|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نعمة الغفران
المزمور الثاني والثلاثون 1. المزمور الثاني والثلاثون هو مزمور توسّل ينشده أحد التائبين بعد أن غُفرت خطيئته فشكر للرب خلاصه وشفاءه من مرضه، ومرضُ الجسد يترك في الانسان عاطفة الرجوع إلى الله، والشفاء من المرض الجسديّ علامة الشفاء من المرض الروحيّ (مر 2: 1 ي وشفاء المخلع). كتب هذا المزمور أحدُ معلّمي الحكمة الذي تعلّم من الألم أمثولة التنقية. وهو يقول: إذا كان الشعب قد تألّم في المنفى، فلأنه رفض أن يعترف بخطاياه. فإن أقرَّ بها، غفرها الله له، فيتمكن من العودة إلى أرض ميراثه بعد أن تكون محنة الجلاء في بابل قد نقّته وطهَّرته. تدعونا الكنيسة إلى تلاوة هذا المزمور لنعبّر به عمّا في قلوبنا من توبة. 2. الرب هو إله العهد الذي يغفر خطايا الراجعين إليه. آ 1- 2: يستقبل الكاهن المؤمن الداخل إلى الهيكل، ويمتدح أمام الحاضرين غفران الله له. من غُفرت خطيئته، شعر أنه تحرّر من ثقل لا يُطاق. طوبى للرجل (1: 1) الذي غفر الله له خطاياه (41: 2). الخطيئة سبب غضب الله، وحين ينتزع الرب هذا السبب، تعود العلاقات الطيّبة بين الله والانسان إلى سابق عهدها. آ 3- 7: يذكر التائب ما حصل له وكيف انتقل من شقاء الخطيئة إلى سعادة النعمة، فيروي كيف دُفع إلى الاقرار بذنبه بعد أن انحنى ظهرُه بفعل غضب الله وثقلت يده عليه (38: 3؛ 39: 11). في الماضي، سكت المرتّل وأخفى خطيئته في قلبه، فنخرته الخطيئة وهدّت قوى جسمه، فصار مريضًا واقترب من الموت. فلم يبقَ له إلاّ الصراخ والزئير كالأسد (أي 3: 24). ولما أقرّ بخطيئته، زال عنه كل ثقل، وأحسّ أنه لا يخاف شيئًا. وها هو مستعدّ لأن يواجه بثقة الضيقَ والمياه الغامرة، بعد أن وجد الملجأ الأمين في الله الذي يستمع إليه ويدخله في حياته الحميمة. آ 8- 11: ويستخلص الكاهن العبرة للحاضرين: لا تعاندوا الرب كالفرس والبغل، لئلاّ تتراكم عليكم المصائب (34: 20). الرب يقود خطاكم، ومن استسلم إلى إرادته فله رحمته ومحبته. إذا كنتم من الذين ذاقوا رحمة الرب، فافرحوا وابتهجوا ورنموا. 3. يبدأ المرتّل على طريقة معلّمي الحكمة بتهنئة الانسان الذي غُفرت خطاياه (وُضع حجابٌ عليها وغُطّيت لأن الخطيئة تشكّل حاجزًا بين الله والانسان). ويخبر كيف سكت عن خطيئته ولم يخبر بها إلى أن ألمَّ به مرض الحمى، فأجبره على أن يعي خطيئته ويعترف بها أمام الجماعة كلها. "إني رحيم، يقول الرب، لا أحقد إلى الأبد. فاعرفي يا صهيون اثمك: إنك عصيت الرب إلهك" (إر 3: 12- 13). يعرف المرتّل أن الله يغفر. هذا ما قاله الأنبياء (هو 14: 3)، وهذا ما يمكن أن يعلنه الكاهن (2 صم 12: 13)، وهذا ما عرفه المرتّل عندما عادت إليه الراحة والصحة. كان المرض الخارجي بالنسبة إلى المرتّل علامة الخطيئة. وهذه الفكرة موجودة عندنا وهي صحيحة (1 كور 11: 29- 32، يع 5: 14- 16). لا بدَّ من أن نتجنّب الربط بين المرض والخطيئة بطريقة مباشرة، كما بين السبب والنتيجة، إنّما علينا أن نعرف أن المرض يساعدنا على الرجوع إلى ذاتنا، لأن الخطيئة