|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم يكن القصد مجرد عمل الفداء . و انما بالأكثر ايمان الناس بهذا الفداء ، و بالمخلص الذي يفديهم .و بهذا يخلصون . و هذا الأمر كان يلزمه مدي زمني لشرح عملية الفداء و تدريب الناس علي قبولها و علي محبة الله الذي يفديهم . و لو أن الأمر قد تم منذ ادم ما كان أحد قد فهمه و لا قبله . ثم من الذي يموت من أبناء ادم عوضا عن الكل ؟! كان كل البشرية اذن أن تفهم فكرة الفداء ذاتها و هي : 1، مبدأ الكفارة أي أن نفسا تموت عوضا عن نفس . علي شرط أن تكون النفس التي تقوم بعملية الكفارة نفسا بارة بلا خطية . لأن النفس الخاطئة تموت عن خطيتها فلا تفدي أحدا . أما النفس البارة فيمكنها أن تموت عن غيرها . و لم يكن في البشرية أحد بار ، اذ الجميع زاغوا و فسدوا و أعوزهم مجد الله ( مز 14 : 1 ، 2 ) . 2،كان عليهم أن يعرفوا أن الخطية موجهة ضد الله . ومادام الله غير محدود ، اذن فالخطية الموجهة ضده غير محدودة .و الكفارة التي تبذل لمغفرتها ينبغي أن تكون غير محدودة .و لا يوجد غير محدود الا الله ، لذلك كان يجب أن يقوم الله بهذه الكفارة . فيعطي مغفرة غير محدودة ، تكفي لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور . 3، و هذا الأمر كان يعني عقيدة التجسد ... 4، و كل هذا كان يلزمه مدي زمني طويل لشرحه و تدريب الناس عليه . و هكذا بدأ الله يعلمهم فكرة الذبائح و لزومها لمغفرة الخطايا . و أخذ الناس يمارسون تقديم الذبائح حتى صارت هذه عقيدة مستقرة عندهم . 5، و كان يلزم أن يولد الفادي من عذراء ، حتى يكون قدوسا في ميلاده ، بغير زرع بشر ، فلا يرث الخطية الأصلية التي فسدت بها كل البشرية ، واستحقت العقوبة . 6، اذن كان يجب الانتظار حتى تولد تلك العذراء القديسة التي تحتمل هذا المجد العظيم ، أن تكون وعاء للتجسد الالهي .. و طبعا انتظرت البشرية حتى تولد هذه القديسة . 7، و أيضا كان لابد من انتظار فترة تتكامل فيها النبوات من جهة هذا المولود الفادي ،و الظروف الخاصة به ، حتى يمكن أن تتعرف عليه البشرية و تعرف أن هذا هو المسيا المنتظر الذي سوف يخلصهم و يفديهم ، و يؤمنوا به فاديا و مخلصا . 8، و كان لابد ايضا الانتظار حتى يولد المعمدان الذي يهيئ الطريق قدامه بمعمودية التوبة .و احتاج هذا أيضا الي زمن . 9، و كان لا بد من نقل النبوات الي لغة عالمية لكي يعرفها بها الناس . بل لا بد أن توجد تلك اللغة العالمية أولا ( أي اليونانية ) التي ترجمت اليها كل كتب العهد القديم و ما تحمله من نبوءات و رموز . و كان ذلك في عهد بطليموس الثاني ( فيلادلفوس ) في القرن الثالث قبل المسيح . 10، و كان لا بد من الانتظار أيضا حتى يولد أولئك الذين يحملون مسئولية الكرازة و توصيلها الي العالم كله بكل أمانة و دقة . و طبعا استغرق كل ذلك وقتا . 11، لهذا قال القديس بولس الرسول عن التجسد الالهي | و لكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله ابنه مولودا من امرأة تحت الناموس ، ليفتدي الذين تحت الناموس | ( غل 4 : 4 ) . هذا هو ملء الزمان ، الذي كملت فيه كل النبوءات و الرموز الخاصة بمجئ المسيح للفداء ، و كمل فيه استعداد البشرية لقبول رسالة الفداء ، و كمل اعداد الأشخاص الذين يخدمون الرسالة و نقلها الي كل الناس . و بهذا حينما يتم الفداء يفهمه الناس و يؤمنون به . و من يؤمن به ينال الخلاص الذي اراد الله تقديمه للناس بالكفارة . و هكذا شرح السيد المسيح لتلاميذه جميع ما تكلم به الأنبياء من جهته و ابتدأ من موسي و من جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب ( لو 24 : 26 ، 27 ) . و أراهم | أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنه في ناموس موسي و الأنبياء و المزامير .. أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم و يقوم من الأموات في اليوم الثالث ، و أن يكرز باسمه بالتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الأمم | ( لو 24 : 44 ، 47 ) . تري لو كان الأمر قد بدأ قبل عصر الأنبياء ،و قبل انتشار فكرة الكفارة و الذبيحة و الفداء ، من كان سيعرف ؟ و من كان سيؤمن ؟! أم هل المقصود أن يتم الفداء ، و لا يلاحظه أحد ،و لا يدركه أحد ، و لا يؤمن به أحد؟! و لا يعرف أحد أنه | هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية | ( يو 3 : 16 ) . ان أعمال الله كلها بحكمة ...ولست السرعة هي الهدف . انما الهدف هو ايمان الناس بالفداء حينما يقوم به الله ، لكي بهذا الايمان يخلص الجميع .و لكي يعرفوا مقدار محبة الله لهم التي جعلته يفديهم و يخلصهم . وفي هذا قال القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولي | في هذا هو المحبة : ليس أننا نحن أحببنا الله ، بل أنه هو أحبنا ، و أرسل ابنه الوحيد كفارة عن خطايانا | ( 1 يو 4 :10 ) . و من له أذنان للسمع فليسمع . |
|