي يعلن أنه قد اختار كنيسة الله لينعم بالحضرة الإلهية مبغضاً مجمع الشيطان، واختار جماعة القديسين لا مجلس الأشرار، اختار أورشليم العليا لا بابل الزانية، اختار نسل المرأة ليرفض نسل الحية... وأنه لا شركة بين النور والظلمة!
- طواف المذبح: كانت عادة الكهنة أن يطوفوا حول المذبح أثناء تقديم الذبيحة، وغالباً ما كان مقدمو الذبيحة أيضاً يمارسون ذات الفعل من بُعد، مشيرين بهذا إلى اجتهادهم وجديتهم بخصوص ما يُفعل لأجلهم. يقول القديس أغسطينوس "مادمنا في العالم نحتاج إلى غسل مستمر خلال التوبة "المعمودية الثانية"، وذلك بفعل كلمة الله وروحه القدوس. "أغسل يديَّ بالنقاوة وليس بماءٍ منظور". كلام الله روح وحياة وهو قادر أن يخترق النفس إلى الأعماق ليهبها نقاوة وتقديساً".
- كي أسمع صوت تسبيحك: إذ يتمتع المؤمن بنقاوة القلب وطهارة اليدين، وقداسة الأعماق والأعمال، تستطيع أذناه الداخليتان أن تسمعا صوت التسبيح الملائكي وأن تتجاوبا معه بفرح داخلي، فالسمة الرئيسية للمسيحي الحقيقي هي تهليل النفس وتسبيح اللسان، حيث يعلن المسيحي بحياته الداخلية وسلوكه الخارجي عن عجائب الله معه.
- يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "يقصد داود النبي بالبيت هنا الخيمة، لأن الهيكل لم يكن قد بُني بعد. وكأن داود الطريد يشتهي ألا يُحرم من الخيمة المقدسة وتابوت العهد رمز الحضرة الإلهية، وألاّ يُطرد من بين شعب الله، وفي نفس الوقت يطلب بيت الله في أعماق قلبه!حيثيتجلى جمال بيت الله في الذين كُللوا بجمال القداسة داخل الكنيسة.
- هذا الحب (حبنا لله) بدونه لن يقوم التركيب الخاص بالبناء الروحي الذي مهندسه بولس، مهما كانت المهارة ممتازة؛ ولا نستطيع أن يكون لنا المنزل الجميل الذي اشتاق إليه الطوباوي داود في قلبه لكي يُنقيه للرب، قائلاً: "يا رب أحببت جمال بيتك وموضع مسكن مجدك" بدون الحب يقيم الإنسان في قلبه دون أن يدري منزلاً لا يليق بالروح القدس، ولا يكون له شرف استقبال القدوس الذي يقطن (في القلب)، إنما يسقط في الحال وينهدم البناء في بؤس
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2013, 03:15 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,386

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس والعشرون: اختبر أعماق قلبي

كيف نعيش نحن المسيحيين هذا المزمور:
تصف الآيات الثلاث الأولى من هذا المزمور إنساناً يسلك بالكمال؛ لذا يرى البعض أن لغته تبدو غريبة وغير جذابة لكثير من المسيحيين، وهذا مفهوم ظاهري إذ يظن البعض أن ثقة المرنّم هذه وافتخاره يقوم على اتكاله على أعماله الصالحة أي على الأنا والبر الذاتي، مقارنين بينه وبين مثل الفريسي والعشار (لوقا 18: 9 الخ).
- دفاعه عن كماله : يجدر بنا ملاحظة الآتي: الكمال المقصود هنا لا يعني القداسة المطلقة بل مجرد البراءة مما سبق توجيهه إليه من اتهامات. كما يعني أيضاً أنه بصلاح قلبه وصدق نيته بعيد عن الشر ويسلك بنقاوة وبراءة. وهذا ما أكده الرب نفسه عندما ظهر لسليمان في المرة الثانية، حيث وصف سلوك داود: "وأنت إن سلكت أمامي كما سلك داود أبوك بسلامة قلبه واستقامته، وعملت حسب كل ما أوصيتك، وحفظت فرائضي وأحكامي، فإني أقيم كرسي ملكك" (1ملوك 9: 4-5). والمسيحي الحق هو من يسلك في الكمال دون افتخار أو كبرياء تاركا للرب أن يشهد لكماله.