تؤثّر على الانسان ككّل، أي على نفسه وجسده. فطوبى لمن عرف خطيئته فاعترف بها وغفرها الله له. 4. قال القديس بولس عن المسيح (2 كور 5: 21): "ذلك الذي لم يعرف الخطيئة جعله الله خطيئة لأجلنا". وهكذا أنشد يسوع هذا المزمور باسمنا وهو يحمل خطايانا وآلامنا. وهذه المغفرة التي يتحدّث عنها المزمور، نقرأها في القديس بولس عندما يحدّثنا عن نعمة المصالحة التي حصلت عليها البشريّة في المسيح يسوع (روم 15: 8- 13؛ فل 3: 1)، بنعمة الله وعطائه المجّانيّ. يبقى علينا أن نقرّ بخطيئتنا، وهذا شرط الغفران. "إذا قلنا إننا بلا خطيئة، خدعنا أنفسنا وما كان الحقّ فينا. أما إذا اعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل، يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كل شر. وإذا قلنا إننا ما خطئنا، جعلناه كاذبًا وما كانت كلمته فينا" (1 يو 1: 8- 10). 5. المرض والخطيئة خطئ الانسان فأخفى خطيئته على ربّه، فزاد خطيئة على خطيئة. ولكن إن باح الانسان بخطيئته، فالرب أمين وغفور. يغفر ويشفي. ولكن هنا نتساءل: ما علاقة المرض بالخطيئة وهل مرض الانسان ناتجٌ عن خطيئته؟ في عالم يرتبط كل شيء فيه بالله الذي هو سبب ما يحدث، يبدو المرض متأتّيًا من الرب. إذا كان يُميت ويُحيي، فهو أيضًا يُرسل المرض ويُرسل الشفاء. هو يضرب الانسان وهو يُفرج عنه. هذا ما يقوله أيوب: "كنت أعيش حياة وادعة، فجاء الله وهشّمني. أخذ بقفاي فحطّمني، ونصبني هدفًا لسهامه. يشقّ كليتيّ ولا يُشفق، ويريق مرارتي على الأرض. يهجم عليَّ هجوم الجبار، ويُثحنني جراحًا على جراح" (أي 16: 13- 15). ويزيد: "إرحموني، إرحموني. يا أخلاّئي، لأن يد الله ضربتني، فلصقت عظامي بجلدي ولحمي" (أي 19: 21، 20). وسيقول المرتّل في 39: 11: "إصرف عني ضرباتك، فقد فنيتُ من بطش يدك". ولكن يعود الكتاب فيفهمنا أن الله خلق الانسان للسعادة، وأن الانسان بخطيئته جلب على نفسه الشقاء. فالمرض كسائر الشرور البشريّة، يعارض إرادة الله. وقد دخل إلى العالم كنتيجة للخطيئة. المرض إحدى علامات غضب الله ضد عالم خاطئ. وسيُحسّ بذلك الشعب الإسرائيلي حين يبتعد عن الله: يلصق به الوباء إلى أن يفنيه، يضربه بالحمّى والبرداء والالتهاب. يضربه بالقروح والبواسير والجرب والحكّة. يضربه بالجنون والعمى. يضربه من أخمص القدمين إلى قمّة الرأس (تث 28: 21- 35) وحين يحسّ الانسان بالمرض، سيوبّخه ضميره على خطيئته. ولهذا نسمع المرتّل يطلب الشفاء من مرضه، ويُرفق طلبَه هذا بالاقرار بخطاياه. يقول في 38: 2 ي: "لا صحّة في جسدي، لأنك غضبت عليَّ بسبب آثامي. لا سلامة في عظامي، لأني خطئت إليك. جراحي أنتنت وقاحت، وكل هذا بسبب حماقتي وآثامي". وهكذا يبدو المرتّل وكأنه يقول: إغفر لي خطيئتي فأشفى من مرضي. ويبرز السؤال: هل نبحث عن سبب كل مرض في خطيئة شخصيّة اقترفها الانسان؟ كان أول جواب رجوعًا إلى المسؤوليّة الجماعيّة. الفرد مسؤول عن خطايا الجماعة، والجماعة تتحمّل أخطاء الفرد. ولكن حين توضّحت المسؤوليّة الشخصيّة، لم يعد هذا الجواب يفي بالمطلوب. ولهذا طرح الكاتب الملهم مسألة أيوب وطوبيط اللذين فهما أن ما حصل لهما كان محنة من عند الرب، بها يدلاّن على أمانتهما له رغم الصعوبات. وسنفهم مع عبد يهوه أنه يكون للألم قيمة تكفيرية من أجل آثام الخطيئة (أش 53: 4). يتألّم البريء، ولكنه يحمل خطايانا، ويأخذ على عاتقه أمراضنا فنُشفى بفضل جراحه. 6. "أنت ملجأي في المحنة التي تحيط بي. أنت يا فرحي، نجّني من الذين يحاصرونني". بعد أن قال النبيّ ما قابل عن الخطيئة، طلب النجاة من الشرور التي تجرّها الخطيئة. ونال الجواب. فالرب قال له: "أجعلك حكيمًا، وأمنحك الأمان في طريق تسير فيه. وأجعل عينيّ عليك". قال له: أنه يا من ضلّلت واعترفت بضلالك. فأنا أعيدك إلى الطريق الصالح. وأعطيك المعرفة والعلم. وفوق ذلك أعيد إليك عطفي كما في الماضي. وبهذه العبارة "أجعل عينيّ عليك"، استعمل الرب استعارة نجدها في موقنة المحبّين تجاه شخص يريدون أن ينظروا إليه دومًا. فإن كان الانسان الغاضب على الآخر يميل بوجهه عنه، فهو يدلّ أيضًا على رضاه حين يلتفت إليه. لهذا قال النبيّ في مكان آخر: "ألق نظرك عليّ وارحمني" (25: 16). وقال أيضًا: "لا تمل بوجهك عنّي" (27: 9). وقالت الله نفسه بفم النبيّ إرميا: "إلتفت إليّ فألتفت إليك" (15: 19). بعد هذا، تدفع كلمة النبيّ أولئك الذين يتجاوزون الشريعة، إلى أن لا يقتدوا بالحيوان العجم. وتدعو الأبرار إلى الامتلاكْ الدائم لفرح الله. فتقول: "لا تصيروا مثل الفرس والبغل الذين لا فهم لهم. فباللجام والرسن تُشدّ حنك الذين لا يقتربون منك". قال النبيّ: بالنسبة إليّ أدعوكم بأن لا تزاحموا هؤلاء الناس الذين لا عقل لهم. فإن رفضتم أن تصدّقوني، سيكون لكم مثلهم اللجام والرسن (دلّ بهذه على التأديب). لهذا أردف: "ضربات السوط عديدة للخاطئين". وبعد أن أعطى هذا التنبيه، توجّه إلى الجماعة الأخرى، وقال: "الرحمة تحيط بالذين يرجون الربّ". فجميع البشر بلا استثناء يحتاجون إلى نعمة الله، ولو كانت في يدهم أعظم أعمال الفضيلة. لهذا هتف الرسول: "بالنعمة أنتم مخلّصون بالإيمان. وهذا ليس منكم. إنه عطيّة من الله" (أف 2: 8). "إفرحوا بالربّ وابتهجوا أيها الصدّيقون. وافتخروا يا أصحاب القلوب المستقيمة". إذن، لا يحتفل أحد بنجاحه الخاص. بل ليفتخر بالله ويتذوّق الرضى الآتي منه. هذا ما يتوافق مع أقوال الرسول: "من أراد أن يفتخر، فعليه أن يفتخر بالربّ" (2 كور 10: 17). وقال: "من ظنّ أنه واقفًا فليخف من السقوط" (1 كور 10: 12). لهذا يوصينا بأن نتحلّى بروح الوداعة: "إفتح عينك على نفسك لئلاّ تجرّب بدورك" (غل 6: 1). (يوحنا فم الذهب). |
07 - 09 - 2012, 12:27 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
سراج مضئ | الفرح المسيحى
|
رد: نعمة الغفران المزمور الثاني والثلاثون
شكرا مايكل على المزمور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المزمور المئة والثلاثون الغفران والفداء |
مزمور كل يوم | المزمور الثاني والثلاثون |
المزمور الثاني والثلاثون |
المزمور الثاني والثلاثون |
المزمور المائة و الثاني والثلاثون |