- وأنا بدعتي سلكت، أنقذني وارحمني: لم يغب عن المرنّم حاجته الملحة إلى الفداء، واعتماده على نعمة الله ورحمته. لأن ما يفعله داود من برّ هو عطية إلهية، ونحن أيضاً مهما بلغنا من نمو في طريق الفضيلة والكمال فلا نستطيع إنكار حقيقة عمل السيد المسيح الفادي في حياتنا كأولاد "بدوني لا تستطيعون شيئا"ٍ( يوحنا 15: 5).
- غسل اليدين: عنى داود بغسل يديه بالنقاوة إظهار براءته من الاتهامات الموجهة ضده والجرائم الُمنسوبة إليه ظلماً. ونحن أيضاً إذ نلتقي بالسيد المسيح المصلوب نغسل نفوسنا من الماء والدم الفائضان من جنبه، فمياه العالم كله لا تقدر أن تُطهر الأعماق، بل مياه المعمودية المرتبطة بالإيمان بدم المسيح تجدد طبيعتنا وتُطهر أعماقنا، وهكذا يفعل الكاهن في القداس الإلهي طالباً من الرب براً وتطهيراً، وفي هذا الصدد يقول القديس كيرلس الأورشليمي "تلاحظون أن الشماس يقدم ماءً للكاهن ليغتسل وهو بالتأكيد لا يقدمه بسبب افتقاده للطهارة الجسدية، فليس هذا هو السبب، لكن الغسل هو رمز للنقاوة من كل أعمال خاطئة وتعديات؛ فاليدان هما رمز للعمل، وبغسلهما ندخل إلى الطهارة والسلوك بلا لوم، في القداس يردد الكاهن:"أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك يا رب" فغسيل الأيدي رمز للحصانة ضد الخطيئة".
- لا يحتاج المسيحي السالك في الكمال أن يدافع عن نفسه "الرب يقاتل عنكم وأنتم صامتون" (خروج 14:14)، بالمثل نرى القديس بولس لم يشأ أن يدافع عن نفسه ولا أن يفتخر إذ يقول: "وأما من جهتي فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي و أنا للعالم" (غلاطية 6 : 14) ويقول أيضاً " نحن جُهال من أجل المسيح وأما أنتم فحكماء في المسيح؛ نحن ضعفاء وأما أنتم فأقوياء، أنتم مكرمون وأما نحن فبلا كرامة" (1 كورنثوس 4: 10)، لكنه إذ استشعر أن تلك الاتهامات الموجهة ضده تمس حقه في الرسولية وضد تعاليمه الإنجيلية اضطر أن يدافع بقوة، قائلاً: "اقبلوني ولو كجاهل لأفتخر أنا أيضاً قليلاً" (2 كورنثوس 11: 6)" والمسيحي الحق يدافع عن الإنجيل والكنيسة لا عن بره الذاتي.
- يعرف المسيحي الحق أن وجوده في العالم يُلزمه إلا يعتزل بالكلية أهل العالم، فهو في العالم خميرة وملح ونور وإلا كان يلزمنا الخروج من العالم (1كورنثوس 5: 10)، لكن يجب ألا نشارك أهل العالم في الشر وأن نبتعد عن الدنس فنصير في حضن الله ويُحب السكنى في بيته. في هذا الصدد يقول القديس أغسطينوس في تفسيره العميق لهذه الآية من المزمور: "لم أجلس مع محفل باطل" إلى أي شيء يرمز الجلوس؟ أن يكون الشخص بقلب واحدٍ مع من يعاشرهم. إن لم يكن قلبك هناك على الرغم من وجودك معهم، فأنت لا تجلس معهم، أما إن كان قلبك هناك فأنت تجلس معهم حتى وإن كنت غائباً عنهم (بالجسد)". "لنهرب من محافل الأشرار، لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم" (رومية 1: 18)، ولنعتزل جماعتهم لئلا نسقط تحت الضربات معهم (رؤيا 18: 4)، ونحرم من المحفل السماوي أو الوليمة الإلهية. اعتزالنا الأشرار قد يدفعهم إلى التوبة عن شرورهم، أما اختلاطنا بهم في شرورهم وتهاوننا في تقديس حياتنا، فبجانب ما يسببه لنا من هلاك، لا يعطيهم فرصة أن يفطنوا إلى خطورة حالتهم.
- وعن حب المسيحي لكنيسته: يقول العلامة أوريجينوس: "يشتهي الله أن نصنع له مسكناً، واعداً إيانا برؤيته كمقابل لذلك، أما مسكن الرب الذي يُريدنا أن نقيمه فهو القداسة... بهذا يقدر كل إنسان أن يقيم لله خيمة داخل قلبه. وكأن المسحي يعلن أنه قد اختار كنيسة الله لينعم بالحضرة الإلهية مبغضاً مجمع الشيطان، واختار جماعة القديسين لا مجلس الأشرار، اختار أورشليم العليا لا بابل الزانية، اختار نسل المرأة ليرفض نسل الحية... وأنه لا شركة بين النور والظلمة!
- طواف المذبح: كانت عادة الكهنة أن يطوفوا حول المذبح أثناء تقديم الذبيحة، وغالباً ما كان مقدمو الذبيحة أيضاً يمارسون ذات الفعل من بُعد، مشيرين بهذا إلى اجتهادهم وجديتهم بخصوص ما يُفعل لأجلهم. يقول القديس أغسطينوس "مادمنا في العالم نحتاج إلى غسل مستمر خلال التوبة "المعمودية الثانية"، وذلك بفعل كلمة الله وروحه القدوس. "أغسل يديَّ بالنقاوة وليس بماءٍ منظور". كلام الله روح وحياة وهو قادر أن يخترق النفس إلى الأعماق ليهبها نقاوة وتقديساً".
- كي أسمع صوت تسبيحك: إذ يتمتع المؤمن بنقاوة القلب وطهارة اليدين، وقداسة الأعماق والأعمال، تستطيع أذناه الداخليتان أن تسمعا صوت التسبيح الملائكي وأن تتجاوبا معه بفرح داخلي، فالسمة الرئيسية للمسيحي الحقيقي هي تهليل النفس وتسبيح اللسان، حيث يعلن المسيحي بحياته الداخلية وسلوكه الخارجي عن عجائب الله معه.
- يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "يقصد داود النبي بالبيت هنا الخيمة، لأن الهيكل لم يكن قد بُني بعد. وكأن داود الطريد يشتهي ألا يُحرم من الخيمة المقدسة وتابوت العهد رمز الحضرة الإلهية، وألاّ يُطرد من بين شعب الله، وفي نفس الوقت يطلب بيت الله في أعماق قلبه!حيثيتجلى جمال بيت الله في الذين كُللوا بجمال القداسة داخل الكنيسة.
- هذا الحب (حبنا لله) بدونه لن يقوم التركيب الخاص بالبناء الروحي الذي مهندسه بولس، مهما كانت المهارة ممتازة؛ ولا نستطيع أن يكون لنا المنزل الجميل الذي اشتاق إليه الطوباوي داود في قلبه لكي يُنقيه للرب، قائلاً: "يا رب أحببت جمال بيتك وموضع مسكن مجدك" بدون الحب يقيم الإنسان في قلبه دون أن يدري منزلاً لا يليق بالروح القدس، ولا يكون له شرف استقبال القدوس الذي يقطن (في القلب)، إنما يسقط في الحال وينهدم البناء في بؤس
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مزمور كل يوم المزمور السادس والعشرون
الربّ عون الأبرياء المزمور السادس والعشرون
المزمور السادس والعشرون
المزمور السادس والعشرون
المزمور المائة و السادس والعشرون


الساعة الآن 11:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024